مفارقات بين آلام التأديب وآلام الحصاد
آلام التأديب تختلف عن آلام الحصاد الذي هو نتيجة لزرع زرعناه؛ فآلام الحصاد نحن السبب في اجتيازها كنتيجة طبيعية حسب المبدأ «فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» (غل6: 7). والمؤمن لا ينبغي أن يلوم الرب بسبب هذه الآلام، فسقوطه في الخطية كان السبب المباشر لها. أما آلام التأديب فهي آلام بها يصقل الرب شخصياتنا، ويخلق فينا ما هو ليس فينا أصلاً من صفات روحية ونضج، وبها يَعْبُر الرب بنا من حالة الطفولة الروحية إلى حالة الرجولة. بآلام التأديب يصنع منا الرب رجالاً قادرين على تحمُّل الشدائد والصعوبات، والطبيعة نفسها تُعلِّمنا أن الأولاد الذين تعرَّضوا لمعاملات تتسم بالحزم من قِبل والديهم هم الذين صاروا أكثر نفعًا لوالديهم ولأنفسهم وللرب وللآخرين عن الذين اتسمت معاملات والديهم معهم بالليونة (1مل1: 6).
نذكر هذا لأنه مما يزيد آلام المؤمن المُجرَّب أن البعض ينسب ما يمر به لزرع زرعه، وهذا ما قاله أصحاب أيوب له ليُفسِّروا سبب بلاياه (أي4: 8؛ 8: 11؛ 11: 13-15). والمؤمن نفسه عُرضة لهذا الفكر، حتى إنه يبدأ في مراجعة سجل حياته ليجد سببًا مباشرًا لما يمرّ به. لكن علينا أن نعلم أنه من الممكن أن نتألم لا لسبب فينا، بل لسبب عنده.