منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 10 - 2021, 03:54 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,281

البابا شنودة الثالث الرأفة والرفق

البابا شنودة الثالث





الرأفة والرفق






ومن أمثلة المحبة في ترفقها، محبة الراعي لغنمه.

وفي ذلك يقول السيد الرب (أنا أرعى غنمي وأربضها.. وأطلب الضال، واسترد المطرود وأجبر الكسير، وأعصب الجريح) (خر34: 15، 16). (هكذا افتقد غنمي، وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت إليها..) (خر12:34). وقال أيضًا (أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف) (يو11:10). (ولا يخطفها أحد من يدي) (يو28:10).

وفي ذلك قال داود الراعي الصغير لشاول الملك (كان عبدك يرعي لأبيه غنمًا، فجاء أسد مع دب، وأخذ شاه من القطيع. فخرجت وراءه وقتلته، وأنقذتها من فمه. ولما قام علي، أمسكته من ذقنه وضربته فقتلته. قتل عبدك الأسد والدب جميعًا) (1صم17: 34-36).

ومن أمثله محبة الراعي في تحننها، قول الكتاب عن السيد المسيح (ولما رأي الجميع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها) (مت36:9). (مر34:6).

كذلك حنوه علي الخروف الضال، إذ خرج يبحث عنه حتى وجده، وحمله علي منكبيه فرحًا (لو15: 4، 5). إنها المحبة التي تتعب، وتفرح بالتعب، رفقًا بالضالين.








ومن أمثله المحبة التي تتراءف، المحبة الموجهة إلي التعابى، والحزانى، وصغيري النفوس.

ومن أمثلتها محبة السامري الصالح الذي رأي في الطريق إنسانًا وقع بين أيدي اللصوص فعروه وجرحوه ومضوا وتركوه بين حي وميت (فلما رآه تحنن) وتقدم فضمد جراحه (وأركبه علي دابته، وأتي به إلي فندق، وأعتني به) (لو10: 30، 34). المهم أن كل عمل الخير هذا، سبقته عبارة (تحنن). إنها المحبة التي تشفق وتترفق بالتعابى.

ولعل أبرز مثل لهذا الحب، هو قول السيد:

(تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال؟، وأنا أريحكم) (مت27:11).

ومن جهة الحزانى، نراه غي محبته وحنوه، يمسح كب دمعة من عيونهم (رو17:7؛ رؤ4:21).

ومن تحننه، إنه لما رأي أرملة نايين تبكي لموت وحيدها، قيل (فلما رآها الرب تحنن عليها، وقال لها: لا تبكي، ثم تقدم إلي النعش وأقام ابنها الميت، ودفعه إلي أمه) (لو7: 12-15). كذلك تحنن علي أسرة لعازر التي كانت تبكى بسبب موته، ولم يقل الإنجيل فقط أنة أقام لعازر من الموت، بل قبل أكثر من هذا تعبيرًا عن حبه (بكى يسوع) (يو 11: 35).

ومن أجل هذه المحبة المترفقة، قبل عنة أنه:

عزاء من ليس له عزاء، ومعين من ليس له معين.

ولهذا يقول الوحي لأورشليم (لا تبكي بكاء. يتراءف عليك، عند صوت صراخه.. حينما يسمع يستجيب لك) (أش19:30). وقول عنه الكتاب أنه (أو الرأفة ورب كل عزاء) (2كو3:1).









ومن محبته وترفقه، اهتمامه بصغيري النفوس.

نقول عنه في صلواتنا أنه (عزاء صغيري النفوس، ميناء الذين في العاصف). لقد عزي بطرس الرسول الذي بكي بكاء مرًا بعد أن أنكره ثلاث مرات (مت57:26). لذلك قابله بعد القيامة، وقال له (أرع غنمي، أرع خرافي) (يو15:21، 17) وذلك لئلا يظن بعد نكرانه أنه قد فقط رسوليته، أو أنه أنطبق عليه قول الرب (من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضًا ى قدام أبى الذي في السموات) (مت 33:10) - فعزَّاه.

وكان أيضًا مترفقا بتوما في شكوكه0وسمح له أن يلمس جراحه ويؤمن (يو20: 26، 28). وترفق أيضًا بالمجدلية، وأزال شكوكها وثبتها في الإيمان (يو20).. ولهذا كله يقول الرسول (شجعوا صغار النفوس. وأسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع) (1تس14:5).








ولعل من ابرز الأمثلة للمحبة المترفقة: الرفق بالخطاة.

وفيها يقو ل الرسول (أذكروا المقيدين، كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد) (عب3:13). ما أعظم محبة الرب في ترفقه علي المرأة السامرية، وعدم أخجالها (يو4). وكذلك ترفقه علي المرأة الخاطئة التي ضبطت في ذات الفعل، وكيف أنقذها من الذين أدنوها وطلبوا الحكم برجمها. ذم قال لها في رفق (ولا أنا أدينك. أذهبي ولا تخطئي أيضًا) (يو11:18). وبنفس الرفق عامل المرأة الخاطئة التي سكبت الطيب علي قدميه في بيت سمعان الفريسي (يو 36: 7، 50). وأظهر للفريسي إنها أفضل منه..

كذلك ترفقه بالابن الضال حينما رجع، ولم يبكته علي ذهابه إلي كورة بعيدة (لو15). ونفس الموفق مع زكا العشار (لو19). وباقي العشارين والخطاة.

ونفس الرفق عامل أورشليم الخاطئة (خر16).

قال لها (بسطت ذيلي عليك وسترت عورتك.. ودخلت معك في عهد.. ويقول السيد الرب - فصرت لي. فحممتك بالماء (أي المعمودية).. ومسحتك بالزيت (في سر الميرون).. وكسوتك بزًا (من جهة البر) وحيلتك بالحلي..

ووضعت تاج جمال علي رأسك.. فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملًا ببهائي الذي جعلته عليك) (خر16: 8-14).










ومن المحبة المترفقة بالخطاة، إنذارهم قبل العقاب.

إنذار قدمه الرب قبل الطوفان (تك6). وإنذار قدمه لأهل سادوم علي يد لوط (تك19). وإنذارات يقدمها في سفر الرؤيا قبل المجيء الثاني (رؤ8). وإنذار أمر به في سفر حزقيال النبي. فقال له (اسمع الكلمة من فمي، وأنذرهم من قبلي)

(حز17:3). (وتحذرهم من قبلي) (حز7:33).. وما أكثر إنذارات الرب وتحذيراته. لأنه في محبته، لا يريد أن يضرب الضربة علي حين غفلة..

وهوذا بولس الرسول يقول لشيوخ أفسس (اسهروا متذكرين أنني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد). (أع31:20).

ومن المحبة المترفقة، فتح باب التوبة للخطاة.

حتى اللص علي الصليب في آخر ساعات حياته، إذ قال له (اليوم تكون في الفردوس) (لو43:23).

وأيضًا (أعطي الله الأمم التوبة للحياة) (أع18:11). وهكذا فتح باب الرجاء أمام كل واحد (لا يسر بموت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا) (حز23:18).

وأعطانا خدمة المصالحة (2كو18:5). لكي في محبة وترفق بالخطاة، ندعوهم أن يصطلحوا مع الله.

وفيض المحبة المترفقة: الترفق أيضًا بالفقراء، والجياع والمرضى.

وهنا يقول الكتاب (وأما الصديق فيترءاف ويعطي) (مز21:37). ويقول أيضًا(طوبى للرجل الذي يترءاف ويقرض) (مز21:112). ويهمنا هنا كلمة (يتراءف). فلا يكفى أن يعطي الإنسان غيره، وإنما بمشاعر الحب

(يتراءف). ومن الرأفة أن الرب منع أخذ الربا من أولئك المحتاجين. وأعتبر أن من يعطي المحتاجين، كأنه يعطي الرب نفسه، فقال.

"بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم" (مت40:25).

إذن ينبغي أن يكون العطاء بحب، وفيه ترفق بمشاعر المحتاجين. وهنا ألوم الجمعيات التي تؤسس الملاجئ، وتخرج شعور اللاجئين بما تنشره عنهم من صور وإعلانات، لكي تجمع بذلك مالًا!

اهتمام الرب بالجياع والعطاش والمحتاجين، واضح جدًا في وصيته للتلاميذ (أعطوهم أنت ليأكلوا) (مت16:4).






نلاحظ أيضًا أن معجزات الشفاء التي قام بها الرب، لم تكن مجرد شفاء إنما امتزجت أيضًا بالحنان والرأفة.

ففي منح البصر للأعميين، يقول الكتاب (فتحنن يسوع ولمس أعينهما. فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه) (مت34:20).

وفي شفاء الأبرص وتطهيره، قيل (فتحنن يسوع ومد يده ولمسه، وقال له أريد فاطهر) (مر41:1)،ويقول الكتاب أيضًا (فلما خرج يسوع أبصر جمعًا كثيرًا، فتحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت14:14). إذن الحنان هو الدافع، والشفاء هو النتيجة.








ما أكثر تحننه أيضًا علي العواقر.

وما أجمل تلك التسبحة التي سجلها سفر إشعياء: (ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد. أشيدي بالترانيم.. لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك) (اش54: 1، 7)..

وهنا نذكر تحننه حنة ومنحها صموئيل الذي صار نبيًا مسح الملك (1صم16:10). وتحننه علي أليصابات في شيخوختها، فمنحها يوحنا الذي صار أعظم ولدته النساء (مت11:11). وتحننه علي ليئة المكروهة، فجاء من نسلها المسيح.



ومن أبرز أمثلة الترفق، أمر الرب ببناء) مدن الملجأ (التي يلجأ إليها القاتل الذي قتل نفسًا سهوًا) (عد11:35)، فيحتمي فيها لئلا يقتله ولي الدم، وقيل أن يفصل القضاء في أمره.

وهكذا يقول المزمور (الرب يحكم للمظلومين).

إن الله ضد قساوة القلب. فالقاتل الذي يقتل عن غضب وحقد وقسوة، لا تنطبق عليه قاعدة مدن الملجأ.. لقد قال يعقوب أبو الآباء في نصائحه لأولاده قبل موته (شمعون ولاوي أخوان، آلات ظلم سيوفهما. في مجلسهما لا تدخل نفسي. وبمجمعهما لا تتحد كرامتي. لأنهما في غضبهما قتلًا إنسانًا، وفي رضاهم عرقبا ثورًا) (تك49: 5، 6).








من أجمل صور الحب والرفق، والترفق بالأعداء.

أو بالذين سلكوا سلوك الأعداء، حتى لو كانوا إخوة. مثلما فعل يوسف بأخوته. إذ بكي لما عرفهم بنفسه (تك45: 1،‌2). وغفر لهم، وأكرمهم وأسكنهم في ارض جاسان التي كانت صالحة لمراعيهم.

كذلك بكاء داود علي أبشالوم، عن حب، علي الرغم من كل تعدياته.

وكذلك الرفق بالأحياء الذين سلكوا مسلكًا ضعيفًا.

مثل نوم التلاميذ في بستان جثسيماني، بينما قال لهم السيد (أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ؟‍‍‍!) ومع ذلك أوجد لهم عذرًا وقال لهم (أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف) (مت26: 41). ولم يوبخهم لما هربوا وقت القبض عليه، ولما خافوا واختبأوا في العلية..



ما هو الحسد







الحسد بمعناه اللغوي هو تمني زوال النعمة أو الخير عن المحسود، وتحول هذه النعمة والخير إلي الحسد.

وبهذا المعني يكون الحسد خطية مزدوجة:

فتمني زوال النعمة عن المحسود خطية،لأنه ضد المحبة. فالمحبة لا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق (1كو17:24). والكتاب يقول (لا تفرح بسقطة عدوك. ولا يبتهج قلبك إذا عثر (أم24:17).. فك بالأكثر إن كان هذا الذي تتمنى له السقوط ليس عدوًا، ولم يفعل بك شرًا!!

كذلك تمني تحول خيره إلي الحاسد يحمل خطية أخري. فهو شهوة خاطئة. وهو ضد الوصية العاشرة: (لا تشته شيئًا مما لقريبك) (خر13:20).

والقديس يعقوب الرسول يسمى الحسد (الغيرة المرة) (يع14:2). ويعتبره القديس بولس الرسول من (أعمال الجسد) (غل19:5). والذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله) (غل21:5).








وهناك نوع آخر من الحسد، يحذر منه الكتاب بقوله.

"لا تحسد أهل الشر، ولا تشته أن تكون معهم" (أم 1:24).

وهنا يرتبط الحسد بشهوة الخطية. فيحسد الذين يرتكبونها حين لا يكون بإمكانه ذلك. وهذا يدل علي عدم وجود نقاوة في القلب. وعلي أن القلب لا توجد فيه محبة الله. لأن هذه المحبة تقي المؤمن من حسد الأشرار علي شرهم..




المحبة لا تحسد





الذي يحب إنسانًا لا يمكن أن يحسده..

لأنك إن أحببت إنسانًا، تتمنى أن تزيد نعمة الله عليه، لا أن تزول النعمة منه.

وإن أحببت إنسانًا، فإنك تفضله علي نفسك، بل تبذل نفسك عنه. وهكذا لا يمكن أن تشتهي أن يتحول الخير منه إليك فالمحبة تبني ولا تهدم..

وهكذا فإن الأم التي تحب ابنتها، لا يمكن أن تحسدها علي زواج موفق، بل تسعد بسعادتها، وتكون في خدمتها في يوم فرحها، نبذل جهدها أن تكون ابنتها في أجمل صورة وأجمل زينة. كذلك الأب يفرح بنجاح ابنه، ولا يمكن أن يحسده علي نجاحه..








لقد فرد داود الملك أم يجلس ابنه علي كرسيه في حياته.

بل هو الذي دبر كل ذلك وأمر به. ولما جلس سليمان علي كرسي المملكة، قال داود (مبارك الرب إله إسرائيل الذي أعطاني اليوم من يجلس علي كرسي، وعيناي تبصران) (1مل48:1). وجاء عبيد الملك داود ليباركوا له قائلين (فليجعل إلهك اسم سليمان أحسن من اسمك، وكرسيه أعظم من كرسيك) (1مل47:1). وفرح داود بهذا، وسجد علي سريره. وفرح يعقوب بابنه يوسف، لما رآه رئيسًا في مصر.. وباركه وبارك ابنيه (تك48: 20-22).








ولعل من أروع الأمثلة في المحبة التي لا تحسد، موقف القديس يوحنا المعمدان من المسيح.

كان المعمدان هو أعظم كارز في أيامه، وقد (خرجت إليه أورشليم وكل اليهودية وجمع الكورة المحيطة بالأردن، واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم) كانوا مع يوحنا. فهل دخل الحسد إلي قلب يوحنا؟ كلا بل فرح.

فيوحنا كان يحب المسيح. والمحبة لا تحسد.

لذلك قال عبارته الخالدة: من له العروس فهو العريس، وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس، إذن فرحي هذا قد كمل،ينبغي أن ذاك يزيد وأنى وأنا أنقص. الذي يأتي من فوق، هو من فوق الجميع) (يو3: 29-31).

كان حبًا ممزوجًا بالإيمان، والاتضاع.. أما الحسد فنجده خاليًا من الحب في كل أحداثه.





الغيرة






ليست كل غيرة لونًا من الحسد الخاطئ. وليست كل غيرة ضد المحبة. فإن الرسول يقول:

(حسنة هي الغيرة في الحسنى كل حين) (غل18:4).

إنها الغيرة التي لا تحسد وإنما تقلد، وتتحمس للخير فنحن نسمع عن فضائل القديسين، سواء الذين انتقلوا أو الذين ما زالوا أحياء. فنغار منهم غيرة تجعلنا نتمثل بأفعالهم، لا نحسدهم، ونتمنى زوال النعمة منهم إلينا! بل نفرح كلما نعرف جديدًا من فضائلهم.










إن الذي يحب الفضيلة، لا يحسد الفضلاء،

والذي يحب الفضلاء لا يحسدهم بل يقلدهم.

آباء البرية ما كانوا يحسدون بعضهم بعضًا في حياة الروح. بل كان ارتفاع الواحد منهم في الطريق الروحي، يشجع الآخرين ويقويهم. وكانوا يمجدون الله بسببه..

وتملكهم الغيرة المقدسة فيفعلون مثلما يفعل، ويطلبون صلواته وبركته لهم.

وهكذا كان الحال في العصر الرسولي، وفي كل عصور الاستشهاد. كانت هناك غيرة، ولم يكن هناك حسد. لأن الناس كانوا يحبون الملكوت، ويحبون كل العاملين فيه. ولا يحسدونهم، بل يطوبونهم.





هل الحسد يضر





أولا: الحسد يضر الحاسد وليس المحسود.

الحاسد تتعبه الغيرة، ويتعبه الشعور بالنقص. ويتعبه منظر المحسود في مجد. تتعبه مشاعره. وكما قال الشاعر:

اصبر علي كيد الحسود فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله

وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود.

وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعًا.

وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود. وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعا، فيزداد هو غيظًا.. إن القلب الخالي من المحبة، لابد أن يتعب.


وقد يسعى الحاسد إلي التحرش بالمحسود وإهانته، فيقابله المحسود برقة ولطف، فتتعبه رقته ولطفه، ويتعبه فشله في إثارته. فيزداد فيه النار أشغالا..!






ثانيًا: إن الحسد في حد ذاته لا يضر. ولكن المؤامرات التي يدبرها الحاسدون قد تضر أحيانًا.

أخوة يوسف الصديق حسدوه علي محبة أبيه له، وحسده علي أحلامه، فلم يضره حسدهم بشيء. ولكن جاء دور المؤامرات التي تضر. وهنا يقول الكتاب إنهم (احتالوا ليميتوه) (تك18:37). وهكذا خلعوا عن قميصه الملون، وألقوه في بئر. وانتهي الأمر ببيعه عبدًا للإسماعيليين، ومرت عليه تجارب عديدة وهنا أقول:

متاعب يوسف لم تأت عن ضربة عين من حسد أخوته.

كانوا في البيت كل يوم، كأخوة في أسرة واحدة. وكانت عيونهم الحاسدة موجهة إليه ليل نهار، ولم تضره.. أو علي الأقل كانت عيونهم الحاسدة مركزة في قميصه الملون. ولم يتمزق القميص من نظراتهم، وبقي كما هو، حتى حينما اخلعوه أيضًا. والمشكلة إذن كانت في التآمر، وليس في نظرات الحسد، ولا في مشاعر الحسد الناتجة عن عدم محبة.






قورح وداثان وأبيرام حسدوا موسى وهارون علي كهنوتهما. وما أصابت موسى ولا هارون عين واحد منهم.

كل ما في الأمر أنهم أقاموا ضجيجًا وتمردًا. ولم يفدهم ذلك بشيء، بل انتهي الأمر إلي أن الله تبارك اسمه أمر الأرض فانشقت، وفتحت فاها وابتلعتهم مع كل ما كان لهم (عد16: 31-33).








كهنة اليهود ورؤساؤهم حسدوا المسيح، فتآمروا ضده.

اتهموه اتهامات كثيرة، حاكموه في مجمعهم، أتوا بشهود زور لم تنفق أقوالهم. هيجوا عليه الشعب. قدموه إلي السلطة الرومانية كفاعل إثم، فلم يجد فيه الوالي الروماني عله للموت. أصروا علي صلبه، وصاحوا وضجوا وكان لهم ما أرادوا فصلبوه.. كل هذه هي مؤامرات الحاسدين. وكل شر الحسد في مؤامراته. وسبب الحسد هو الأنانية وعدم الحب.








الحسد هو مشاعر قلب، وليس ضربة عين.

ونحن حينما نطلب من الله في صلاة الشكر وفي غيرها أن ينزع عنا الحسد، ولا نطلب مطلقًا أن يبعد عنا ضربة العين، إنما مؤامرات الحاسدين. وأيضًا أن لا يكون فينا حسد نحو غيرنا.






حسد الشياطين



أول الحاسدين كان الشيطان. حسد الإنسان الأول علي نقاوته، بينما فقد هو تلك النقاوة. وحسده لعلاقته الطبية مع الله، بينما خسر هو تلك العلاقة. وحسده لأنه خلق علي صورة الله ومثاله. وحسده علي تمتعه بالبركة والسلطة في جنة عدن. فأراد أن يفقده كل هذا.. ماذا فعل إذن؟ خدعه وكذب عليه وأغراه، وأسقطه في الخطية، فتعرض لحكم الموت. وهكذا نقول في القداس الإلهي (والموت الذي دخل إلي العالم بحسد إبليس، هدمته).
كانت إذن مؤامرة من الشيطان، وخدعة، ولم تكن ضربة عين.
الشيطان لا يحب الناس، ولا يحب الخير للناس، لذلك يحسد. فليست في قلبه المحبة التي لا تحسد، بل تتركز في قلبه العداوة والكراهية، وبالتالي الحسد. وفي الحسد يحب أن يضر. ويحب أن النعمة تزول من المحسود، علي الرغم من أن هذه النعمة سوف لا تتحول إليه. ولكنها مجرد الكراهية التي تجعله يفرح بسقوط البشر.
وقد حسد أيوب الصديق. ولم يستطيع أن يضره إلا أن أخذ سماحًا من الله (أي2، 1).
وحتى ذلك بسماح كان في حدود لا يتعداها، في الحدود التي كان الله يعرف أن أيوب البار سوف يحتملها. وانتهي الأمر بأن رفع الرب وجه أيوب، وعوضه الخير الذي فقد مضاعفًا. ولم تفلح مؤامرة الشيطان. وكان الله ضابط الكل ممسكًا العملية كلها في يمينه، محولًا كل شيء إلي الخير كما فعل مع يوسف الذي حسده أخوته من قبل (تك8:45).

فإن كان الشيطان بكل جبروت حسده وقوته لا يستطيع أن يؤذي إلا بسماح، فهل تظنون أن عيون الحاسدين من البشر الضعفاء تستطيع أن تؤذي؟!
مهما أوتيت من قوه البصر!! أين إذن ضابط الكل وحمايته؟ ومن الذي أعطي أولئك الحاسدين تلك القوة الضارة الجبارة.
في عيونهم!؟ وهل الله يمنح أمثال هؤلاء قوة للإضرار، ليست تحت ضبط، وتعمل بلا سبب داع لإهلاك الناس؟! أمر لا يصدقه منطق، ولا يسنده الكتاب..




ولو كانت ضربة العين حقيقية، إذن لهلك كل أصحاب المواهب والمناصب والتفوق.
الحاصلون علي جائزة نوبل كل عام، أليس لهم حاسدون؟ وهؤلاء الحاسدون أليست لهم عيون؟ هل تصيبهم ضربة عين، فيفقد العالم أعظم علمائه وأدبائه وأبطال السلام فيه!!
وأبطال الرياضة أصحاب الكؤوس الذهبية والميداليات، والمتفوقون في الفن والموسيقي، وملكات الجمال في العالم.. أليس لهؤلاء أيضًا حاسدون، ولهم أو لأصحابهم عيون.
والذين ينجحون في الانتخابات، ويتولون المناصب والرياسات، علي كل المستويات، وفي كل البلاد، أليس لهم أيضًا حاسدون؟!!
وأوائل الطلبة في الكليات والجامعات، وأوائل الثانوية العامة، وقد يكون الأول متفوقًا بنصف درجة فقط،وكل الذين يعينون في مناصب مرموقة جدًا، أليس لهم أيضًا حاسدون؟ هل تصيب كل هؤلاء ضربة عين فيسقطون؟!










أم أننا لا نكون آمنين إلا من حسد العميان أو ضعاف البصر، الذين ليست لهم عيون تفلق الحجر؟!!
إنني لست أوافق مطلقًا علي ضربة العين، ولا أري الحسد إلا مشاعر خاطئة، قد تعبر عن ذاتها بمؤامرات تحوكها حول المحسودين، ربما تضرهم أو لا تضرهم.






والسيد المسيح حينما أخفي لاهوته عن الشيطان، لم يكن ذلك خوفًا من حسد الشيطان، حاشا. بل لئلا يعطل الشيطان قضية الفداء، أو قيل (لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا المجد) (1كو8:2).
كذلك القديسون لم يخفوا فضائلهم خوفًا من حسد الشياطين، وإنما تواضعًا. فالشيطان كان يعرف فضائلهم.
بلا شك كان الشيطان يعرف أن القديسة مارينا امرأة، لا يمكن أن تنجب من امرأة أخري ابنًا!! إنما هذه القديسة صبرت علي العار تواضعًا منها. وإن كان هناك مجال لحسد الشيطان، فهو أن يحسدها علي تواضعها، الأمر الذي ما كان ممكنًا أن تخفيه عنه.
وبالمثل القديس أبا مقار الكبير، كان الشيطان يعرف تمامًا أنه لم يخطئ إلي تلك الفتاة. فالشيطان هو الذي أغراها علي الزنى مع الشاب. وهو الذي أوعز إليها أن تلصق التهمة بالقديس مقاريوس الذي قيل ذلك تواضعًا منه. وليس دخل بحسد الشياطين.
القديسون كانوا يحفظون فضائلهم من مديح الناس.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
البطريرك ثاؤفيلس الثالث البابا شنودة الثالث سيكون خالدا
قداسة البابا شنودة الثالث _ والطفل شنودة
عظة متاعب الحياة للبابا شنودة الثالث _ من اجمل عظات البابا شنودة الثالث
يا صاحب الأقداس - العيد الثالث لنياحة البابا شنودة الثالث 2015
أمثلة وعناصر في الرأفة والرفق


الساعة الآن 07:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024