داود يختار سليمان خليفة له
عندما بلغ داود السبعين من عمره أراد ابنه الأكبر أدونيا أن يأخذ المملكة من أبيه، وأن يجلس على عرشه. ولكن بثشبع أم سليمان أسرعت إلى داود تقول: «أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لأَمَتِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ٱبْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. وَٱلآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَٱلآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ لاَ تَعْلَمُ ذٰلِكَ... وأَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِتُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ بَعْدَهُ» (١ملوك ١: ١٧-٢٠). وعندما عرف الملك داود من مصادر أخرى أن ابنه أدونيا قد حاول اغتصاب المُلك منه، أصدر أوامره بتجليس سليمان على العرش وقال: «حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ٱبْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضاً عَنِّي، كَذٰلِكَ أَفْعَلُ هٰذَا ٱلْيَوْمَ» (١ملوك ١: ٢٩-٣٠). وأمر الملك داود صادوق الكاهن وناثان النبي وبقية قادة المملكة أن يُركبوا سليمان ابنه على البغلة التي له وينزلوا به إلى جيحون ليمسحه صادوق الكاهن هناك ملكاً. وأمر بأن يُضرب بالبوق وأن يقولوا: «لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ» (١ملوك ١: ١٦-٣٩).
ولما تمت هذه المراسيم جاء رجال الملك يهنئون ملكهم داود قائلين: «يَجْعَلُ إِلٰهُكَ ٱسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ ٱسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ ٱلْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. وَأَيْضاً هٰكَذَا قَالَ ٱلْمَلِكُ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَعْطَانِيَ ٱلْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ» (١ملوك ١: ٤٧، ٤٨).
ولما قربت أيام وفاة الملك داود، جاء بابنه سليمان وأوصاه قائلاً: «أَنَا ذَاهِبٌ فِي طَرِيقِ ٱلأَرْضِ كُلِّهَا. فَتَشَدَّدْ وَكُنْ رَجُلاً. اِحْفَظْ شَعَائِرَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، لِتُفْلِحَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ. لِيُقِيمَ ٱلرَّبُّ كَلاَمَهُ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنِّي قَائِلاً: إِذَا حَفِظَ بَنُوكَ طَرِيقَهُمْ وَسَلَكُوا أَمَامِي بِٱلأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ لاَ يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ» (١ملوك ٢: ١-٤).
وطالب الملك داود ابنه سليمان أن يُدير العدل في المملكة، وأن يقتصَّ من المجرمين الذين ثاروا ضده. وكلَّفه أن يقيم بيتاً للرب، وقال له: «يَا ٱبْنِي، قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتاً لٱِسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِي. فَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ: قَدْ سَفَكْتَ دَماً كَثِيراً وَعَمِلْتَ حُرُوباً عَظِيمَةً، فَلاَ تَبْنِي بَيْتاً لٱِسْمِي لأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى ٱلأَرْضِ أَمَامِي. هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ٱبْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ، وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لأَنَّ ٱسْمَهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلاَماً وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لٱِسْمِي... يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ فِطْنَةً وَفَهْماً وَيُوصِيكَ بِإِسْرَائِيلَ لِحِفْظِ شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. حِينَئِذٍ تُفْلِحُ... تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. هَئَنَذَا فِي مَذَلَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ ٱلرَّبِّ ذَهَباً» (١أخبار ٢٢: ٦-١٤). وجعل داود يحصر لسليمان كمية الذهب والفضة والنحاس والأخشاب التي جهزها لبناء بيت الرب. وطلب من سليمان أن يقوم بالبناء.