*فصل الإنجيل المقدس يبنينا في الالتزام بالصلاة والإيمان، بعدم اتكالنا على ذواتنا بل على الرب. أي تشجيع على الصلاة أكثر من مثل القاضي الظالم المُقدم لنا؟ فإن القاضي الظالم وهو لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا إلا أنه يصغي إلى الأرملة التي تسأله، مغلوبًا بلجاجتها وليس باللطف. إن كان قد سمع طلبتها ذاك الذي يكره أن يسأله أحد، فكم يسمع لنا نحن ذاك الذي يحثنا أن نسأله؟!
بالمقارنة العكسية إذ يعلمنا الرب أنه "ينبغي أن يُصلي كل حين ولا يمل" يضيفقائلًا: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!" إن سقط الإيمان بطلت الصلاة، لأنه من يصلي لمن لا يؤمن به؟ لذلك عندما حث الرسول الطوباوي على الصلاة، قال: "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو 10: 13). ولكي يظهر أن الإيمان هو ينبوع الصلاة أكمل قائلًا: "فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟!" (رو 10: 14). كي نصلي يلزمنا أن نؤمن ولكي لا يضعف ذلك الإيمان الذي به نصلي فلنصلِ. الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يقوي الإيمان. أقول، إن الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يهب قوة الإيمان عينه. فلكي لا يضعف الإيمان أثناء التجربة قال الرب: "اسهروا (قوموا) وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (22: 46)... ماذا يعني "تدخلوا في تجربة" إلا ترك الإيمان؟ فالتجربة تشتد برحيل الإيمان، وتنتهي بنمو الإيمان... ولكي تعرفوا أيها الأحباء بأكثر وضوح أن الرب بقوله: "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" يقصد ألا يضعف الإيمان ويهلك، يقول في نفس الموضع في الإنجيل: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (22: 31-32). ذاك الذي يحمي (إيماننا يصلي) أفلا يصلي ذاك الذي يتعرض للخطر؟
في كلمات الرب: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعلّه يجد الإيمان على الأرض؟! [8]، يتحدث عن الإيمان الكامل، إذ يكون نادرًا على الأرض
القديس أغسطينوس