|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يمنحنا الله ذاته كأسًا لنا ويكون نصيبنا: "الرب هو نصيب ميراثي وكأسي. أنت الذي ترد إليّ ميراثي" [5]. لغة هذا العدد وما يليه مستمدة بلا شك من تقسيم الأرض في كنعان، إذ كان كل شخص ينال نصيبه من الميراث بالقرعة، وتوضع خطوط لتحديد الموضع؛ هكذا بالقرعة تم تقسيم الأرض وتوزيعها أما الكهنة واللاويون فلم يُعط لهم نصيب، إذ كان الله نفسه هو نصيبهم وميراث قسمتهم. لهذا يقول داود - الذي من سبط يهوذا لكنه لم ينشغل بالميراث الأرضي - أن الله هو نصيبه، وأكد ذلك في مواضع أخرى (مز 119: 26) كما أكد آساف نفس الأمر (مز 73: 26). هذه هي غبطة التمتع بالشركة مع الله؛ ربما الكأس هنا هي كأس عيد الله التي كانت تمر على الحاضرين في وليمة تعبدية للاشتراك في العيد، وهي رمز وعربون نعمة الله الخلاصية. ظن إبليس أنه قادر أن يطغى ابن الإنسان بوعده أن يعطيه كل ممالك العالم إن سجد له (مت 4: 8-9)؛ وقد رفض ابن الإنسان ذلك لأنه ما جاء ليملك على الأرض بل على القلوب، مفضلًا أن يكون الآب نصيبه وميراثه وكأسه... إذ قال "لتكن إرادتك لا إرادتي"، مع أنه واحد معه في ذات الأرادة الإلهية. رفض أن يتسلم الكأس من يد العدو ليشرب كأس الصليب، مطيعًا حتى الموت موت الصليب، بكونه كأس الطاعة للآب وكأس الحب للبشرية! * ليختْر آخرون أنصبة لأنفسهم، أنصبة أرضية زائلة، ليتمتعوا بها. أما نصيب القديسين فهو الرب، نصيب أبدي. ليشرب آخرون من المسرات المميته، أما نصيب قسمتي وكأسي فهو الرب. "حبال المساحة وقعت لي من الأماكن المجيدة (الأعزاء)". وقعت حبال تقسيم حدود نصيبي في مجدك كما بقرعةٍ، هكذا كما كان الله هو مِلكْ الكهنة واللاويين ونصيبهم (عد 18: 20). القديس أسطينوس * أطع أمر الرب "اتبعني"؛ وخذ رب العالم مِلكًا ونصيبًا لك، لكي تُسبّح مع النبي: "الرب نصيبي"، وكلاويٍّ حقيقي لا تملك ميراثًا أرضيًا. القديس جيروم * الآن، من كان بشخصه هو نصيب الرب أو يكون الرب نفسه نصيبًا له، ينبغي عليه أن يسلك كمن صار في ملكية الرب ومن مَلَك الرب. فإن من يملك الرب يقول مع المرتل: "الرب نصيبي". لا يملك مع الرب شيئًا؛ فإنه إن امتلك شيئًا معه لا يكون الرب نصيبه. القديس جيروم * تحوي الكأس كل الخمور القوية، وهي أيضًا "سرّ" فيه يعلن المسيح ذاته. القديس مارافرام السرياني * حين نحصل على لقب "لاوي"، الذي يعني "هو ذاته مِلكي" أو "هو لي"، حينئذ تعظم كرامتنا، إذ يقول الله للإنسان: "أنت لي"، أو كما قيل لبطرس عن الأستار الذي وجده في فم السمكة: "اعطهم عني وعنك" (مت 17: 27). القديس أمبروسيوس "حبال المساحة وقعت لي في الأماكن الفضلى (من الأعزاء)، وإن ميراثي لثابت لي" [6]. يبدو أن داود كان فرحًا جدًا بنصيبه في أرض الميعاد التي هي عربون كنعان السماوية. حتى مياه مدينته بدت له أفضل من أية مياه في مواضع أخرى (2 صم 23: 15؛ 1 أي 11: 17). المؤمنون الحقيقيون الذين يختبرون عطية الخلاص يشعرون بفرح شديد الآن لما تمتعوا به من قِبل الله. وأيضًا من أجل ما ينتظرونه في الدهر الأتي. بالإيمان يعاينون هنا السيد المسيح حالّ في قلوبهم مشبع للكنيسة، وهناك يرونه وجهًا لوجه. ميراثنا الأبدي يفرح قلوبنا أثناء جهادنا في هذا العالم، إذ ننعم بالعربون داخلنا كمجد داخلي لابنة الملك. ميراثنا ثابت لنا [6]، لا يستطيع أن يسبحه، إذ هو "ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السموات لأجلهم" (1 بط 1: 4). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|