عندما أنشأ القديس مارمرقس المدرسة الإكليريكية كان قد آمن برسالتها وأنه لا يمكن أن تعيش الكنيسة بدونها لأن الكنيسة لا تعيش بدون اللاهوت لذلك انشأ هذه المدرسة وعين القديس انيانوس أول أسقف لإدارتها وبعد ذلك تولي إدارتها في أواخر حياة مارمرقس أساتذة ومديرون اشتهروا بالعلم والتقوى والغيرة الكبيرة على خدمة كلمة الرب كما شهد لهم يوسابيوس.
واختير منهم الكثيرون للكرسي المرقسي وبخاصة أن الرهبنة لم تكن قد ازدهرت ولا حتى قد ظهرت في ذلك الزمان. وأول مدير لهذه المدرسة اللاهوتية القديس العلامة يسطس الذي جلس على كرسي مارمرقس وصار السادس في عداد البطاركة. وعين القديس أمونيوس مديرًا للمدرسة – ولما جلس أمونيوس "السابع" على الكرسي المرقسي عين مركيانوس لإدارة المدرسة وصار مركيانوس الثامن في عدد البطاركة.
وكان البابا يوليانوس (11) من تلاميذ هذه المدرسة اللاهوتية وفي عهد البابا ديمتريوس (12) تعين ياروكلاس مديرًا للمدرسة بعد العلامة أوريجانوس Origen Adamantius وصار البابا الثالث عشر وفي عهده عين القديس ديونسيوس للتدريس في المدرسة اللاهوتية وصار هو أيضًا البابا الرابع عشر وكان ياروكلاس وديونسيوس من تلاميذ أوريجانوس.
وتخرج من هذه المدرسة أيضًا البابا بطرس (17) خاتم الشهداء والبابا أرشيلاوس (18) والبابا أثناسيوس (20) والبابا تيموثاوس (22) فقد كان التقليد الجميل المتبع أن مدير الإكليريكية يعين بطريركًا لعمق روحانياته ولسعة دراساته اللاهوتية.. أي أن مدير الإكليريكية يعتبر الرجل الثاني بعد البطريرك. وعن طريق هذه المدرسة حفظت التعاليم اللاهوتية المسلمة بالتسليم الرسولي والتقليد دون حذف وزيادة ولذلك كان باباوات هذه الكنيسة هم الذين يرأسون المجامع المسكونية لأن هذه الكنيسة بفضل مدرستها اللاهوتية كانت معلمة المسكونة كلها في اللاهوت الأرثوذكسي. لذلك فقد نجحت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية في قيادة الكنيسة الجامعة إذ أن أبطالها في المجامع المقدسة من خريجي هذه المدرسة الذين درسوا اللاهوت الأرثوذكسي دراسة خالية من الهرطقات لذلك كان الاتجاه الفكري في الإسكندرية مطبوعًا بنظرة تصوفية كما كان الاتجاه في تفسير الكتاب المقدس بالإضافة إلى المعني الحرفي كان هناك معنيين آخرين وهما المعني الرمزي والمعني الروحي.