المطوَّبة مريم كانت واقفة بشجاعة وصمود وثبات مدهش، بالرغم من ضعفها كامرأة. لا نقرأ أنها كانت تبكي، أو تصرخ، أو تلطم، أو تسقط على الأرض، بالرغم من قلبها الدامي والمجروح.
بالتأكيد أخذت معونة إلهية خاصة، من أبو الرأفة وإله كل تعزية.
كانت الجموع تستهزأ بالمسيح، واللصان يعيرانه، والجنود يقتسمون ثيابه، وهو ينزف الدماء، لكن لَمَّا رَأَى أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».
ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ:«هُوَذَا أُمُّكَ» (يوحنا19: 26، 27). إنه إكرام الابن لأمه (خروج20: 12)، وأيضًا المدبر الذي يرتب كل شيء، فالمسيح لم يترك لأمه أي شيء قبل موته - لا فضة ولا ذهب - لكي ترثه، لكنه كلَّف يوحنا الحبيب بالعناية بها، وهذا فيه كل الكفاية، فإنها ستجد مكانًا لتسكن وتعيش فيه، ولأن يوحنا هو الوحيد من التلاميذ الذي رجع إلى الصليب بعد هروب كل التلاميذ، فلذلك هو الوحيد الذي نال شرف الاهتمام بها كأمه، والرب بهذا التكليف له أعلن عن ثقته فيه، وعلى الأرجح أن وسائل المعيشة كانت متوفرة لدى يوحنا (مرقس1: 20؛ يوحنا18: 15).