|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا شودة الثالث المال الحرام في التجارة والمعاملات تكلمنا في المقال السابق عن المال الحرام في السرقة، واليوم نتكلم عنه في مجال التجارة، حيث يرى البعض أنه لون من المهارة والفن للوصول إلى أكبر ربح ممكن... ومن أمثلته: ** المال الحرام عن طريق الغش: كأن يبيع أحدهم شيئًا به تلف على أنه شيء سليم، مستغلًا عدم اكتشاف الشاري للعيب الموجود في تلك البضاعة! ما أنبل البائع الذي بكل أمانة يكشف العيب الموجود في بضاعته وينبّه له المشترى. حينئذ سوف تسمو منزلته في أعين من يريد أن يشترى، ويثق به. ولكن قد يقول البعض عن هذا البائع إنه سوف لا يبيع. كلا، إنه سيبيع ولكن بثمن أقل يتناسب مع العيب الموجود في البضاعة. ولكنه مال حلال فيه بركة... ** ومن الغش أيضًا أن يبيع التاجر شيئًا بغير اسمه. كأن يبيع حلى زائفة على أنها حقيقية، أو قطع آثار مغشوشة كما لو كانت أثرية.. وأمثال هذا الغش هو سرقة ممزوجة بالكذب، يزيدها بشاعة ما يحيطها به من فنون الدعاية. ** ومن الغش الواضح الصريح غش المكاييل والمقاييس، وهو غش -لا في نوع البضاعة وجودتها- إنما في مقدارها وكميتها. ويكون الثمن الذي يتقاضاه من فارق الكمية هو مال حرام... ** وأخطر ما في الغش عمومًا هو الغش في الأدوية وبخاصة ما تتوقف عليه حياة الإنسان أو سلامته. وهذا النوع من الغش، يجب أن تشتد فيه عقوبة القوانين لكي تكون رادعة. لأن جريمته ليست مجرد المال الحرام، إنما الاستهانة بأعمار الناس أو سلامتهم. ** هناك أيضًا مال حرام عن طريق الجشع ورفع الأسعار: فرفع الأسعار بطريقة غير معقولة ولا مقبولة، يدخل في نطاق السرقة، لأنه ابتزاز لمال المشترى... إن الله يسمح للتاجر أن يربح في حدود المعقول. أما الربح الفاحش الذي يتضح فيه الجشع، فإنه خالٍ من الرحمة وكله أنانية ولا يوجد دين أو عرف يقرّه... ** وقد يحدث الابتزاز عن طريق الاحتكار: بأن يكون أحد التجار هو الصانع الوحيد، أو المستورد الوحيد لذلك الصنف، أو يكون المتعهد الوحيد لبيعه. وعندئذ يفرض أسعارًا باهظة، مستغلًا حاجة المشترين. فينهب أموالهم، إذ يشترون منه وهم كارهون ومضطرون... ومن أمثلة ذلك ما يسمونه بالسوق السوداء. وذلك بأن يخزن البائع عنده البضاعة حتى تنفذ من السوق، وقد يشترى هو ما تبقى منها، ويظل يخزن إلى أن تخلو منها باقي الأماكن. عندئذ يكشف عن وجودها عنده، ويفرض سعرًا خياليًا لبيعها. ويستغل احتياج المشترين لكي يبتز أموالهم. هذا التلاعب بالسوق مصدر للمال الحرام. وتكون الزيادة الفاحشة في السعر مالًا حرامًا يدخل بيته فيتلفه... ** ومما يدخل في التلاعب بالأسواق، ما يفعله التجار في المضاربات إذ يرفعون الأسعار تارة ويخفضونها تارة أخرى. وفي أثناء ذلك، يضيع كثير من التجار الصغار، وتبتز أموالهم لصالح المضاربين الكبار... ** ومما يندمج تحت عنوان المال الحرام: المشروعات الاقتصادية الوهمية وكذلك الرحلات الوهمية إلى بلاد الغرب أو إلى بلاد الخليج العربى، حيث تجمع أموال الناس بألوان من الدعاية والإغراء والوعود المعسولة... ثم يكتشفون بعد كل ذلك إنها أنواع من النصب لسلب الأموال... ** هناك مال حرام آخر يحصل عليه المشترى وليس البائع. وذلك عن طريق التشدد الزائد في السعر، وبخاصة مع الباعة الفقراء. ففي بعض الأحيان يكون البائع الفقير محتاجًا إلى بيع بضاعته بأي ثمن كان: من أجل أن يحصل على قوته الضروري، أو من أجل علاج مرض أحد أقربائه، أو بسبب أية ضرورة ملزمة، فيضطر أن يبيع ما عنده سواء ربح أو خسر. وهنا يستغل المشترى حاجة البائع، فيفرض عليه ثمنًا لا يتفق مطلقًا مع قيمة ما يشتريه منه. فيرضى ذلك بأن يبيع مضطرًا. ويكون ما ظلمه فيه المشترى هو مال حرام... أليس حقًا أن كثيرًا من المساومات مع الباعة الفقراء تدل على قساوة قلب المشترى وجشعه؟! لذلك قيل إن "الحسنة المُخفاة تكون في البيع والشراء"... إن البائع الفقير يستحق صدقة منك، حتى دون أن تأخذ منه شيئًا. فلا أقل من أن تمنحه هذه الصدقة عن طريق الشراء بدون أن تجرح شعوره. وثق أن دعاء البائع الفقير لك هو أثمن من فارق السعر... ** هناك أنواع أخرى من مصادر المال الحرام، منها التسخير، والأجر البخس. كأن يسخّر شخصًا إنسانًا آخر، لكي يعمل لأجله عملًا من غير أن يدفع له أجرًا. أو أن يستأجره بأجر بخس دون الكفاف. ويكون بهذا قد سلبه أجرته، وسرق تعبه وعرقه. وينطبق هذا على كل الشركات والمصانع التي لا تعطى عمالها وموظفيها ما يكفيهم من الأجر لسداد تكاليف سكنهم وطعامهم وباقي مصروفاتهم ومصروفات أولادهم. ويكون جزء من الأرباح الكبيرة التي يحصل عليها أصحاب تلك الشركات والمصانع عبارة عن مال حرام مأخوذ من حقوق عمالها الفقراء... ** كذلك يشمل هذا الأمر، تعطيل الحقوق أو إضاعتها، مثل تأخير علاوة موظف، أو تأخير ترقيته، أو حرمانه من أجر إضافي يستحقه... أو خصم جزء من مرتب الموظف كعقوبة بدون وجه حق. ** ومن أمثلة المال الحرام، ما يفعله مأمور ضرائب غير عادل... فإنه إن قدّر ضرائب على إنسان أكثر مما يجب، ويكون قد سلب منه ماله مجاملة للدولة. وإن قدّر عليه ضرائب أقل مما يجب، يكون قد سلب الدولة مالها. مع أنه في الحالتين لا يكون قد أخذ شيئًا لنفسه...! ** كذلك فإن القمار هو مصدر آخر من المال الحرام. فإن ما يربحه شخص من آخر عن طريق القمار، هو مال حرام قد أخذه بطريقة غير مشروعة. وكذلك من مصادر المال الحرام: الألعاب التي يخدعون بها الصبية والبسطاء، وتعتمد في السرقة على خفة اليد. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|