نزل النسّاك إلى شوارع المدينة وتدفقوا على الحاكمية يسالون الرأفة بالمدينة. وثمّ قصة عن ناسك مسن اسمه مقدونيوس لقب بآكل الشعير لأنه كان يكتفي من الطعام ببعض حبات الشعير كل يوم. هذا كان يسير في الشارع حافي القدمين، لا تغطي بدنه غير أثمال. فلما صادف المبعوثين الإمبراطوريين استوقفهما وقال لهما:" يا صديقيّ اذهبا إلى الإمبراطور وقولا له: "أنت قيصر لكنك إنسان أيضاً وتسود على كائنات من ذات طبيعتك! الإنسان خلقه الله على صورته ومثاله فلا تأمر أنت بلا شفقة بتحطيم صورة الله لئلا تجلب غضب الله على نفسك. قولا له إنه سهل عليه أن يصنع تماثيل، لكنه كيف يصنع شعرة واحدة من إنسان حكم عليه بالموت؟!".
وكان عبء هذه الأيام ثقيل جداً على يوحنا حتى بدا يومها وكأنه في الستين فيما لم يكن قد تجاوز الإحدى والأربعين. وما أن انتهت الأزمة حتى مرض مرضاً شديداً ولازم الفراش طويلاً.
وبقي الذهبي الفم في أنطاكية بعد ذلك عشر سنوات مبشراً إلى أن انتقل أو نقلوه سراً إلى القسطنطينية.