كثيرون، عندما أتت لحظة موتهم، نظروا إلى ماضيهم وتأملوا ما تمموه في حياتهم بالمقابلة مع ما كانوا ينوون أن يفعلوه، فامتلأوا بالأسى والأسف، وكأنهم يقولون: ”ما أعظم ما كنت أوّد أن أفعل، وما أقل ما أنجزته بالفعل!“. أما المسيح فليس هكذا. وحتى لو كان هؤلاء أنجزوا كل ما كانوا يتمنون، فأضافوا بذلك إلى رقعة المعرفة مساحة جديدة، أو وطئوا بأقدامهم أرضًا جديدة، فما قيمة هذا كله بالمقابلة مع ذلك العمل الذي أتمه ابن الله من فوق الصليب؟ فلا غرابة في أن النطق السادس للمسيح من فوق الصليب «قد أُكمل» لم يَرِد إلا في إنجيل يوحنا فقط الذي هو إنجيل ابن الله، فمَن سوى الكلمة الأزلي الذي صار جسدًا وحلَّ بيننا، يقدر أن ينطق بمثلها؟!