|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المرهم السماوي الشافي جراحات النفس المستعصية
في رؤية مبدعة عظيمة ومرهوبة للغاية دخل إليها أشعياء النبي كخبرة يسردها لنا في سفره العظيم، الذي هو في حقيقته السرية: إنجيل العهد المستتر في أسفار العهد القديم، لتصير هذه الخبرة عينها منهج حياة لنا لندخلها نحن ايضاً لتكون مصدر إلهام لمعرفة القصد الإلهي على المستوى الشخصي لكل من يُريد أن يحيا بصدق مع الله،... فقد رأى أشعياء في هذه الرؤية المجيدة السيد الرب جالساً على كرسي عالي وأذياله تملأ الهيكل وحوله السيرافيم لكل واحد ستة أجنحة وهذا يُنادي ذاك قائلاً: قدوس، قدوس، قدوس، رب الجنود، مجده ملء كل الأرض... فصرخ أشعياء وقال: ويلٌ لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأني عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود. وهُنا حدث أنه طار إليه واحد من السيرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها فمه وقال له: إن هذه قد مست شفتيك فانتُزِعَ إثمك وكُفِّرَ عن خطيتك. تأملوا وركزوا يا إخوتي في هذه الخبرة العجيبة لأنها الطريق الإلهي لخلاص النفس عملياً في واقع خبرة الحياة المُعاشة !!! ولا تظنوا قط أنه هُناك من يستطيع أن يصل للقداسة التي تؤهله لكي يدخل في الحضرة الإلهية مهما ما صنع، وكلنا تذوقنا خبرة المحاولات الفاشلة التي دخلنا فيها لنصل لله، فكلما نحاول أن نصلح من أنفسنا ونُعدل مسيرتنا، نصير إلى حالٌ أردأ، ونزيف الخطية الجارح للنفس يزداد كل يوم، فكلما ما أخذنا عهد على أنفسنا أن لا نعود للخطية ونحيا لله، تزداد حالتنا سوء ونصير إلى أردأ، فنحزن ونكتأب أحياناً كثيرة جداً، بل نشعر بالخزي والعار وبحطام النفس... لكن الله لا يتعامل مع النفس كيف ما اتفق ولا حسب تصوراتنا الشخصية، لأن طرقه تختلف عن طرقنا تماماً، فنحن نُريد أن تكون أخلاقنا حسنة وبأعمالنا نُرضي الله لكي ننال منه الصفح والغفران بغرض أن نعيش بسلام ونحصل على كل ما نتمناه ونحيا حياة هادئة سعيدة فيها فرح ومسرة ونحصل على كل ما نريد بسهولة وبدون تعقيد ونتمتع بحياتنا ونسير فيها وفق ما نتمنى، ولا نتذوق آلام ولا أحزان، وهذه هي أقصى أحلامنا وطموحنا... ونحن عادة نقيس مقدار طهارتنا وقداستنا على مستوى بُعدنا عن كل ما هو خطأ في نظرنا وقمنا بكل واجب العبادة اللائقة للنال بركة من عند الله الحي !!! ولكن يا أحباء الله المدعوين للقداسة في سرّ التقوى بالشركة مع الله، لو عدنا لننظر لهذه الرؤيا العجيبة والعظيمة للغاية التي كتبها لنا أشعياء النبي كخبرة اجتاز فيها، فإننا نفهم ونستوعب ما هي دعوة الله وسرّ قداستنا الحقيقية !!! فلا يُمكن أن نفهم قداسة الله إن لم نلتقيه، فانظروا لهذه الرؤيا الإعلانية التي دخل فيها أشعياء النبي، فأنه لم يدرك قوة قداسة الله وهيبته إلا باستعلان مجده أمام عينيه، بدخوله في الحضرة الإلهية المهيبة للغاية، فأنه صرخ من هول الفجوة العظيمة والهوة السحيقة التي بينه وبين الله القدوس التي تعوقه عن الشركة معه أون حتى ان يتكلم مع شخصه المهوب المخوف المملوء مجداً، لأنه لم تصل عنده القداسة مجرد كلمه قرأها بل رآها بعينيه بعظمة تفوق كل تصور ولم يقدر على شرحها أو التكلم عنها أو حتى يحاول أن يُفكر فيها وينظر إلى نفسه، سوى أنه صرخ ويلٌ لي !!! وهذا من هول ما رآه من أشعة القداسة التي صارت أمامه أقوى من نور الشمس التي لا يستطيع أن ينظرها أحد بعينيه المجردتين !!!
لذلك أطلبوا أن تروا مجد الله الحي لتعرفوه في مخادعكم ووقت صلاتكم، ليستعلن لكم، وتأكدوا أنكم ستدخلون في سرّ التقديس لأنه سيمسكم بناره الإلهية المطهرة للنفس والقلب والضمير والفكر، فتعمقوا بروح الصلاة في كلام هذا النبي العظيم لتدخلوا في سر قداستكم التي هي إرادة الله: [ لأن هذه هي إرادة الله قداستكم ] (1تسالونيكي 4: 3) يا إخوتي لم ولن يقدر أحد فينا قط، أن يستطيع ان يُقدس ذاته على الإطلاق، فالقداسة تأتي من فوق من عند أبي الأنوار، القداسة رداء يُعطى ويُلبس من يد الله، والمسيح الرب مكتوب عنه: [ الذي به أيضاً قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله ] (رومية 5: 2)، [ ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء ] (1كورنثوس 1: 30) ومكتوب أيضاً: [ أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمراً (فرح ومسرة) ولبناً ] (أشعياء 55: 1)، [ طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ لأنهم يشبعون ] (متى 5: 6)، [ وقف يسوع ونادى قائلاً أن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب ] (يوحنا 7: 37)، [ ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات ] (رومية 13: 14).
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|