|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة الثالث كيف تبني نفسك إن كنت تحب نفسك حقا، حاول أن تبنيها من الداخل، من حيث علاقتها بالله، والمحبة التي تربطها بالكل. بأن تنكر ذاتك ليظهر الله في كل أعمالك. وتنكر ذاتك لكي يظهر غيرك. وتصلب ذاتك لكي يحيا الله فيك. وتقول "مع المسيح صلبت، لكي أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل 2: 20). وهكذا تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل 5: 24). تقهر ذاتك، وتغلب ذاتك.. وبهذا الانتصار على النفس، تحيا نفسك مع الله. الذي يقودك في موكب نصرته (2كو 2: 14). وهنا تكون المحبة الحقيقية للنفس أما المظاهر العالمية من عظمة وشهرة. لذة ومتعة وحرية خاطئة، فلن توصلك إلى البناء الحقيقي للنفس. المهم أن تجد نفسك في الله، وليس في العالم. تجدها لا في هذا العالم الحاضر، وإنما في الأبدية. تبنى نفسك بثمار الروح (غل 5: 22، 23). التي تظهر في حياتك. وذلك بأن تكون غصنًا ثابتًا في الكرمة الحقيقية يعطى ثمرًا، والرب ينقيه ليعطى ثمرا أكثر (يو 15: 1، 2).. أي ينقيه من الشهوات والرغبات المهلكة للنفس، التي يجب أن تبغضها لتحيا مع الله، واضعا أمامك قول الرب: "ومن يبغض نفسه في هذا العالم، ويحفظها إلى حياة أبدية" (يو 12: 25). وهنا كلمة "يبغض نفسه" تعنى يقف ضد رغباتها، ولا يطاوعها في كل ما تطلب، ولا يجعلها تسير حسب هواها، بل يقمعها ويستعبدها (1كو 9: 27).. حتى بهذا تتطهر من كل دنس. وتكون هذه هي المحبة الحقيقية للنفس. والعجيب أن هذا النوع يفتخر بنفسه ويقول في تحطيمه للغير: أنا إنسان مقاتل I am a fighter علما بأن الهدم أسهل من البناء. وكما يقول المثل "البئر الذي يحفره العاقل في سنة، يمكن أن يردمه الجاهل في يوم". هناك أشخاص يظنون أنهم يحققون ذواتهم بالحرية. الحرية كالشاب في بلاد الغرب: إذا كبر، فلا سيطرة لأحد عليه، لا أبوه ولا أمه في في البيت، ولا مدرسوه في معاهد التعليم. بل يظن أنه يفعل ما يشاء بلا قيد. حتى المبادئ والقيم والتقاليد، ويحب أن يتخلص منها. ويعتبر أنه بهذا يصير حرًا ويجد نفسه. والوجوديون يريدون. في تمتعهم بالحرية - أن ينحلوا حتى من (قيود!) الله ووصاياه. ولسان حال كل منهم يقول "من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا"!! كل هؤلاء يقصدون بالحرية، الحرية، الحرية الخارجية. وليست حرية القلب من الرغبات الخاطئة. ولا يقصد التحرر من الخطايا والأخطاء، والتحرر من العادات الفاسدة. كل ذلك الذي قال عنه السيد الرب "إن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 8: 36). الابن الضال ظن أنه يجد نفسه بالحرية، بتركه لبيت أبيه. ولكنه بذلك أضاع نفسه (لو 15). وكذلك الذين يظنون أنهم يجدون أنفسهم بالحرية في الإدمان والفساد والتسيب واللامبالاة! أو الحرية في الخروج في الخروج من الحصون التي تحميهم، إلى الفضاء الواسع الذي يهلكهم! العجيب أنه في الحياة الروحية، يظن أنه يجد الحرية في التخلص من (قيود) الإرشاد الروحي! فلا يستشير الأب الروحي، إلا في الأمور التي يعرف أنه سيوافق عليها. وأما ما يشعر أن سينهاه عنه، فذاك يخفيه! وهكذا يسير حسب هواه، فيضل الطريق.. أو يقول "ابحث عن أب اعتراف آخر.. حقا إن الاستخدام الخاطئ للحرية يضر. وقد أوصل البعض إلى الإلحاد. والأخطر من هؤلاء: الذين يعطون أنفسهم الحرية في تفسير الكتاب، وينشرون آراءهم الخاصة كعقيدة!! فيفسرون الكتاب حسب هواهم. يخضعونه لأفكارهم، بدلا من أن يخضعوا أنفسهم لنصوصه،ومن أجل هذه وجدت طوائف وكنائس متعددة تتعارض في عقائدها، ووجدت بدع وهرطقات. لأن كل واحد يفسر الكتاب حسبما يريد، ويترجم الآيات أيضًا حسبما يشاء (كما فعل شهود يهوه وأمثالهم). والعجيب أن كل هؤلاء يظنون أنفسهم أكثر معرفة من غيرهم. وهنا تدخل النفس في حرب المعرفة. المعرفة يظن البعض انه يجد نفسه عن طريق المعرفة. أو عن طريق حرية المعرفة، أو المعرفة التي يقول عنها الكتاب إنها تنفخ (1كو 8: 1). ويحب الواحد منهم أن يكون مرجعا في المعرفة، يقود غيره في المعرفة ويحاول أن يأتي بفكر جديد، وينسب إليه، ويتميز به، وينفرد به، حتى يقولون "فلان قال..".. ومن هنا ظهرت البدع، لأنها بها ابتدع أناس أفكارًا جديدة ضد التسليم العام.. يظن بها الشخص انه يجد نفسه، كصاحب رأى وفكر وعقيدة، ولا يتضع بالخضوع لتعليم الكنيسة، بل يريد أن يخضع الكنيسة لتعليمة.. وهكذا يضيع نفسه. إنسان آخر يظن أنه يبنى نفسه بالإعجاب بالنفس. الإعجاب بالنفس فيكون بارًا في عيني نفسه وحكيما في عيني نفسه". ويدخل في عيادة النفس. ولا مانع أن يكون الكل مخطئين، وهو وحده الذي على صواب..! وهذا النوع يبرر ذاته في كل عمل وفي كل خطأ. وإن قال له أحد إنه مخطئ، لا يقبل ذلك. ويرفض كل توجيه. وإن عوقب على خطأ، ويملأ الدنيا صراخًا: إنه مظلوم. ولا ينظر إلى الذنب الذي ارتكبه، إنما يدعى قسوة من عاقبه! وترتبك مقاييسه الروحية والأدبية والعقلية، ويضيع نفسه. ويمدح نفسه، ويحب أن يمدحه الآخرون. وان مدحوا غيره يستاء! كما استاء قايين، لما قبل الله قربان هابيل أخيه.. والكثير من هؤلاء الذين يقعون في الإعجاب بالنفس، يكون الله منحهم مواهب، ولكنهم في الإضرار بأنفسهم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|