لا يطيق الله أن يرى الدم البريء مسفوكًا بلا ذنب، إذ يقول لقايين: "صوت دم أخيك صارخ من الأرض" (تك 4: 11)، ولا يحتمل حتى سفك دم الشرير، إذ يقول: " كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه، وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده" (تك 4: 14-15). تظهر كراهيته لسفك الدم قوله لداود النبي المحبوب لديه: "قد سفكت دمًا كثيرًا وعملت حروبًا عظيمة، فلا تبني بيتًا لاسمي" (أي 22: 8).
الله الذي أوصى بعدم القتل صرح به بالنسبة للزناة (لا 20: 10-16)، وللقاتل نفسه (خر 21: 14)، ولضارب أبيه أو أمه أو شاتمهما (خر 21: 15، 17)، ولكاسر يوم السبت (خر 31: 15)، والمجدف على اسم الرب (لا 24: 16)... وأمر به في بعض الحروب مع الوثنيين. كان هذا كله يناسب العهد القديم، إذ لم يكن يستطيع الإنسان أن يميز بين الخاطئ والخطية، وعابد الأوثان وعبادة الأوثان، فبالقتل أراد أن يؤكد رفضه التام للخطية وعبادة الأوثان التي للأمم. أما في العهد الجديد، إذ دخل المؤمنون إلى النضوج الروحي لم يعد القتل عقوبة للخاطئ، إنما يلزم خلاصه من الخطية علة موته.
والقتل لا يعني مجرد سفك الدم، فهناك من يقتل بلسانه كقول الكتاب: "لسانهم سيف قتّال" (إر 9: 8)، "ألين من الزيت كلماته وهي سيف مسلول" (مز 55: 21). وهناك قتل بالنيَّة: "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1 يو 3: 15). وهناك قتل بالمسئولية كمن يترك إنسان ثوره النطَّاح ينطح آخر فيقتله (خر 21: 28-29). وهناك قتل للروح كقول الكتاب "الحرف يقتل" (2 كو 3: 6).
وقد اعتبر القديس إكليمنضس الإسكندري المبتدعين أشر من القتلة، إذ يقول: [القتل هو هلاك أكيد، فمن يرغب في استبعاد التعليم الحقيقي الخاص بالله والخلود... أكثر ضررًا من القاتل].