|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إبراهيم.. تصرُّف بار وقام إبراهيم من أمام ميته وكلَّم بني حث قائلاً: أنا غريب ونزيل عندكم. أعطوني مُلكَ قبرٍ معكم لأدفن ميتي من أمامي ( تك 23: 3 ، 4) أمام مشهد موت سارة، نرى إبراهيم يتصرف كما يليق كغريب ونزيل، فيعترف أمام بني حث قائلاً: «أنا غريب ونزيل عندكم»، وبهذا القول كسب احترامهم له فقالوا: «اسمعنا يا سيدي. أنت رئيسٌ من الله بيننا» (ع6)، ما أكبر الفرق بين إبراهيم ولوط ـ لوط المسكين ـ الذي ضحى بصفته كغريب ليسكن في سدوم. لقد أهانه أهل سدوم إذ قالوا له في وقتٍ ما: «ابعُد إلى هناك، ثم قالوا: جاء هذا الإنسان ليتغرَّب، وهو يحكم حكمًا» ( تك 19: 9 ). منذ ستين سنة قال الله لإبراهيم إنه نتيجةً لاستجابته لدعوة الله واتخاذه مركز الغريب والنزيل، سيحظى بهذا الامتياز أن الله يعظِّم اسمه ( تك 12: 2 )، وقد تم له هذا الموعد إذ اعترف له أهل العالم بهذا التعظيم إذ قالوا له: «أنت رئيسٌ من الله بيننا»، أما لوط المسكين الذي سعى لكي يكون عظيمًا في العالم كحاكم في الباب، قال له أهل سدوم: «ابعُد إلى هناك» فكان مُحتقرًا في أعينهم. ونرى أن إبراهيم لم يتخذ من احترام العالم له فرصة لتعظيم نفسه، فلم يتكلم عن دعوة الله له، والأمجاد التي تنتظره، أوَ ليس هذا ما حدث مع الرب لمَّا أراد الناس أن يتوِّجوه ملكًا؟ ماذا فعل؟ انصرف عنهم ومضى إلى الجبل وحده ( يو 6: 15 )، هكذا تصرَّف إبراهيم، فرفض أن يعظِّم نفسه، ولم يشأ أن الآخرين ينحنون أمامه كرئيس، بل تجلَّى فيه الروح المتواضع إذ نقرأ مرتين أن إبراهيم «سجد لشعب الأرض» (ع7، 12). أراد العالم بشفقته أن يؤثر على إبراهيم فيأخذ مكانًا ليدفن فيه ميتِهِ بصفة هدية، لكن إذ كان إبراهيم مُخلِصًا لمركزه كغريب، رفض أن يكون رئيسًا بين أهل العالم، ولم يقبل هداياهم، مكتفيًا بمركزه كغريب، يدفع ثمنًا لكل حاجاته. نعم، لقد رفض مديح الناس، ولم يقبل شفقة الناس، ولم يتزحزح عن طريق الإيمان، وكما رفض من قبل عطايا ملك سدوم، هكذا لم يقبل هدايا بني حث، فدفع ثمن المكان، وهكذا تصرف كإنسان غريب، وأظهر البر في تصرفه إذ دفع «أربع مئة شاقل فضة جائزة عند التجار». في كل هذه التصرفات نرى إبراهيم في يومه واحدًا من الذين يدعون الرب من قلب نقي، وقد اتّبع البر والإيمان والمحبة والسلام. . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|