|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخدمة بشجاعة: "أما أنت يا ابن آدم فلا تخف منهم، ومن كلامهم لا تخف لأنهم قريس (عوسج) وسلاء (أشواك) لديك، وأنت ساكن بين العقارب. لا تخف من كلامهم ولا تخف من وجوههم. لا ترتعب لأنهم بيت متمرد" [6]. الرسالة الإلهية ليست سهلة، إذ يعمل الخادم كأنه في وسط العوسج ومحاط بالأشواك هذه التي تفسد فلاحة الله، وكمن يسكن بين العقارب يتعرض للدغات خفية. لكنه يلزم ألا يخاف الناس ولا يرتبك من كلامهم ولا من وجوههم، بل كما سبق فأوصي الله يشوع بن نون هكذا: "تشدد وتشجع، لا ترهب، ولا ترتعب، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يش 1: 9). بل حذر الله إرميا النبي من الخوف، إذ يقول له: "قم وكلمهم بكل ما آمرك به. لا ترتع من وجوههم لئلا أريعك أمامهم. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض... فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لإني أنا معك يقول الرب لأنقذك" (إر 1: 17-19). كأن الله يهدد خادمه إن ارتعب ليس فقط لا يحميه إنما يقوم هو بارهابه، لأنه لا يعمل في القلب غير المتكئ عليه. لقد قدم لنا القديس يوحنا الذهبي الفم مثلًا رائعًا للأب المملوء حنانًا حتى إنه كان يحب شعبه أكثر من نور عينيه، إن سقط أحد أولاده في خطيئة يشعر في نفسه كأنه في خطر عظيم كمن هو في سجن مظلم أو كمن حكم عليه بعشرة آلاف جلدة أو حبس في هوة عميقة، لهذا كان يصرخ في أولاده قائلًا: [لم أعد بعد أحتمل أكثر من هذا! ابسطوا أيديكم نحوي وانقذوني ]، ومع هذا كان صريحًا شجاعًا يتحدث بجرأة وقوة بلا خوف، إذ يقول: [إني مستعد أن احتمل كل شيء. مَن يصِر على تصرفاته ولا يسمع لتحذيري أمنعه من دخول الكنيسة كما بصوت بوق حتى وإن كان أميرًا أو إمبراطورًا، كيف أجلس على هذا الكرسي إن لم أفعل ما يليق به؟! خير لي أن أنزل عنه لأنه ليس شيء أمرّ من وجود أسقف لا يفيد شعبه]. لقد دعي الله الشعب المتمرد بالعوسج والأشواك والعقارب لا لييأس منهم الخادم أو يزدري بهم، لكن ليعرف صعوبة العمل ويتهيأ له، فيقول مع أيوب البار: "صرت أخًا للذئاب وصاحبًا لرئال النعام" (30: 29)، متذكرًا كلمات الرسول: "لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولادًا لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم" (في 2: 15) قد يعترض البعض قائلًا: لماذا دعاهم الرب هكذا؟ فيجيب القديس إكليمنضس الإسكندري: [هذا برهان عظيم جدًا على محبته، فبالرغم من معرفته تمامًا حال العار الذي بلغه الشعب حتى طرده واقتلعه (من أورشليم) فهو يحثه على التوبة]. يتحدث الله بكل صراحة مع خدامه، مُعلنًا لهم صعوبة رسالتهم، فإنهم في كل جيل يجدون المقاومين للحق؛ وعليهم أن يستعدوا لاحتمال الآلم والاضطهاد، مدركين أن الله يهبهم نعمة ليقووا على مواجهة التيارات المضادة، ليعلم الخادم أن طريق الخدمة ليس مفروشًا بالورود، بل هو طريق الصليب الضيق، والذي ينتهي حتمًا ببهجة القيامة. إلهنا لم يخدعنا، لكنه يكشف لنا في وضوح صعوبة الطريق وكربه. يقول الله: "وتتكلم معهم بكلامي إن سمعوا وإن امتنعوا لأنهم متمردون" [7] وكأن رسالته تنصب في تقديم كلمة الله كما هي؛ قد يسمعوا فيتوبوا، وقد يمتنعوا عن الاستجابة للصوت الإلهي... فليكن. فإن نجاح الخادم يكمن في أمانته في تقديم كلمة الرب كما هي، أي أمينًا في الوديعة الإلهية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|