|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنوده الثالث
الأنبا أنطونيوس كتلميذ يتعلم مصادر معرفته: ما مصادر المعرفة عند الأنبا أنطونيوس؟ وممن استقى تعليمه؟ فلا يمكن لشخص أن يرتقى إلى رتبة التعليم، ما لم يتعلم أولا ويتتلمذ ويفهم. فأين تتلمذ القديس الأنبا أنطونيوس؟ وعلى يد من؟ كان الأنبا أنطونيوس يطلب المعرفة من كل مصدر: وكانت هذه هي الصفة الأولى في تلمذته.. يطلب العلم من كل مصادره. لا يتعلم فقط من الأساتذة الكبار، وإنما من كل شيء، ومن كل أحد، ومن كل حادث، ومن كل شخص حتى لو كان خاطئًا.. * أول درس له، تعلمه من إنسان ميت: وعجيب أن يتلقى أول درس له في الرهبنة، لا من إنسان حي، إنما من شخص ميت. وكان هذا الميت هو أبوه.. لما مات أبوه، نظر إلى جثمانه المسجى، وتعلم من هذا الموت شيئًا.. نظر إلى أبيه الميت، الذي كان يملك ثلاثمائة فدان من أجود أطيان قمن العروس ببني سو يف، وكان له غنى ونفوذ بين مواطنيه، وقال له: [أين هي قوتك وعظمتك وسلطانك؟ أنت خرجت من العالم بغير إرادتك. ولكنني سأخرج منه بإرادتي، قبل أن يخرجوني كارها]. وهكذا تلقى أول درس في الموت عن العالم. تأمل في ذلك الرجل الغنى العظيم، الذي كان يملأ الدنيا قوة وسلطة، وهو الآن بلا حراك، لا يملك حتى التصرف في جسده! * أما الدرس الثاني، فأخذه من الإنجيل.. والأنبا أنطونيوس كان يسمع كلام الله في عمق، وكان جادا في سماعه. وكل كلمة يسمعها، كان يعتبر أنها موجهة إليه شخصيًا.. ففي إحدى المرات -وهو في الكنيسة- سمع قول الرب للشاب الغنى: "إن أردت أن تكون كاملا، أذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء، وتعال اتبعني". وكان أول من سمع هذا الكلام الإلهي شابا غنيا مثله سمع ومضى حزينا مع أنه سمع هذه الآية من فم الرب يسوع المسيح نفسه، من صوت السيد المسيح المملوء تأثيرًا وعمقًا وروحانية. ولكنه لم يتأثر ولم ينفذ، لأن محبة المال كانت في قلبه. أما الأنبا أنطونيوس، فلما سمع هذه العبارة، وكان هو أيضا شابا غنيا، لم يمضى حزينا، وإنما مضى وباع ما له فعلا، وأعطاه للفقراء. أخذ الآمر الإلهي بطريقة جدية، لأنه كان يسير في حياته بهذا الأسلوب الجدي.. ولما بدأ يدبر الأمور، ويفكر كيف يصرف هذا المال، وكيف يدبر أيضا مستقبل أخته،، مضى إلى الكنيسة فسمع صوت الرب: "لا تهتموا بما للغد". فأعتبر هذا الكلام أيضا موجها إليه هو بالذات، وأسرع في الخروج من العالم. بينما في أيامه، لم تكن هناك رهبنة بالمفهوم الحالي، والنظام الحالي، لأنه هو أول الرهبان. كم مِن مرة نسمع نحن الآيات تقرأ علينا في الكنيسة، ولا نتأثر ونعمل مثلما تأثر بها الأنبا أنطونيوس وعمل..! ولكنه كان إنسانًا يود أن يستفيد، ويعتبر أن كلام الله للعمل، وليس لمجرد السماع والمتعة الروحية به. كان جادًا في سماعه، يحول كلام الله إلى حياة. كان يعمل بقول الرب: "الكلام الذي أقوله لكم، هو روح وحياة". فكان يفهم الروح الذي في الكلام، ويحوله إلى حياة.. لقد تعلم درسه الأول في الرهبنة من موت أبيه. وتعلَّم درسه الثاني من آيات الإنجيل التي سمعها. فمن تعلم درسه الثالث إذن؟ تعلم درسه الثالث من القدوة الحسنة.. كان هناك بعض النساك يعيشون على حافة القرى. ففي أول خروج الأنبا أنطونيوس تعلم من هؤلاء النساك. ولم يشأ أن يكون مقلدًا لشخص معين منهم، وإنما أخذ من كل واحد شيئا: كان يتعلم من هذا الهدوء، ومن ذاك الوداعة والاتضاع، ومن ثالث الصمت، ومن رابع المداومة على الصلاة، ومن خامس النسك، ومن سادس السهر.. كان يبحث عن الشيء الفاضل في آي إنسان يقابله، ويتعلمه منه، دون أن يكون صورة طبق الأصل لشخص واحد بالذات. * أما الدرس الرابع، الكبير، فتعلمه من امرأة مستهترة.. كان متوحدًا إلى جوار النهر، وإذا بامرأة لا حياء لها، قد جاءت إلى حيث كان ساكنا يتعبد. وبدأت تخلع ملابسها لتنزل إلى البحر لتستحم أمامه، وهى لا تخجل! أما هو فقد خجل، وأنبها قائلًا: [يا امرأة أما تستحين أن تتعرى أمامي وأنا رجل راهب؟!] فأجابته: [لو كنت راهبًا، لدخلت إلى الجبل في البرية الجوانية، لأن هذا المكان لا يصلح لِسُكْنَى الرهبان]! قالت ذلك، وهى تضحك منه باستهزاء..! أما الأنبا أنطونيوس، فأخذ كلمة الاستهزاء هذه، بجدية، وقال: [حقًا هذا صوت الله لي على فم هذه المرأة]. وقام فعلًا، وترك ذلك المكان، شاعرا أنه لا يناسبه فعلا كراهب، ودخل أعماق الجبل، وكان دخوله بركة العالم.. حتى كلمة الاستهزاء والتهكم التي سمعها، أخذها بعمق وروحانية وتنفيذ. ولم يغضب بسببها، إنما أنتفع روحيا.. ويبدو أن نساء شريرات كثيرات، كن على غير قصد منهن، سبب بركة وتعليم لكثير من القديسين: وكما يقول الكتاب أن الله يخرج من الجافي حلاوة (قض14: 14). + وقد رأينا كيف أن الأنبا أنطونيوس أنتفع روحيًّا من كلمة قالتها امرأة لا تستحي من أن تتعرى أمامه. + والقديس مقاريوس الكبير، كان سبب دخوله إلى البرية أيضًا، امرأة أخطأت مع شاب، وحملت منه، ولما أنكشف أمرها اتهمت هذا القديس المتوحد ظُلمًا. فأتى أهلها وأهانوه أشد إهانة وكلفوه بالعناية بها، ولما حان موعد ولادتها لأبنها، تعسرت ولادتها جدًا. وكادت تموت، فاعترفت بخطيئتها وظلمها لهذا القديس، فأتى الناس ليعتذروا إليه، فهرب من المجد الباطل، وترك تعبده على حافة القرية، ودخل إلى البرية. + امرأة خاطئة أخرى، قابلت القديس مار أفرام السرياني، والظاهر أنه كان جميل الصورة جدًا، فأخذت تتأمل جمال وجهه، وثبتت عينيها على وجهه، فخجل ولامها على ذلك، فقالت له. [أنا امرأة، في الأصل مأخوذة من رجل، فمن الطبيعي أن أنظر إليك. أما أنت فرجل مأخوذ في الأصل من تراب، كان ينبغي أن تنظر إلى التراب الذي أخذت منه].. فانتفع القديس مار أفرايم، وجعل وجهه في الأرض، وتركها ومضى، واستفاد من عدم حيائها.. وطبعًا لا يجوز أن تفعل النساء هكذا، معتمدات على منطق هذه المرأة! فإنها امرأة خاطئة، وليست مثالا. عمومًا، آن الشخص الذي يريد أن يستفيد روحيا يمكنه أن يتخذ كل مصدر لفائدته، حتى المرأة الخاطئة. وكما يقول الكتاب: "كل شيء طاهر للطاهرين" (تى 1: 15). إن ربنا يسوع المسيح علمنا أن نستفيد دروسًا روحية، من تأملنا لزنابق الحقل التي تلبس أعظم من سليمان في كل مجده، ومن طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبونا السماوي يقوتها. ولقد أعطانا دروسًا، من الزارع والبذار، ومن الحنطة والزوان، ومن الشباك والصيد، ومن الخميرة، ومن الابن الضال. لأن مَنْ أراد أن ينتفع، يمكنه أن ينتفع. ومَنْ له أذنان للسمع، سيسمع ما يقوله الروح للكنائس. وعلى رأي أحد الآباء الروحيين، الذي قال: [تعلمت الصمت من الببغاء]. آي أنني لما رأيت تفاهة الثرثرة، تعلمت الصمت. لقد تعلم القديس الأنبا أنطونيوس دروسه الأربعة: من جسد إنسان ميت، ومن آيات الإنجيل، ومن القدوة الصالحة، ومن صوت الله على فم امرأة خاطئة.. فماذا كان المصدر الثابت لتعليمه، ليس في الدرس الخامس فقط إنما في دروس عديدة؟ * لقد تعلم أيضًا من التأمل في الكتاب: عيبنا في هذا الزمان أننا نقرأ كثيرًا، ولكن تأملنا قليل، لذلك لا ندخل إلى أعماق المكتوب.. أما الأنبا أنطونيوس، فلم تكن لديه كتب كثيرة مثلنا. كان راهبًا بسيطًا، من غير المعقول أن ينتقل في البرية من مكان إلى أخر وهو مثقل بأحمال من المخطوطات! |
02 - 11 - 2021, 04:31 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الأنبا أنطونيوس كتلميذ يتعلم
كان يقرأ قليلًا في كتاب الله، ولا يقف عند المعنى الخارجي للكلمة، أو المفهوم السطحي، إنما يدخل في عمق إلى روحانية الكلام، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وحسبما قال القديس بولس الرسول: "خمس كلمات بفهم، أفضل من عشرة آلاف كلمة بدون فهم" (1كو 14: 19).
بهذا كان القديس أنطونيوس يفهم معاني الكتاب أكثر من غيره. وبهذا شهد له الكثيرون. *وكان القديس أنطونيوس يتعلم أحيانًا من أولاده.. من أولاده الذين هو معلمهم. كما قال، أنه كان يأخذ أحيانًا من تلميذه الأنبا بولس البسيط، وكان هذا يسكن في مغارة تحت مغارة معلمه في الجبل. وكانت في حياته بساطة ونقاوة، يصلح سلوكه أن يكون نافعًا ومفيدًا لمن يرغب في المنفعة. وهناك أمور تعلمها القديس أنطونيوس من الله مباشرة، عن طريق الكشف، آو عن طريق الملائكة: فلما حورِب بالضجر في الوحدة، أرسل له الله ملاكا يريه كيف يصلى ويعمل بيديه، ويقاتل الضجر بعمل اليدين. وأراه الملاك الزيّ الرهباني، القلنسوة المملوءة صُلبانًا.. ولما حورِب بالمجد الباطل، أرشده الله إلى حيث يوجد القديس الأنبا بولا السائح، ليأخذ درسًا من حياته ويتضع. وقد تعلم القديس أنطونيوس أيضا من الخبرة ومن حروب الشياطين: كان يتعلم من الحيل التي يستخدمها الشياطين معه، ومن أفكارهم وحروبهم ومحاولاتهم لإسقاطه. وهكذا بالخبرة والممارسة تدرب على أشياء كثيرة، واتسعت معارفه. ولهذا بعد أن قضى تلميذه الأنبا بولس البسيط فترة معه، يتتلمذ عليه، ويعيش تحت ظل صلواته، وكان يود أن يستمر هكذا، أمره الأنبا أنطونيوس أن يسكن في مغارة وحده، (لكي يجرب حروب الشياطين).. ويختبر، ويتعلم، ويتقوى.. إذن كان الاختبار مصدرًا من مصادر التعليم عند الأنبا أنطونيوس. وفي الواقع كانت اختباراته كثيرة وعلى مدى طويل: لقد عاش في حياة الوحدة والنسك والصلاة أكثر من ثمانين عامًا، وقد حفلت -وبخاصة في بدايتها- بالعديد من الحروب، أثارها الشياطين عليه لكي يبعدوه عن هذه الحياة الملائكية: حاربوه بالأفكار والشكوك وشككوه في هذا الطريق، وفي مصير أخته، وفي إمكانية استخدام المال للخير بدلا من توزيعه على الفقراء. وحاربوه بالحواس، والمناظر المخيفة، وحاربوه في عفته بمناظر العبث والنساء. وظهروا له بهيئة فهود ونمور وأسود وحيوانات متوحشة ليرعبوه فانتصر عليهم ولم يخف. وقال لهم: [لماذا هذا التجمهر؟ لو كنتم أقوياء، لكان واحد منكم فقط يكفى لمحاربتي، بينما أنا أضعف من مقاتلة أصغركم].. نقطة ذكاء.. حاربوه أيضًا بالضرب والإيذاء.. وبالأخص حينما كان يسكن في المقبرة، في بدء رهبنته. وربما يكون قليل من القديسين قد ضربوا من الشياطين ضربًا عنيفًا، كما حدث للأنبا أنطونيوس. لقد ضربوه بعنف شيطاني لا رحمة فيه، حتى تركوه في المقبرة ما بين حي وميت. وهو نفسه قال عن هذا الحادث: [إن الضربات التي كانت تقع على. كانت من القوة والعنف، بحيث أنني لا أظن أن قوة بشرية تستطيع أن تضرب بمثل ذلك الإيلام وبمثل تلك القسوة]... ولما جاء العلماني الذي يخدمه ووجده هكذا، حمله إلى كنيسة القرية وهو في غيبوبة، فبكى عليه الناس. وعند منتصف الليل تقريبا، وكان الناس قد انصرفوا، فتح الأنبا أنطونيوس عينيه، وسأل الأخ العلماني: [أين أنا؟] فلما أخبره أنه في كنيسة القرية، قال له: [احملني إلى المقبرة]. ولما أدخله فيها، قال له: [اغلق وأمضى]. ثم أعتدل الأنبا أنطونيوس وقال للشياطين. [إن كان الله قد أعطاكم سلطانا علي، فَمَنْ أنا حتى أقاوم الله؟! وإن كان الله لم يعطكم سلطانًا، فلن يستطيع أحد منكم أن يؤذيني!] وبدأ يرتل مزاميره: الرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟! الرب عاضد حياتي ممن أرتعب؟ عند اقتراب الأشرار منى ليأكلوا لحمى، مضايقي وأعدائي جزعوا وسقطوا. إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي. وإن قام على قتال، ففي هذا أنا مطمئن". وكانت الشياطين تنحل أمامه كالدخان وتمضي صارخة.. ولما انتصر هكذا على الشياطين، بدأت الشياطين تخافه عالمة أنه أقوى منها. وتعلم هو من هذا دروسًا.. تعلم أن لا يخاف من الشياطين، وتعلم قوة الصلاة والمزامير وعجز الشياطين أمامها. وتعلم الشجاعة أيضًا، والصلابة في الجهاد. وأخذ خبرة في العمل الروحي وفي حروبه. ومن ذلك الحين، بدأت الشياطين تخافه، لأنه هزمها في أكثر من ميدان. وألقى فيما بعد عظته عن ضعف الشياطين. وأخذ قوة من ذلك كله، على إخراج الشياطين وطردهم: وعاش هذا الجبار وحده في الجبل، يملأ البرية صلاة وتأملات وتسبيحًا وترتيلًا وقدسية وطهرًا، وترتعب منه الشياطين، وتحيطه الملائكة. وعرف متى يقول لهم في اتضاع: أيها الأقوياء، ماذا تريدون مني أنا الضعيف؟ أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم. ألا تعلمون أنى مجرد تراب ورماد؟ وتواضعه هذا كان يحرقهم ويطردهم بعيدًا.. وعرف أيضًا متى يكون حازمًا وشديدًا معهم. ويقول لهم في ثقة. [لو كنتم أقوياء، لكان واحد منكم يكفي لمحاربتي]. [إن كان الله لم يعطكم سلطانًا عليَّ، فلن يستطيع أحد منكم أن يؤذني].. وأستطاع أيضا أن يُمَيِّز أفكارهم وخداعهم وأحلامهم: في إحدى المرات أتاه الشيطان مرة ليوقظه ليصلى!! فلم يسمع منه. وقال له: متى أردت أن أقوم للصلاة، سأقوم وأصلى. ولكن منك أنت لا أسمع. وفي إحدى المرات تعجب البعض من سر كشفه لهم، فسألوه عن ذلك قال: [أتى الشياطين في حلم وأخبروني]... لقد اكتسب إفرازًا وعِلمًا من حروب الشياطين: إن الأنبا أنطونيوس في تعليمه لغيره، إنما كان يعلم من حصيلة خبرة طويلة، لم يكن يعلم من معرفة الكتب. لم يحدث أنه قرأ كتابا وفهمه، وأخذ أفكاره وشرحها للناس. إنما كان يحيا الحياة، ويُجَرِّب وَيَخْتَبِر. ثُمَّ يُعَلِّم: لقد عرف الشياطين وحروبهم، وعرف الأفكار وحروبها، وعرف الجسد وحروبه، وجرب الرؤى والأحلام.. ومن ناحية أخرى ذاق حلاوة العشرة مع الله، في الوحدة والصلاة، والتعزيات الإلهية، والكشف الإلهي، والتأمل.. ومن واقع هذه الخبرة الطويلة مدى عشرات السنوات، كان يتكلم كلامًا عمليًا عن خبرة وتجربة، وليس كلامًا من الكتب. لذلك كان لكلامه تأثير.. إن خبرة 90 سنة في الروحيات ليست أمرًا هينًا إنها رحلة طويلة مشاها مع الله في الجبل المقدس.. مشوار طويل مشاه في البرية، في الصحراء، يده في يد الله، وحياته في قلب الله.. يختبر ويذوق ما أطيب الرب. * والقديس الأنبا أنطونيوس، كانت له عينان مفتوحتان، تكشفان الأسرار وتستطيعان أن تمزقا الحجب، وتريان ما لا يرى. في مرة من المرات كان واقفا مع تلاميذه، ثم رأوه قد سها قليلًا ونظر إلى فوق فترة، ثم تنهد. فسألوه.. فقال: [لقد أنتقل اليوم عمود كبير من أعمدة الرهبنة.. لقد رأيت روح الأنبا آمون وهى صاعدة إلى السماء تزفها الملائكة].. صدقوني يا أخوتي، لقد وقفت مذهولا فترة أمام هذه العبارة..! ما الذي رآه الأنبا أنطونيوس؟ وكيف رأى؟ إن أرواح البشر لا تراها العين المحسوسة المادية، وكذلك أرواح الملائكة! فهل رأى الأنبا أنطونيوس هذه الرؤيا بالروح أم بالجسد! إن كان بالروح فكيف وهو في الجسد؟! وإن كان في الجسد فكيف؟ هل ظهرت الملائكة في هيئة منظورة، كما يظهرون أحيانا للبشر، وهل كذلك ظهرت روح الأنبا آمون؟ أم كان الأنبا أنطونيوس في ذلك الوقت: "في الروح "كما كان يوحنا الحبيب (رؤ 1:10)، "في الجسد أم خارج الجسد؟ لست أعلم. الله يعلم" (2 كو 12: 2). كان الأنبا أنطونيوس رجلًا مفتوح العينين، يكشف له الله أمورًا وأسرارًا. وقد تعلم كثيرًا من الكَشْف الإلهي، وتعلم من الرؤى ومن الملائكة.. كما سبق له وتعلم من الموت ومن الحياة، من الأبرار ومن الخطاة، ومن التأمل في كلام الله.. ولما امتلأ عِلمًا فاض من عِلمه على الآخرين.. وكان الفلاسفة يأتون إليه، ليتعلموا من هذا الأمي في نظر فلسفة اليونان والرومان..! هذا هو الأنبا أنطونيوس العجيب.. الكنيسة مملوءة من العلماء والفلاسفة والمفكرين، ومملوءة من الأساقفة والمطارنة والبطاركة وكل رتب الكهنوت. ولكن ليس فيها كثيرون من أمثال الرجل العظيم الأنبا أنطونيوس! من هذه الطاقة الروحية الجبارة، التي احتقرت الدنيا وما فيها.. وزهدت كل شيء: المال والشهرة والأسرة، ومتع الأرض كلها، والجسد.. فأصبح الله له هو الكل في الكل. نادرًا ما نجد إنسانًا ناسكًا زاهدًا عابدًا، مثل الأنبا أنطونيوس! فكم بالأكثر إنسانًا قائدًا معلمًا مثالًا في هذا الطريق كالأنبا أنطونيوس! نبغ في الروحيات، اختبرها، وعلمها لغيره، بالتعليم والقدوة الصالحة.. نطلب بركة هذا القديس العظيم، وبركة هذه الكنيسة المقدسة.. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد أمين، |
||||
02 - 11 - 2021, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس كتلميذ يتعلم
في منتهى الجمال ربنا يباركك |
||||
02 - 11 - 2021, 06:22 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: الأنبا أنطونيوس كتلميذ يتعلم البابا شنوده الثالث
ميرسي علي مشاركتك المثمرة ربنا يفرح قلبك |
||||
02 - 11 - 2021, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الأنبا أنطونيوس كتلميذ يتعلم البابا شنوده الثالث
شكرا جداا
الرب يباركك ويفرح قلبك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|