|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يدخل بنا القديس يوحنا إلى مبدأ لاهوتي خطير وجديد: أن استعلان “الكلمة” هو استعلان الحياة الأبدية التي كانت مخفية عند الله الآب وأُظهِرت لنا بظهور المسيح. هنا يشدِّد القديس يوحنا على كلمة “لنا”. فظهور الحياة الأبدية كان خاصاً بنا، إذ احتوانا كظهور الشمس لنا، حيث تصبح الشمس فينا ونحن فيها دفئاً ونوراً. وهكذا ظهور المسيح لنا يزداد خصوصية، لأن يوحنا الرسول يقول: إن الحياة التي كانت عند الآب “أُظهِرَت” خاصة لنا بإرادة الآب. فالحياة الأبدية استُعلنت لنا خاصة. هذه الخصوصية الشديدة والفريدة هي التي وصفها القديس يوحنا بـ “الشركة” مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. عملية الاستعلان هنا تشمل حتماً عمليات الاختيار والتقديس والتبرير معاً. هنا يُجْمِل القديس يوحنا كل لاهوت القديس بولس من فداء وخلاص ومصالحة وتبرير وتبنٍّ في عمل واحد فريد: استعلان الحياة الأبدية التي كانت عند الآب، وهي “الكلمة”، استعلنها خصيصاً لنا فاحتوانا الكلمة احتواءً، فصرنا في هذه الحياة الأبدية وهي فينا، وبالتالي في المسيح والآب، وصرنا شركاء حياة في الآب وفي ابنه يسوع المسيح. هذا هو منتهى الخلاص. وهذا يتوافق مع منتهى محبة الله ونعمته، وهي عينها التي سكبها على القديس بولس الرسول مرة واحدة، إذ بعد أن آمن واعتمد قام يشهد للمسيح في المجامع أن هذا هو ابن الله. لقد غمرته الحياة الأبدية مرة واحدة فصار فيها يحيا سر الشركة مع الآب وابنه يسوع المسيح بلا تعليم. وكل ما عرفه بولس الرسول هو ما عرفه المولود أعمى هكذا: أنه كان أعمى والآن يبصر! ومن هنا جاء معنى الفرح الكامل، لأن سرَّ الفرح الكامل هو اندفاق الحياة الأبدية دون ترقُّب أو معاناة أو أي أداء من طرفنا. وهذا معنى الاختيار والتعيين المجانيَّيْن حسب غِنَى نعمة الله. فالأعمى نال نعمة النور الكامل لمجرد الإرادة: » يا سيدي (أريد) أن أُبصر «(مر 51:10)، فأبصر “وبحسب إيمانك ليكن لك.” (راجع مت 29:9) هنا القديس يوحنا لم يقلِّل من قيمة الفداء والكفَّارة لأنه وصفها كتأمين للحياة الأبدية بعد نوالها: » يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار، وهو كفَّارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً «(1يو 1:2و2). الصليب هنا مع الفداء والكفَّارة جاء لتأمين الحياة الأبدية التي نلناها لَمَّا استُعلنت في شخص يسوع المسيح، لتأمين الشركة والثبوت فيها. ولقد سبق وأشار المسيح أنه هو القيامة والحياة: » أنا هو القيامة والحياة. مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا «(يو 25:11). وأمَّنت مرثا على هذا بقولها: » قالت له: نعم يا سيد، أنا قد آمنتُ أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم «(يو 27:11) إشارة إلى الاستعلان. فالمسيح استُعلن أنه الحياة الأبدية قبل الصليب: » أنا هو الطريق والحق والحياة. «(يو 6:14) لذلك احتسب القديس يوحنا أن الصليب والموت والكفَّارة جاءت لتوثيق وضمان الحياة الأبدية التي كانت عند الآب في الكلمة واستُعلنت لنا بالتجسُّد، ونلنا بمقتضى ظهورها شركة فيها بالروح مع الآب والابن التي نادى بها القديس يوحنا: » الذي رأيناه وسمعناه نُخبركم به، لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً. «(1يو 3:1و4) الخلقة الجديدة للإنسان ِالاب متي المسكين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|