|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سليمان من هو؟!! هو سليمان بن داود، أطلق عليه أبوه الاسم "سليمان".. والكلمة مرتبطة بالسلام، وهي تشير في أكثر من معنى إلى أن مولده مرتبط بالسلام.. وقد أطلق عليه ناثان "يديديا" أو "محبوب الرب" لكي يؤكد هذا المعنى، وما هو أكثر منه!!.. أجل وإنها النعمة العظيمة التي اختارت هذا الابن بالذات، ليكون هو مختار الرب، ووارث العرش، وإذا كان الله قد عبر بوفاة الابن الأول -ثمرة الخطية- عن كراهيته العميقة العتيدة للخطية، وإذا كان قد أعلن عن أكثر من عقوبة، للعثرة التي جلبتها هذه الخطية في حياة الأمة والناس،.. فإنه في الوقت نفسه قد عبر عن رضاه العميق بتوبة داود وبثشبع في الابن الثاني محبوب الله ومختاره،.. ولم يتردد داود لذلك أن يدعوه "سليمان" تعبيراً عن السلام العميق الذي ناله بالغفران الإلهي، والثقة بأن الله قد طرح وراء ظهره خطيته الكبرى،.. كما أنه -إلى جانب ذلك- آمن بالوعد الإلهي، بأن عصر ابنه سيكون عصر السلام والهدوء والراحة، الذي يتمكن معه هذا الابن من إتمام رسالته العظيمة، وبناء بيت الله، البيت الذي سيصبح نقطة تجمع الشعب حول الحياة الدينية، والاقتراب الصحيح لله!!.. ومع أن نشيد الأنشاد يمتد بكل تأكيد إلى ما هو أبعد وأعظم من سليمان، إلى ذلك الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر، إلا أن المفسرين أكدوا أن سليمان لم يكن جميلاً فحسب، بل كان بارع الجمال. وأن جماله الذي ورث فيه الكثير من أبويه، قد جاء وصفه في قول العروس: "حبيبي أبيض وأحمر معلم بين ربوة رأسه ذهب إبريز قصصه مسترسلة حالكة كالغراب عيناه كالحمام على مجاري المياه مغسولتان باللبن جالستان في وقبيهما، خداه كخميلة الطيب واتلام رياحين ذكية، شفتاه سوسن تقطران مراً مائعاً، يداه حدقتاه من ذهب مرصعتان بالزبرجد، بطنه عاج أبيض مغلف بالياقوت الأزرق ساقاه عمودا رخام مؤسستان على قاعدتين من إبريز، طلعته كلبنان فتى كالأرز، حلقه حلاوة وكله مشتهيات. هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات أورشليم". فإذا كانت هذه الأوصاف الرمزية تشير إلى المسيح في أكثر من معنى، إلا أنها على الأقل تعطينا صورة واضحة إلى من جاء في حد ذاته رمزاً ليسوع في كثير من المواضع والصور".. وقد اشتهر سليمان قبل وبعد كل شيء بالحكمة، إذ دعى في الأجيال كلها "سليمان الحكيم"، ونحن نعلم أن فرصته العظمى للتفوق في الحكمة جاءت إثر حلمه في جبعون، لكنه الواضح أن سليمان كان حكيماً، بطلبه هذه الحكمة، وقد وفر له الله منابع الحكمة، إذ ولد من أبوين مقتدرين في الإداك والفهم، فداود أبوه كانت له المقدرة العظمى في التأمل العميق، وأمه وإن كانت قد اشتهرت بجمالها الفائق- إلا أنه يعتقد أنها ورثت عن جدها أخيتوفل الألمعية والذكاء وقوة التمييز،.. وأعطاه الشفافية، والقدرة الهائلة في فهم الطبيعة البشرية، والحكم على العلاقات بين الناس، كما أنه كان من أقدر الناس في عصره، وفي كافة العصور، على استيعاب الفلسفة، والشعر، والتاريخ الطبيعي، وغيرها من المعارف والعلوم!!... "وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق وكل حكمة مصر، وكان أحكم من جميع الناس من إثيان الأزراحي وهيمان وكلكول ودردع بني ما حول، وكان صيته في جميع الأمم حواليه وتكلم بثلاثة آلاف مثل وكانت نشائده ألفاً وخمساً، وتكلم عن الأشجار من الأرز الذي في لبنان إلى الزوفا الثابت في الحائط، وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن السمك، وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعون حكمة سليمان من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته".. وكان سليمان -بكل تأكيد- أقرب أولاد داود إلى الله، ولعل أثر ناثان في مطلع حياته كان عميقاً، إذ كان ناثان مربياً له، ويبدو أن داود وهو شيخ يراقب أولاده، رأى ابنه سليمان أصلح أولاده جميعاً ليرث العرش، وشتان بينه وبين أمنون أو إبشالوم أو أدوينا، ومن ثم وعد داود بثشبع بقسم أن يكون سليمان وريثه في العرش،.. ولم يشأ أدونيا الذي كان ابناً مدللاً متكبراً، ويكفي أن الكتاب يصفه: "ولم يغضبه أبوه قط قائلاً لماذا فعلت هكذا".. لم يشأ أن ينتظر وفاة أبيه أو حتى أخذ رأيه وموافقته، فنصب نفسه على العرش بدون علمه، وقد انحاز إليه جميع إخوته الذين كانوا أقرب على شاكلته، من سليمان الذي لم يدع إلى الحفل أو يشارك فيه،.. فإذا أضفنا إلى ذلك أنه الرجل الذي يعتقد أنه كاتب المزمور الثاني، والخامس والأربعين، والثاني والسبعين، والمائة والسابع والعشرين، وكلها واسعة الرؤى ممتدة الأحلام، إلى جانب أسفار الأمثال، والجامعة، ونشيد الأنشاد، والذي لم يسترح أو يهدأ حتى أكمل بناء بيت الرب وصلى في تدشين صلاته العظيمة، وكلها تشهد بعظمة الحياة الدينية التي وصل إليها ذلك الملك القديم!!... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|