|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس مقدمة بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين القديس العظيم البابا متاؤس الأول البطريرك السابع والثمانون من بطاركة الكرسي الإسكندري، سيرته عطرة وعظيمة، فيها من الجهادات والفضائل والمعجزات وعمل الله الملموس ما يفوق العقل البشرى، يستطيع الإنسان أن يتعلم منها الكثير إذا أراد، يتعلم فضيلة الاتضاع وإنكار الذات، يتعلم الصوم الصحيح المقبول والصلاة الحارة القوية، يتعلم المحبة والرحمة وعمل الخير والعطف على الفقراء والمحتاجين، يتعلم الصبر واحتمال الشدائد بفرح، يتعلم الشجاعة الروحية وقوة الشخصية، يتعلم البساطة والاتكال على الله الذي يدبر حياة المتكلين عليه كما يليق.... يتعلم الكثير والكثير.أعجبتني جدًا هذه السيرة العطرة فأردت أن أنشرها لمنفعة كل من يقرأها، بعد أن قمت بجمعها وتنقيحها من عدة مصادر أهمها كتاب سلسلة تاريخ بابوات الكرسي الإسكندري التي طبعها دير السريان العامر سنة 1952 كذلك كتاب الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا والسنكسار القبطي المستخدم في كنائسنا. أرجو من الله أن يبارك هذا الكتاب ليكون سبب بركة ومنفعة روحية لأبناء الكنيسة، يتعلمون منه الفضيلة ليسيروا في طريق القداسة مثل أبائهم عاملين بوصية الرسول القائل "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 13: 7) وأعمالهم وجهادتهم. بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات سيدتنا كلنا وفخر جنسنا العذراء القديسة الطاهرة والقديس العظيم البابا الأنبا متاؤس الأول الكبير، وبصلوات أبينا الطوباوي المكرم البابا الأنبا شنودة الثالث أطال الله حياته. ولإلهنا المجد في كنيسته وقديسيه آمين ثم آمين. الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر أكتوبر 1993 |
21 - 01 - 2023, 05:55 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
طفولة القديس متاؤس ولد هذا القديس الطاهر في ضيعة صغيرة من أعمال الأشمونين (الاشمونين: قرية مازالت قائمة تابعة لمركز ملوي محافظة المنيا) تسمى بنى روح من صعيد مصر وتربى في كتاب البلدة حتى حفظ المزامير والمردات وتعلم القراءة والكتابة. وبعد ذلك عهد إليه والده منذ طفولته بالقيام بمهام راعى الغنم الخاصة به. وان الله المظهر عجائبه في قديسيه أظهر في هذا الطفل منذ حداثة سنه في الرعاية أعمالا عجيبة. فانه لما كان يقف ليلعب مع الأطفال أمثاله كان يضع يده على رأس كل واحد من الأطفال يرسم بعضا منهم قسوسًا وآخرين شمامسة حتى كانت والدته المباركة تتعجب من ذلك وتشير إلى الجمع قائلة: "إن ابني هذا لابد أن يصير بطريركًا" متنبئة بذلك بالهام من الله. وصار يمارس هذه الأعمال في صغر سنه إلى أن بلغ عمره أربعة عشر سنة. |
||||
21 - 01 - 2023, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس ميله إلى الرهبنة منذ حداثة سنه لما صار له من العمر أربعة عشر سنة ترك بيت أبيه وذهب إلى دير بقرب أخميم وترهب فيه وصار تلميذا لقديس شيخ ناسك يدعى أبرآم لمدة أربع سنوات، وكان يعمل في رعاية غنم الدير كعادته. وكان لا يلبس على جسده ثوب غاليا بل كان يتزر بعباءة ويربط حبلًا على حقويه، وكان مع حقارة ملبسه وبساطته ذا شجاعة ممتازة وقوة شديدة حتى انه من عظم شجاعته كان الرعاة الذين يكبرونه سنًا إذا هاجمتهم الضباع في الليل للسطو على أغنامهم كانوا لا يقدرون على مقاومتها فكانوا يمتحنون هذا الآب في شجاعته النادرة فيبعثونه إلى تلك الضباع- وكان إذا دنا منها وزعق عليها بصوته تقفز منه وترجع هاربة منه حتى كان الرعاة الذين يكبرونه سنا يندهشون من عظم شجاعته وسرعة أقدامه. وكانت نعمة الله حالة على وجهه الصبوح. |
||||
21 - 01 - 2023, 05:58 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس انتصاره على أول تجربة حلت به لما سمع أسقف تلك الجهة بفضائله استدعاه ليكون معه في دار الأسقفية. وكان هذا الراهب الشاب رغم نسكه وتقشفه جميل الوجه وحسن الصورة مثل يوسف الصديق. وكانت هناك امرأة في المكان الذي كان يتردد عليه فلما وقع نظرها على هذا الشاب القديس اشتهت جمال حواجبه وضايقته. فما كان منه لشدة ورعه ونسكه إلا انه انفراد على ناحية وحده وكشط حاجبيه وأخذهما وجاء بهما لتلك المرأة قائلا لها: "خذي يا امرأة شعر الحاجبين اللذين اشتهيتيهما" فلما نظرته الامرأة تألمت لذلك جدا لأن تلك كانت تقيم في منزل مجاور لدار الأسقف وكان الشاب يكتم أمر هذا الحادث على الأسقف حيث لم يرد أن يشهره. ولكن الامرأة ازدادت في أمر التسلط على هذا البار فتقدم للأسقف وسأله أن يطلق سبيله فلم يشاء وما كان من الوديع إلا أن ادعى الجنون وجمع للوقت ثياب الأسقف وبلالينه الموجودة تحت يده فقطعها جميعها قطعا صغيرة وطرحها كوم شرايط وخرق. فلما نظر الأسقف هذا العمل ارتعب قلبه منه وأطلق سبيله- ففرح الشاب في وقته لنجاح حيلته وقام ومضى إلى ديره. ولم يكن الأسقف يعلم انه فعل هذا بسبب تلك المرأة بل كان يعتقد انه في حالة جنون اعتراه. ولكن الله شاء أن يبرر تصرفات الشاب مع أبيه الأسقف فألهم جماعة من المؤمنين أن يزوروا الأسقف ويطلعوه على جلية الأمر فاعلموه بما اتفق لهذا الشاب مع تلك الامرأة. فلما تحقق الأسقف صحة الخبر ندم على طرد هذا القديس. أما الراهب متى فأتى إلى معلمه واخبره بالأمر فسر منه وشجعه على السير في طريق الفضيلة والطهارة. |
||||
21 - 01 - 2023, 05:59 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس رسامة الشاب متى الراهب قسًا حدث بترتيب إلهي أن استدعى الأسقف الراهب الشاب متى ورسمه قسا فلما سمع الأب ابرآم القمص خبر الرسامة قام في الحال وقابل الأسقف وعاتبه على تصرفه هذا فأقنعه الأسقف أن الشاب يستحق أن يكون بطريركًا لما كان يعلمه عن أحواله لأن هذا الشاب الراهب كان مدة مقامه عند الأسقف يصوم في زمن الصيف يومين يومين وفي زمن الشتاء ثلاثة ثلاثة. فلما سمع القمص أبوه الروحي ما شهد له به الأسقف تعجب ومجد الله المتكلم على أفواه قديسيه. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:00 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس هربه إلى دير القديس أنطونيوس بالبرية ولما رأى القس متى ما وقع من النزاع بسببه مضى إلى جبل القديس أنطونيوس وأختفي في الدير ولم يظهر لأحد أنه كاهن. وكان في خدمته في الكنيسة يعمل كشماس بسيط حيث لم يشأ أن يعلم أحدًا بأنه قسيس كاهن ولكن أرادة الله هي فوق كل أرادة لأنه حصلت معجزة بسبب تنكره هذا فإنه في أثناء الخدمة في البيعة خرجت يد من الهيكل وأعطته البخور ثلاث دفعات عند قراءة الإنجيل ثم غابت عنه فلما نظرها بعض شيوخ الرهبان القديسين وتحققوا من رؤيتها أعلموه أنه لابد أن يصير بطريركا فلما سمع هذا منهم حزن جدا وقام وخرج من الدير. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس رحلة القس متى إلى أورشليم خرج القس متى من الدير متوجها إلى أورشليم فوصلها وتغرب هناك وكان يعمل كأجير في الفاعل ويأكل من كده وتعبه وكان بعد عظم جهاده في النهار يقطع الليل كله ساهرًا في مغارة ولا يخالط أحدًا. وكان لا يتكلم في اليوم سوى سبع كلمات وأما يوم الجمعة فلا يتكلم فيه بالكلية مع أحد بل كان يتكلم في الوحدة مع السيد المسيح النهار كله. وهكذا ما برح هذا القديس يجاهد في أورشليم وهو يخفى حقيقة نفسه عن العالم إلى أن حضر إليه راهب غريب الجنس. وقال له: "يا رجل الله ارحمني فإنه كان معي مبلغ من الفضة ينفعني في غربتي سرقوه منى ولا أعلم من هو الذي فعل ذلك" وكان السارق يريد الذهاب إلى بيت لحم قاصدًا الهرب إلى بلاده. فلما علم الآب متى بالروح أمر ذلك الرجل قام ومضى لساعته إلى بيت لحم وقبض على السارق وأخذ الفضة المسروقة منه في خفية حيث لم يرد أن يشهر به وعاد إلى أورشليم وأعادها إلى صاحبها فتعجب الراهب من غرابة هذا الحادث وتعجب كثيرا لذلك وذاع الخبر لكل أحد في أورشليم فلما علم الآب الورع متى أن أمره اشتهر في مدينة الله أورشليم المقدسة قام لساعته ورحل منها وعاد إلى جبل القديس انطونيوس كما كان. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس عودة القس متى إلى دير انطونيوس العظيم لما اشتهر أمر القس متى في أورشليم غادرها وعاد إلى ديره بجبل القديس أنطونيوس العظيم. وقد ناله عند عودته أحزان كثيرة منها أن حاكم البلاد المصرية حقد على المسيحيين لما وقع من الإفرنج في مدينة الإسكندرية. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس اضطهاد القس متى والشيخ مرقس الأنطوني من دير القديس انطونيوس هجم طوايف من الافرنج على مدينة الإسكندرية ونهبوا أموالها ث تركوها ومضوا. وقد كان لهذا الحادث اثر سيئ على المسيحيين في مصر فان الأمير يلبغا الذي كان حاكمًا في تلك الأيام قام بالانتقام من هؤلاء المسيحيين وأرسل رسلا إلى جميع الأديرة الواقعة تحت سلطانه يطلب أموالهم ويستولى على أوانيهم. فلما بلغ الرسل إلى دير أبينا انطونيوس قبض الأمير الذي كان على رأس الرسل على القس متى الذي كان رئيسًا في تلك الأيام وعاقبه كثيرا للحصول على أموال وذخاير الدير حتى انه من زيادة شدة العقاب الذي حصل له صار كلما استعطف القس متى الأمير أن يمسك عنه الضرب من أجل الله كلما ازداد في ضربه حينئذ انتهر القديس مرقس الأنطوني الأمير قائلًا: "أما تنظر يا هذا انه يستعطفك لترأف به وأنت لا تقبل مرضاة الله" فلما سمع الأمير كلام الشيخ ازداد حنقا وأمر الجند أن يطلقوا سراح القس متى ويضربوا الشيخ عوضا عنه وهكذا طرح الجند بالشيخ أرضا وضربوه أمام الأمير. وعندما فرغ الأمير من عقاب الرهبان وشيخهم ورئيسهم أوثق الشيخ مرقس والقس متى وجماعة من الأخوة وانطلق بهم إلى مصر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ثم ضيق عليهم في الطريق كثيرا بالجوع والعطش والمشي حفاة في البرية. وكان الشيخ كلما سأل الأمير أن يسقيهم قليل ماء لا يفعل بل بالكاد دفع لهذا الشيخ قليلًا من الماء دون رفقائه فامتنع الشيخ مرقس من ذلك ولم يقبل منه الماء حيث لم يشأ أن يشرب الماء وحده دون رفقائه وطرح الماء أمام الأمير وانتهره قائلًا: "هوذا الرب إلهنا يسقينا من عنده لأنه أكثر رحمة منك" ثم رفع عينيه بلجاجة نحو السماء فاستجاب الرب لندائه واسقط لهم مطرا غزيرا في الحال حتى تعطل سير الحملة واضطر الأمير إلى الوقوف مكانهم وتعذر سير الخيول من كثرة مياه الأمطار المتدفقة وكان ذلك في زمن الصيف حيث تعب الأخوة وعطشوا جدا من شدة الحرارة وتعب الطريق وحينئذ جلسوا وقت المطر واستراحوا وشرب جميعهم وفرحوا وأخذوا يسألون الشيخ القديس أن يصلى عنهم كي يصلوا إلى مصر ويدخلوها سالمين فأجابهم قائلًا: "إن الله لا يدعكم تدخلون مصر بل ستعودون إلى ديركم سالمين"..... وهكذا ما برح الأخوة يسيرون في الطريق إلى أن بلغوا أطفيح وهناك وجدوا أن الأمير يلبغا قج أرسل مرسوما إلى أطفيح يأمر فيه بإطلاق سراحهم وعودتهم إلى ديرهم وهكذا عاد الشيخ والقس متى الرئيس والأخوة في أثرهما وهم يرددون آيات الشكر لله ويقدمون له المجد والإكرام على عطفه وحنانه وعجايبه المدهشة. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:08 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس القس متى في دير المحرق بجبل قسقام كان سفر القس متى من دير انطونيوس إلى دير المحرق بجبل قسقام بتدبير من الله لمنفعة الأخوة رهبان هذا الدير لأنه كان فيهم من لا يداوم على الصوم في كل يوم إلى التاسعة فعلمهم هذا الأب ضرورة المداومة على الصوم إلى التاسعة وكان يبذل قصارى جهده في كل يوم أمامهم كي يتعلموا منه بالنظر ما هو أفضل من السمع. فكان تارة ينقل الرماد على رأسه ويغسل به أواني المطبخ والقدور ويخدم الشيوخ والمرضى منهم ويقوم بالواجب نحو الواردين والمترددين. وكان مثالًا كبيرًا في التقشف وزهد العالم فلم يكن له ثوب ولا قنية ولا قلاية بل كان أكثر إقامته في مغارة خارج الدير يصلى فيها وكان الشيطان يثير عليه في تلك المغارة حروبا كثيرة ويظهر له خيالات مفزعة فكان يهيج عليه السباع والضباع الكاسرة ليأتوا إليه ويفترسوه. وكان هذا الأب القديس لا يخاف الضباع البتة بل كانت حينما تنظره تأنس إليه وتخافه وترهبه حتى صارت في اليوم الذي لا تجد فيه قوت رضعانها تحملها إليه وتشكوا له فيعلم شكواها ويعطيها ما عنده من الخبز لتقتات به ويترك ذاته جائعا أياما طويلة بلا أكل إلى أن يعود إلى ديره. وكانت الوحوش المفترسة لمحبتها فيه وتعلقها به تسير معه إذا سار في الطريق وترجع عنه ولا تخالفه إذا أمرها بالرجوع. وكان مع خضوع هذه الوحوش الكاسرة لسلطانه لا يفتخر بذلك ولا يتحدث به. وكان القس متى لا يتدبر برأي نفسه قط بل كان إذا عرض له فكرة يترك كل ما هو فيه ويسعى على قدميه ليلًا ونهارًا إلى أن يمضى إلى مدينة أخميم فيشاور أباه القمص هناك ثم يرجع إلى دير الحرق واستمر على هذا الحال فلم يبرح أن يتدبر في تصرفاته بالطاعة والاستشارة من وقت لآخر إلى اليوم الذي اتفق فيه انتقال البطريرك الذي كان قبله من هذا العالم وهو البابا غبريال الرابع. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|