|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الدور الإنساني... علامة حب للإنسان ليس فقط أن يهبه ولكنه يُشركه معه في العمل، لكي تلتحم إرادة الله الفائقة بإرادة الإنسان التي تتقدس باتحادها مع الله في ابنه... هذا ما برز بكل وضوح في الحديث الإلهي مع يشوع بن نون، فإن كان الله هو العامل في الدخل كواهب قوة القيامة والعبور فإن يشوع ملتزم مع الشعب أن يقوم ويعبر [1]. الله يهب الميراث مجانًا كوعده لكن ليس للكسالى والمتراخين، وإنما يقدم كل موضع تدوسه بطون أقدامهم [3] مشجعًا إياهم على السير لأجل الميراث. إنه يعلن معيته مع خادمه [5] ومساندته له ضد كل هجوم من العدو لكن الخادم ملتزم أن يتشدد ويتشجع لا يخاف إنسانًا [6-7]. الله يهبه شريعته كسند له، ولكن الخادم ملتزم أن يلهج فيها نهارًا وليلًا حتى تصلح طريقه وينجح [8]. يطلب منهم أن يهيئوا لأنفسهم زادًا، وهو يقدم لهم الزاد! يا للعجب فإن محبة الله الغنية تهب كل شيء مجانًا لكنها دون احتقار لإرادة الإنسان أو تجاهل لجهاده ومحبته! وقد برز هذا الجانب الإنساني بكل وضوح في تصرف يشوع مع السبطين والنصف (رأويين وجاد ونصف منسى) الذين أرادوا أن يستقروا غرب نهر الأردن (عد 23: 1-5) في أرض جلعاد، وقد وافق موسى على ذلك مشترطًا أن يتركوا نساءهم وأطفالهم ومواشيهم في الأرض، لكن الرجال يعبرون مع بقية الأسباط نهر الأردن ولا يعودوا إلى جلعاد حتى يتمموا كل الجهاد مع إخوتهم ويمتلك الكل أرض كنعان... وقد حمل ذلك رمزًا لكنيستي العهد القديم والعهد الجديد، الأولى يمثلها السبطين والنصف، والثانية التسعة أسباط ونصف، وقد سبق لنا الحديث عن ذلك بأكثر تفصيل. لقد كان الله قادرًا أن يُخلص التسعة أسباط ونصف دون جهاد السبطين والنصف... لكن الله يُقدس العمل البشري والوحدة، فألزمهم بالعمل مع إخوتهم مادامت لهم قوة للعمل. ماداموا قادرين على الجهاد. لا يستخدم الله المعجزات إلاَّ بالقدر الذي فيه لا يوجد طريق آخر للخلاص من المأزق! في شيء من الوضوح أود أن أؤكد تقديس الله لمؤمنيه، روحيًا وفكريًا وعاطفيًا وجسديًا، إحدى علاقات هذا التقديس أنه يستخدم الإنسان للعمل والجهاد ولا يتدخل بالعمل المعجزي الفائق إلاَّ عند الضرورة، في حالة العجز البشري! فقد كان يمكن لله الذي أخرج الشعب بيد قوية وذراع رفيعة، وعالهم أربعين سنة في البرية، وصنع لهم معجزات بلا حصر أن يقدم لهم أرض الموعد دون جهاد هذه الأسباط (السبطين والنصف) أو حتى دون جهاد كل الأسباط، لكن لو حدث هذا لما تقدست وحدة الشعب ككل ولما نالت هذه الأسباط بركة عمل الله بها. أقول حينما نطلب أن تكون حياتنا مليئة بالعمل المعجزي الفائق إنما نطلب حرماننا من تقدير الله لنا الذي يُريد أن يعمل بقلبنا وفكرنا وأحاسيسنا وأيدينا، مقدسًا كل ما وهبنا للعمل بطريقته الخفية فينا حتى يدخل بنا أرض الميراث مكللين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|