|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلَهِي [3]. يُعْلِنُ المرتل أنه قد طالت صلواته جدًا وعَلت صرخاته واشتدت جدًا انفعالاته أمام الخطر الذي يلاحقه مع الحزن الشديد الذي خيَّم على نفسه، فيبس حلقه وصار في حالة خوار وإنهاك لكل قواه الجسمية والنفسية. لقد بُحَّ صوتُه وصار أجش، وكلَّت عيناه وذلك بسبب تركيز النظر لمدة طويلة في اتجاه معين انتظارًا لمجيء من ينقذ ويخلِّص. هذا ما يحدث مع العينين كما مع الجسد ككل، بل ومع القلب والفكر والنفس. في موضع آخر يقول داود المرتل: "خسفت من الغم عيني، نفسي وبطني. الآن حياتي قد فنيت بالحزن، وسنيني بالتنهد، ضعفت بشقاوتي قوتي، وبليت عظامي" (مز 31: 9). يرى القديس أغسطينوس أن السيد نفسه التزم الصمت أثناء محاكمته كما جاء في مزمور آخر: "وأكون مثل إنسانٍ لا يسمع، وليس في فمه حجة" (مز 38: 14)، وما جاء في إشعياء: "ظُلِم أما هو فتذلل، ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساقُ إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه" (إش 53: 7)، فكيف يقول هنا: "تعبت من صراخي، يبس حلقي" (مز 69: 3)؟ لقد قال: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟" (مز 22: 1). ولكن ما هو مدى شدة صوته، وإلى أي مدى زمني، حتى يجف حلقه؟ لقد طال وقت صراخه، إذ قال: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون" (مت 23: 13) إلى قوله: "ويل للعالم من العثرات" (مت 18: 7). لقد طال صراخه، حتى قال كثيرون من تلاميذه: "إن هذا الكلام صعب، من يقدر أن يفهمه؟" (يو 6: 60). إننا لا نعرف ما يقوله، قال كل هذه الكلمات؛ لكن حلقه يبس بالنسبة للذين لم يفهمونه. بخصوص قوله: "كلت عيناي من انتظار (الرجاء) في إلهي" [3]، لا يُقصَد بهما العينين اللتين في رأسه، فقد جاء خصيصًا لكي يصالح العالم مع الآب، فكيف كلت عيناه من الرجاء في الآب. إنما الحديث هنا عن عينيه اللتين في جسده، أي في أعضائه. إنه صوت أعضائه، لا صوت الرأس، كما يقول القديس أغسطينوس. * إن لم تصر عبدًا فالزم النوح على نفسك وأنت تقول: "تعبتُ من صراخي، يبس حلقي" (مز 69: 3). لكي لا يُقال لك كما قيل إن "العبد الذي يعلم إرادة سيده ولا يستعد ولا يفعل بحسب إرادته يُضرَب كثيرًا... ومَنْ يودعونه كثيرًا يُطالبونه بأكثر" (لو 47:12-48). لأنه كما أخذنا معرفة عظيمة فإننا بالمثل نصير في خطر عظيم. القديس إسطفانوس الطيبي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|