|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دروس فى الحكمة 7 نص عظة البابا تواضروس فى اجتماع الأربعاء
دروس فى الحكمة نكمل تأملنا فى (المزمور 37): "لا تغر من الأشرار، ولا تحسد عمال الإثم، فإنهم مثل الحشيش سريعا يقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون. اتكل على الرب وافعل الخير. اسكن الأرض وارع الأمانة. وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك. سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجرى، ويخرج مثل النور برك، وحقك مثل الظهيرة. انتظر الرب واصبر له، ولا تغر من الذى ينجح فى طريقه، من الرجل المجرى مكايد. كف عن الغضب، واترك السخط، ولا تغر لفعل الشر، لأن عاملى الشر يقطعون، والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض. بعد قليل لا يكون الشرير. تطلع فى مكانه فلا يكون. أما الودعاء فيرثون الأرض، ويتلذذون فى كثرة السلامة". نعمة الله الآب تكون مع جميعنا. آمين. الدرس رقم (7): "كف عن الغضب، واترك السخط، ولا تغر لفعل الشر، لأن عاملى الشر يقطعون". فالغضب هو حالة إنسانية يفقد فيها الإنسان السيطرة على أعصابه وذلك لأن العقل فيه تشويش، وتنمو لديه مشاعر من الحقد والكراهية وربما يمتد الأمر إلى الاعتداء، لذلك حالة الغضب لا يمجد فيها الإنسان لأنها تخرجه من دائرة الحكمة والعقل. يقول الكتاب "لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع 1: 20)، وفى سفر الأمثال "الغضب يهلك حتى الحكيم" ويقصد أنه مهما كان الإنسان حكيما فمجرد وقوعه فى الغضب تزول منه الحكمة ويهلك، "لا تسرع بروحك إلى الغضب" (جا 7: 9)... وأيضا أقوال الآباء كثيرة عن الغضب لأن الغضب حالة متكررة فى حياة الإنسان، يقول القديس مار إسحق: "القلب الذى يعمل فيه الغضب يكون خاليا من الفضيلة" فيكون خاليا من الفضيلة لأنهما لا يجتمعان معا، ويقول أحد الآباء "من لا يقدر أن يضبط لسانه وقت الغضب فلن يقدر أن يغلب أى خطية صغيرة"، وذلك لأن فى حالة الغضب يفقد الإنسان السيطرة على أقواله وأفعاله. والغضب نوعان: غضب مقبول، وغضب مرفوض، ولكن الغضب بصفة عامة مرفوض، فانزعه من داخلك ولا تجعله أسلوب حياة. أسباب غضب الإنسان: 1- أمراض جسدية لدى الإنسان مثل اضطراب بعض الغدد أو تقدم العمر، أو زيادة نسبة بعض الهرمونات فى الدم، أو ضيق الشرايين. 2- الكبرياء فى الإنسان الذى يرى نفسه أفضل من الآخرين، ويطلب الكرامة منهم وتكون ذاته حاضرة، مثل الكتبة والفريسيين لم يحتملوا توبيخ السيد المسيح لهم بسبب كبريائهم. مثل "هامان" عندما حضر وليمة الملكة أستير، وشعر بذاته وكان غارقا فى الكبرياء، فعندما رآه مردخاى حارس القصر وهو خارج لم يسجد له، فاغتاظ منه هامان، وعاد إلى بيته غاضبا ودعا أقاربه وزوجته ليخبرهم بما حدث فى الحفل، وقال: "وكل هذا لا يساوى عندى شيئا كلما أرى مردخاي اليهودي جالسا فى باب الملك" (أس 5: 13)، فهذا سبب له حالة من الغضب والحقد، فاقترحت عليه زوجته بأن يصلب مردخاى على خشبة، ولكن الله كانت إرادته أن يصلب عليها هامان وليس مردخاى، وانتهى حقده وكبرياؤه بهذه الصورة. 3- قساوة القلب، فأحيانا يكون قلب الإنسان حجريا وقاسيا، لذلك نصلى الصلوات القصيرة "يا رب ارحم" ونكررها حتى نجتهد ويملأ الله قلوبنا بالرحمة، (فليس رحمة فى الدينونة لمن لا يصنع الرحمة)، وقسوة القلب تجعل الإنسان متعطشا دائما للانفعال الشديد والتوبيخ وهو لا يشعر بذلك. فى العهد القديم، كان نابال رجلا غنيا جدا، ولكن قلبه كان قاسيا وأحمق، وعاش مع زوجته أبيجايل، وفى ذات الوقت داود هرب مع حوالى 600 شخص، وكان نابال عنده مناسبة فكان يجز الصوف ليبيعه ويكسب بعض المال، فأرسل داود رجاله لنابال ليعطيهم بعض الطعام والشراب، فأجاب عليهم نابال بنكرة "من هو داود؟ ومن هو ابن يسى؟" إننى لا أعرفه،"أآخذ خبزى ومائى وذبيحي الذى ذبحت لجازي وأعطيه لقوم لا أعلم من أين هم؟" (سفر صموئيل الأول 25: 10، 11). وهذا التصرف الأحمق أدى إلى غضب داود، وقرر أن يقتل نابال، فظهرت أبيجايل وامتصت غضب داود، لذلك ينبغى التركيز فى تربية أبنائنا حتى لا يصير الغضب نمط حياة لديهم. 4- أيضا الغيرة عندما تقارن نفسك مع الآخر، مثل شاول الملك عندما انتصر داود الصبى على جليات من خلال المقلاع، وفرحت النسوة بذلك حتى قلن "ضرب شاول ألوفه وداود ربواته" (سفر صموئيل الأول 18: 7)، وقتها غار شاول الملك من داود لدرجة حاول قتله، تذكر دائما أن الله محب للبشر وضابط الكل، فعلى الإنسان أن يكون مجتهدا ويبتعد عن عنصر الغيرة. ويحذرنا داود من الغيرة فى المزمور(37) ثلاث مرات: أ-"لا تغر من الأشرار". ب-"لا تغر من الذى ينجح فى طريقه". ج-"ولا تغر لفعل الشر". مثل الأخ الكبير عندما عاد إلى البيت ووجد احتفالا كبيرا بمجيء أخيه، غار وقتها الأخ الكبير ولم يرد أن يدخل البيت، فانتبه لئلا توقع بك الغيرة فى فخ الغضب الشديد. 5- جهل الإنسان، "لا تسرع بروحك إلى الغضب، لأن الغضب يستقر فى حضن الجهال" (جا 7: 9)، فيلوث فكره ومشاعره وقلبه، لذلك عندما يقع الإنسان فى مشكلة يجهلها ويغضب وأحيانا لا يستطيع أن يتصرف فيها، فالغضب المقبول هو الغضب الحكيم من أجل الله، مثل موسى ويشوع النبى عندما نزلا من الجبل ووجدا الشعب صنعوا عجلا ذهبيا ويغنون، "فحمي غضب موسى، وطرح اللوحين من يديه وكسرهما فى أسفل الجبل، ثم أخذ العجل الذى صنعوا وأحرقه بالنار، وطحنه حتى صار ناعما، وذراه على وجه الماء" (خر 32)، فهو غضب حكيم من أجل الله، لكن الغضب الشائع هو غضب الخطية، الذى لا يمجد الله ولا يصنع بر الله، فكف عن الغضب لأنه عادة رديئة. نتائج الغضب: 1- حالة الغضب تنعكس على صحة الإنسان فى العديد من الأمراض ويمكن أن تترك عاهات فى حياة الإنسان. 2- يدخل الإنسان فى دائرة كبيرة من الخطايا من تجريح وإدانة وقسوة وظلم وكراهية وقتل. والإنسان الغضوب لا يستفيد من أى ممارسة روحية إن كانت صلاة أو صوم، (صلاة الغضوب كبذرة على صخرة)، يقول القديس مار إسحق: "الذى يصوم عن الغذاء وقلبه لا يصوم عن الشر ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل". كيف أعالج الغضب: 1- نصلى يوميا "محتملين بعضكم بعضا" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 2)، ويقول أيضا: "فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15: 1)، ويقول القديس الأنبا أنطونيوس: "تشبه بالسيد المسيح الذى لما شتم لم يشتم، وكل كلمة قاسية يحتملها الإنسان تشكل له إكليلا" ويدخل أيضا فى ذلك احتمالك فضيلة التماس العذر، حتى تنصرف روح الغضب من الإنسان، فسليمان الحكيم الله أعطى له "رحبة قلب" ويقول لنا أيضا القديس بولس الرسول "كونوا أنتم أيضا متسعين" (2 كو 6: 13)، فاجعل قلبك متسعا للأمور حتى يحتويها أيا كانت المتاعب، حتى تشعر براحة القلب. 2- اتضاع الإنسان، فالاتضاع أرض حاملة لكل الفضائل، وملامحك بابتسامة وطريقتك اللطيفة تجعلك تحل أى مشكلة بطمأنينة وضبط النفس. 3- الجواب اللين يفرح القلوب، لأن الغضوب إنسان مريض ويحتاج إلى علاج روحى، ولا يحتاج لعقاب أو تجريح، "الجواب اللين يصرف الغضب" (أم 15: 1)، اجعلها أمامك فى كل وقت، حتى يكون وسيلة قوية تمارسها فى حياتك، مثل أبيجايل عندما امتصت غضب داود عندما جاء لقتل نابال زوجها (أمرت عبيد زوجها بتحضير الأرغفة والخمر والخرفان والفريك والزبيب والتين المجفف وقامت بتحميلهم على الحمير، وذهبت لمقابلة داود والتقته فى منتصف الطريق، وسجدت أمامه وكلمته بالكلام اللين وصرفت غضبه وقدمت هديتها)، الحكمة محتاجة أن يكون الإنسان لسانه عذبا ولينا ويكون مصلحا. فابعد عن كل ما يثير الغضب سواء عندك أو عند الآخر، وابعد أيضا عن الغيرة لأنها وحش يقتل نفسه بنفسه. "كف عن الغضب، واترك السخط، ولا تغر لفعل الشر، لأن عاملى الشر يقطعون". (مزمور 37). لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد. آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|