بتجسده منكِ أخفى بهاءه، لكي يُشرِقَ ببهائه علينا!

[بشرى النهيسى]

القمص تادرس يعقوب ملطي
بتجسده منكِ أخفى بهاءه، لكي يُشرِقَ ببهائه علينا!





أنتِ سراجٌ منيرٌ
* أمي، ماذا كان يشغل قلوب الأنبياء عبر العصور،

سوى أن يروا ابنكِ، النور الحقيقي، ويلتقون به؟

داود أبوكِ، تطلَّع منذ عشرة قرون قبل تجسد الابن الوحيد منكِ، فقال:

"أنتَ تضيء سراجي!" (مز ١٨: ٢٨).

أَدرك أبوكِ العظيم في الأنبياء، والملك المختار أن عقله سراج،

يحصل على نوره من الربِّ نفسه! بدونه يكون سراجه مُظلِمًا.

يعترف مُرَتِّل إسرائيل الحلو بحاجته إلى النور الحقيقي (يو ١: ٩)،

الذي يضيء فيُبَدِّد ظلمة هذا العالم.

وجاء خاتم أنبياء العهد القديم يُعلِن عن إشراق شمس البرّ للجالسين في الظلمة،

والشفاء في أجنحتها (ملا ٣: ٢٠).

طوباكِ أيتها السراج المنير، الذي تجسَّد منك النور الحقيقي،

فصرتِ به نورًا، وليس موضع للظلمة في سراجك الداخلي.

صرتِ نموذجًا فائقًا
* ابنك المتجسد منك هو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسانٍ آتيًا إلى العالم (يو ١: ٩).

إنه يعمل فينا، ويدعونا لإشراق نوره فينا.

"أنتم نور العالم، لا يمكن أن تُخفَى مدينة موضوعة على جبلٍ" (مت ٥: ١٤).

"فليضيء نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة" (مت ٥: ١٦).

أَشرَق فيكِ ببهائه، فصرتِ نموذجًا للأجيال كلها!


أنار أعماقكِ وأعماقنا ليُقِيم ملكوته فينا (لو ١٧: ٢١).

أنار عقلكِ وينير عقولنا ليجلس الربّ نفسه كما في الطابق العلوي، يكشف أسراره لنا.

أنار عينيك وينير أعيننا، لكيلا يجتذبها العالم، بل تجتذبها الأسرار الإلهية السماوية.

أنار قلبكِ وقلوبنا، فلا تكون أعضاء تمد الجسم بالدم فحسب،

وإنما خزانة عظيمة تضم كنوز سماوية.

أنار فمك ولسانك وحنجرتك وشفتيكِ،

فصارت آلات برّ موسيقية تتناغم مع تسابيح خورُس السمائيين.

أنار حتى قدميكِ وأقدامنا، لتصير كمركبة روحية تسير في الطريق، كما إلى السماء!

أنار حواسكِ وحواسنا، فنشتم رائحة المسيح الذكية،

ونذوق عذوبة كلمة الله، ونسمع الصوت الإلهي، ونتجاوب معه.

إذ استنرتِ بابنكِ، قال عنكِ أبوكِ سليمان:

"كلكِ جميلة يا حبيبتي ليس فيكِ عيبة" (نش ٤: ٧).

صرتِ مثالًا للبشرية حتى تقتني النور الحقيقي،

فتعتزي به كسرّ جمالكِ. وتقولي: "أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم" (نش ١: ٥).

أم النور الفريدة
* إذ تجسَّد منكِ النور الحقيقي، ندعوكِ "أم النور"،

ونحن أولادك نعتز بابنكِ النور العجيب، فنسمع كلمات الرسول:

"لأنكم كنتم قبلًا ظلمة، وأما الآن فنور في الربِّ، اسلكوا كأولاد النور" (أف ٥: ٨).

"جميعكم أبناء نور وأبناء نهار، لسنا من ليلٍ، ولا من ظلمةٍ" (١ تس ٥: ٥).

نُمَجِّد ابنكِ، قائلين: "الظلمة قد مضت، والنور الحقيقي الآن يضيء" (١ يو ٢: ٨).


أيقونة السماء المنيرة
* يا لعظم المكافأة التي نالها يوحنا لأنه تبع ابنك حتى الصليب.

تَسَلَّمكِ منه أمًا، فرأى فيكِ عربون السماء النقية المنيرة به!

لم يرَ فيكِ آثار للظلمة، ولا حاجة لكِ إلى نور الشمس.

صرتِ أيقونة أورشليم العليا التي قال عنها يوحنا الحبيب:

"ولا يكون ليل هناك، ولا يحتاجون إلى سراجٍ أو نور الشمس،

لأن الربَّ الإله ينير عليهم" (رؤ ٢٢: ٥).
ظهيرة دائمة وصادقة
* طوباكِ يا أم النور فإنك في ظهيرة صادقة ودائمة.

لستِ محتاجة أن تقولي: "أخبرني يا من تُحِبّه نفسي،

أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟" (نش ١: ٧).

شمس البرّ تجسد منكِ، فحلت الظهيرة فيكِ حتى وأنتِ نائمة.

لن يقدر عدو الخير أن يخدعك، إذ يُغَيِّر شكله إلى شبه ملاك نور (٢ كو ١١: ١٤).

تمتَّعتي بالنور الحقيقي كل أيام غربتك، وهوذا أنتِ تتمتَّعين به في الفردوس.

إنه مُشرِق على الدوام فيكِ، يهبكِ من عنده شعاع الحُبِّ والحنو،

شعاع التواضع والوداعة؛ شعاع الحكمة الصادقة والتمييز؛

شعاع النقاوة والطهارة والعفة.

اسألي ابنكِ أن يُحَوِّل حياتي إلى ظهيرة صادقة دائمة!

فأصير في نهارٍ دائمٍ إلى يوم عبوري من العالم.
شفاعة يا أم النور!
* ماذا أطلب منكِ يا أم النور، سوى أن يصير العالم كله أبناء الله.

من له جمال النور الحقيقي مثلكِ؟

اشفعي في كل البشرية، ليصير الكل أبناء النور!

[Mary Naeem]

شفاعتها تكون معنا
ربنا يبارك حياتك

[بشرى النهيسى]

شكرا للمرور الرائع
ربنا يفرح قلبك