في المزمور السابق نرى المرتل وقد عطش إلى الله، مشتاقًا أن يراه، ويُكرِّس كل طاقاته لحسابه؛ ويود أن يلتصق به، غير أن الأعداء يبذلون كل الجهد ليطلبوا نفسه. أما هنا فعلى العكس يتطلع المرتل حوله، فيجد جمهورًا من الأعداء يقاومونه ويتآمرون عليه سرًا، فيصرخ من أعماق قلبه إلى الله القادر أن يحطم الشر. ينتهي المزمور بإعلان حماية الله له، وتمتعه بالفرح والبهجة.
يمثل هذا المزمور مرثاة شخصية، يقدمها المؤمن وهو في وسط الضيق. لقد وقف كواحدٍ وحيد وسط جمهورٍ من الأشرار وفاعلي الإثم. لقد تدربوا على وضع مؤامرات، وتحولت ألسنتهم إلى سيوف قاتلة، وكلامهم إلى سهام مُرَّة. يحسبون أنفسهم أنهم مخفيون عن الأنظار، ويحبكون اختراعاتهم، ولم يدركوا أن إله الصديق يرى ما لا ينظره أحد، قدير يبطل الخطط الشريرة.
إن كانت هذه المرثاة تُعبر عن عمق الألم الذي تعانيه النفس بسبب الأعداء، فهو تسبحة شكر لله المحافظ على مؤمنيه؛ مُحطَّم الشر ومعين مستقيمي القلوب.