|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان أيوب في ساعات حزنه أكثر حذرًا من آدم في عرش سعادته ،ًواحد انهزم وسط المسرات، والآخر غلب وسط الآلام ، واحد وافق على ما يبدو ممتعًا، والآخر لم يذبل في الآم غاية في الرعب... لقد احتمل في جسمه ألمه، واحتمل في قلبه أخطاء الآخرين، موبخًا زوجته على غباوتها، معلمًا أصحابه الحكمة، محتفظًا بالصبر في كل الأحوال .. إن أيوب لم يقل قط : "هذا عمل الشيطان " لأن الشيطان لا يفعل شيئًا بدون سماح من ذاك الذي يدبر أموركم بقوة سلطانه، سواء للعقوبة أو التعليم؛ للعقوبة بالنسبة للأشرار والتعليم للابن. " لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ" (عب 12: 6) فَقَد أيوب أولاده وكل ما يملكه ماعدا زوجته !! التي حُفظت وحدها لأجل تجربته ! وكان آنذاك قد تغطى كله بالقُروح المميتة، وأدرك أن أصدقاءه لم يأتوا لتعزيته، بل لزيادة آلامه وتضخيمها! جاءته امرأته التي تُركت له كحواء أخرى، لتكون زميلة الشيطان عوض أن تكون معينة لرجلها. كانت توبخه دومًا وبشدة لتهز ولاءه قائلة : " قل كلمة ضد الله ومت". ومع هذا لم يسقط المنزل ،و نفسه لم تهتز من مكانها، والبار لم يجدف بل شكر الله، قائلًا: "الرب أعطى، الرب أخذ، ما يحسن في عينيه يفعل]". وقال لزوجته ؟ "تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات. أألخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل؟!! ... بذلك كان آدم الذي على المزبلة كان أكثر حكمة من آدم الذي كان في الفردوس.آدم في الفردوس أعطى أذنه للمرأة، ليطردا من الفردوس. وآدم على المزبلة طرد المرأة جانبًا فقط لكي يدخلا الفردوس . وماذا كان لآدم الذي على المزبلة ؟ من الداخل يلد خلودًا، من الخارج كان طعامًا للدود. إنه يكرر بأنه يد الله عليه حينما كان الشيطان يضرب، لأنه لم يتطلع إلي من يصوب إليه الضربة، بل إلي ذاك الذي أعطاه السلطان . فإن الشيطان نفسه بدوره دعا ذاك السلطان الذي شحذه من يد الرب . (القديس أغسطينوس ) "الرب أعطى، الرب أخذ ما يحسن في عينيه يفعل".] ايوب :٩ من أين جاءت مثل هذه الجواهر التي لمديح اللهً ؟ انظروا إنسانًا كان من الخارج فقيرًا ، لكن في الداخل كان غنيًا. هل كان يمكن لمثل هذه الجواهر أن تصدر عن شفتيه لو لم يحمل كنزًا مخفيًا في قلبه؟ فلنتمثل بصبره . ونعادله في ثقته بالله. لنتشكل حسب إيمانه دون فشل ، ولنكن ثابتين في روحه ، في صدق كلماته، في صراعه مع عدوٍ غير منظورٍ ، في عزلتهد، وفي تجاربه ، في هدوئه، في مواجهة كل ما يثورز، لنبقى أقوياء وموطدي العزم. في كل الآلام لنكن أتقياء ونتمم امتحاننا. فإننا بهذا نشترك في الأكاليل، ونكون شركاء في نصرته ، ويكون الله شاهدًا لبرِّنا. المجد له مدى الدهور آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|