منتدى الفرح المسيحى  


merry christmas

ربنا باعتلك رسالة ليك أنت

الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2025

يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه


 رسائل الفرح المسيحى اليومية على قناة الواتساب | إضغط هنا 
Love_Letter_Send.gif

العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 02 - 2022, 03:06 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,280,022

وسائل الاتضاع وعلاماته

ما هي وسائل الاتضاع وعلاماتها



البابا شنودة الثالث


نود أنْ نذكر الآن مَنهجًا واسعًا ومُختصرًا عن تداريب للاتضاع، على أنْ نرجع بشيء من التفاصيل لهذه النقاط التي سنذكرها:
1 إنْ كانت الكبرياء هي في الاعتداد بالذات وتعظيمها، يكون التواضع في إنكار الذات.
وتداريب إنكار الذات كثيرة جدًا ليس مجالها الآن. وقد وضع السيد الرب إنكار الذات في مقدمة شروط التلمذة له. فقال "إنْ أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مت24:16). ولا شك أنَّه بإنكار الذات يصل الإنسان إلى التواضع. لأنَّ الذي ينكر ذاته، لا يمكن أنْ يبحث لها عن مجد أو عظمة..



2 وأيضًا: المتواضع المُنكِر لذاته، لا يُدافع عن نفسه:
إنَّه -في الأمور التي تمسه وحده- لا يُبرِّر نفسه في شيء. ويَقبل ما يُقال عنه في صمت. مثلما فعل السيد المسيح له المجد، الذي لم يُدافع عن نفسه أمام بيلاطس ولا أمام هيرودس. وكذلك فعل يوسف الصديق الذي لم يُدافع عن نفسه (تك39). والقصص كثيرة نتركها إلى موضوع خاص. والمتواضع لا يَستثنى قاعدة عدم الدفاع عن النفس، إلاَّ من أجل الغير..



3 بل المتواضع يلوم نفسه باستمرار:



سواء بينه وبين نفسه، أو أمام الناس، باقتناع وصدق.
حدث مرة أن البابا ثاوفيلس، زار جبل نتريا الذي كان يسكنه جماعات من المتوحدين. وسأل أبا الجبل عن الفضائل التي أتقنوها.. فأجابه "صدقني يا أبى لا يوجد أفضل من أنْ يَرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شيء". حقًا إنَّ لوم النفس هو فضيلة المتضعين.



4 ولوم النفس يُوصّل إلى انسحاق النفس:
أي إلى انسحاق القلب من الداخل، إلى انسحاق الروح لشعوره في أعماقه بما في ذاته من نقائص قد تَخفى على الناس ولكنَّها ليست خافية عليه. وهذا الانسحاق الداخلي يُبعد عنه كل ألوان العظمة من الخارج، وفي نفس الوقت يُقِّربه إلى الله كما يقول المزمور "قريبٌ هو الرب من المنكسري القلوب، ويُخلِّص المنسحقين بالروح" (مز18:34). وأيضًا "الذبيحة لله هي روح مُنكسرة. القلب المُنكسر والمتواضع، لا يَرذله الله" (مز17:51).



5 ومن مظاهر الانسحاق، الشعور بعدم الاستحقاق:
كما قال الابن الضال وهو راجع إلى أبيه "لست مستحقًا أنْ أُدعى لك ابنًا" (لو21:15). وكما قال قائد المائة للسيد الرب "يا سيد، لست مستحقًا أنْ تدخل تحت سقف بيتي" (مت8:8). وكما قال القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح: "لست مستحقًا أن أحل سيور حذائه" (يو27:1).
وهكذا فإنَّ المتواضع يشعر أنَّه غير مُستحق لكل إحسانات الله إليه، ولا هو بمُستحق لما يناله من الناس من الكرامة. لأنَّه عارف بنفسه..!



6 وفي شعوره بعدم الاستحقاق، يحيا حياة الشكر الدائم:
يَشكر على كل شيء، لأنَّه مُتيقن في داخله أنَّه لا يَستحق شيئًا.. لذلك كل ما يناله من الله هو بركة، مهما كان قليلًا. لأنَّه يعرف عن نفسه أنَّه لا يَستحق هذا القليل أيضًا.
كذلك هو يشكر على كل لون من مُعاملة الناس له، فإنْ عامَلوه بإكرام، يشكرهم لأنَّهم عامَلوه بما لا يَستحقه. وإنْ ظلموه أو أهانوه، يشكر على أنَّه ينال جزاء خطاياه على الأرض!





7 والمتواضع الحقيقي الذي يشعر بخطيئته، يَقبَل كل ما يأتي عليه.
ويقول في نفسه " لو أنَّ الله عاملني حسب خطاياي، ما كنت أستحق أنْ أعيش". ويرى أنَّ كل الإهانات والمتاعب التي تصيبه، هي أقل من استحقاقه بكثير، ويَقبَلَها بشكر..
مثال ذلك داود النبي والملك: لمَّا شتمه شمعي ابن جيرا بشتائم مؤلمة، رفض أنْ يُعاقبه أتباعه، وقال: "الله قال لهذا الإنسان اشتم داود" (2صم10:16). واعتبر ما حدث له نتيجة طبيعية لِمَا سبق من خطاياه..



8 الإنسان المتواضع -في انسحاقه- يجعل خطيته أمامه في كل حين.
إنَّها تَذله من الداخل، وتَعصر عينيه بالدموع، وتُزيد من انسحاقه، وتُذكِّره بضعفه. لا ينسى خطاياه مهما غُفرت ومهما محاها له الله! مثلما بكى داود على خطاياه بعد غفرانها، وقال في المزمور الخمسين "خطيتي أمامي في كل حين".. ومثلما ذكر بولس الرسول خطاياه. وقال "لست مستحقًا أنْ أُدعى رسولًا، لأني اضطهدت كنيسة الله" (1كو9:15).



9 المتواضع -مهما بلغ من رِفعَة- يشعر باستمرار أنَّه ناقص ومُقصِّر، وأنَّه لم يصل بعد إلى ما ينبغي عليه فعله!
القديس بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة (2كو2:12)، والذي تَعِبَ أكثر من جميع الرسل (1كو10:15). كان يقول "لست أحسب أنَّني أدركت أو نُلت شيئًا، ولكنِّي أسعى لعلِّى أدرك.." (فى12:3)، هذا الذي خشى الله عليه من كثرة الاستعلانات (2كو7:12).






والقديس أرسانيوس العظيم، الذي كان يقضى الليل كله في الصلاة، والذي كان رجل وحدة وصمت أكثر من الجميع، والذي تساقطت رموش عينيه من كثرة البكاء، والذي كان القديسون يطلبون بركته، وقد أتاه البابا ثاوفيلس يطلب كلمة منفعة.. أرسانيوس هذا: ما كان يشعر أنَّه بدأ الطريق الرهباني بعد! بل كان يُصلى "هبني يا رب أنْ أبدأ"!



10 الإنسان المتواضع لا يتحدث عن نفسه حديثًا يجلب المديح.
نفسه هذه التي يلومها باستمرار ويعرف نقائصها، من غير المعقول أنْ يتحدث عن مواقف عظيمة لها تجلب المديح! إنَّ الفريسي لم يتبرر أمام الله، لمَّا وقف في الهيكل يتحدث عن فضائله أمام الله في صلاته! (لو12:18).
لذلك فإنني أتعجب من إنسان حديث العهد بالتوبة، يدعوه البعض أنْ يقف على منبر كنيسة أو جمعية، ليحكى اختباراته للناس حتى ينتفعوا بها روحيًا..! فيقف ويحكى كلامًا يُمدح عليه!



11 إنْ كان الحديث عن النفس يُفسح مجالًا للقدوة، فالإنسان المتواضع لا يجعل نفسه قدوة لغيره.
إنَّه يقول لنفسه "مَنْ أنا حتى أكون قدوة لغيري؟! أنا الذي وقعت في كذا وكذا من السقطات!". وإنْ كانت القدوة في التوبة والرجوع إلى الله، فأنا لم أتُب بعد. وما زلت في الموازين إلى فوق. وفي كل يوم أسقط..



12 المتواضع يشعر بتفاهة الكبرياء وخطورتها وتفاهة المجد الباطل.
فما قيمة المديح الذي يأتيه من الناس؟! ما بطلانه وما فائدته! بل كم هي أضراره الكثيرة التي تُخرِّب النفس..! باطلة كل أمجاد الدنيا وتافهة! "الكل باطل وقبض الريح" (جا14:1)،

ليس شيء من هذه الأمجاد ثابتًا، ولا دائمًا، ولا نافعًا. ولا شيء منها يصحب الإنسان في أبديته، أو يشفع فيه أمام الله..
إنَّ النفس الصغيرة هي التي تفرح بإعجاب الناس ومديحهم.
وكلَّما كَبُرت النفس ورَجعَت إلى صورتها الإلهية، لا يُبهرها مطلقًا أي شيء من أمجاد العالم ومن مديح الناس.. وبخاصة إذا كان ما يقوله الناس عكس ما يعرفه الإنسان عن نفسه، وعكس ما يشعر به في داخله.



13 لذلك فالإنسان المتواضع يهرب من محبة المديح والكرامة.
لا يشتهى ذلك ولا يسعى إليه. وإنْ أتاه المديح، لا يجعله ينحدر من أُذنيه إلى قلبه. لا يفرح به في داخله، بل يُدرك تمامًا أنَّه غير مستحق له.. ولذلك لا يُصدقه، أو على الأقل لا يتأثر به مهما كان صحيحًا..
وربما يتَّخذ هذا المديح مجالًا لتبكيت نفسه. ويقول في ذاته: لعلَّني قد صرت مُرائيًا إلى هذا الحد، الذي أظهر فيه للناس بغير حقيقتي!



14 من صفات المتواضع أنَّه ينسب كل أعماله الطيبة إلى نعمة الله.
إنَّه يُرجع الفضل إلى الله في كل خير يفعله. يقول مع القديس بولس الرسول "لا أنا، بل نعمة الله العاملة معي" (1كو10:15) ويتذكَّر قول الرب "بدوني لا تقدرون أنْ تعملوا شيئًا" (يو5:15). وهكذا يُحوِّل حديث المديح إلى الله ونعمته وعمله. وإنْ حُورِب من الداخل بأنَّه قد فعل شيئًا، يقول لنفسه "بنعمة الله أنا ما أنا" (1كو10:15).




15 والمتواضع بقدر إمكانه يُخفى برّه عن الناس:
يُدرِّب نفسه على عمل الفضيلة في الخفاء على قدر ما يستطيع. ويهتم بالفضائل الداخلية أكثر من الفضائل الظاهرة. ويجعل أمامه قول الرب عن الذين يريدون أنْ يُظهِروا أعمالهم الحسنة للناس "الحق أقول لكم إنَّهم قد استوفوا أجرهم" (مت5:6).





16 بل يُحاول أنْ يُخفى برّه حتى عن نفسه:
حسب قول الرب "لا تجعل شمالك تعرف ما تفعله يمينك" (مت3:6).
فمثلًا يُعطى دون أنْ يَحصى ما يُعطيه.. ويُحاول أنْ ينسى كل ما فعله من خير، حتى لا يكون ظاهرًا أمامه. وحتى لا يكون في فكره ولا في ذاكرته. ولا تُحاربه به نفسه. ولا يعتبر ذلك الخير من أعمال قدرته هو. بل الله قد فعل ذلك الخير بواسطته. وكان يمكن أنْ يعمله بواسطة غيره، وبطريقة أفضل.. ويتذكَّر نقائصه في عمل هذا الخير، ويلوم نفسه عليها.






17 والمتضع يمتدح غيره لا نفسه:
في كل عمل ناجح يقوم به، يذكر الجانب الذي ساهم به غيره في إنجاح العمل، وأهمية ما فعله الآخرون مُمتدحًا ما قاموا به، ناسيًا نفسه.
وفوق الكل يذكر يد الله في نجاح العمل. وهكذا يختفي لكي يظهر الله، ولكي يُظهر غيره من الناس.
وفى كل ما يعمل، يحب الخير في ذاته لا في أجره ولا في تقدير الناس له.



18 على المتضع أنْ يهرب من العظمة وكل مظاهرها وكل مصادرها.
يهرب من محبة الرئاسة والقيادة، ومن محبة السيطرة والنفوذ، ومحبة العظمة والتعالي على الآخرين، ومحبة التقدم على غيره. فكلها أسباب تؤدى إلى الهلاك. وقد نهانا الرب عنها حينما قال لتلاميذه القديسين:
"أنتم تعلمون أنَّ رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يتسلطون عليهم.. فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أنْ يكون فيكم عظيمًا، فليكن لكم خادمًا.. ومن أراد أنْ يكون فيكم أولًا فليكن لكم عبدًا.. كما أنَّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدِم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت20: 25-28).



19 فإنْ وُضِعَ إنسان في مركز كبير، فليسلك فيه ببساطة واتضاع، ولا يتعالى على غيره.
ما أجمل أنْ ينسى مركزه، ويتعامل مع الناس في محبة. بحيث لا يرتفع قلبه، ولا يتعامل مع غيره في تعالٍ أو في كبرياء، كأنَّهم أدنى منه أو أقل. ولا يزدري بأحد. ولا يستخدم سلطته لإخضاع غيره.
لا يتعامل معهم مثلما كان هامان يتطلب احترامًا معينًا من مردخاي (إس6،5:3)، بل يتعامل مع الناس مثل داود، الذي كان وهو قائد جيش شاول الملك، يختلط مع الشعب في مَودَّة، وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود، لأنَّه كان يخرج ويدخل أمامهم (1صم16:18).
المتواضع يتعامل مع مرؤوسيه كزميل وصديق ويُشعرهم بمحبة.
إنَّ السيد المسيح كان يدعو تلاميذه أخوة. وقد قال لهم "لا أعود أُسميكم عبيدًا.. لكنى قد سميتكم أحباء" (يو15:15). وقيل عنه إنَّه شابه أخوته في كل شيء (عب17:2).





20 المتواضع يحتمل الكرامة، فلا يرتفع قلبه بسببها.
ومهما نال من كرامة، لا ينسى أنَّه إنسان، وأنه تراب ورماد. بل على العكس يتواضع بالأكثر، لكي يقيم توازنًا بين داخله وخارجه. وإنْ وصل إلى مركز رفيع أو نال جاهًا أو مالًا أو سلطانًا، فليذكر قول القديس أنطونيوس الكبير: "إنَّ احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة". أما الذي يرتفع قلبه، فإنَّه يُذكِّرنا بقول الشاعر:
لمَّا صديقي صار من أهل الغِنَى أيقنت أنِّي قد فقدت صديقي




21 المتواضع يحاول باستمرار أنْ يتخذ "المتكأ الأخير".
وذلك حسب وصية الرب (لو14: 7-10). وما أجمل قول الشيخ الروحاني في ذلك "في كل موضع حللت فيه، كن صغير أخوتك وخديمهم". ليس فقط أنْ لا تتعالى عليهم، بل أنْ تكون أصغرهم وخادمهم. وهو في ذلك يُقدِّم كل إنسان على نفسه، حسب قول الرسول "مُقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو10:12).
وكما انحنى السيد الرب وغسل أرجل تلاميذه (يو13)، يكون هو أيضًا مستعدًا أنْ ينحني ويخدم الكل، مهما كانوا أصغر منه.
وهكذا نرى الكهنة والمعلمين في كنيستنا يدعون أنفسهم خدامًا.
وهنا نذكر الصلاة التي صلى بها القديس أوغسطينوس من أجل شعبه قائلًا "أطلب إليك يا رب من أجل سادتي، عبيدك". فقال عنهم "سادتي" مع أنهم أولاده ورعيته..
على أنَّنا نريد أنْ يكون تعبير " خادم " ليس مجرد لفظ أو لقب، إنَّما يستعمله صاحبه بكامل دلالته ومعناه.





22 الإنسان المتواضع يضع أمامه فضائل القديسين وعلوها، فتَصغُر أمامه كل أعماله الفاضلة:
فإنْ حورب بفضيلة أتقنها، يَتذكَّر المستوى العالي الذي وصل إليه القديسون في هذه الفضيلة بالذات، ويُقارن نفسه بهم، فيرى أنَّه لا شيء، وتَصغُر نفسه في عينيه في كل ما فعله من بر. أما الخطورة فهي أنْ يقارن الشخص نفسه بالمبتدئين أو بالساقطين والخطاة، فيرى أنَّه أفضل منهم. كما فعل ذلك الفريسي الذي وقف في الهيكل يُصلي وقال "أشكرك يا رب أنِّى لست مثل سائر الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار" (لو11:18).






23 بل المتواضع يضع أمامه الكمال المطلوب منه، فيرى أنَّه لم يصل بعد إلى شيء.
يَتذكّر قول السيد الرب "كونوا أنتم أيضًا كاملين، كما أنَّ أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت48:5). ويرى أنَّ المسافة طويلة بينه وبين هذا الكمال المطلوب، فيتضع قلبه ويشعر أنَّه لا يزال في الموازين إلى فوق (مز9:62). ويُردد نفس العبارات التي وُصِف بها بيلشاصر الملك "وُزِنت بالموازين، فوُجدت ناقصًا" (دا27:5). وهكذا يتضع قلبه إنْ تذكَّر المطلوب منه.
فإنْ كانت المحبة هي أول ثمرة من ثمار الروح الكثيرة (غل23،22:5). وللمحبة برنامج طويل ذَكَرَه بولس الرسول في (1كو13) وللآن لم يُدرك بعد أعماق هذه المحبة، ولم يَستكمل مستلزماتها، فماذا يقول إذن عن باقي ثمار الروح التي ليس لها منها شيء؟!
بل يذكُر أيضًا قول الرب "متى فعلتم كل ما أُمرتم به، فقولوا إنَّنا عبيد بطالون، لأنَّنا إنَّما عملنا ما كان يجب علينا" (لو10:17). ويقول: حقًا، إنَّني لم أصل بعد إلى درجة هؤلاء العبيد البطالين!





24 الإنسان المتواضع، يتواضع أيضًا من جهة المعرفة والفهم:
يضع أمامه قول الكتاب "لا تكن حكيمًا في عيني نفسك" "وعلى فهمك لا تعتمد" (أم 3: 7، 5). ويبعُد عن المعرفة التي تنفخ (1كو1:8)، وليذكُر قول مار اسحق إنَّ "الذي يفتخر بالمعرفة، يسقط في البدعة والهرطقة". وقد سقط فيها أريوس ونسطور وأوطاخي. وكانوا من المُعتَّدين بمعرفتهم ومراكزهم، وواثقين في أنفسهم بعمق علمهم!





25 المتواضع لا يكون عنيدًا، متشبثًا برأيه.
لأنَّه توجد عجرفة فكرية عند البعض. عظمة في الاعتداد بالرأي والتشبث به، مهما كان شاذًا أو خاطئًا. وعدم قبول معارضة له، أو حتى مناقشته! بحيث يثور هذا الشخص إذا نُسِبَ إلى فكره أي خطأ، ويَحتَدَّ ويتكلم بخشونة وربما بإهانة. كما لو كانت لفكره عصمة ترفعه فوق المناقشة أو التحليل.
أما المتواضع، فإنه سهل في التفاهم، يقبل الرأي الآخر مهما كان مُعارضًا له، ويقبل الحوار والنقاش بطيبة قلب.





26 الإنسان المتواضع يُحب التلمذة، ويقبل التعليم والتوبيخ.
إنَّه لا يرى مطلقًا أنَّه قد وصل إلى درجة من المعرفة لا تقبل الزيادة. بل باستمرار يريد أنْ يعرف ويتعلَّم ويستزيد. ويعيش طيلة عمره يتتلمذ على الكتب، وعلى الناس، على الآباء والمُرشدين، وعلى الطبيعة، وعلى الأحداث.. ولا يظن أنَّه وصل في المعرفة إلى المستوى الذي يعطى فيه باستمرار دون أنْ يأخذ..
وفى اتضاعه يتقبَّل كل رأى باتضاع، إنْ كان سليمًا. ويشكر عليه، ويعترف أنَّه قد استفاد. وإن كان الرأي خاطئًا، لا يجرح صاحبه، بل يُناقشه في هدوء واتضاع.




27 والإنسان المتواضع يكون دائمًا بعيدًا عن الغضب وثورة الأعصاب.
وكما قال القديس دوروثيئوس في ذلك "إن المتواضع لا يغضب من أحد، ولا يُغضب أحدًا".
فهو لا يغضب من أحد، لأنَّه باستمرار يأتي بالملامة على نفسه في كل شيء. وهو لا يُغضب أحدًا، لأنَّه يطلب بركة كل أحد، ولأنَّه يعتقد في أعماقه أنَّ كل أحد أفضل منه.
ولذلك نرى أنَّ الاتضاع يرتبط دائمًا بالهدوء والوداعة.
حقًا إنَّه ليس كل هادئ متواضعًا. ولكن كل متواضع لابد أنْ يكون هادئًا، وأنْ يكون وديعًا طيب القلب.



28 والمتواضع بطبعه سهل التعامل مع غيره بسيطًا في تعامله:

إنَّه لا يفترض باستمرار أنَّه على حق، وأنَّ مَنْ يعارضه على باطل. ولا مانع لديه من أنْ يتنازل عن رأيه إنْ ثبت له أنَّه خطأ. بل أيضًا يشكر مَن وجَّهَهُ إلى أنَّ ذلك خطأ، ويفعل ذلك بحب حقيقي.
وفى النقاش لا يُقاطع غيره، ولا يُسكِتَه لكي يتكلم هو. ولا يسخر من الآراء المعارضة له. ولا يحاول أنْ يتهكم على غيره. بل قد يُثبِتْ له خطأ فكره في لطف دون أنْ يَجرح مشاعره أو أنْ يُسئ إليه. فهكذا كان يفعل القديس ديديموس الضرير مدير الكلية الإكليريكية في حبرية البابا أثناسيوس. فاستطاع في حواره مع الفلاسفة الوثنيين أنْ يكسب الكثيرين منهم إلى المسيحية. وكانوا جميعهم يحبونه.



29 أيضًا المتواضع لا يرتفع قلبه مهما نَما في الروح وفي الفضيلة.
ومهما نال أيضًا من مواهب روحية. بل يعتقد باستمرار أنَّ كل الحياة الروحية التي صارت له، هي من عمل النعمة فيه، من عمل الروح القدس معه، عن غير استحقاق منه. وأنَّه بدون الله لا يقدر أنْ يعمل شيئًا (يو5:15). فعليه أنْ يشكر لا أنْ يفتخر.
والمتواضع يعرف أنَّه إذا افتخر بشيء ستتخلَّى النعمة عنه، لكي يشعر بضعفه، ويتضع أمام الله. ويذكر باستمرار قول الكتاب:
"قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16).
وهكذا يذكُر أنَّه "تحت الآلام" مثل غيره (يع17:5)، وأنَّه ليس أكبر من السقوط، وليس معصومًا منه. فإنَّ الخطية "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم26:7).



30 لذلك فهو أمام جميع الخطايا لا يَفقد احتراسه، ولا يُقلِّل صلواته.
لا يقول عن بعض الخطايا إنَّها من النوع الذي يُحارب المُبتدئين، وليس النامين في الروح مثله!! وأنَّه أكبر من مستوى مثل تلك الحروب، أو أنَّه قد داس الشيطان تحت قدميه!!
بل هو -في كل محاربات الشيطان- يطلب معونة من الله، مُصليًا بقوة، مهما بدت الحرب بسيطة. ذلك لأنَّه لا يعتمد مطلقًا على قوته الخاصة ولا على انتصاراته السابقة.



31 والإنسان المتواضع لا مانع لديه من أنْ يستشير.
فالذي يستشير، إنَّما يشعر أنَّ هناك عند غيره ما ينقصه من معرفة. ولا يظن مطلقًا أنَّه غير محتاج إلى رأى أو حلول من غيره كما يفعل المتكبرون. بل هو يستشير ويعمل بالمشورة الصالحة، واثقًا أنَّه -مهما أوتى من علم وخبرة- هناك من هو أَعلَم منه في أمور معينة..
وحتى إنْ لم يستشر، وجاءه رأى صائب تطوَّع به أحدهم دون طلب منه، يأخذ الفائدة التي في هذا الرأي، مهما كان صاحب الرأي أصغر منه أو أقل شأنًا.



32 ومن صفات المتواضع الطاعة والاحترام لمَنْ هو أكبر منه.
سواء كان ذلك الكبير أكبر منه سنًا، أو أكبر منه مقامًا، أو أكبر منه في القامة الروحية أو في العلاقة الاجتماعية.
وعمومًا فالمتواضع لا يَستصغر أحدًا. فهو يُعامل الكل بلطف، حتى الصغار والخدم. ويرفع بذلك من روحهم المعنوية، ويُشعرهم بأنَّ نفوسهم كريمة في عينيه.


33 الإنسان المتواضع يظهر اتضاعه الروحي في اتضاع جسده أيضًا.
يظهر اتضاعه في ملامح وجهه، وفي نبرات صوته، وفي نظرات عينيه. فهو ينظر إلى الناس في وداعة. ليست له النظرات المُتعالية، ولا ينظر إلى الناس من فوق. وصوته هادئ: يتكلم بلطف، لا بسلطان. لا يحتد على أحد، ولا يتكلم بشدة ولا بنبرات متكبرة، ولا بصوت عالٍ، ولا باحتقار أو استصغار لأحد في عدم رد.. إنَّما بلطف يتحدث مع كل أحد..
ويظهر اتضاعه أيضًا في طريقة مشيه. فلا يمشى في زهو أو في خيلاء. وفي جلوسه أيضًا يجلس في أدب، لا ينتفخ في مظهره..
ويبعد عن العظمة في مستوى ملابسه وأدواته وأثاثاته وحياة الترف. لا يُشعر الناس في منظره ومظهره أنَّه في مستوى عالٍ، أو مستوى أعلى منهم.
ولغته تدل عليه: فهو لا يتغنَّى بأعمال قام بها، ولا يفتخر. ولا يعقد مقارنات بينه وبين الآخرين، تدل على تفوقه ومقدار ارتفاعه عليهم وإدراكه ما لا يُدركون.



34 والمتضع يظهر اتضاعه أيضًا في أسلوب عبادته وصلواته.

فهو يدخل إلى الكنيسة في خشوع. حسبما قال داود النبي "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك. وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك" (مز7:5). ويقف في مهابة تليق بالصلاة وبالوجود في حضرة الله. كما قيل عن الشاروبيم والسارافيم إنَّهم وقوف قدامه: بجناحين يُغطون وجوههم، وبجناحين يُغطون أرجلهم (أش6).
يحفظ حواسه جيدًا، ولا ينشغل عن الصلاة بشيء. ولا يُزاحم غيره في وقت التناول من الأسرار المقدسة. بل يتقدم إليها كغير مستحق..
ولا يجلس في الوقت الذي ينبغي فيه الوقوف. لذلك عند مباركة الطعام في مائدة بيته، لا يُصلي وهو جالس.. بل هو في كل مناسبة، يحتفظ بمهابة الصلاة.
كذلك يحتفظ المتواضع بخشوعه في فترة صومه. لأنَّها فترة تذلل أمام الله، والتذلل يليق به الاتضاع. ولِنَتَذكَّر في هذه المناسبة ما قيل عن صوم أهل نينوى إنَّهم "نادوا بصوم، ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى. فقام عن كرسيه، وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح. وجلس على الرماد" (يون6، 5:3).



35 والمتواضع إذا أخطأ، وانكشف له ذلك، فإنَّه يعترف بخطئه.
ما أصعب الاعتراف بالخطأ على إنسان متكبر! يشعر أنَّ ذلك يُقلّل من قدره ومن كرامته أمام الآخرين. أمَّا المتواضع، فإنَّه لا يحاول أنْ يتهرب من مسئولية أخطائه أو يُغطى عليها، أو يُبرر ذاته بالأعذار، ولا مانع عنده من أنْ يقول "أخطأت في هذا الأمر". يقول "أخطأت" أمام الله، وأمام الناس، وفي أعماق نفسه، بكل اقتناع. إنَّ نفسه ليست معصومة في نظره.
المتواضِع ليس "بارًا في عيني نفسه" (أى1:32). فهو بعيد كل البعد عن البر الذاتي. ويعرف عن أخطائه أكثر مما يعرفه الناس عنه.



36 من الوسائل التي تساعد على الاتضاع: حياة التوبة الحقيقية، وما يصحبها من فضائل.
فالإنسان التائب هو إنسان شاعر بِثِقَلْ خطاياه، وخطيته أمامه في كل حين (مز50)، يذكرها متذللًا أمام نفسه وأمام الله، شاعرًا أنَّه غير مستحق لشيء. وهو باستمرار يلوم نفسه ويُبكِتها على سقطاتها وضعفاتها ونقائصها. وهو في كل ذلك يطلب صلوات وبركة كل أحد.. لذلك يسلك باتضاع، ولا يتكبر على أحد. لأنَّ تذكار ضعفاته يُخزيه من الداخل، ويمنع عنه الكبرياء من الخارج..
وكلما بَعُدَ الإنسان عن مشاعر التوبة وحرارتها ودموعها، أصبح في خطر أنْ يفقد اتضاعه.. ولذلك سعيد مَنْ يحيا في التوبة على الدوام. لا يعتبر أنَّها مجرد مرحلة من مراحل حياته وقد عَبَرَتْ. بل هو في كل يوم من أيام حياته يُخطئ. وكما قال القديس يوحنا الرسول "إنْ قلنا إنَّه ليس لنا خطية، نُضل أنفسنا وليس الحق فينا" (1يو8:1).



37 من وسائل الاتضاع أيضًا: الصمت وعدم ادعاء المعرفة.
إنَّه يعرف أنَّ "كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم19:10) فيقول في نفسه "تكفى مَعاصيَ السابقة". ويُردِّد عبارة القديس أرسانيوس "كثيرًا ما تكلَّمت فندمت". لذلك فهو يُفضِّل الصمت. ويرى أنَّ الاستماع أفضل من التكلُّم. ففي الاستماع يستفيد معرفة. وفي التكلُّم يُعرِّض نفسه للخطأ. مُرَدِّدًا عبارة موسى النبي "لست أنا صاحب كلام، منذ أمس ولا أوَّل من أمس" (خر10:4).
ويتذكَّر قصة القديس الأنبا أنطونيوس، الذي سأل بعض تلاميذه عن آية معينة. فأخذ كلٍ منهم يذكر لها تفسيرًا، ما عدا الأنبا يوسف الذي قال "لا أعرف". فقال له القديس الأنبا أنطونيوس " طوباك يا أنبا يوسف، لأنَّك عرفت الطريق إلى كلمة: لا أعرف".
وبينما يجلس المتضع صامتًا في وقار يحترمه الناس، نرى الإنسان المُتكبر يحشر نفسه في كل موضوع مهما كان في غير تخصصه! ويجيب على كل سؤال، سواء كان يعرف أو لا يعرف. أما المتواضع -فإنْ اضطر إلى الكلام- يجيب في هدوء عما يوقن به. ولا مانع من أنْ يقول أحيانًا: لا أعرف. أو سأحاول أنْ أدرس هذا الموضوع.



38 الإنسان المتواضع يشعر أنَّه في حاجة إلى معونة من القديسين:
لذلك فهو في كثير من الأمور لا يعتمد فقط على صلواته الخاصة، إنَّما يطلب من القديسة العذراء، ومن الملائكة الأبرار، ومن أرواح الشهداء والقديسين أنْ يسندوه في جهاده، وأنْ يشفعوا فيه أمام الله هو وكل الذين له. ويقول للرب في صلاة الأجبية: أحطنا يا رب بملائكتك القديسين، لكي نكون في معسكرهم محفوظين ومُرشَدين..
ولا يرتفع قلبه فيقول: لست في حاجة إلى وساطة من أحد هؤلاء! إنَّ لي صلتي المباشرة بالله! فلماذا أطلب من العذراء، أو من مار جرجس أو من الملاك ميخائيل؟! مُتذكِّرًا أنَّ القديس بطرس الرسول -في ليلة العشاء السري- طلب من زميله القديس يوحنا الحبيب، الأصغر منه سنًا، أنْ يسأل الرب عمَنْ سيُسلمه. وكان كذلك (يو13: 23-25).

بل المتواضع يطلب صلوات كل أحد. وهوذا القديس بولس الرسول يطلب من شعبه في أفسس أنْ يُصلُّوا لأجله بكل صلاة وطلبة في كل وقت، لكي يُعطَى كلامًا عند افتتاح فمه ليعلِّم بالإنجيل (أف19،18:6).





39 والإنسان المتواضع لا يطلب أنْ يكون من أصحاب الرؤى، أو من صانعي المعجزات والعجائب.
إنَّه لا يشتهى هذه الشهوة ولا يطلبها، لأنَّه يعرف مقدار ضعفه وهبوط مستواه الروحي. بل القديسون الكبار كانوا يخشون هذا الأمر لئلا يحاربهم الكبرياء والمجد الباطل. ويذكرون قول الرب لتلاميذه عن مثل هذا الأمر "لا تفرحوا بهذا.." (لو20:10).. والمتواضع يذكر أنَّ كثيرًا من الذين صنعوا آيات وعجائب لم يدخلوا ملكوت السموات. وقال لهم الرب "اذهبوا عنى"، "إنِّي لم أعرفكم قط" (مت23،22:7).



40 لذلك فالمتواضع يسعى إلى ثمار الروح (غل23،22:5). وليس إلى مواهب الروح (1كو12).. والذين في كبرياء يُحبون الرؤى والمناظر، ما أسهل أنْ يقعوا في خداع الشياطين.
والشيطان سهل عليه أنْ يعمل بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين (2 تس 10،9:2) كما سيعمل في الأيام الأخيرة في مساندة ضد المسيح المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهًا (2تس4:2)، والشيطان أيضًا يستطيع أنْ يظهر في شبه ملاك من نور (2كو14:11). وبهذا يُرضِى مُحب الرؤى ويخدعه ويُضيِّعه..
وهنا أذكر قصة ذلك الراهب الذي ظهر له الشيطان في هيئة ملاك وقال له "أنا الملاك جبرائيل، وقد أرسلني الله إليك". فردَّ عليه الراهب في اتضاع "لعلك أُرسلت إلى غيري وأخطأت الطريق. أمَّا أنا فإنسان خاطئ، لا أستحق أنْ يظهر لي ملاك". فلما سمع الشيطان هذه العبارة المتضعة، انقشع كالدخان واختفى.



41 الإنسان المتواضع -إذا عمل في الخدمة- لا يُلح على الله أنْ يمنحه موهبة التكلم بألسنة. ولا يعلن على الناس أنَّ هذه هي علامة الملء!
ولا ينظر باستصغار إلى مَنْ لا يتكلم بألسنة على اعتبار أنَّه لم يصل بعد! ولا يُنادى شخصًا آخر، ويقول له: تعالَ لكي أُسلِّمك تدريب الملء، واقفًا أمام الناس كمانح لموهبة الألسنة!




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
وسائل الاتضاع وعلاماته (3)
وسائل الاتضاع وعلاماته (4)
وسائل الاتضاع وعلاماته (5)
وسائل الاتضاع وعلاماته (6)
وسائل الاتضاع وعلاماته (7)


الساعة الآن 10:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024