|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها، وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَهُ في سبيلي فإِنَّه يَجِدُها. تشير عبارة "يُخَلِّصَ" الى الربح او الحصول على شيء من حياته لنفسه من ناحية، ومن ناحية أخرى هو الهروب من الاستشهاد، او الشدائد ليتمتع بملذات الدنيا، او رفض الصلاة والصوم للتمتع الدنيوي. أمَّا عبارة "حَياتَه" فتشير الى الحياة الذاتية او الحياة الطبيعية او الحياة السطحية كما نراها وكما نحكم عليها يوميا بالمقابلة مع الحياة الروحية كما يراها الله وكما يخطط لها. أمَّا عبارة "يَفقِدُها" فتشير الى الهلاك حيث ان من يريد ان يعيش حياته من نظرة بشرية من خلال غناه وملذاته وفرض نفسه على الآخرين والحصول على مراكز قوة وموارد اقتصادية، هو في نظر الله انسان فقَدَ حياته. فالغنى المادي لا يضمن السعادة ولا الراحة في الحياة كما يترنم الصاحب المزامير " لا يَفتَدي أَخٌ أَخاه ولا يُعطي اللّهَ فِداه: فِديةُ نُفوسِهم باهِظة وهي لِلأبدِ ناقِصَة. أَ فبَعدَ ذلِكَ لِلأَبَدِ يَحْيا والهوةَ لا يَرى؟ "(مزمور 49: 8 -10). لا يستطيع أحد ان يدفع ثمنا للحياة الأبدية او ان يعيش للأبد. ولا تستطيع جميع الكنوز الأرضية لن تحميه من الموت. ان لم نزهد في نفوسنا، فإننا نصنع سجوننا بأنفسنا، لأننا نبدأ في الموت روحيا وعاطفيا، ونخسر هدفنا المنشود. يريدنا يسوع ان نختار ان نتبعه ولا نختار ان نحيا حياة الخطيئة وإرضاء الذات. من يهتم بحياته فقط، فلن يجد الضمان. فمن رفض الصليب ربح العالم وخسر الأبدية كما ترنم صاحب المزامير "تِلكَ طريقُ المُعتَدِّينَ بِأَنفُسِهم وعاقِبَةُ الرَّاضينَ بِمَصيرِهم. كالغَنَمِ تُرِكوا في مَثْوى الأَمْوات والمَوتُ يَرْعاهم والمُستَقيمونَ يَسودونَهم. في الصَّباحِ تَتَلاشى صورَتُهم ومَثْوى الأَمواتِ سُكْناهم" (مزمور 49: 14 -15). أمَّا عبارة "الَّذي يَفقِدُ حَياتَهُ في سبيلي فإِنَّه يَجِدُها " فتشير الى من يقبل ان ينظر الى الحياة نظرة الله نفسه ويقبل ان يتبع المسيح في بذل الذات حتى الصليب، ويتقدم للاستشهاد ويقدم جسده ذبيحة حيَّة أو يقمع جسده ويستعبده أو يصلب أهواءه وشهواته، فانه يُخلص حياته. وفي هذا الصدد يقول يوحنا الرسول "لا تُحِبُّوا العالَم وما في العالَم. مَن أَحَبَّ العالَم لم تَكُنْ مَحَبَّةُ اللهِ فيه. لأَنَّ كُلَّ ما في العالَم مِن شَهوَةِ الجَسَد وشَهوَةِ العَين وكِبرياءِ الغِنى لَيسَ مِنَ الآبِ، بل مِنَ العالَم. العالَمُ يَزولُ هو وشَهَواتُه. أمَّا مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله فإِنَّه يَبْقى مَدى الأبد" (1يوحنّا 12: 15-17). يستعمل متى الانجيلي معنيان متقابلان: خلص حياته، فقد حياته. فمن كان شريكاً للمسيح في الألم والعذاب والموت كان شريكا له في القيامة والحياة. نعرف ان آلامنا تخلصنا، كيف؟ ان آلامنا يُصبح لها مفعول خلاصي إن هي اندمجت مع آلام المسيح. وفي الواقع عندما نقدم حياتنا لخدمة يسوع نكتشف الهدف الحقيقي للحياة. أمَّا عبارة " يَجِدُها" فتشير الى حياة ابدية يجدها المؤمن في العالم الآتي. فمن يكرّس حياته في خدمة المسيح في هذا العالم يجدها في الحياة الأبدية. ومن يرضى بأن يفقد نفسه، مقدما إياها "ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسةً " (رومة 12: 1) وصَلَب جسده "وما فيه مِن أَهْواءٍ وشَهَوات" (غلاطية 5: 24) ستكون مجازاته في مجد سماوي كما جاء في تعليم يسوع "أَنتُم أَيضاً تَحزَنونَ الآن ولكِنِّي سأَعودُ فأَراكُم فتَفَرحُ قُلوبُكم وما مِن أَحَدٍ يسلُبُكم هذا الفَرَح" (يوحنا 22:16) وقد اكّد بولس هذ القول "لأَنَّنا، إِذا شارَكْناه في آلامِه، نُشارِكُه في مَجْدِه أَيضًا" (رومة 8: 17). ومن المتناقضات الظاهرية ان الخضوع للرب هو ربح اكيد لا يفنى. ليست الحياة في الاخذ او الاحتفاظ بل في العطاء. عندما نتبع يسوع الى النهاية فنحن لا نتبعه الى الموت فقط، بل الى المجد، حيث ان فقدان الحياة من أجل المسيح هو الحياة. هذه الآية هي من اقوال يسوع الاكيدة لأنها تتكرر في الانجيل 6 مرات (متى 10: 39، 16: 25، ومرقس 8: 35، ولقا 9: 24، 17: 33 ويوحنا 12: 25). استعدادنا ان نموت لأجل المسيح يفتح لنا أبواب الحياة الأبدية، والخسارة لأجل المسيح ربح (متى 3: 7-8). بالعار وبالصليب نحصل على اكليل المجد. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ |
من يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها |
لِأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها |
يُخَلِّصَ حَياتَه |
لأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها |