تقوم التوبة على الصعيد الحاضر على الاعتراف بالخطايا والحلة والتعويض. يقوم التائب باعتراف عن خطاياه ضد الله والقريب والذات للكاهن المفوَّض من قبل الكنيسة التي قلَّدها السيد المسيح سلطته الروحية. وفي هذا الصدد يقول مجمع ترانت: "أن الكاهن صاحب السلطة لمغفرة الخطايا لا يمكنه ممارستها كما يقتضي إلاَّ إذا كان له أن يعرف خطايا التائب واستعداده. وهذا ما لا يستطيع الخاطئ إلاّ باعترافه نفسه، كما ولا يستطيع فرض العقوبة (التعويض) المناسبة بدونه" (D. 899). ويُعلق العلامة أوريجانوس " ينبغي ألاَّ يخجل التائب من الاعتراف بخطاياه بين يدي كاهن الرب طالبا الدواء (في تفسيره لسفر الأحبار العظة 2: 4). ويقول البابا بندكتس الحادي عشر "إن عادة الاعتراف هو فعل تواضع وبالتالي فعل تكفير" (D. 470).
وبعد الاعتراف بالخطايا تأني الحلة، وهي الحكم الذي به يُعلن الكاهن باسم المسيح وسلطته مغفرة خطايا التائب. وهذه المغفرة هي الدافع الأساسي لمسيرة التوبة لكي يعود المرء ابنا حراً وشريكاً في حياة الله الآب. والحل من الخطايا ليس إعلان غفران الخطايا يقوم به الكاهن فقط بل حلها بالفعل أيضا. وكما يسوع المسيح غفر خطايا المقعد في كفرناحوم (لوقا 5: 20 شفاء المقعد) وغفر خطايا المرأة الخاطئة (لوقا 7: 47)، كذلك قلد أيضا رسله سلطان مغفرة الخطايا. وذلك عندما ظهر يسوع لرسله مساء قيامته، قالَ لَهم ((السَّلامُ علَيكم! كما أَرسَلَني الآب أُرسِلُكم أَنا أَيضاً. قالَ هذا ونَفَخَ فيهم وقالَ لَهم: ((خُذوا الرُّوحَ القُدُس. مَن غَفَرتُم لَهم خَطاياهم تُغفَرُ لَهم، ومَن أَمسَكتُم عليهمِ الغُفْران يُمسَكُ علَيهم"(يوحَنَّا 19: 19-23). بهذا الكلام وكَّل يسوع إلى رسله الرسالة التي أخذها من أبيه وبشَّرها على الأرض. وهذه الرسالة تقوم بطلب وخلاص ما قد هلك، "لِأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه (لوقا 19: 10). ويُعلق القديس أمبروسيوس: "ليس عند الله محاباة، فلقد وعد برحمته جميع البشر، وقلَّد رسله سلطان المغفرة، دون أي استثناء" (في التوبة 1/3: 10).
وبعد الحلة لا بدَّ من التكفير أو التعويض عن الخطايا، وهو ما يفرضه الكاهن على الخاطئ تعويضا عن خطاياه. والتعويض في سر الاعتراف يقوم على أعمال الرسل التوبة المفروضة على التائب تكفيرا عما يتأتى عن الخطيئة من عقوبات زمنية ما زالت باقية حتى بعد إن غفرت الخطيئة ورُفع العقاب الأبدي. لذلك يجب على الخاطئ، بعد مغفرة خطيئته، إن يكفر أيضا عنها، كما ورد مع آدم وحواء أبوينا الأولين (التكوين 3: 16) ومريم أخت موسى (العدد 12: 14-15)؛ وداود (2 صموئيل 12: 13-14). وقد طلب المسيح من تلاميذه أن يحملوا الصليب معه (متى 16: 24؛ 10: 38) أي أن يقوموا بأعمال التوبة.