|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عَلَيْكَ اسْتَنَدْتُ مِنَ البَطْنِ، وَأَنْتَ مُخْرِجِي مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي. بِكَ تَسْبِيحِي دَائِمًا [ع6]. لا تعود رعاية الله لداود منذ صباه فحسب، وإنما ترجع إلى بدء حياته حين حملت به أمه في أحشائها، وحين تمت ولادته. "لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنًا على ثدييْ أمي. عليك أُلقيت من الرحم. من بطن أمي أنت إلهي؛ لا تتباعد عني، لأن الضيق قريب، لأنه لا معين" (مز 22: 9-11). تلامس داود مع محبة الله ومراحمه حتى في أحشاء أمه، فالبعض صار لهم الرحم قبرًا، والبعض ماتوا عند خروجهم من رحم أمهاتهم. لم نسمع عن أحدٍ قدم ذبيحة شكر، لأن الله رعاه وهو في رحم أمه، وأخرجه إلى العالم سالمًا، لكن داود لا يتجاهل أعمال الله معه منذ الحَبَل به، بل وربما قبل الحَبَل، حيث كان في فكر الله، وكان يعده لرسالة معينة. يرى القديس أغسطينوس أن المرتل بدأ يترجى الله منذ شبابه، حيث سلَّحه ضد الشيطان؛ تسلح بالإيمان والمحبة والرجاء وبكل بقية العطايا الإلهية. لكن الله كان حاميًا له منذ كان في رحم أمه. * هل الرب رجاؤك منذ شبابك؟ أليس هو أيضًا هكذا منذ صباك؟ أليس هو أيضًا منذ طفولتك؟ بالتأكيد هو هكذا. اُنظر ماذا تبع ذلك... "فيك تقويت من البطن" اسمع أيضًا: "من بطن أمي أنت حاميَّ"... * الآن؛ أنتم تئنون. الآن أنتم في مكان آمن تجرون، حتى تخلصوا الآن إذ أنتم ضعفاء تحتاجون إلى علاج الطبيب. ماذا عندما تبلغون الصحة الكاملة، وتصيرون مثل ملائكة الله (مت 22: 30)، هل ستنسون تلك النعمة التي تخلصكم؟ القديس أغسطينوس "بك تسبيحي دائمًا"، فإنني أسبحك، لأنك خلقتني، وكنت ترعاني وأنا في رحم أمي، وعند ولادتي وفي طفولتي وصبوَّتي وشيخوختي، وحتى بعد انتقالي من العالم. لهذا أسبحك دائمًا وإلى الأبد. خلقتني كائنًا مسبحًا على الدوام. * يا ابن الله حرك ألحاني لتسبيحك، وبتراتيلها تُهلل لك كل حواسي. منذ البداية مُهيأ لساني لتسبيحك، ولو بطل من تسبيحك يستحق القصاص. ربي لن أهدأ من التغني بتراتيلك، لئلا أُعذب من قبل العدالة في الدينونة العادلة. فم الإنسان مهيأ لتسبيح اللاهوت، ومن يهدأ من التسبيح يُلام ويُحتقر. لما خلق الخالق الفم وضع فيه الصوت والكلمة ليتحرك للتسبيح. وهكذا يجب على كل من شعر بوجود الخالق أن يسبّح الرب الذي خلقه. ليس فم الإنسان صاحب سلطان ليستخدم الأخبار التافهة والكلمات غير اللائقة. عندما خلق الخالق الفم أتقنه لتسبيحه، وليس ليتلفظ بأمورٍٍ باطلةٍ. يقول الرب لمن يتوقف عن تسبيحه: اصرخ بحنجرتك، وارفع صوتك كالبوق. ربي، أنا خليقتك، ساعدني لأتعجب من أعمالك، واسمح لي أن أسبح كما يليق بخليقتك. اسمح للقلب أن يخدمك بأفكار القداسة، لأنك مخوف للخلائق. قدّس لساني من كل الأخبار العالمية، وبعِشرتك يتحرك للتسبيح. ربي، ها قد فتحتُ فمي، فاملأه من تسبيحك كما وعدتَ، ولا يمر فيه كلام باطل ليتفوه به. لتتحرك ألحاني صوب موهبتك المملوءة عجبًا، وأنا أشكر تسبحتك يا ابن الله[11]. * ربي مُلكك هو الفم والكلمة واللسان، أعط للفم الحركة لتسبيحك وهو غير مستحق. مُلكك هو العقل والفهم والتفكير، فساعد العقل ليُخبر بقصتك وهو يتطلع إليك. مُلكك هي حركات النفس وأفكارها، فساعد النفس لترى جمالك وتصفك. أيها الكلمة الذي جاء ليصير جسدًا، أعطني كلمتك لأتكلم بها عن مجيئك المملوء عجبًا. أتيت عندنا، ومكثت في أبيك، أنت فوق وتحت، والسماء والأرض مملوءتان منك يا ابن الله. املأ فمي تسبيحًا كما قلتَ: افتحه واملأه، فافتحه واملأه، ولو أنه ليس مفتوحًا لأنه كسلان. أنت فاتح الأفواه المغلقة لتتكلم، مَن يقدر أن يفتح فمه بدونك؟ مَرةً حتى الأتان تكلمت (عد 22: 22-30)، ليعرف كل أحدٍ بأنه يسهل عليك أن تعطي النطق حتى للبهيمة[12]. القديس يعقوب السروجي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|