|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دفن يسوع
19: 38- 42 أخذا جسد يسوع، ولفّاه في لفائف مع الأطياب. كيف اعتاد اليهود أن يدفنوا موتاهم؟ * أولاً: واجب الدفن قال سي 38: 16: "أمّن لجسد المائت الدفنة الواجبة له، ولا تهمل قبره". ونحن نعرف من 1 صم 31: 1- 13 أن واجب دفن الأموات عادة قديمة جدّاً في أرض إسرائيل. والنصوص نفسها تعطينا السبب في ما فعلته رصفة: ولم تدع طير السماء تحطّ على الجثث نهاراً ولا وحش البرّية ليلاً" (2 صم 21: 10). ونعرف أيضاً أن طوبيت المنفي في نينوى، كان يدفن الموتى مخاطراً بحياته (طو 1: 17- 21). وكان يقوم بهذا العمل بعد نهاية الأعياد اليهودية. ثم كان يتطهّر، لأنّ لمس الجثة يجعل الإنسان نجساً (طو 2: 3- 8). وفي زمن التلمود (القرن السادس ب. م)، سُمح بدفن الجثة يوم السبت. وفرضت الشريعة بدفن المقتولين في يوم موتهم. "إذا وجدتم على أحد جريمة تستوجب القتل، فقُتل وعُلّق على خشبة، فلا تتركوا جثته على الخشبة إلى اليوم الثاني، بل في ذلك اليوم تدفنونه، لأنّ المعلّق ملعون من الله". * ثانياً: القبور النمط العادي للقبور الإسرائيلية هو الغرفة الجنائزية المحفورة في صخر ليّن أو الموضوعة في مغارة طبيعية. أما المدخل فهو ممرّ ضيّق ينفتح على أحد الجوانب. وعلى طول الجوانب الثلاثة تُوضع الأجساد على مقاعد صغيرة. في القرون الأخيرة قبل المسيح، حلّ محلّ المقاعد فتحات ضيّقة فيها تدخل الأجساد. بعد سنة، تُجمع العظام وتُوضع في صناديق وُجد عددٌ كبيرٌ منها على جبل الزيتون. لم يكن باستطاعة كل إنسان أن يؤمّن لنفسه قبراً. فالفقراء يُدفنون تحت التراب. وقد وُجد في أورشليم، في وادي قدرون، مدافن شعبية يوضع فيها الغرباء والمحكوم عليهم بالإعدام (إر 26: 23؛ 2 مل 23: 6). وكان الأغنياء يحفرون قبورهم مسبقاً. وكان بعضهم يبنون نصباً فوق القبور من أجل الرجال العظام (1 مك 13: 27؛ رج مت 23: 29). هذا ما لا نزال نراه في وادي قدرون. إنّ أخبار قيامة يسوع تفترض مدفناً من النمط الأول (محفور في الصخر)، يغلقه حجر كبير يشبه رحى المطحنة. * ثالثاً: الطقوس الجنائزية لم يعرف اليهود التحنيط. وحين تتحدّث التوراة عن دفن يعقوب ويوسف، تعتبر أن التحنيط هو عادة مصرية (تك 50: 2، 26). ولكنهم كانوا يحرقون الأطياب في القبور (إر 34: 5). كانت الطقوس الرابانية في القرن الثالث ب. م. تطلب فقط أن تُغسل الجثة. ويمكن أن تمسح بالزيت. هل استعملوا الأطياب والمرّ والصبر الممزوج بالزيت؟ إن العناصر التي بين أيدينا لا تعيننا للجواب على هذا السؤال. كانوا يضعون الزيت المعطّر على القبور بدليل ما وُجد فيها من قوارير صغيرة. وقد روى يوسيفوس المؤرّخ أن هيرودس أعدّ كمية كبيرة من العطور من أجل دفنه. وكذلك فعل رابي جملائيل الثاني. كانت اليدان والرجلان تُربط بلفائف (11: 44)، ولكن الجسد لم يكن ملفوفاً بعصابات كالمومياء. وكانت قطعة من القماش تغطّي الوجه. لا يبدو أن اليهود إستعملوا الكفن، بل كانوا يغطّون الجسد بأجمل الملابس، ويحملونه على محمل من دون تابوت (لو 7: 14؛ أع 9: 40). وتنظّمت التعابير عن الألم تنظيماً دقيقاً (البكاء، الندب، الحداد). وقد حاول الحكماء، ثم اليهود إجمالاً، أن يضعوا حداً لها. قال سي 38: 16 ي في هذا المجال: "إذرف الدموع يا ابني على الميت، وبادر إلى النواح كمن أُصيب بأفدح الخسائر. كفّن جسده كما يليق، ولا تتهاون بدفنه. إبكه بمرارة وأكثر من النحيب، وأقم مناحة بحسب ما يستحقّ ليوم أو ليومين لئلاّ تُلام، ثم انصرف من حزنك إلى العزاء". كان الرومان يتركون الأجساد على صلبانها لكي تأكلها الطيور. فهذا جزء من العقاب المريع. ولكنهم احترموا عوائد الشعوب التي استعمروها، ولا سيما الشعب اليهودي. لهذا نفهم قبول بيلاطس بأن تُدفن جثث المصلوبين قبل غروب الشمس. إلتقى يوحنا هنا بشكل جزئي مع خبر الإزائيين، فنسب إلى يوسف الرامي "تلميذ يسوع" تدخّلاً لدى بيلاطس للحصول على جثمان يسوع. وتفرّد يوحنا فأشار إلى الطابع السرّي (تلميذ يسوع في السرّ) لإيمان يوسف الرامي، كما أدخل شخص نيقوديمس "الذي كان من قبل قد جاء إلى يسوع ليلاً". إن اللقاء الأول لنيقوديمس مع يسوع كان قد انتهى بالفشل. جاء في الليل وذهب في الليل (رمز الليل ومعارضته للنهار). أما اللقاء الثاني الذي تمّ ساعة تمجيد يسوع على الصليب، فقد يعني نجاحاً خفياً وعبوراً كتوماً إلى النور. عاد في الليل، وغاب عن الوحي العظيم لحبّ الآب (هكذا أحبّ الله العالم حتى إنه بذل ابنه، 3: 6). غير أنه حاضر هنا ساعة تتحقّق عطيّة الآب. وهو مع يوسف الرامي، تلميذ يسوع. كلاهما "أخذا جسد يسوع". ثلاثة إنجيليين رووا مسح يسوع بالطيب. نسب لوقا ومرقس العمل إلى النسوة، وجعلاها ساعة الزيارة إلى القبر. أما عند يوحنا، فالرجلان (يوسف ونيقوديمس) هما اللذان مسحا جسد يسوع يوم موته. ثم لُفّ بلفائف من الأطياب ووُضع في قبر جديد، في بستان. بدأت الآلام في بستان (18: 1) وانتهت في بستان فذكرّتنا ببستان سفر التكوين وجنّة عدن حيث خطىء الإنسان الأول. يسوع هو هنا، لا في بستان التنعّم مثل آدم الأول الذي هلك وهلك معه الجنس البشري، بل في بستان العذاب حيث خلص وخلّص معه الجنس البشري. كان تلاميذ يوحنا قد جاؤوا إلى السجن ليأخذوا جسد معلّمهم ويدفنوه في قبر (مر 6: 29). ونقول الشيء عينه عن اسطفانس بعد أن رُجم. قال لوقا إن "رجالاً أتقياء دفنوا اسطفانس وناحوا عليه مناحة عظيمة" (أع 8: 2). فمن قام بهذه الواجبات الأخيرة تجاه الموت، قد يتعرّض للخطر (طو 2: 3- 8). إن أخبار الدفن هذه قد رويت كنداء للمسيحيين لكي يتابعوا القيام بهذه الأعمال تجاه شهداء الإضطهادات الأولى. وجاء خبر دفن يسوع موسّعاً، فهيّأ أخبار اليوم الأول من الأسبوع، أي يوم الأحد. ونتوقّف بشكل خاص عند نصّ يوحنا في طريقة عرضه للأشخاص، لعملهم، لظروف المكان والزمان. إتفق الإنجيليون الأربعة حول الدور الحاسم ليوسف الرامي، وحول إسم قريته: الرامة (رامتايم، أو المرتفعان، موطن والد صموئيل، 1 صم 1: 1، شمالي شرقي اللدّ). تحدّث عنه مرقس ولوقا على أنه "رجل صالح وبار" (لو 23: 50). أما يوحنا فبدا متحفّظاً: قال (مثل متى) إنه كان تلميذ يسوع. وزاد: "في السرّ، خوفاً من اليهود" (آ 38). إذن، هو مثل طيّب عن اليهود المؤمنين الذين تحدّثنا عنهم إجمالةُ ف 12: "إن كثيرين من الأعيان آمنوا به. ولكنهم لم يجاهروا بإيمانهم بسبب الفريسيين، خشية أن يُخرجوا من المجمع. فإنهم فضّلوا مجد الناس على مجد الله" (آ 42- 43). وبعد يوسف الرامي يأتي نيقوديمس. لقد بدأ يتجاوز خوفه. وهو من سيدافع عن يسوع أمام السلطات اليهودية. قال: "أتحكم شريعتنا على إنسان من غير أن تسمع منه أولاً، وتحيط علماً بما فعل"؟ فأجابوا وقالوا له: "أوَ أنت أيضاً من الجليل"؟ هذا يعني: هل أنت من الجليليين (أع 2: 7)؟ هل أنت من تلاميذ يسوع؟ رج يو 7: 50- 52. حمل نيقوديمس الأطياب. وكانت كمّية كبيرة: مئة رطل من المرّ والعود. في خبر الدَهن في بيت عنيا (12: 3)، قال يوحنا إن مريم صبّت رطل طيب من خالص الناردين كثير الثمن. ثمنه 300 دينار أي ثلاثمئة يوم من العمل. هذا يدلّ على الكرامة السامية التي يتمتّع بها المدفون. إن "المجد" الذي يعطيه البشر لهذا المصلوب ليس بشيء (رغم الكمية الكبيرة) تجاه المجد الذي يعطيه إياه الآب (13: 32؛ 17: 5). كيف نفسرّ هذا "البستان" الذي يقع فيه القبر؟ في 20: 15، ستحسب مريم أن يسوع هو البستاني. ثم إن يوحنا حدّد موضع توقيف يسوع في "بستان" (18: 1). ظنّ علماء الآثار أن الموضع الذي دُفن فيه يسوع كان مقلعاً قديماً للحجارة. وإذ تكلّم يوحنا عن البستان لمّح إلى آدم الأول. لقد بدأ سبت اليهود، بدأت التهيئة (آ 42). هذه التهيئة هي للسبت كما للفصح اللذين يقعان معاً في تلك السنة. هذا الإنسان الضعيف الذي يُنزل عن الصليب هو حقاً الحمل المذبوح، الحمل الذي هيّأه الله لينقلنا من هذا العالم إلى الآب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنجيل يوحنا - القبض على يسوع |
أنجيل يوحنا - الحكم على يسوع |
أنجيل يوحنا - طعن يسوع |
أنجيل يوحنا - يسوع والسبت |
أنجيل يوحنا - يسوع ابن الله |