منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 22 - 05 - 2021, 11:44 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,650

رِاعوث الموآبية


رِحْلَةُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي وَلِمَ ٱسْتَأْثَرَ ٱلْحُزْنَ بِهِمَا؟‏



«حيثما ذهبتِ أذهب»‏

كَيْفَ كَانَتْ رِحْلَةُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي وَلِمَ ٱسْتَأْثَرَ ٱلْحُزْنَ بِهِمَا؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلْفَارِقُ بَيْنَ رَاعُوثَ وَنُعْمِي ٱلذَّاهِبَتَيْنِ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟‏ سَارَتْ رَاعُوثُ إِلَى جَانِبِ نُعْمِي فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَخْتَرِقُ سُهُولَ مُوآبَ ٱلْمُرْتَفِعَةَ.‏ كَانَتْ هَاتَانِ ٱلْمَرْأَتَانِ مَغْلُوبَتَيْنِ عَلَى أَمْرِهِمَا،‏ وَحِيدَتَيْنِ فِي تِلْكَ ٱلرِّحَابِ ٱلشَّاسِعَةِ ٱلَّتِي تَعْصِفُ بِهَا ٱلرِّيَاحُ.‏ تَخَيَّلْ رَاعُوثَ تُلَاحِظُ ٱلشَّمْسَ تُشَمِّرُ لِلْغُرُوبِ،‏ فَتَنْظُرُ إِلَى حَمَاتِهَا مُتَسَائِلَةً هَلْ حَانَ ٱلْوَقْتُ لِإِيجَادِ مَكَانٍ تَأْوِيَانِ إِلَيْهِ.‏ إِنَّهَا تُحِبُّ نُعْمِي مَحَبَّةً شَدِيدَةً،‏ وَهِيَ مُسْتَعِدَّةٌ أَنْ تَبْذُلَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِهَا كَيْ تَعْتَنِيَ بِهَا.‏
٢ اَلْحُزْنُ مُسْتَأْثِرٌ بِقَلْبِ هَاتَيْنِ ٱلْمَرْأَتَيْنِ.‏ فَنُعْمِي،‏ ٱلَّتِي تَرَمَّلَتْ مُنْذُ سِنِينَ،‏ مَحْزُونَةٌ ٱلْآنَ لِوَفَاةِ ٱبْنَيْهَا كِلْيُونَ وَمَحْلُونَ.‏ وَرَاعُوثُ مُغْتَمَّةٌ بِسَبَبِ مَوْتِ زَوْجِهَا مَحْلُونَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمَا تَقْصِدَانِ ٱلْوُجْهَةَ عَيْنَهَا،‏ بَلْدَةَ بَيْتَ لَحْمَ فِي إِسْرَائِيلَ،‏ وَلٰكِنْ ثَمَّةَ فَارِقٌ بَيْنَهُمَا.‏ فَنُعْمِي عَائِدَةٌ إِلَى دِيَارِهَا،‏ أَمَّا رَاعُوثُ فَمُتَّجِهَةٌ إِلَى ٱلْمَجْهُولِ،‏ تَارِكَةً وَرَاءَهَا أَنْسِبَاءَهَا وَمَوْطِنَهَا وَعَادَاتِهَا وَآلِهَتَهَا.‏ —‏ اقرأ راعوث ١:‏​٣-‏٦‏.‏
٣ أَيُّ سُؤَالَيْنِ تُسَاعِدُنَا أَجْوِبَتُهُمَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِإِيمَانِ رَاعُوثَ؟‏
٣ فَمَاذَا يَدْفَعُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةَ ٱلْمُوآبِيَّةَ إِلَى قَلْبِ حَيَاتِهَا رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ؟‏ وَمِنْ أَيْنَ لَهَا ٱلْقُوَّةُ لِتَبْدَأَ حَيَاةً جَدِيدَةً وَتَهْتَمَّ بِنُعْمِي؟‏ سَتَكْشِفُ لَنَا أَجْوِبَةُ هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ ٱلْكَثِيرَ عَنْ إِيمَانِ رَاعُوثَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلِٱقْتِدَاءِ.‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْإِطَارَ «‏ تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ‏».‏)‏ وَلٰكِنْ لِنَرَ بِدَايَةً كَيْفَ حَدَثَ أَنْ تَرَافَقَتِ ٱلْمَرْأَتَانِ فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلطَّوِيلَةِ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ.‏
عَائِلَةٌ تَمَزَّقَ شَمْلُهَا

٤،‏ ٥ ‏(‏أ)‏ لِمَ ٱنْتَقَلَتْ نُعْمِي وَعَائِلَتُهَا إِلَى مُوآبَ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَتْهَا نُعْمِي هُنَاكَ؟‏
٤ تَرَعْرَعَتْ رَاعُوثُ فِي مُوآبَ،‏ بَلَدٍ صَغِيرٍ شَرْقِيَّ ٱلْبَحْرِ ٱلْمَيِّتِ تَتَنَاثَرُ فِي مُعْظَمِ أَرَاضِيهِ هِضَابٌ مُرْتَفِعَةٌ تَكْسُوهَا ٱلْأَشْجَارُ وَتَشُقُّهَا ٱلْوِدْيَانُ ٱلْعَمِيقَةُ.‏ وَلَطَالَمَا كَانَتْ «بِلَادُ مُوآبَ» أَرْضًا زِرَاعِيَّةً خِصْبَةً حَتَّى أَثْنَاءَ ٱلْمَجَاعَةِ ٱلَّتِي ضَرَبَتْ إِسْرَائِيلَ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ كَانَ هٰذَا هُوَ ٱلسَّبَبَ وَرَاءَ لِقَاءِ رَاعُوثَ بِمَحْلُونَ وَعَائِلَتِهِ.‏ —‏ را ١:‏١‏.‏
٥ فَحِينَ حَلَّتِ ٱلْمَجَاعَةُ بِإِسْرَائِيلَ،‏ ٱرْتَأَى أَلِيمَالِكُ زَوْجُ نُعْمِي أَنْ يُغَادِرَ مَوْطِنَهُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ وَٱبْنَاهُ وَيَتَغَرَّبَ فِي مُوآبَ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةَ ٱمْتَحَنَتْ إِيمَانَ كُلِّ فَرْدٍ فِي ٱلْعَائِلَةِ.‏ فَقَدْ كَانَ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ تَقْدِيمُ ٱلْعِبَادَةِ بِٱنْتِظَامٍ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ يَهْوَهُ.‏ (‏تث ١٦:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ نُعْمِي نَجَحَتْ فِي ٱلْحِفَاظِ عَلَى إِيمَانِهَا.‏ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَعْنِي أَنَّ ٱلْأَسَى لَمْ يَغَمُرْ قَلْبَهَا لَدَى مَوْتِ زَوْجِهَا.‏ —‏ را ١:‏​٢،‏ ٣‏.‏
٦،‏ ٧ ‏(‏أ)‏ لِمَاذَا رُبَّمَا خَابَ أَمَلُ نُعْمِي حِينَ تَزَوَّجَ وَلَدَاهَا مِنْ مُوآبِيَّتَيْنِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مُعَامَلَةُ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا جَدِيرَةٌ بِٱلثَّنَاءِ؟‏
٦ لَعَلَّ نُعْمِي تَأَلَّمَتْ أَيْضًا حِينَ تَزَوَّجَ ٱبْنَاهَا لَاحِقًا ٱمْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ.‏ (‏را ١:‏٤‏)‏ فَقَدْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ سَلَفَهَا إِبْرَاهِيمَ لَمْ يُوَفِّرْ جُهْدًا كَيْ يَأْخُذَ لِٱبْنِهِ إِسْحَاقَ زَوْجَةً مِنْ بَنِي شَعْبِهِ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ يَهْوَهَ.‏ (‏تك ٢٤:‏​٣،‏ ٤‏)‏ هٰذَا وَإِنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ حَذَّرَتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ لِئَلَّا يُصَاهِرُوا ٱلْغُرَبَاءَ،‏ خَشْيَةَ أَنْ يَقَعُوا فِي شَرَكِ ٱلصَّنَمِيَّةِ.‏ —‏ تث ٧:‏​٣،‏ ٤‏.‏
٧ مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَزَوَّجَ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ فَتَاتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ.‏ وَسَوَاءٌ خَيَّبَ ذٰلِكَ أَمَلَ نُعْمِي أَوْ لَا،‏ فَقَدْ حَرِصَتْ عَلَى مَا يَتَّضِحُ أَنْ تُعَامِلَ كَنَّتَيْهَا رَاعُوثَ وَعُرْفَةَ بِمُنْتَهَى ٱللُّطْفِ وَٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَلَرُبَّمَا أَمَلَتْ أَنْ تُصْبِحَا ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ عُبَّادِ يَهْوَهَ مِثْلَهَا.‏ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ،‏ تَعَلَّقَتْ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ بِحَمَاتِهِمَا.‏ وَهٰذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ ٱلْوَثِيقَةُ سَاعَدَتْهُمَا حِينَ حَلَّتْ بِهِمَا ٱلْمَأْسَاةُ.‏ فَكِلْتَاهُمَا تَرَمَّلَتَا قَبْلَ أَنْ تُرْزَقَا بِوَلَدٍ.‏ —‏ را ١:‏٥‏.‏
٨ مَاذَا رُبَّمَا جَذَبَ رَاعُوثَ إِلَى يَهْوَهَ؟‏
٨ هَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ خَلْفِيَّةَ رَاعُوثَ ٱلدِّينِيَّةَ هَيَّأَتْهَا لِمُوَاجَهَةِ مُصِيبَتِهَا؟‏ هٰذَا مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا.‏ فَٱلْمُوآبِيُّونَ عَبَدُوا آلِهَةً عَدِيدَةً كَانَ كَمُوشُ كَبِيرَهَا.‏ (‏عد ٢١:‏٢٩‏)‏ وَكَمَا يَبْدُو،‏ لَمْ يَخْلُ ٱلدِّينُ ٱلْمُوآبِيُّ مِنَ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْوَحْشِيَّةِ ٱلْمُرِيعَةِ ٱلَّتِي تَفَشَّتْ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ ٱلْأَوْلَادِ ذَبَائِحَ حَيَّةً.‏ إِذًا،‏ لَا رَيْبَ أَنَّ مَا تَعَلَّمَتْهُ رَاعُوثُ مِنْ مَحْلُونَ أَوْ نُعْمِي عَنْ يَهْوَهَ،‏ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ ٱلْمُحِبِّ وَٱلرَّحِيمِ،‏ أَحْدَثَ فِي نَفْسِهَا وَقْعًا كَبِيرًا لِتَبَايُنِهِ ٱلصَّارِخِ مَعَ دِينِهَا.‏ فَيَهْوَهُ يَحْكُمُ بِمَحَبَّةٍ لَا بِإِلْقَاءِ ٱلرُّعْبِ فِي ٱلنُّفُوسِ كَآلِهَتِهَا.‏ ‏(‏اقرإ التثنية ٦:‏٥‏.‏‏)‏ وَيَجُوزُ أَنَّهَا بَعْدَ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي أَلَمَّتْ بِهَا،‏ بَاتَتْ أَقْرَبَ إِلَى حَمَاتِهَا ٱلْمُسِنَّةِ نُعْمِي وَأَكْثَرَ تَوْقًا إِلَى سَمَاعِهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ يَهْوَهَ ٱلْكُلِّيِّ ٱلْقُدْرَةِ،‏ أَعْمَالِهِ ٱلْعَجِيبَةِ،‏ وَتَعَامُلَاتِهِ ٱلْمُحِبَّةِ وَٱلرَّحِيمَةِ مَعَ شَعْبِهِ.‏
أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ بِٱلِٱقْتِرَابِ أَكْثَرَ مِنْ نُعْمِي خِلَالَ ٱلْمِحَنِ


٩-‏١١ ‏(‏أ)‏ مَاذَا قَرَّرَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ وَعُرْفَةُ أَنْ يَفْعَلْنَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تُعَلِّمُنَا ٱلْمَآسِي ٱلَّتِي نَزَلَتْ بِٱلنِّسَاءِ ٱلثَّلَاثِ؟‏
٩ كَانَتْ نُعْمِي مُتَشَوِّقَةً لِتَلَقِّي أَيِّ خَبَرٍ عَنْ مَوْطِنِهَا.‏ وَذَاتَ يَوْمٍ سَمِعَتْ،‏ رُبَّمَا مِنْ أَحَدِ ٱلتُّجَّارِ ٱلْجَائِلِينَ،‏ أَنَّ يَهْوَهَ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ وَأَنْهَى ٱلْمَجَاعَةَ فِي إِسْرَائِيلَ.‏ وَهَا هِيَ بَيْتَ لَحْمُ،‏ ٱلَّتِي تَعْنِي «بَيْتَ ٱلْخُبْزِ»،‏ قَدْ عَادَتِ ٱسْمًا عَلَى مُسَمًّى.‏ عِنْدَئِذٍ قَرَّرَتِ ٱلرُّجُوعَ إِلَى دِيَارِهَا.‏ —‏ را ١:‏٦‏.‏
١٠ وَمَاذَا فَعَلَتْ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ؟‏ (‏را ١:‏٧‏)‏ لَقَدْ قَرَّرَتَا مُرَافَقَةَ حَمَاتِهِمَا إِلَى يَهُوذَا.‏ فَمُصَابُ أُولٰئِكَ ٱلْأَرَامِلِ ٱلثَّلَاثِ قَرَّبَهُنَّ ٱلْوَاحِدَةَ مِنَ ٱلْأُخْرَى.‏ وَيَبْدُو أَنَّ رَاعُوثَ خُصُوصًا تَأَثَّرَتْ كَثِيرًا بِلُطْفِ نُعْمِي وَإِيمَانِهَا ٱلرَّاسِخِ بِيَهْوَهَ.‏
١١ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْقِصَّةُ أَنَّ ٱلْمَآسِيَ وَٱلْمِحَنَ تُصِيبُ ٱلصَّالِحِينَ وَٱلطَّالِحِينَ عَلَى ٱلسَّوَاءِ.‏ (‏جا ٩:‏​٢،‏ ١١‏)‏ وَتُظْهِرُ لَنَا أَنَّ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ،‏ عِنْدَمَا نَخْسَرُ شَخْصًا نُحِبُّهُ،‏ أَنْ نَسْتَلْهِمَ ٱلْعَزَاءَ وَٱلصَّبْرَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ،‏ وَلَا سِيَّمَا ٱلَّذِينَ يَحْتَمُونَ بِيَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي تَعَبَّدَتْ لَهُ نُعْمِي.‏ —‏ ام ١٧:‏١٧‏.‏


رَاعُوثُ ٱلْوَلِيَّةُ

١٢،‏ ١٣ لِمَ أَرَادَتْ نُعْمِي أَنْ تَظَلَّ رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ فِي مَوْطِنِهِمَا،‏ وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِهِمَا فِي ٱلْبِدَايَةِ؟‏
١٢ فِيمَا سَارَتِ ٱلْأَرَامِلُ ٱلثَّلَاثُ فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ،‏ شَغَلَ بَالَ نُعْمِي هَمٌّ آخَرُ.‏ فَقَدْ أَخَذَتْ تُفَكِّرُ بِكَنَّتَيْهَا ٱلشَّابَّتَيْنِ وَمَا أَظْهَرَتَا لَهَا وَلِٱبْنَيْهَا مِنْ مَحَبَّةٍ وَوَلَاءٍ.‏ فَهَلْ يُعْقَلُ أَنْ تَزِيدَ عَذَابَهُمَا عَذَابًا وَتَأْخُذَهُمَا مَعَهَا إِلَى بَيْتَ لَحْمَ؟‏ أَيُّ مَصِيرٍ يَنْتَظِرُهُمَا هُنَاكَ؟‏
١٣ لِذَا قَالَتْ لَهُمَا:‏ «اِذْهَبَا وَلْتَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا.‏ وَلْيَصْنَعْ يَهْوَهُ لُطْفًا حُبِّيًّا إِلَيْكُمَا،‏ كَمَا صَنَعْتُمَا إِلَى ٱلرَّجُلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ مَاتَا وَإِلَيَّ».‏ وَعَبَّرَتْ أَيْضًا عَنْ أَمَلِهَا أَنْ يُنْعِمَ يَهْوَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِزَوْجٍ آخَرَ وَحَيَاةٍ جَدِيدَةٍ.‏ تُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «ثُمَّ قَبَّلَتْهُمَا،‏ فَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ».‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ رَاعُوثَ وَعُرْفَةَ تَعَلَّقَتَا إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ بِحَمَاتِهِمَا ٱلطَّيِّبَةِ وَغَيْرِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.‏ لِذَا أَلَحَّتَا كِلْتَاهُمَا:‏ «لَا،‏ بَلْ نَرْجِعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ».‏ —‏ را ١:‏​٨-‏١٠‏.‏
١٤،‏ ١٥ ‏(‏أ)‏ إِلَى مَاذَا رَجَعَتْ عُرْفَةُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ حَاوَلَتْ نُعْمِي إِقْنَاعَ رَاعُوثَ بِتَرْكِهَا؟‏
١٤ غَيْرَ أَنَّ نُعْمِي أَصَرَّتْ عَلَى رَأْيِهَا مُوْضِحَةً أَنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَهُمَا فِي إِسْرَائِيلَ.‏ فَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ يُعِيلُهَا،‏ وَقَدْ فَاتَ ٱلْأَوَانُ أَنْ تَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً.‏ وَلَا أَمَلَ أَنْ تُنْجِبَ ٱبْنَيْنِ لِيَتَزَوَّجَا مِنْهُمَا.‏ وَعَبَّرَتْ أَيْضًا أَنَّ فِي قَلْبِهَا مَرَارَةً شَدِيدَةً لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ ٱلِٱعْتِنَاءِ بِهِمَا.‏ عِنْدَئِذٍ،‏ أَحَسَّتْ عُرْفَةُ أَنَّ نُعْمِي مُصِيبَةٌ فِي كَلَامِهَا.‏ فَلِمَ تَذْهَبُ مَعَهَا وَهِيَ تَحْظَى بِعَائِلَةٍ فِي مُوآبَ وَبِأُمٍّ تَهْتَمُّ بِهَا وَبِبَيْتٍ تَسْتَقِرُّ فِيهِ؟‏ لِذَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهَا أَنْ تَظَلَّ فِي بَلَدِهَا.‏ فَقَبَّلَتْ نُعْمِي وَوَدَّعَتْهَا مُتَأَلِّمَةً لِفِرَاقِهَا،‏ ثُمَّ عَادَتْ إِلَى مَوْطِنِهَا.‏ —‏ را ١:‏​١١-‏١٤‏.‏
١٥ وَلٰكِنْ مَاذَا عَنْ رَاعُوثَ؟‏ مَعَ أَنَّ مَا قَالَتْهُ نُعْمِي يَصِحُّ فِيهَا هِيَ ٱلْأُخْرَى،‏ تُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «أَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا».‏ وَلَرُبَّمَا كَانَتْ نُعْمِي قَدِ ٱسْتَأْنَفَتِ ٱلسَّيْرَ حِينَ لَاحَظَتْ أَنَّ رَاعُوثَ تَمْشِي وَرَاءَهَا،‏ فَحَثَّتْهَا قَائِلَةً:‏ «هَا سِلْفَتُكِ ٱلْأَرْمَلَةُ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا.‏ فَٱرْجِعِي أَنْتِ مَعَ سِلْفَتِكِ ٱلْأَرْمَلَةِ».‏ (‏را ١:‏١٥‏)‏ تَكْشِفُ كَلِمَاتُ نُعْمِي هٰذِهِ تَفْصِيلًا مُهِمًّا:‏ لَمْ تَرْجِعْ عُرْفَةُ إِلَى شَعْبِهَا فَحَسْبُ،‏ بَلْ إِلَى «آلِهَتِهَا» أَيْضًا.‏ فَهِيَ لَمْ تُمَانِعْ أَنْ تَسْتَمِرَّ فِي عِبَادَةِ كَمُوشَ وَغَيْرِهِ مِنَ ٱلْآلِهَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ فَهَلْ هٰذَا مَا شَعَرَتْ بِهِ رَاعُوثُ؟‏
١٦-‏١٨ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا صُوَرَ ٱلْمَرْأَتَيْنِ.‏)‏
١٦ فِيمَا سَارَتْ رَاعُوثُ وَحَمَاتُهَا فِي طَرِيقِهِمَا ٱلْمُوحِشِ،‏ عَبَّرَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ بِكُلِّ ثِقَةٍ عَنْ مَشَاعِرِهَا.‏ فَهِيَ أَكَنَّتْ مَحَبَّةً شَدِيدَةً لِنُعْمِي وَإِلٰهِهَا،‏ قَائِلَةً:‏ «لَا تَتَوَسَّلِي إِلَيَّ كَيْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجِعَ عَنْ مُرَافَقَتِكِ،‏ لِأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبْ،‏ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِتْ.‏ شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي،‏ وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي.‏ وَحَيْثُمَا مُتِّ أَمُتْ،‏ وَهُنَاكَ أُدْفَنُ.‏ لِيَفْعَلْ يَهْوَهُ بِي هٰكَذَا وَلْيَزِدْ إِنْ فَصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ غَيْرُ ٱلْمَوْتِ».‏ —‏ را ١:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏
‏«شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي،‏ وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي»‏


١٧ يَا لَهَا مِنْ كَلِمَاتٍ رَائِعَةٍ!‏ فَرَغْمَ مُرُورِ ٣٬٠٠٠ سَنَةٍ،‏ لَا يَزَالُ صَدَاهَا يَتَرَدَّدُ إِلَى يَوْمِنَا هٰذَا.‏ إِنَّهَا تَكْشِفُ بِوُضُوحٍ سِمَةً رَائِعَةً تَحَلَّتْ بِهَا هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ:‏ اَلْمَحَبَّةَ ٱلْمَجْبُولَةَ بِٱلْوَلَاءِ.‏ فَقَدْ أَعْرَبَتْ لِحَمَاتِهَا عَنْ مَحَبَّةٍ قَوِيَّةٍ وَوَلَاءٍ لَا يَنْثَلِمُ إِلَى حَدِّ أَنَّهَا صَمَّمَتْ عَلَى مُرَافَقَتِهَا أَيْنَمَا تَذْهَبُ.‏ وَمَا كَانَ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا سِوَى ٱلْمَوْتِ!‏ فَشَعْبُ نُعْمِي كَانَ سَيُصْبِحُ شَعْبَ رَاعُوثَ ٱلَّتِي أَبْدَتِ ٱسْتِعْدَادًا لِلتَّخَلِّي عَنْ كُلِّ مَا لَهَا فِي مَوْطِنِهَا،‏ حَتَّى عَنِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْمُوآبِيَّةِ.‏ وَبِخِلَافِ عُرْفَةَ،‏ ٱسْتَطَاعَتِ ٱلْقَوْلَ بِكُلِّ جَوَارِحِهَا إِنَّهَا تُرِيدُ هِيَ أَيْضًا أَنْ تَعْبُدَ يَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهَ ٱلَّذِي تَعْبُدُهُ نُعْمِي.‏ *
١٨ وَهٰكَذَا،‏ مَضَتْ هَاتَانِ ٱلْمَرْأَتَانِ وَحِيدَتَيْنِ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلطَّوِيلِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى بَيْتَ لَحْمَ.‏ وَلَعَلَّ رِحْلَتَهُمَا ٱسْتَغْرَقَتْ أُسْبُوعًا كَامِلًا بِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ تَرَافُقَهُمَا مَعًا صَبَّرَهُمَا وَعَزَّاهُمَا بَعْضَ ٱلشَّيْءِ.‏
١٩ بِرَأْيِكَ،‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمَحَبَّةِ رَاعُوثَ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ فِي حَيَاتِنَا ٱلْعَائِلِيَّةِ،‏ مَعَ أَصْدِقَائِنَا،‏ وَفِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏
١٩ فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ ٱلَّتِي يَدْعُوهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ «أَزْمِنَةً حَرِجَةً»،‏ لَا أَحَدَ مِنَّا بِمَنْأًى عَنِ ٱلْحُزْنِ وَٱلْأَسَى.‏ (‏٢ تي ٣:‏١‏)‏ لِذَا فَإِنَّ ٱلصِّفَةَ ٱلَّتِي تَحَلَّتْ بِهَا رَاعُوثُ ضَرُورِيَّةٌ ٱلْآنَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى.‏ فَٱلْمَحَبَّةُ ٱلْمَجْبُولَةُ بِٱلْوَلَاءِ ٱلَّتِي تَحْمِلُنَا أَنْ نَتَعَلَّقَ بِأَحَدٍ وَلَا نُفَارِقَهُ مَهْمَا حَصَلَ تُسَاعِدُنَا كَثِيرًا فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمُظْلِمِ.‏ فَنَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي ٱلزَّوَاجِ،‏ ٱلْعَلَاقَاتِ ٱلْعَائِلِيَّةِ،‏ ٱلصَّدَاقَاتِ،‏ وَٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ ‏(‏اقرأ ١ يوحنا ٤:‏​٧،‏ ٨،‏ ٢٠‏.‏‏)‏ وَحِينَ نُنَمِّي هٰذَا ٱلنَّوْعَ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ،‏ نُبَرْهِنُ أَنَّنَا نَقْتَدِي بِمِثَالِ رَاعُوثَ ٱلْبَدِيعِ.‏


رَاعُوثُ وَنُعْمِي فِي بَيْتَ لَحْمَ

٢٠-‏٢٢ ‏(‏أ)‏ أَيُّ أَثَرٍ تَرَكَتْهُ ٱلْحَيَاةُ فِي مُوآبَ عَلَى نُعْمِي؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ نَظْرَةٍ خَاطِئَةٍ تَبَنَّتْهَا نُعْمِي تِجَاهَ ٱلْمَصَائِبِ ٱلَّتِي نَزَلَتْ بِهَا؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا يعقوب ١:‏١٣‏.‏)‏
٢٠ شَتَّانَ مَا بَيْنَ ٱلتَّكَلُّمِ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ وَتَرْجَمَتِهَا إِلَى عَمَلٍ.‏ وَرَاعُوثُ تَسَنَّتْ لَهَا ٱلْفُرْصَةُ أَنْ تُبَرْهِنَ بِٱلْأَعْمَالِ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ تِجَاهَ نُعْمِي وَتِجَاهَ يَهْوَهَ أَيْضًا ٱلَّذِي ٱتَّخَذَتْهُ إِلٰهًا لَهَا.‏
٢١ لَقَدْ وَصَلَتِ ٱلْمَرْأَتَانِ إِلَى بَلْدَةِ بَيْتَ لَحْمَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ نَحْوَ عَشَرَةَ كِيلُومِتْرَاتٍ جَنُوبَ أُورُشَلِيمَ.‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ كَانَتْ نُعْمِي وَعَائِلَتُهَا مَعْرُوفِينَ جَيِّدًا فِي هٰذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلصَّغِيرَةِ،‏ لِأَنَّ ٱلْمَكَانَ كُلَّهُ ضَجَّ بِخَبَرِ عَوْدَتِهَا.‏ وَرَاحَتِ ٱلنِّسَاءُ يُحَدِّقْنَ إِلَيْهَا وَيَقُلْنَ:‏ «أَهٰذِهِ نُعْمِي؟‏».‏ فَكَمَا يَتَّضِحُ،‏ تَغَيَّرَتْ مَلَامِحُهَا بَعْدَ إِقَامَتِهَا فِي مُوآبَ.‏ فَسَنَوَاتُ ٱلشَّقَاءِ وَٱلْحُزْنِ طَبَعَتْ بَصَمَاتِهَا عَلَى وَجْهِهَا وَمَظْهَرِهَا.‏ —‏ را ١:‏١٩‏.‏
٢٢ بَعْدَ هٰذِهِ ٱلْغَيْبَةِ ٱلطَّوِيلَةِ،‏ أَخَذَتْ نُعْمِي تُخْبِرُ نَسِيبَاتِهَا وَجَارَاتِهَا ٱلْقُدَامَى كَمْ أَصْبَحَتْ حَيَاتُهَا مُرَّةً.‏ وَشَعَرَتْ أَيْضًا أَنَّ ٱسْمَهَا يَجِبُ أَنْ يَتَغَيَّرَ مِنْ نُعْمِي،‏ ٱلَّذِي يَعْنِي «نِعْمَتِي»،‏ إِلَى «مُرَّةٍ».‏ فَعَلَى غِرَارِ أَيُّوبَ ٱلَّذِي عَاشَ قَبْلَهَا،‏ ظَنَّتْ هٰذِهِ ٱلْمِسْكِينَةُ أَنَّ يَهْوَهَ ٱللهَ هُوَ مَنْ أَنْزَلَ بِهَا ٱلْمَصَائِبَ.‏ —‏ را ١:‏​٢٠،‏ ٢١؛‏ اي ٢:‏١٠؛‏ ١٣:‏​٢٤-‏٢٦‏.‏
٢٣ فِيمَ بَدَأَتْ رَاعُوثُ تُفَكِّرُ،‏ وَأَيُّ تَدْبِيرٍ تَضَمَّنَتْهُ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏
٢٣ بَعْدَمَا ٱسْتَقَرَّتِ ٱلْمَرْأَتَانِ فِي بَيْتَ لَحْمَ،‏ بَدَأَتْ رَاعُوثُ تُفَكِّرُ كَيْفَ عَسَاهَا تُؤَمِّنُ لُقْمَةَ ٱلْعَيْشِ لَهَا وَلِنُعْمِي.‏ فَعَرَفَتْ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَهُ لِشَعْبِهِ فِي إِسْرَائِيلَ تَضَمَّنَتْ تَدْبِيرًا حُبِّيًّا لِلْفُقَرَاءِ.‏ فَقَدْ سُمِحَ لَهُمْ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْحُقُولِ وَقْتَ ٱلْحَصَادِ لِيَلْتَقِطُوا مَا يُتْرَكُ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ،‏ وَمَا يَنْمُو عِنْدَ أَطْرَافِ ٱلْحُقُولِ.‏ * —‏ لا ١٩:‏​٩،‏ ١٠؛‏ تث ٢٤:‏​١٩-‏٢١‏.‏
٢٤،‏ ٢٥ مَاذَا فَعَلَتْ رَاعُوثُ حِينَ دَخَلَتْ بِٱلصُّدْفَةِ حَقْلًا لِبُوعَزَ،‏ وَعَلَامَ يَنْطَوِي عَمَلُ ٱللُّقَاطِ؟‏
٢٤ وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ قَدْ حَلَّ،‏ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي شَهْرِ نَيْسَانَ (‏إِبْرِيل)‏ حَسَبَ تَقْوِيمِنَا ٱلْحَالِيِّ،‏ قَصَدَتْ رَاعُوثُ ٱلْحُقُولَ لِتَرَى مَنْ يَسْمَحُ لَهَا أَنْ تَلْتَقِطَ فِي أَرْضِهِ.‏ فَٱتَّفَقَ أَنْ دَخَلَتْ حَقْلًا لِبُوعَزَ،‏ رَجُلٍ ثَرِيٍّ يَمْلِكُ أَرَاضِيَ كَثِيرَةً وَذِي قَرَابَةٍ لِأَلِيمَالِكَ زَوْجِ نُعْمِي.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ أَعْطَتْهَا ٱلْحَقَّ أَنْ تَلْتَقِطَ،‏ لَمْ تَعْتَبِرْ ذٰلِكَ تَحْصِيلَ حَاصِلٍ،‏ إِنَّمَا ٱسْتَأْذَنَتْ أَوَّلًا ٱلْفَتَى ٱلْقَائِمَ عَلَى ٱلْحَصَّادِينَ وَمِنْ ثُمَّ بَاشَرَتِ ٱلْعَمَلَ.‏ —‏ را ١:‏٢٢–‏٢:‏​٣،‏ ٧‏.‏
٢٥ تَخَيَّلْهَا تَسِيرُ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ.‏ فَفِيمَا رَاحُوا يَحْصُدُونَ ٱلشَّعِيرَ بِمَنَاجِلِهِمِ،‏ ٱنْحَنَتْ لِتَلْتَقِطَ مَا يَقَعُ أَوْ يُتْرَكُ مِنَ ٱلسَّنَابِلِ،‏ فَتَحْزِمُهَا حُزَمًا،‏ ثُمَّ تَأْخُذُهَا إِلَى مَكَانٍ لِتَخْبِطَهَا لَاحِقًا.‏ كَانَ هٰذَا عَمَلًا مُضْنِيًا يَسْتَغْرِقُ وَقْتًا طَوِيلًا وَيَزْدَادُ صُعُوبَةً مَعَ ٱشْتِدَادِ حَرَارَةِ ٱلشَّمْسِ.‏ غَيْرَ أَنَّ رَاعُوثَ عَمِلَتْ دُونَ تَرَاخٍ،‏ وَلَمْ تَتَوَقَّفْ إِلَّا لِتَمْسَحَ ٱلْعَرَقَ ٱلْمُتَصَبِّبَ مِنْ جَبِينِهَا وَتَتَنَاوَلَ غَدَاءً بَسِيطًا فِي «ٱلْبَيْتِ» ٱلَّذِي كَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَكَانًا يَسْتَظِلُّ بِهِ ٱلْعُمَّالُ.‏
كَانَتْ رَاعُوثُ مُسْتَعِدَّةً لِلْقِيَامِ بِعَمَلٍ وَضِيعٍ وَشَاقٍّ لِتُؤَمِّنَ لُقْمَةَ ٱلْعَيْشِ لَهَا وَلِنُعْمِي


٢٦،‏ ٢٧ أَيُّ شَخْصِيَّةٍ تَحَلَّى بِهَا بُوعَزُ،‏ وَكَيْفَ عَامَلَ رَاعُوثَ؟‏
٢٦ يُسْتَبْعَدُ أَنَّ رَاعُوثَ أَمَلَتْ أَوْ تَوَقَّعَتْ أَنْ تَسْتَرْعِيَ ٱلِٱنْتِبَاهَ،‏ لٰكِنَّ هٰذَا مَا حَدَثَ.‏ فَقَدْ أَتَى بُوعَزُ،‏ رَجُلٌ إِيمَانُهُ بَارِزٌ،‏ وَحَيَّا حَصَّادِيهِ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ عُمَّالًا يَوْمِيِّينَ أَوْ غُرَبَاءَ أَيْضًا،‏ قَائِلًا:‏ «يَهْوَهُ مَعَكُمْ».‏ فَرَدُّوا عَلَيْهِ ٱلتَّحِيَّةَ بِمِثْلِهَا.‏ وَبَعْدَمَا رَأَى رَاعُوثَ،‏ سَأَلَ ٱلْفَتَى ٱلْقَائِمَ عَلَى ٱلْعُمَّالِ مَنْ تَكُونُ ٱلْفَتَاةُ.‏ فَهٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمُسِنُّ ٱلَّذِي يُحِبُّ يَهْوَهَ أَعْرَبَ عَنِ ٱهْتِمَامٍ أَبَوِيٍّ بِهَا.‏ —‏ را ٢:‏​٤-‏٧‏.‏
٢٧ لِذَا أَوْصَاهَا،‏ دَاعِيًا إِيَّاهَا «يَا ٱبْنَتِي»،‏ أَلَّا تَلْتَقِطَ فِي حَقْلٍ آخَرَ وَأَنْ تُلَازِمَ فَتَيَاتِهِ،‏ خَدَمَ بَيْتِهِ،‏ كَيْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهَا أَيٌّ مِنَ ٱلْعُمَّالِ.‏ وَحَرِصَ أَيْضًا أَنْ تَحْصُلَ عَلَى ٱلطَّعَامِ وَقْتَ ٱلْغَدَاءِ.‏ ‏(‏اقرأ راعوث ٢:‏​٨،‏ ٩،‏ ١٤‏.‏‏)‏ لٰكِنَّ ٱلْأَهَمَّ أَنَّهُ مَدَحَهَا وَشَجَّعَهَا.‏ كَيْفَ؟‏
٢٨،‏ ٢٩ ‏(‏أ)‏ أَيُّ صِيتٍ ٱكْتَسَبَتْهُ رَاعُوثُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ عَسَاكَ تَحْتَمِي بِيَهْوَهَ مِثْلَ رَاعُوثَ؟‏
٢٨ حِينَ سَأَلَتْهُ رَاعُوثُ كَيْفَ وَجَدَتْ هِيَ ٱلْغَرِيبَةُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْهِ،‏ أَجَابَهَا أَنَّهُ أُخْبِرَ بِكُلِّ مَا فَعَلَتْهُ بِحَمَاتِهَا.‏ فَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ أَشَادَتْ نُعْمِي بِكَنَّتِهَا ٱلْمَحْبُوبَةِ لَدَى نِسَاءِ بَيْتَ لَحْمَ،‏ فَبَلَغَ ٱلْكَلَامُ مَسَامِعَ بُوعَزَ.‏ كَمَا عَلِمَ أَنَّ رَاعُوثَ ٱعْتَنَقَتْ عِبَادَةَ يَهْوَهَ،‏ إِذْ قَالَ لَهَا:‏ «لِيُكَافِئْ يَهْوَهُ عَمَلَكِ،‏ وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلًا مِنْ عِنْدِ يَهْوَهَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ،‏ ٱلَّذِي جِئْتِ لِتَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ».‏ —‏ را ٢:‏١٢‏.‏
٢٩ لَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَمَدَّتْ رَاعُوثَ بِتَشْجِيعٍ كَبِيرٍ.‏ فَهِيَ بِٱلْفِعْلِ صَمَّمَتْ عَلَى ٱلِٱحْتِمَاءِ تَحْتَ جَنَاحَيْ يَهْوَهَ ٱللهِ،‏ مِثْلَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلَّذِي يَسْتَكِنُّ بِأَمَانٍ تَحْتَ جَنَاحَيْ أُمِّهِ.‏ وَقَدْ شَكَرَتْ بُوعَزَ عَلَى كَلَامِهِ ٱلْمُطَمْئِنِ،‏ وَبَقِيَتْ تَلْتَقِطُ فِي ٱلْحَقْلِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ.‏ —‏ را ٢:‏​١٣،‏ ١٧‏.‏
٣٠،‏ ٣١ أَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ رَاعُوثَ حَوْلَ ٱلْعَمَلِ،‏ ٱلتَّقْدِيرِ،‏ وَٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَجْبُولَةِ بِٱلْوَلَاءِ؟‏
٣٠ رَسَمَتْ رَاعُوثُ بِإِيمَانِهَا ٱلْحَيِّ مِثَالًا رَائِعًا لَنَا ٱلْيَوْمَ نَحْنُ ٱلَّذِينَ نُوَاجِهُ ضُغُوطًا ٱقْتِصَادِيَّةً كَبِيرَةً.‏ فَهِيَ لَمْ تَحْسِبْ أَنَّ ٱلْآخَرِينَ مُجْبَرُونَ عَلَى مُسَاعَدَتِهَا،‏ لِذٰلِكَ قَدَّرَتْ كُلَّ مَا قُدِّمَ لَهَا.‏ وَلَمْ تَخْجَلْ أَنْ تَقُومَ بِعَمَلٍ وَضِيعٍ،‏ عَامِلَةً بِكَدٍّ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً لِلِٱعْتِنَاءِ بِمَنْ تُحِبُّ.‏ كَمَا أَنَّهَا قَبِلَتْ وَطَبَّقَتْ بِٱمْتِنَانٍ ٱلنَّصِيحَةَ ٱلْحَكِيمَةَ ٱلَّتِي أُسْدِيَتْ إِلَيْهَا بِشَأْنِ ٱلْحِفَاظِ عَلَى سَلَامَتِهَا أَثْنَاءَ ٱلْعَمَلِ،‏ وَمُلَازَمَةِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْمُنَاسِبِينَ.‏ وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْسَ قَطُّ أَنَّ مَلَاذَهَا ٱلْحَقِيقِيَّ هُوَ يَهْوَهُ ٱللهُ،‏ ٱلْأَبُ ٱلَّذِي يُزَوِّدُ ٱلْحِمَايَةَ.‏
٣١ فَإِذَا أَعْرَبْنَا عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ مِثْلَهَا وَٱحْتَذَيْنَا حَذْوَهَا فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلتَّقْدِيرِ،‏ يُمْسِي إِيمَانُنَا نَحْنُ أَيْضًا قُدْوَةً لِلْآخَرِينَ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ ٱهْتَمَّ يَهْوَهُ بِرَاعُوثَ وَنُعْمِي؟‏ هٰذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلتَّالِي.‏
تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ


يُوصَفُ سِفْرُ رَاعُوثَ بِأَنَّهُ جَوْهَرَةٌ صَغِيرَةٌ،‏ بَلْ تُحْفَةٌ رَائِعَةٌ،‏ مَعَ أَنَّهُ لَا يُضَاهِي في ٱلشُّمُولِيَّةِ سِفْرَ ٱلْقُضَاةِ ٱلَّذِي يَأْتِي قَبْلَهُ وَيُزَوِّدُ ٱلْإِطَارَ ٱلزَّمَنِيَّ لِأَحْدَاثِهِ.‏ (‏را ١:‏١‏)‏ وَكَمَا يَتَّضِحُ،‏ ٱلنَّبِيُّ صَمُوئِيلُ هُوَ مَنْ كَتَبَ هٰذَيْنِ ٱلسِّفْرَيْنِ.‏ وَقَدْ تُلَاحِظُ أَنَّ سِفْرَ رَاعُوثَ مُدْرَجٌ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُنَاسِبِ بَيْنَ أَسْفَارِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْقَانُونِيَّةِ.‏ فَبَعْدَ ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْحُرُوبِ وَٱلْهَجَمَاتِ وَٱلدِّفَاعَاتِ فِي سِفْرِ ٱلْقُضَاةِ،‏ يَأْتِي سِفْرُ رَاعُوثَ ٱلصَّغِيرُ لِيُذَكِّرَنَا بِأَنَّ يَهْوَهَ لَا يَغْفُلُ أَبَدًا عَنِ ٱلْبُسَطَاءِ وَٱلْمَسَاكِينِ ٱلَّذِينَ يَتَصَارَعُونَ مَعَ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلْيَوْمِيَّةِ.‏ وَهٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةُ ٱلْبَسِيطَةُ تُعَلِّمُنَا دُرُوسًا عَمِيقَةً وَمُفِيدَةً عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ،‏ ٱلْإِيمَانِ،‏ ٱلْوَلَاءِ،‏ وَنَيْلِ ٱلْعَزَاءِ عِنْدَ ٱلْمِحَنِ.‏




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
عَظِيمٌ ٱلْغَضَبُ وَٱلْغَيْظُ ٱللَّذَانِ تَكَلَّمَ بِهِمَا ٱلرَّبُّ
ٱللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا ٱلْمَوَاعِيدَ ٱلْعُظْمَى وَٱلثَّمِينَةَ
وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ وَتِلْكَ ٱلسَّاعَةُ فَلَا يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ
أيّتُهٱٱلٱنٌثًى.. كيّفُ ٱخٌتُصِرتُِ تُٱريّخٌ ٱلنٌسًٱء
ٱبّتُعٱدُنٌٱ عنٌ ٱلبّشّر قَدُ لٱيّكوِنٌ كُرهٱً ٱوِ تغّيِّر ،،


الساعة الآن 09:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024