|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَنتُم مِلح الأَرض، فإِذا فَسَدَ المِلح، فأيُّ شَيءٍ يُمِلحه؟ إِنَّه لا يَصلُحُ بَعدَ ذلك إِلاَّ لأَنْ يُطرَحَ في خارِجِ الدَّار فَيَدوسَه النَّاس. عبارة "فإِذا فَسَدَ المِلح، فأيُّ شَيءٍ يُمِلحه؟ فتشير إلى تحذير يسوع من خطر فقدان المِلح طعمه. وبحسب تفسير متى الإنجيلي، ينبغي أن يكون المؤمن "مِلح الأَرض" (متى 5: 13)، أي أنه ينبغي أن يحفظ عالم البشر ويُعطيه مذاقا خلال عهده مع الله، وإلاَّ فإن المؤمن يُصبح عديم الجدوى، ويستحق أن يُطرح خارج الدار (لوقا 14: 35) على غرار المدعو الذي ليس عليه حُلة العرس (متى 22: 12)، وعلى غرار العبد الذي دَفن وزنة سيده (متى 25: 30). لان مِلح العهد، بمعنى أن التعاقد مع الرب يصبح ملغياً في حال فسخه. عندما يتوقف المسيحيون عن كونهم هبة من أجل الآخرين ويقرِّرون العيش لأنفسهم، هم لا يتوقفون فقط عن الخدمة بل يموتون. ويشير المِلح أيضا إلى إنذار للمسيحيين: يجب عليهم ألا يفسدوا، أي أن لا يبتعدوا عن الحكمة والنقاوة الأدبية، بل أن يكونوا مُخلصين لأنفسهم ولله وللإنجيل. وإذا لم يبذلوا جهدهم للتأثير في العالم إيجابيا فما هي فائدتهم؟ فلا قيمة لهم! ويُعلق القديس هيلاريون "من فقد طعم المِلح يُصبح بلا نفع لغيره ولنفسه". النَّاس إذا فسدوا يقوم المسيحيون بإصلاحهم، لكن إذا فسد المسيحيون فإنهم يهلكون ويُهلكون معكم آخرين. وفي هذا الصدد قال يسوع " كُلُّ شَجَرةٍ لا تُثمِرُ ثَمَراً طَيِّباً تُقطَعُ وتُلْقى في النَّار" (متّى 7: 19). وكيف يستطيع المسيحي أن يقول للناس لا تكذبوا، وهو يكذب! ويقول للناس لا تسرقوا، وهو يسرق! ويقول للناس عيشوا بالقداسة، وهو يدنّس المقدسات! يعلق الأديب والشاعر الفرنسي بول كلوديل "الإنجيل هو المِلح. إلاَّ أنَّ بعض المسيحيين قد حوّلوه إلى سُكْرٍ إن لم يعملوا بما يعلِّمون"، وعندئذ يكونوا هم سبب تجديف على اسم الرب، كما يقول بولس الرسول "يُجَدَّفُ بِاسمِ اللهِ بَينَ الوَثَنِيِّينَ وأَنتُمُ السَّبَب"(رومة 2: 24)، ويضيف القديس يوحنا الذهبي الفم "سيحاسب المسيحي لا من أجل حياته فحسب، بل من أجل العالم كله"؛ أمَّا عبارة "إِذا فَسَدَ "، في الأصل اليوناني μωρανθῇ (معناها فقدان القوة والمذاق وحماقة) فتشير إلى النصوص التي وردت فيها (لوقا 14: 34) إلى أشخاص زَعَموا أَنَّهُم حُكَماء، فإِذا هم حَمْقى (رومة 1: 22)، ويظنون انهم حكماء، لأنَّهم يوهمون أنفسهم انهم يستطيعون أن يخلَّصوا نفوسهم بأنفسهم وهذا بالتحديد حماقة، كما يصرح بولس الرسول " أَلم يَجعَلِ اللّه حِكمَةَ العالَمِ حَماقة؟”(1 قورنتس 1: 20). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|