|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إحمدوا الربّ وادعو باسمه
إن مجموعة المزامير 104- 107 تدلّ على تواصل في المواضيع، أقلّه على المستوى التعليميّ. بعد المباركة (مز 104) لأجل بناء الأرض دون عودة إلى التاريخ، يبدو مز 105 نشيد شكر لله الذي أعطى شعبه أرض كنعان. وهكذا ننتقل مع إله العهد من عمل كونيّ إلى عمل تاريخيّ. نحن نجعل هذا المزمور في لائحة المزامير التاريخيّة (مز 78؛ 106). ولكن التاريخ لا يقدّم في التوراة لذاته، بل من أجل الاهتمامات التأوينيّة. في مز 78، ارتدى تذكّر الماضي طابعاً تعليمياً، فطلب من شعب إسرائيل أن يدخل في لعبة العمل الخلاصّي الذي قام به الربّ، فلا يجدّد أخطاء الأجيال السابقة. أما مز 105 فيجعلنا في إطار المديح: ينشد الشعب ما حقّقه الرب من وعد للأنبياء. أما مز 106 فهو اعتراف علنيّ بخطايا الآباء. والهدف الذي يضعه المرتّل أمامه، يوجّه اختيار الأحداث المرويّة. يذكر حدث الخروج، وفي كل مرّة بشكل خاص. ذكر مز 78 معجزات الله التي دلّت على أمانته لشعبه فاتخذ عبور البحر والاقامة في البرية وجهاً خاصاً. أما مز 105 فأشار إلى ذلك إشارة مريعة، ولكنه توقّف عند نزول الآباء إلى مصر، وأبرز التعهّد مع ابراهيم والوعد بامتلاك الأرض. ولماذا يتذكّر الوعد؟ لأن زمن المنفى هو زمن تجديد مغامرة الخروج. توجّه المرتل في البداية إلى مؤمنين مشتّتين وسط الأمم، وظلّوا ينتظرون كلمة الله المحرّرة. وقد بدأوا منذ الآن ينشدون له أفعال الشكر، ويهتفون لاسمه بقلب مليء بالفخر والفرح. لا حدث حالياً يذكره. فلم يبقَ له إلا ماضٍ هو في الواقع عربون مستقبل لنسل ابراهيم. فلا يجب أن ننسى. لأن الله لم ينسَ ما وعد به الآباء من وعد لا تؤثّر فيه الخطيئة. وإذ أراد الكاتب أن يسند إيمان شعب ابراهيم بمواعيد، روى كيف نفّذ الله في الماضي ما وعد به. وجاء الخبر في محطتين: من الوعد إلى النزول إلى مصر. ومن ضربات مصر إلى الدخول إلى كنعان. هنا يتميّز مز 105 عن مز 78 فيُبرز دور الوسطاء البشر في مسيرة عناية الله في التاريخ. كانت هناك بعض الظلال في المحطة الأولى. فجاءت المحطة الثانية بلا ظلال. وهي ستكون كذلك إن كان الشعب أميناً لشريعة الربّ. نريد اليوم أن نتذكّر يا ربّ، نتذكّر أعمالك من أجلنا، وعجائبك من أجل شعبك نتذكّر ما فعلته يداك من معجزات، وما تلفّظ به فمك من أحكام نتذكّر عهدك لشعبك وما أوصيتنا به على مدى أجيالنا. ونريد أن ننسى يا ربّ ننسى أننا أغظناك بخطايانا السابقة فاستحققنا العقاب ننسى أنك امتحنتنا لأجل شرورنا، وعاقبتنا لأجل آثامنا ننسى أننا كنا خائنين لعهدك، منكرين لوعودك، بعيدين عن وصاياك. نحن لا ننسى يا رب، لأننا لا نبالي بك، ولا نهتمّ بما تطلبه منا بل نحن لا ننسى لأننا نريد أن نكون معك كالطفل في حضن أبيه كالطفل ينعم بالسعادة الحاضرة ولا يهتمّ لمستقبل يمكن أن يكون مظلماً كالطفل ينظر بعين جميلة فيبدو له الكون في عينيك جميلاً. نحن ضعفاء، ما هم؟ وأنت قلت قوّتي تظهر في الضعف. نحن قليلو العدد. ما هم؟ وأنت قلت: لا تخف أيها القطيع الصغير نحن محاطون بالأعداء، ما هم؟ فأنت حصن حياتنا ونحن لا نخاف نحن مجرّبون يوسوس لنا الشر. ما هم؟ ما دمنا ندعوك كل يوم: لا تدخلنا التجارب ولكن نجنا من الشرير. وهكذا لا نهتمّ لشيء، ولا نغتمّ ولا نحزن بل ننسى الماضي وما فيه من كدر، ونترك المستقبل وما يمكن أن يخبئه لنا ونتذكّر فقط أعمالك العظيمة، فيأخذ الفرح طريقه إلى قلبنا وننشد: احمدوا الربّ، أنشدوا له وتأملوا في عجائبه ومعجزاته. إحمدوا الربّ وادعوا باسمه، وعرّفوا في الشعوب بأعماله. أنشدوا للرب ورتّلوا. تأمّلو في جميع عجائبه. هللوا لاسمه القدوس، أطلبوه فتفرح قلوبكم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نبوءات الطوباوية الأم إيلينا أيلو من هي الأم إيلينا أيلو ؟ |
فقط صدق وادعو الرب وصلى |
حينها اعتني بنفسك جيداً وادعو لي |
إحمدوا الربّ لأنه صالح |
إحمدوا الربّ لأنه صالح |