قال له يسوع: ((إِنِّي معَكم مُنذُ وَقتٍ طَويل، أَفلا تَعرِفُني، يا فيلِبُّس؟ مَن رآني رأَى الآب. فكَيفَ تَقولُ: أَرِنا الآب؟
تشير عبارة " إِنِّي معَكم " الى السنوات الثلاثة التي قضاها يسوع على الارض مع فيلبّس والبشرية كلها؛ أمَّا عبارة " مُنذُ وَقتٍ طَويل " فتشير الى مدة ثلاث سنين والمسيح لم يفتر في تلك المدة عن التعليم وكان فيلِبُّس من المدعوِّين الأوائل. أمَّا عبارة " أَفلا تَعرِفُني، يا فيلِبُّس؟ " فتشير الى عتاب يسوع لفيلِبُّس لان يسوع رأى ان معظم تبشيره في إعلان ألاب كان عبثا إذ ان فيلِبُّس الذي هو أحد تلاميذه لم يستفد شيئا من هذا الإعلان.
وأمَّا عبارة " مَن رآني رأَى الآب " فتشير الى حياة يسوع كلها والى اقواله وأعماله التي تكشف الآب السماوي، ووحدته معه. فيسوع " هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى" (قولسي 1: 15)، ورسالته تقوم على كشف حقيقة الآب من خلال ما يقوله وما يعمله وما هو عليه " أَظهَرتُ اسمَكَ لِلنَّاسِ الَّذينَ وَهَبتَهُم لي مِن بَينِ العالَم"(يوحنا 17: 6) وجاء في تعليم يوحنا " إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه " (يوحنا 1: 18) وقال يسوع أيضا " أَنا والآبُ واحِد " (يوحنا 10: 30).
من يرى يسوع، يرى الآب. فمن يعرف يسوع يعرف الله. فالبحث عن الله، ينتهي الى المسيح لأنه "هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة"(قولسي 1: 15). التلاميذ لم يروا جوهر الآب لأنه ليس من المرئيات، ولهذا الله لم يره أحد قط لكن المسيح أظهر صفاته وإرادته ومقاصده وقدرته ورحمته وقداسة سيرته وشفقته على المرضى ورغبته في خلاص الخطأة ومحبته للتائبين وطول أناته وحفظه للعهود لان الابن مُتحد به اتحاد لا يوصف (يوحنا 5: 17-30).
اما عبارة " فكَيفَ تَقولُ: أَرِنا الآب؟ فتشير الى توبيخ لفيلبس بناء على جهله الآب نتيجة غفلته عن كل ما قاله يسوع وعمله كاشف صورة الآب.