حرب عنيفة تقف في سبيل الاتضاع، وهي محبة المديح والكرامة. أول ملاحظة أقولها في هذا الأمر هي أن:
التعرض لمديح الناس شيء، ومحبة هذا المديح شيء آخر. قد ينال الإنسان مديحًا من الآخرين ولا يخطئ، ولكنه إن أحب هذا المديح قد أخطأ. إن الرسل والأنبياء والقديسين والشهداء والقادة الفضلاء، كل أولئك مدحهم الناس ولم يخطئوا.. إنما الخطأ أن يحب الإنسان ألفاظ المديح ويشتهيها وتشكل جزءًا من رغباته. والقديسون في كل جيل كانوا يهربون من المديح أيًا كان مصدره، سواء أتاهم المديح من الناس أو من داخل أنفسهم.
وبعضهم كان يتمادى في هذا الهروب، ويبعد عن كل أسباب المديح وكل مناسباته، حتى وصل الأمر إلى أن كثيرًا من هؤلاء المتواضعين كانوا ينسبون إلى أنفسهم عيوبًا، وكانوا يتحدثون عن نقائصهم وأخطائهم أمام الناس، ولا يدافعون عن خطأ ينسب إليهم حتى لو لم يكن فيهم.