الحكم الانقضائي:
"الرب يدين الشعوب.
دنّي يا رب على حسب عدلي (كحقي)
وعلى قدر عدم شري (كمالي) عليّ" [8].
مادام داود بريئًا في هذه القضية فقد تضرع إلى الرب أن يفحص أعماق قلبه.
* لاحظوا كيف أن هذه النفس التي تصلي بكمال لم تخف يوم الدينونة، إنما تصلي بشوق دون قلق: "ليأتِ ملكوت" (مت 6: 10)...
"اقض لي يا رب كَبرِّي، وحسب براءتي، لأن برّي وبراءتي هما من العلي... أنت تضئ سراجي يا رب (مز 18: 28)... اقضِ لي حسب اللهيب الذي هو من فوق، الذي لم يصدر عني بل يضئ فيَّ حينما تضرمه أنت من عندك.
القديس أغسطينوس
داود النبي يطلب هنا من الله أن يقضي له بحقه يتضرع إليه في موضع آخر ألا يدخل معه في المحاكمة، إذ لا يستطيع أحد أن يتبرر قدامه. ما يطلبه هنا لا أن يبرر ذاته أو يفتخر بقداسته إنما أن ينصفه ممن اتهموه ظلمًا وأساءوا فهم تصرفاته. لهذا يلجأ إليه كقاضٍ عادل، فاحص القلوب والكلى[9]؛ هو نار تأكل الشر وتزكي الحق: "ليفنَ شر الخاطي ويستقيم الصديق" [9].
يعلق القديس جيروم على هذه الفقرات التي فيها يطلب داود النبي أن يحكم الله كحق المرتل ومثل كماله [8]، قائلآً: [لا يقدر داود أن يذكر هذه الكلملت عن نفسه، إنما هي بالحقيقة تخص المخلص الكامل الذي لم يخطئ قط]. إنها بالحق كلمات السيد المسيح ابن داود القائم من الأموات والصاعد إلى العلاء لأجلنا.