|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صمت الرب الْحَمَامَةِ الْبَكْمَاءِ بَيْنَ الْغُرَبَاءِ ( مزمور 56) ليس من طابع الحمامة أن تبقى صامتة، لا يُسمَع صوتها، فهي تعرف أن تُعبِّر عن مشاعرها من خلال هديرها الهادئ العميق، غير أنه توجد حالة تُبرزها لنا كلمة الله عندها تتوقف الحمامة عن الغناء تمامًا، ولا يُسمَع لها أي صوت، عندما تجد نفسها وحيدة مُحاطة بالغرباء، إنها لا تأنس هذا الجو المَشوب بالوحشة، ولا تعرف أن تتآلف أو تتعايش معه. إن الحمامة في طبيعتها رقيقة حسَّاسة، وبصمتها هذا تُعبِّر عن أحاسيسها ومشاعرها المُرهفة!! وإذ نتفكَّر في صمت الحمامة البليغ، ألا نتذكَّر خالقها وبارئها، والذي حَباها قبسًا قليلاً جدًا لِما له هو تبارك اسمه. ألا نجده - في أيام تجسده - كان يلزم أحيانًا كثيرة الصمت، إذ يجد نفسه مُحاطًا بالغرباء؟! انظر إليه وهو أمام بيلاطس المتردد وهو يستحثه على أن يتكلم قائلاً له: «من أين أنت؟»، غير أن الكتاب يذكر لنا صراحةً: «وأما يسوع فلم يُعطِهِ جوابًا» ( يو 19: 9 )، حتى إن بيلاطس قال له بعد ذلك بغضبٍ: «أما تُكلِّمني؟» ( يو 19: 10 ). وانظر إليه وهو أمام هيرودس الدَنس، عندما سأله بكلامٍ كثير، آملاً أن يرى آية تُصنع منه ( لو 23: 8 )، غير أن الكتاب يذكر أيضًا: «فلم يُجبهُ بشيءٍ» ( لو 23: 9 )، رغم أن الكهنة والكتَبة كانوا «يشتكون عليهِ باشتداد». الأمر الذي جعل هيرودس يحتقره ( لو 23: 10 ، 11)! وانظر إليه أيضًا وهو مُحاط بشلّة من العسكر الماجنين، وهم يهزأون ويسخرون به، سواء بأياديهم المتطاولة، أو بألسنتهم المسمومة. لقد تمَّ ما قاله الرب عن نفسه بروح النبوة: «صرت لهم مَثلاً. يتكلَّم فيَّ الجالسون في الباب، وأغاني شرَّابي المُسكِر» ( مز 69: 11 ، 12). وانطبق عليه كلمات إشعياء النبي: «ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاةٍ تُساقُ إلى الذبح، وكنعجةٍ صامتةٍ أمام جازيها فلم يفتح فاهُ» ( إش 53: 7 ). نقول بكل فرحة وحبور، ما أروع صوت الرب، ما أحلاه وما أجمله، لقد شهد أعداؤه عن هذا الصوت قائلين: «لم يتكلم قط إنسانٌ هكذا مثل هذا الإنسان!» ( يو 7: 46 ). كما شهد عنه أحبائه قائلين له: «انسكبت النعمة على شفتيك» ( مز 45: 2 ). ونقول أيضًا بكل هيبة ووقار، ما أقدس صمت الرب، ذلك الصمت الجليل المَهيب. والذي لنا أن نخشع أمامه بكل تقدير واحترام!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|