|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
- الدرس المناسب للأطفال نصيحتي لخادم مدارس الأحد، أن يكون درسه مناسبًا. مناسبًا للسن، وللعقلية، والظروف، ولإمكانية التنفيذ. أتذكر في حوالي سنة 1943، اخترت أن أدرس فصلًا في مستوى الرابعة الابتدائية (وكانت شهادة عامة في ذلك الحين). وكنت أحب هذه السن، لأنها انتقال من مرحلة الطفولة، ووقوف على أعتاب المراهقة أو ما يقرب من ذلك. وتصلح لغرس المبادئ... وكنا في مناسبة عيد القيامة. حدثتهم عن ذهاب المريمات مبكرات إلى القبر. وأحببت أن يكون عمليًا، فركزت في هذه النقطة باستفاضة كثيرة، وشرحتها شرحًا وافيًا جدًا. ثم سألت الطلبة هل اقتنعوا، فوافقوا جميعًا. وحينئذ سألتهم: هل سنذهب إلى الكنيسة إن شاء الله مبكرين من الأسبوع المقبل؟ وللأسف أجابوا جميعًا بأنهم لا يستطيعون. وخجلت من هذا الفشل، وجمعت بقايا نفسيتي المتبعثرة. وسألتهم عن السبب. فوقف أحدهم يعبر عن رأي جماعة من حوالي خمسة أطفال وقال: نحن الآن في آخر العام، ونستعد لامتحان الشهادة الابتدائية. ونسهر في المذاكرة لذلك لا نستيقظ مبكرين . ولا نستطيع لهذا السبب أن نذهب مبكرين إلى الكنيسة. كانت هذه المجموعة على حق. والدرس لم يكن مناسبًا من جهة موعده في آخر العام الدراسي، وبالقرب من الامتحان. ووقف طالب آخر، يمثل مجموعة أخرى من حوالي خمسة أو أكثر. وقال "أنا أذهب إلى الكنيسة مع بابا. وهو يذهب متأخرًا". ووجدت أيضًا لهذه المجموعة عذرًا، لأنهم أطفال ولا يملكون أمرهم في يدهم. وقد لا يستطيعون الذهاب إلى الكنيسة في غير صحبة آبائهم. ووقف طالب آخر وقال "لا أستطيع أن أذهب مبكرًا إلى الكنيسة، لأنني في كل صباح أذهب لأشترى لهم طعام الإفطار"... حقًا يجب أن يذهب الناس إلى الكنيسة صائمين. ولكن ليس الجميع يفعلون هكذا ... فإن أرادوا الإفطار، ولم تكن عندهم شغالة، قد يرسلون هذا الطفل ليشترى الطعام من أقرب محل إلى بيتهم. وتكاثرت الأسباب. وعرفت أن الدرس كان مقنعًا عقليًا. وكان فاشلًا تمامًا من الناحية العملية. وقد ترك هذا الفشل أثرًا كبيرًا في نفسي، كانت له نتائجه الإيجابية في طريقتي في التدريس. وأصبح الموضوع الذي أدرسه ينقسم إلى أربعة أقسام: 1 – شرح الموضوع واستخراج الدروس الروحية منه. 2 – تطبيق هذه الدروس في حياتنا العملية. 3 – معرفة العوائق والموانع، والتفكير في الانتصار عليها. 4 – مراجعة وأسئلة وحوار حول الموضوع. - الطفل مؤمن يُوَلد الطفل مؤمنًا. الإيمان غريزة مغروسة في نفسه. تحدثه عن الصلاة، فلا يعرضك. تلقنه ألفاظًا يقولها لله في صلاته، أو أن يقول "يا رب" فلا يقول لك: من هو الله؟ ومن هو ربنا؟ وأين هو؟ أو أتكلم مع من... لذلك فالذين يقولون "ننتظر على الطفل حتى يؤمن"!!... هؤلاء ينسون تمامًا أن الطفل مؤمن. ولا توجد أمامه أية عوائق للإيمان. هذه الفترة من أحسن الفترات لغرس الإيمان بمحبة الله ورعايته لنا. يمكن أن تلقنه فيها أن الله هو مصدر كل خير حولنا. هو الذي وهبنا الطبيعة: الشمس والقمر والنجوم، والشجر والعشب والزهور والطيور، والحيوانات الأليفة... وكل شيء... إنه القلب الكبير والمحب... وهو أيضًا الذي أعطانا النور والعين لنبصر، والأذن لنسمع وأعطانا الليل والنوم لنستريح... وهذه السن نافعة أيضًا للحديث عن قوة الله وعظمته. الله القادر على كل شيء، الموجود في كل مكان، الذي يرى كل ما نعمله، ويسمع كل ما نقوله. الطفل في سني طفولته الأولى يظن أن أباه بالجسد قادر على أن يعطيه كل شيء. وقد يقول لأبيه وهو سائر في الطريق: أريد أن تشترى لي هذه السيارة، أو هذه العمارة، وربما هذه الطيارة (إن رآها في الجو). وقد يداعبه أبوه ويقول له "حاضر يا حبيبي، وأنا راجع ألفها لك في ورقة". ويضحك الطفل لهذه المداعبة ثم ينسى ما طلبه. فإن كان الأب الأرضي يقدر على أشياء عديدة، فكم بالأكثر الله في السماء. ويمكن في هذه السن أيضًا أن تحكى له بعض المعجزات عن عناية الله: مثل معجزة الخمس خبرات والسمكتين، ومعجزة منح البصر للمولود أعمى (يو11)، ومعجزة شق البحر الأحمر (خر14)، وصعود المسيح على السحابة إلى السماء (أع1)، وصعود إيليا النبي في مركبة نارية (2مل1). إنها سن صالحة جدًا لرواية المعجزات... وهي قصص واقعية تاريخية، أصلح بكثير مما ترويه له كتب العالم من قصص الجن والسحر وبساط الريح... إلخ. - الطفل يحب القصص الطفل في هذه السن يحب القصص جدًا. ويتسع ذهنه لتقبل قصص أكثر طولًا من قصص مرحلة الطفولة المبكرة. ولو قضيت معه وقتًا طويلًا تحكى له قصصًا، لا يسأم ولا يمل كلما يراك يطلب منك المزيد. أتذكر أنني زرت المنصورة سنة 1963 في مؤتمر لمدارس الأحد، وأنا أسقف، وتجمع الأطفال حولي، فقلت لهم حكاية. ولما زرت المنصورة في السنة التالية، تجمعوا مرة أخرى. وطالبوني بأن أقول لهم حكاية كما حدث في السنة الماضية. إذا ذهب الطفل إلى مدارس الأحد، ولم يسمع حكاية، يعتبر كأنه لم يأخذ شيئًا. إنه يحب الحكايات، ويحب الذي يحكيها. وأحيانًا يحب جدته التي يسهر معها وهى تحكى له حكايات... فينبغي إذن أن تكون خزانة لا تنضب من القصص، لكي يحبك الأطفال ويميلوا إلى عشرتك. وعندك كنز كبير من قصص الكتاب المقدس، ومن سير القديسين، ومن تاريخ الكنيسة، ومن القصص التي توضح بعض الفضائل، وحتى قصص الحيوانات والطيور أيضًا، والقصص الخيالية التي لها هدف نافع... صدقني، حتى الكبار أيضًا يحبون الحكايات. بشرط أن تكون جديدة عليهم... حتى في العظات وفي المحاضرات، المهم أن تكون لها هدف... غير أن الطفل إذا أعجب بقصة، لا مانع عنده من أن يطلب منك أن تعيد روايتها، وبخاصة القصة التي فيها لون من الذكاء، أو فيها لون من المرح والضحك... هذان النوعان يعجبانه جدًا. وقد يسمعهما فيحاول أن يرويها لأصحابه... استغل هذه الرغبة، لتسمعه قصصًا مفيدة. منذ زمان، وأنا أطلب أن يجمع لنا البعض أكبر قدر من القصص المسلية الهادفة، ولو بمسابقة تكون لها جوائز... - كيف تحكي قصص الشهداء؟ في هذه السن لا تصلح أبدًا القصص التي تروي عذابات الشهداء وآلامهم. لأننا لا نريد أن نخيف الطفل، بما يروى من قصص الجلد والسحل والرجم وتقطيع الأعضاء، وسائر ألوان التعذيب... لئلا يظن أن الذي يسير وراء الله ينتهي إلى مثل هذا المصير، فيخاف... والمفروض فينا أن نبعد عنه التخويف في هذه السن... ولكن يمكن أن نحكي له شجاعة الشهداء... وكيف كانوا يقابلون تهديد الولاة بغير خوف... مثل مارجرجس حينما مزق منشور دقلديانوس... أو شجاعتهم في الدفاع عن الإيمان أثناء المحاكمات... أو سيرهم إلى الاستشهاد وهم يرتلون ويسبحون... وكذلك كانوا بنفس الشجاعة في السجون... كذلك نظرتهم إلى الاستشهاد كلقاء مع المسيح. وانتقال إلى الفردوس، وإلى عِشْرَة الملائكة والقديسين. وما كان يراه الشهداء من رؤى وظهورات مقدسة تقويهم وتشجعهم، وتشفى جرحهم وتعيدهم سالمين. وهكذا نحكي أيضًا المعجزات التي كانت تصحب آلامهم. مثل كأس من السم يقدم إلى مارجرجس، فيرشم عليه بعلامة الصليب، يشربه فلا تؤذيه... أو النار التي أرادوا بها حرق القديس بوليكربوس فلم تضره بشيء. وكذلك كل العذابات التي تعرض لها القديس يوحنا الإنجيلي... وهكذا يدركون قوة الله التي كانت مع الشهداء، تعينهم وتقويهم، إلى أن أكملوا جهادهم، وبقدر احتمالهم، كانت أكاليلهم. ويمكننا أيضًا أن نحكى معجزات الشهداء بعد انتقالهم. في عيد مارجرجس مثلًا، ليس ضروريًا أن تحكى قصة استشهاده وعذاباته، إنما يمكن أن تحكى بعض معجزات مارجرجس ، فيأخذ الطفل فكرة عن قوة الشهداء وشفاعتهم، وإكرام الله لهم... وكذلك في عيد مارمينا، أو الأمير تادرس، أو الشهيد أبانوب، وغيرهم... وحذار أن تحكي الذبح والسلخ والسيف للأطفال الصغار... هم لم يصلوا بعد إلى المستوى الذي يُمَجِّد الاحتمال وَبَذْل النفس... وحينما يصلون إلى هذا المستوى الروحي، نقص عليهم كم احتمل الشهداء من أجل محبتهم للرب وثباتهم في الإيمان... - العقاب والمكافأة محبة الطفل، لا تعنى تدليله بطريقة ضارة. فيجب أن نكافأه على العمل الطيب الذي يعمله. ونوبخه علي العمل الخاطئ بطريقة غير قاسية. ويجب أن نمنعه عنه، إن كان ذلك يجلب أضرارًا لغيره، أو كان أمرًا غير لائق. أما تدليل الطفل، والاستجابة له في كل شيء، فقد يعلمه حب الذات، والإصرار على تنفيذ أغراضه مهما كانت خاطئة ، وقد يصل إلى حب السيطرة، والتهديد بالصراخ والبكاء والضجيج لتنفيذ أغراضه، حتى لو كسر محتويات البيت!! وهنا لابد من معاقبته، ولا يهمك إن بكي. من الصالح له حينئذ أن يتألم وأن يبكى، حتى يترك ما هو فيه. ولنذكر قول الكتاب: "الذي يحبه الرب يؤدبه... " (عب12: 6). فإن كان الله مصدر الحب كله، يؤدب ولا يتنافى هذا التأديب مع محبته، إذن ينبغي أيضًا أن نؤدب أولادنا. ولكن نؤدبهم في تعليم، وفي غير قسوة. وبعد التأديب نظهر لهم الحنان مرة أخرى. لكي يدركوا أن ذلك التأديب لم يكن تغيرًا في مشاعرنا نحوهم، وإنما هو تغير في تصرفاتهم وخروج بها عن الحد اللائق... ولنذكر أن الرب عاقب عالي الكاهن، لأنه لم يحسن تربية أولاده ( 1صم3: 13). وكما نغرس فيهم العقائد الإيمانية، نغرس فيهم أيضًا محبة النظام والخير، وطاعة الكبار وقبول تأديبهم . إن الخطأ يكون غالبًا في طريقة التأديب، إن كانت بأسلوب غير روحي، أو أسلوب غير إنساني... أو إن امتزجت بالقسوة. أو إن كانت هذه القسوة هي الأسلوب السائد، سواء كان الخطأ خفيفًا يكفيه مجرد النصح، أو خطيرًا يقتضى العقوبة. إن الأبوين اللذين يسود الحنان معاملتهم لطفلهما، ستكون أكبر عقوبة له أن يحرم في وقت ما من هذا الحنان، ويشعر أنه فقد عطفهما وثقتهما. ويظهر هذا بالذات في سن الطفولة المتأخرة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|