سما السيد المسيح بهذه الشريعة في درجات الكمال حتى نفذ إلى مطلوبها، فتعمَق في روحها وفهم غايتها فرمى في كل عمل إلى ما يكمن وراءه من نيَة، ورمى في كل نيَة إلى ما تتضمنه من محبة. لذلك لم يسنَ شرائع جديدة، لكنه جلا القديمة منها على حقائقها، فإذا الشريعة القديمة تنهي عن القتل "لا تقتل"، أما يسوع فينهي عن نيَة الإساءة وإغضاب القريب (متى ٥: ٢١-٢٤)، والشريعة القديمة تنهي عن الزنى، أما هو فينهي عن كل نظرة سوء، وشهوة القلب (متى ٥: ٢٧-٢٨)، والشريعة تنهي عن الحلف، أما هو فينهي عن الحلف بالسماء عرش الله وبالأرض موطىء قدميه وبالرأس الذي لا نقدر أن نجعل شعرة منه بيضاء أو سوداء (متى ٥: ٣٣-٣٧)، وإذا هي تنهي عن الثأر، أما هو فيأمر بالتمنع عن ردَ السيئة بسيئة مثلها (متى ٥: ٣٨-٤٢)، وإذا هي تأمر بمصادقة من يصادقنا ومعاداة من يعادينا، وأما هو فيأمر بمحبة الأعداء والمضطهدين (متى ٥: ٤٣-٤٨)، وهكذا لم يحلَ الشريعة ولكنه أتمَها، فأصبح مصدرها: "المحبة".