|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكن لماذا سقطت مريم، بالرغم من هذه الإمكانيات الكثيرة؟ الإجابة: هناك عنصر غريب دخل حياة هذه الزعيمة. كانت تملك كل مؤهلات الزعامة الناجحة، ولكنها سقطت بسبب خطية دخلتها هي الحسد. جاء كلام عن المرأة الكوشية السوداء اللون التي تزوج بها أخوها موسى، لكن سياق القصة يُظهر أن هناك حسداً كامناً في نفسها وفي نفس هارون ضد موسى. والحسد غباوة. لقد رأت مريم أنها تستحق المكانة التي وصل إليها موسى، وهي لا تعلم أن الله هو الذي أنعم على موسى بمكانته، والله هو الذي ينعم عليها هي بالمكانة التي يمكن أن تكون فيها. ثم كانت هناك خطية أخرى: كانت ساخطة. ساخطة على الله الذي منح موسى ما لم يمنحها إياه، وسخطت على الناس الذين كانوا يتبعون موسى كقائد عظيم لهم، وسخطت على نفسها لأنها لم تستطع أن تحتل المكانة الممتازة التي وصل إليها موسى. إن الحاسد يفضح نفسه. إنه مسكين وتعس. إنّ وجهه ينفر منه كل الناس. وكان الحسد والسخط قد ملأ عيني مريم، فلم تستطع أن تبصر فضائل الشخص الذي تحسده، ولا الامتيازات التي منحها الله لها، فانتقدت موسى انتقاداً شديداً على مسألة شخصية محضة، ونسيت أن تشكر الله على ما أعطاه لها. وتقول لنا التوراة إن موسى كان حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض. لا شك أنه ذكر أخته وضعفها بكل محبة، فصلى من أجلها ليشفيها الرب من البرص الذي حل بها، بسبب غضب الرب عليها. تذكر موسى أخته الكبيرة مريم. ذكر لها كيف حملته صغيراً إلى شاطئ النيل وأنقذته. ذكر لها غيرتها ومحبتها لله. ذكر لها ثقتها التي جعلتها تقود الترتيل وهي تسبح لله الذي خلَّص شعبه، فصلَّى للرب: »اللهم اشفها«. نعم، لقد مرضت بسبب إساءة وجَّهتها ضده، لكنه نسي الإساءة تماماً، ورفع الطلبة إلى الله ليشفي أخته. أشعلت مريم ناراً كادت تحرق الشعب كله، لولا أن الله في محبته أطفأ تلك النار، ولولا أن موسى غفر لها. عندما نحسد الآخرين ونثير الأقاويل السيئة ضدهم، لا نسيء إليهم فقط، ولا إلى أنفسنا فقط، بل إلى مجتمعنا كله. في كل مرة نوجه نقداً باطلاً لإنسان نحن نجرحه، ولكننا نسبِّب إساءة لجماعة الرب كلها، وعلينا أن نتعلم من هذه القصة التي مرت بها مريم كيف نضبط أنفسنا وألسنتنا، ونحترم اختيارات الناس المحيطين بنا، ولا نُقحم أنفسنا في شؤونهم الشخصية. أما إن كنت أيها القارئ الكريم محل سخط وحسد من إنسان يسيء إليك، دون أن تسيء إليه، فأرجوك أن تتعلم من مثال موسى، الرجل الذي صلى من أجل المسيئين إليه، فتوجه إلى الله طالباً أن يشفي أخته مريم من برصها، بالرغم من أنها أساءت إليه. ولنستمع إلى ما علَّمنا السيد المسيح في الصلاة الربانية: »اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا« (متى 6:12). شكراً لله الذي يستر خطايانا، ولنصلِّ أن يحفظنا من أن نحسد الآخرين. فإذا قُدِّر لنا أن نكون محسودين، فلنطلب منه أن يبارك حاسدينا ويغفر لهم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|