أخيرًا جاءت رسالة من الإمبراطور أركاديوس إلى المتعهد بالبطريرك تأمره بالقيام به إلى كوكوزة في أقصى بلاد أرمينية، كمقرٍ نهائي لنفيه، كما جاءت الأوامر مشددة أن يكون التعامل معه قاسيًا، وأن يواصلوا السفر نهارًا وليلًا، إجهادًا وتعجيلًا... عبثًا حاول البطريرك أن يغير مكان نفيه، إذ كتب في إحدى رسائله: [لم أستطيع أن أحصل على هذا الرجاء البسيط، الذي لا يُرفض للمجرمين. ولكن ليكن اسم الله مباركًا!(19)] وفى ليلة رحيله من نيقية، في الثالث من شهر يوليو كتب إلى شماسته أولمبياس رسالة يطمئنها بنفس العبارات التي سجلها في رسالته الأولى، يطمئنها على صحته الجسدية واهتمام المرافقين له به، مطالبًا إياها أن تكتب له في صراحة لا عن صحتها الجسدية فحسب، بل أن تؤكد له أن سحابة الحزن قد زالت عن فكرها: [إن كنت تخبريننا حقًا بهذا في رسائلك، فإنني أكتب لك ما دامت هذه الرسائل تأتي بنتيجة عظيمة... اثبتي لي في وضوح أنكِ تستفيدين برسائلي المتكررة فتجدينني في خدمتك أكتب بكثرة(20).] أخيرًا عاتبها معلنًا شدة حزنه لوصول كثيرين إليه من القسطنطينية دون أن يحملوا إليه رسالة منها.