|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طوبى لمن يخاف الرب
يبدأ المزمور بتحيّة توجّه إلى البار فتبدو تحيّة مديح أو خطبة وبرنامج حياة. وتستعيد آ 7- 9 الوعد بالطمأنينة الذي يشكّل الموضوع الأساسيّ في المباركة. وتأتي الخاتمة فتقابل بين مصير البار ومصير الشرّير. انتهى مز 111 بحديث حول ضرورة مخافة الله. وابتدأ مز 112 مع لفظة تقليدية (طوبى، هنيئاً، 84: 5، 6، 13؛ 89: 16؛ 94: 12) هذه المخافة تهنّىء الذين يخضعون لها. ولكن لا يكفي أن نطيع أوامرها بطريقة سلبيّة، بل يجب أن نشتعل غيرة لكل ما يقرّره الله. بعد هذا، نرى نتيجة مثل هذا الموقف للمؤمن، لبيته، لذريّته. إذا كان الله فاعل الأفعال في آ 4، فالنصّ (آ 4- 6) يدعو الإنسان إلى ممارسة البرّ والعدل. وهكذا ننتقل من المستوى العموديّ إلى المستوى الأفقيّ، ننتقل من علاقة بين الله وصفيّه إلى تضامن بين أعضاء الجماعة. النور يضيء في الظلام للمستقيمين. ويقول لنا أش 58: 8، 10 متى يضيء. حين تفرش للجائع خبزك، وتُدخل المسكين الطريد بيتك، وتلبّي حاجة البائسين. الرب حنون رحوم وعادل. وهو سيكون عادلاً إن تصرّف الإنسان بعواطف الحنان والرحمة. والدينونة التي ألهمت عمل الله، تنظّم نشاط المؤمن فلا يعود يزلّ، ويدوم ذكره إلى الأبد. فالمؤمن الذي جعل كل ثقته في الله، سيعرف سلاماً لا يعكّره شيء حتى الأخبار السيّئة. هذا لا يعني أن لا أعداء له، بل إن وجد أعداء فهو ينظر إليهم نظرة احتقار، ويعتبر نفسه منذ الآن منتصراً عليهم. مثل هذه الطمأنية وهذا الإيمان، يضعان في القلب سخاء يفرض احترامه على الجميع. ويقابل المرتّل هنا كما في مز 1 بين مجد البار وفشل الشرّير. فهذا يصرّ بأسنانه ولكنه يزول دون أن يرى تحقيق أحلامه. أما البار فهو مبارَك وما يتمنّاه يناله (أم 10: 24؛ رج 13: 12). أجل الرب يصون طريق الأبرار، أما الأشرار فذاهبون إلى الهلاك. إمتدحناك أيها الرب في الجماعة كلها، وبالأخص في مجلس المستقيمين أعمالك عظيمة، وعجائبك تُذكر على الدوام أظهرتَ قوّتك لشعبك، فأعطيتهم أرض الأمم ميراثاً أبديت جبروتك لهم، فأرسلت إليهم الفداء. أنت الحنون الرحوم، تعطي أتقياءك طعاماً أنت القدوس المرهوب، تُعاهد خائفيك عهداً أبدياً أنت الإله العادل، وأعمال يديك حق وإنصاف أنت الأمين المستقيم، والعاقل من يعمل بوصاياك. ونمتدح اليوم الإنسان، لأنه صُنع على صورتك ومثالك ونمتدح سعادة الصدّيق، بسبب أعماله الصالحة كل ما يفعله، إنما هو لمجدك يا ألله، وطوباه إن فعل والويل له إن بحث عن سعادة غير تلك التي تنبع من أعمال يمجّدك بها. ونمتدح الإنسان الذي يعيش في مخافتك، إنه الحكيم العاقل ونمتدح الإنسان الذي لا يطلب مجداً إلا في أن يتّقيك إذا كنتَ يا رب تتمجّد في كل خير تنشره على الأرض تلك ستكون سعادتنا نحن أيضاً في الخير الذي نعمله. طريقك يا ألله ستكون طريقنا، فسدّد خطانا يا رب. التجربة هي هنا، وهي تدفعني إلى البحث عن السعادة في غير محلّها أبحث عنها في الشهرة والمجد العالميّ، فأنسى أن لاسمك وحده المجد أبحث عنها في إشباع رغباتي، فأسير على خطى الأشرار، وأقول لنأكل ونشرب لأنّا غداً نموت أبحث عنها في امتلاك خيور الأرض، فأمارس الظلم لأجمع أكثر ما يمكن من هذه الخيور. لا تسمح يا رب أن نقع في هذه التجربة، أن نخونك، ونخون شريعتك فالعمل بوصاياك، يُدخلنا في صداقتك يا ألله، وفي حياتك الحميمة والطاعة لأوامرك، تمنحنا سعادة عميقة تُشبع كل رغباتنا والارتباط بك، يجعلنا نمتلك كل شيء، بل يجعلنا ننسى آلام هذا الدهر وشقاءه. هللويا. طوبى لمن يخاف الرب ويسرّ بوصاياه جداً. طوبى، هنيئاً لمن يهوى شريعتك يا رب، ويتمتم كلماتها نهاراً وليلاً طوبى للذين يسيرون في شريعتك يا رب، ويحفظونها بكل قلوبهم طوبى للذين يتّقونك يا رب، وفي سبلك يسيرون، فإنك تباركهم طوبى للذين يحفظون طرقك يا رب، ويقبلون التأديب منك، فهم الحكماء الحقيقيّون طوبى للذين يسمعون لك واقفين عند أبوابك، فإنهم سيجدونك ويجدون معك الحياة. وطوبى لنا إن عشنا في خوفك يا رب، واتّقيناك وتعبّدنا لك نحن لا نخاف الفقر ولا المرض، نحن لا نخاف مصاعب هذه الدنيا ولا الموت نخاف فقط أن لا نكون خاضعين لشريعتك خضوعاً دقيقاً ومحبّاً وما أسعدنا إن كنا نحسّ إحساسك، ونترجم في قلبنا إرادتك وما أشقانا عندما نقسيّ قلوبنا، فلا ننتبه إلى كلمتك، ولا نُصغي إليها بسبب آذاننا المغلقة. إن عشنا في خوفك، بدت الجبال الرفيعة تلّة صغيرة، والأسوار الحصينة بغير ذات قيمة إن عشنا في خوفك، وصلنا إلى الأعالي، ورأينا أمور الأرض بمنظارك إن عشنا في خوفك، بدا الغنى والمجد والقوة والشرف أشياء حقيرة فرأسُ الحكمة مخافتك يا رب، وأنت تبارك متّقيك الصغار مع الكبار. يكون نسله قوياً في الأرض. فالمستقيمون يباركهم الرب وبكون المال والغنى في بيته وحقه يدوم إلى الأبد. وأول عنصر من بركتك يا ألله، نسلٌ كبير وقويّ يتحلّون بالحكمة والفضيلة هذا هو حظّ من يتّقيك: تسكن نفسه في الخير، وذريتّه ترث الأرض. هذه هي حصّة من يرجونك يا رب: يرثون الأرض وينعمون بسلام وخير. هذا هو جيل من يطلبونك، من يلتمسون وجهك: ينالون من لدنك بركة وبراً. والعنصر الثاني من بركتك يا ألله، ازدهارٌ شخصيّ وربح ونجاح من يحبّ الأيام الطويلة ليرى فيها الخير الوفير، يتعلّم مخافتك يا رب هذا ما وعدت به شعبك في العهد القديم: إن حفظ فرائضك حفظتَ له عهدك وإن عمل بها تحبّه، وتباركه، وتكثره، وتبارك غلال أرضه وقلت لشعبك أن يحبّوك بكل قلوبهم ويعبدوك بكل نفوسهم فينزل لهم المطر في أوانه، وينبت العشب لبهائمهم حتى في الصحراء القاحلة. ونحن يا رب ننتظر أيضاً خيراتك الماديّة منها والروحيّة، فنقول لك أعطنا خبزنا كل يوم ولكننا ننتظر بالأحرى حمايتك وعهدك معنا، والفرح بأن نحفظ شريعتك وننتظر يا رب منك أن تضع حداً لآلامنا، وللضيقات التي نتخبّط فيها ونعدك يا رب بأن نعيش في خوفك، بالأمانة والاستقامة، بالعدل والرحمة علّمنا السخاء، علّمنا العطاء، علِّمنا أن نوزّع ونعطي فيدوم فضلنا من فضلك وهكذا يدوم حقّنا إلى الأبد، وحقّنا ينبع من حقك، وبرّنا ينبع من برّك. النور يضيء في الظلام للمستقيمين لأن الرب حنون ورحوم وعادل الرجل الصالح يتحنّن ويُقرض ويدبرّ أموره بالإنصاف. النور رمز إلى خيرات تغدقها علينا يا ألله فأنت عندك ينبوع الحياة، ونحن نعاين نورك وعطاياك تشرق نورك علينا فيتّم لنا الفرح، وبذكرك القدوس نشيد تشرق نورك لأجل تقوانا، وشرط أن يشرق نورُنا على الذين حولنا أما قلت لنا: ليضىء نوركم أمام الناس فيروا أعمالكم الصالحة. تريدنا أن نتصرّف على مثالك يا رب، تريدنا أن نتشبّه بك كالأبناء الأحبّاء أنت الكامل تطلب منا الكمال، أنت الرحوم تريدنا أن نكون رحومين نمارس العدالة، بل نمارس المحبة والرحمة نمارس المحبة معك يا ألله، والرحمة مع القريب إكراماً لك يا ألله فالشريعة كلها تتلخّص في وصية واحدة: أن نحبّ القريب مثل نفسنا فمن أحبّ غيره ورحمه، أتمّ العمل بالشريعة. محبّتنا نحو القريب امتداد لمحبّتك يا ألله ورحمتنا نحو القريب تستحقّ لنا الرحمة يوم الدين ونحن نمجّدك يا رب أكبر تمجيد، عندما نحبّ القريب نمجّدك حين نشارك الغير في مصائبهم ونُسرع إلى معونتهم نمجّدك حين لا نستثمرهم، بل نتحنّن عليهم، ونقرضهم غير منتظرين أي بدل. الصدّيق لن يتزعزع إلى الأبد وذكره يبقى مدى الدهر لا يخاف من خبر السوء وبقلب ثابت يتّكل على الرب قلبه راسخ فلا يخاف حينما يرى خصومه. اشتهرت يا ألله، وكرّمك الناس، من أجل ما عملت في الخليقة أقت لك اسماً يا ألله في شعبك، حين وجّهت أحداث التاريخ والصدّيق على مثالك يُكرّم من أجل أعماله، ويصبح اسمه معروفاً أما الشرّير فغش أعماله يمحو اسمه من الأرض فلا يذكره أحد. عملُ الخير مع القريب حكمة فوق حكمة ومن أعطى الآخرين، وصل إلى أسسه وصيّة المحبّة إذا كانت العلاقة معك يا ألله هي المعنى الخفيّ لشريعتك فالعلاقة مع القريب تبرز هذه العلاقة بصورة ظاهرة وحاسمة. يوزّع ويعطي البائسين، ففضله يدوم إلى الأبد ورأسه يرتفع بالمجد. يراه الشرير فيغتمّ ويصرّ بأسنانه ويذوب. فرغبات الشرير تبيد. أنت تكافىء الصدّيق، فتحميه وتجعله في أمان، فلا يخاف أعداءه وأنت تغدق عليه خيراتك وبركاتك، فلا يخاف أن يفتقر يعطي كلّ طالب، ويشفق على من يقرع بابه يفتح أهراءه فلا تفرغ، ويوزّع ماله فلا يُنقب فلا ترضى يا ألله أن يتفوّق عليك أحد بالكرم والسخاء. لهذا تُعطي من يعطي بقلب فرح، وتزيده عطاء على عطاء. علّمنا يا رب أن نعطي، لا أسفاً ولا إكراهاً، بل بسرور وفرح أفهمنا أن من يعطي، تزيده نعمة على نعمة، وتكفيه في كل حاجة أنت يا من توفّر للزارع زرعاً، ستوفّر لنا زرعنا وتكثره أنت يا من تعطي الجائع خبزاً يقوته، ستزيد ثمارنا، وتغنينا في كل شيء، ليكون سخاؤنا عميماً. أنت يا أب تهتمّ بأولاده، ترسل كل واحد منا ليبشّر بسخائك وعطاياك يا ألله. وارفع يا رب أفكارنا وقلوبنا، فلا نتوقّف عند خيرات الأرض قلت لنا طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض، ووجّهت أنظارنا إلى الأرضي الجديدة التي تنتظر المختارين وقلت لنا طوبى للجياع والعطاش، لا إلى الطعام والشراب فحسب، بل إلى كلمتك وحقك، فإنهم يُشبعون وقلت لنا طوبى للحزانى، لا لسبب بشريّ فحسب، فإنهم يعزَّون وعلّمتنا أن لا نخاف ممّن يقتل الجسد، بل ممّن يهلك النفس والجسد في جهنّم الأرض وخيراتها شيء، والملكوت شيء آخر ونحن نستفيد من خيرات الأرض، ولكن تبقى أنظارنا مشدودة إلى الملكوت فنعيش حياة المساكين لننال ملكوت السموات ونتعلّم نقاوة القلب لنشاهدك وجهاً لوجه يا ألله ونعمل من أجل السلام لنستحقّ أن نُدعى أبناءك. هذه هي الطوبى التي تقدّمها إلينا يا رب وتقول لنا هنيئاً لكم إن عشتم حنان الرب ورحمته. هنيئاً لكم إن أقرضتم وما انتظرتم شيئاً في المقابل. هنيئاً لكم فلا تتزعزعون هنيئاً لكم فقلبكم راسخ لا يخاف. هنيئاً لكم لأن النور يضيء عليكم والبركة تشملكم. هنيئاً لكم من الآن وإلى الأبد. ونحن يا رب إذ نعيش صلاتنا، نعرف أن قمّة عطاياك هي ابنك يسوع فهنيئاً لنا نشترك في هبة الهبات، وطوبى لنا إن حملناها إلى الغير تريد قلبنا امتداداً لقلبك لنحب به، وفمنا امتداداً لفمك وتريد يدنا امتداداً ليدك، فنتعلّم العطاء والسخاء فخذ قلبنا يا رب وخذ فمنا ويدنا بل خذ كل حياتنا واجعلها لمجدك في خدمة القريب. آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرجل الذي يخاف الرب، الإنسان المطوَّب، يطيع وصايا الرب بسرورٍ |
مزمور 112 | من يخاف الرب |
كان يخاف الرب |
طوبى لمن يخاف الربّ المزمور المئة والثاني عشر |
ن يخاف الرب يحيا |