|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فارتدَّ عِندَئِذٍ كثيرٌ مِن تَلاميِذه وانقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه تشير عبارة "فارتدَّ" في الأصل اليوناني ἀπῆλθον εἰς τὰ ὀπίσω (معناها رجعوا إلى الوراء) فتشير إلى "الرجوع إلى الأمور التي تركوها خلفهم"، الرجوع وملاحقة أمور سابقة كانت محور حياة التلاميذ قبل السير معه". هو موقف الارتداد العلني والعودة إلى الأشياء التي تمسك بها التلاميذ قبل اتباعهم يسوع. وكما قال صاحب المزامير "أَربَعينَ سَنَةً سَئِمت ذلِكَ الجيل وقُلتُ: ((هُم شَعبٌ ضَلَّت قُلوبُهم" (مزمور 95: 10)، هو موقف الإحباط والتوهم والفشل. ونستنتج من ذلك إن ارتداد التلاميذ عن يسوع يدلُّ على أن القرار الأول لإتباعه لا يكفي، بل لا بدّ من اختيار متواصل لدعوة يسوع ورسالته وإلا قد يتحوّل القلب عنه تعالى. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "أنهم حرموا أنفسهم من أي نمو في الفضيلة، وباعتزالهم فقدوا الإيمان الذي كان لهم قديمًا. لكن هذا لم يحدث للاثني عشر". وهذا يؤكد قول يسوع "لأَنَّ جَماعَةَ النَّاسِ مَدْعُوُّون، ولكِنَّ القَليلينَ هُمُ المُخْتارون " (متى 22: 14). وهذا أمر يدل على أنَّ إخفاق تعليم يسوع الديني الجوهري، بخصوص كيانه الإلهي ووجوده في القربان الأقدس من ناحية، ومن ناحية أخرى تدل أيضا على تبدُّد حماس التلاميذ أمام حقيقة تكثير الخبز. إن القوة الغريبة لكلمات يسوع تكشف الذين هم حقا له. ويسوع لم يقل لهؤلاء شيئًا، فهو لا يُرغم أحد على البقاء معه. فمن لا يريد أن يبقى معه ثابتا فيه يتقيأه من فمه أي يخرجه من الثبات فيه كما جاء في رؤية يوحنا الرسول " أَمَّا وأَنتَ فاتِر، لا حارٌّ ولا باِرِد، فسأَتَقَيَّأُكَ مِن فَمي" (رؤيا 3: 16). ولكن يسوع، أمام هذا التراجع، لا يقلل من حدة كلامه، بل على العكس اخذ يُجبرهم على القيام باختيار واضح: إما البقاء معه وإما الانفصال عنه كما صرَّح " مَن لَم يكُنْ معي كانَ عليَّ، ومَن لم يَجمَعْ معي كان مُبَدِّداً" (متى 12: 30). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|