منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 08 - 2012, 01:48 PM
الصورة الرمزية magdy-f
 
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  magdy-f غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593


الدليل المبسط
في
علم آباء الكنيسة

القمص تادرس يعقوب ملطي

الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج

علم الباترولوچي
"علم آباء الكنيسة"


يبحث علم الباترولوچي في حياة آباء الكنيسة الأولى وأقوالهم وكتاباتهم وأفكارهم اللاهوتيّة والروحيّة والمسكونيّة الخ. فإن كان المسيحيّون اليوم يشتاقون نحو التعرّف على إيمان الكنيسة الأولى الجامعة، وإدراك روحها وفكرها، فإن هذا هو عمل علم الباترولوچى، لأن قصّة الآباء هي قصّة حياة الكنيسة الأولى من كل جوانبها: التعبّديّة والكرازيّة والرعويّة والاجتماعيّة؛ قصّة الكنيسة الحيّة التي تحتضن بالحب الإلهي أولادها، وتواجه العالم الوثني لتدخل به إلى دائرة حب اللَّه بالإيمان، كما تواجه الهراطقة وأصحاب الانقسامات لا لتحطيمهم بل لتحطيم ما هو شر فيهم، فنقتنيهم أبناءً لها، بفكرٍ إنجيلي عملي.

الكتاب الأول

حول علم الآباء

v مفهوم علم الباترولوچي.

v تاريخ علم الباترولوچى.

v لغة الآباء ونصوص كتاباتهم.

v تصنيف كتابات الآباء.

v الخط العام للتراث الآبائي.


مفهوم علم الباترولوچي

موضوع علم الباترولوچي

كلمة "Patrologia" مأخوذة من الكلمة اللاتينيّة Pater، أي "أب"، فعلم الباترولوچي هو العلم الذي يبحث في حياة الآباء الأولين وأعمالهم (أقوالهم وكتاباتهم) وأفكارهم[1]. دراسة سيرة الآباء أو حياتهم أمر حيوي، يسندنا في تفهّم شخصياتهم ومعرفة الظروف المحيطة بهم، والتي من خلالها سجّلوا لنا كتاباتهم[2]. أما أعمالهم سواء كانت أقوالهم أو كتاباتهم أو رسائلهم، فهي جزء لا يتجزّأ من تاريخ حياتهم. أما الجانب الرئيسي في هذا العلم، فهو الكشف عن فكر الآباء وعقائدهم وتعاليمهم، بالدخول إلى روح الآباء والتعرّف على النقاط التي ركّز عليها كل أب، ودراسة آرائه على ضوء الصراعات المعاصرة له. يلزم دراسة تعاليم كل أب وشروحاته وتعليقاته على ضوء صوت الكنيسة الجامعة، بكونه عضوًا في الجسد الواحد.

يلقَّب إبراهيم وإسحق ويعقوب بطاركة "آباء" إسرائيل[3]، وكان اللقب الرسمي للكتبة في التقليد اليهودي هو "آباء".

وفي كنيسة العهد الجديد نسمع في استشهاد القدّيس بوليكاربوس جماعات اليهود والوثنيّين يصرخون: "هذا هو أب المسيحيّين"[4]. وحين دافع القدّيس أثناسيوس عن استخدام تعبير "أمونسيوس" ذكر أن الآباء استخدموه، قاصدًا بتعبير "الآباء" القدّيسين ديونسيوس السكندري وديونسيوس الروماني وغيرهما[5].

v عندما يتعلّم إنسان من فم آخر يُقال عنه أنّه ابن ذاك الذي يعلّمه، ويُحسب الأخير أباه[6].

القدّيس إيريناؤس

v الكلام ابن النفس، لهذا ندعو الذين يعلّموننا آباء لنا... ويُحسب الذي يتعلّم في خضوع الابن[7].

القدّيس إكليمنضس السكندري

في علم الآباء لا يُحصر تعبير "آباء" على الأساقفة والكهنة والشمامسة الذين لهم تراث أدبي روحي أو لاهوتي، وإنّما يضم المدافعين عن الإيمان المسيحي في القرون الأولى، كما يضم الرهبان الذين هربوا من الكهنوت لكنّهم تلمذوا كثيرين بفكرٍ نسكيٍ إنجيليٍ.

يُشترط في الأب الآتي:

1. أن يكون له مقالات أو كتب أو رسائل أو أقوال سجّلها له أبناؤه.

2. أن يكون أرثوذكسي – مستقيم – المعتقد، يعيش بروح الكنيسة. هذا وتستفيد الكنيسة بتراث بعض الشخصيّات التي عُرفت بخصوبة إنتاجها مع ارتباطهم بالكنيسة، وإن كانوا قد سقطوا في بعض الانحرافات مثل العلاّمة ترتليان وتاتيان وأوريجينوس الخ. كما يعطي علم الباترولوچي اهتمامًا بكتابات الهراطقة أيضًا والكتب الأبوكريفا (المزوّرة) لنتفهّم جو الكنيسة الأولى، ونتعرّف كيف شهدت الكنيسة للحق بالرغم من مقاومة الهراطقة.

3. قداسة الحياة: فنحن ندرس هذا العلم من أجل التمتّع بالحياة الكنسيّة الإنجيليّة الأصيلة.

4. يضع بعض علماء الباترولوچي شرط "الزمن" بمعنى أن يكون الأب منتميًا إلى الكنيسة حتى زمن معين، حدّدها البعض بالقرن السادس وآخرون بالقرن الثامن، ويرى آخرون أن عصر الآباء ممتد مادام روح الرب يرافق الكنيسة ويعمل فيها، لهذا لا ينقطع عنها آباء قدّيسون معلّمون[8].

5. يضع الكاثوليك شرط القبول الكنسي للأب، لكننا بروح الكنيسة الأرثوذكسيّة لا تقوم الكنيسة بتقنين "اللاهوت الآبائي" في كل كلمة، ولا تقدّم فهرسًا إلزاميًا عن الآباء وتراثهم، إنّما تكتفي في مجامعها بفرز الكتابات والآراء المنحرفة إيمانيًا وتحذر منها، كما تحرم الهراطقة من شركتها حتى يرجعوا عن ضلالهم.

سلطان الآباء

يمثّل الآباء القدّيسون فكر الكنيسة الجامعة الذي تسلّمته من الرسل بفعل الروح القدس الذي يعمل بلا انقطاع في حياة الكنيسة. يتحدّث عنهم القدّيس أغسطينوس، قائلاً: [تمسّكوا بما وجدوه في الكنيسة، عملوا بما تعلّموه، وما تسلّموه من الآباء وأدعوه في أيدي الأبناء[9]] ، [من يحتقر الآباء القدّيسين ليعرف أنّه يحتقر الكنيسة كلّها[10].]

يقوم هذا السلطان على عاملين: عامل طبيعي، إذ اتّسم الآباء بالحياة القدسيّة والأمانة في استلام وديعة الإيمان الحيّ من أيدي الرسل، لذلك هم أقدر على الشهادة للحياة الكنسيّة من كل جوانبها، خاصة وأنهم يحملون الفكر الواحد، بالرغم من اختلاف الثقافات والمواهب والظروف، مع بُعد المسافات بين الكراسي الرسوليّة وصعوبة الاتصالات في ذلك الحين.

والعامل الثاني إلهي، حيث عاش الآباء منحصرين بالروح القدس، قائد الكنيسة ومرشدها إلى كل الحق، يحفظها داخل دائرة صليب المسيح.

هذا لا يعني عصمة الآباء كأفراد، وإنّما تعيش الكنيسة الجامعة ككلٍ محفوظة بروح الرب.

كيف نستخدم كتابات الآباء؟

1. لا يقدر أحد من الآباء بمفرده أن يتعرّف على "الحق" كلّه كما تعرِفه الكنيسة في كليّتها، لهذا يليق بنا ألاَّ نقبل رأي أب ما بطريقة مطلقة بغير تحفّظ، إنّما يجب أن يكون رأيه إنجيليًا يحمل روح الكتاب المقدّس ومطابقًا لفكر الكنيسة الجامعة.

2. يلزمنا ألاَّ نبتر بعض فقرات من تراث الآباء لتأكيد فكرة مسبّقة في أذهاننا.

3. دراسة معاني بعض التعبيرات التي يستخدمها الأب، إذ توجد عبارات أو كلمات كانت تحمل مفاهيم فلسفيّة أو شعبيّة في ذلك الحين.

4. يمكننا فهم بعض العبارات الصعبة الواردة في كتابات أحد الآباء بمقارنتها بما ورد في كتابات وأعمال الآباء المعاصرين له.

الالتجاء إلى تراث الآباء

اعتمد القدّيس أثناسيوس على تراث الآباء في دفاعه[11]، كما اعتمد القدّيس باسيليوس على كثير من التقاليد الكنسيّة خلال أقوال الآباء السابقين له. تزايد هذا الاتجاه، إي الالتجاء إلى أقوال الآباء السابقين، في القرن الرابع، ونما جدًا في القرن الخامس[12]. فالقدّيس كيرلس السكندري كمثال، في كتاباته إلى الرهبان المصريّين[13] دفاعًا عن لقب القدّيسة مريم ثيؤتوكوس – لتأكيد أن المولود هو كلمة اللَّه المتأنّس دون انفصال اللاهوت عن الناسوت – أشار إليهم أن يقتفوا آثار القدّيسين. وفي حديثه ضدّ نسطور[14] التجأ إلى تعليم الكنيسة المقدّسة الممتدّة في كل العالم وإلى الآباء المكرّمين أنفسهم، معلنًا أن الروح القدس تحدّث فيه. ولتدعيم حديثه عن السيّد المسيح استند إلى بعض مقتطفات آبائيّة في كتاباتهم الجدليّة[15]، قدّمها إلى مجمع أفسس[16].

اهتمام الأقباط بكتابات الآباء

كان الأقباط منذ نشأة الكنيسة على صلة وثيقة بالفكر الآبائي للكنيسة الجامعة، فقد قاموا بترجمته إلى لغة الشعب حتى في صعيد مصر، والدليل على ذلك وجود مخطوطات قبطيّة قديمة لكتابات الآباء الرسوليّين، بكر الكتابات الآبائيّة.


تاريخ علم الباترولوچى


أول من استخدم كلمة Patrologia اللاهوتي اللوثري John Gerhard من رجال القرن السابع عشر كعنوانٍ لعمله الذي نشرّه عام ١٦٥٣، إلاَّ أن فكرة نشر أقوال الآباء تمتد إلى القرون الأولى عينها، ويمكننا – إن جاز لنا ذلك – أن نقسم تاريخ علم الباترولوچي إلى عدة مراحل، وإن كانت هذه المراحل ليست محدّدة تمامًا.

١. بدء ظهور المسيحيّة

كانت أقوال الآباء في هذه الفترة تمثّل نصيبًا من التقليد الكنسي، يتقبّله كل جيل ويودعه لدى جيل آخر. وهكذا انتشرت أقوال الآباء لا لغرض دراسي ولا كهدف في ذاتّها، وإنّما كوديعة تحمل داخلها إيمان الكنيسة الحيّ.

لكن كيف حفظ هذا العصر أقوال الآباء وقام بنشرّها؟

ا. أقوال الآباء وكتاباتهم بكونها جزءًا لا يتجزّأ من وديعة الإيمان التي يتسلّمها جيل لكي يسلّمها لجيلٍ آخر بغير انحراف. ونستطيع أن نُدرك حرص آباء الكنيسة الأولى على ذلك من قول القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: [يليق بنا أن نحفظ التقليد الذي تسلّمناه بالتتابع من الآباء ثابتًا بغير تغيّر]، وقول القدّيس كيرلس الإسكندري: [إنني محب للتعليم الصحيح، مقتفيًا آثار آبائي الروحيّة[17].]

ب. كان البعض يشغف بتسجيل عظات آبائهم، وجاءت هذه العظات كتفاسير وشروح للأسفار المقدّسة أو لعلاج مواضيع روحيّة أو عقائديّة الخ.، مثل عظات القدّيس يوحنا الذهبي الفم، وعظات القدّيس أغسطينوس .

ج. امتدّت التلمذة – خاصة في مصر – فاحتضنت الكثير من رجال الشرق والغرب. فقد وفد إلى مصر كثير من القادة يتتلمذون على أيدي متوحّدي مصر أو داخل الأديرة أو بمدرسة الإسكندريّة، ويدوّنون أقوال الآباء وسيرهم وأفكارهم ويترجمونها بلغاتهم من يونانيّة وسريانيّة ولاتينيّة.

نذكر على سبيل المثال القدّيس يوحنا كاسيان (حوالي ٣٦٠–٤٣٥م) الذي تتلمذ على آباء مصر العظام وسجّل خبراتهم في كتابين مشهورين: المناظرات Conferences مع آباء البريّة، وقد جعله بندكت كتاب القراءة اليوميّة للرهبان الخاضعين له، والمؤسّسات أو الدساتير Institutions حيث عالج قوانين الرهبنة وناقش كيفيّة نصرة الراهب في الحرب الروحيّة.

كما جاء المؤرّخ الرهباني المشهور "بالاديوس" (حوالي ٣٦٥–٤٢٥م) إلى مصر يتعرّف على حياة نساكها والتقى بالقدّيس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندريّة اللاهوتيّة أكثر من مرّة، وسجّل لنا الكثير من التراث الرهباني في كتابه "التاريخ اللوزياكي" أو "فردوس الآباء".

وسجّل لنا روفينوس Rufinus (حوالي ٣٤٥–٤١٠م) في كتابه "تاريخ الرهبنة (في مصر) هستوريا موناخوم" أحاديث عن آباء مصر الرهبان، وقد زار مصر عام ٣٧٢م والتقى بالقدّيسة ميلانيّا الكبيرة وزار رهبان البرّيّة. درس لعدة سنوات في مصر، متتلمذًا على يدي القدّيس ديديموس الضرير.

هذا وقد جذبت مدرسة الإسكندريّة الكثير من قادة الكنيسة في العالم، فجاءوا إليها أو نقلوا إليهم تراثها يتتلمذون عليه.

وبلغ شغف أوسابيوس أسقف فرسيل (بإيطاليا) بكتابات أوريجينوس أنّه لم يرى فلسفة حقيقيّة في غيرها.

د. حفظ تراث الآباء عن طريق حركات الترجمة المستمرّة خاصة من اليونانيّة إلى اللاتينيّة أو السريانيّة أو الأثيوبيّة.

هـ. خرج الكثير من الرهبان ومديرو مدرسة الإسكندريّة إلى العالم بروح الكرازة أو تأسيس أديرة في الخارج حاملين معهم بعضًا من تراثنا.




رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 01:48 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

٢. ظهور مؤرّخين كنسيّين

يعتبر يوسابيوس القيصري (حوالي ٢٦٠–٣٤٠م) أبًا لعلم الباترولوچي ومؤسّسًا لفكر نشر أقوال الآباء وكتاباتهم[18]، حيث أشار في كتابه "التاريخ الكنسي Ecclesiastical History" الذي نُشر عام ٣٢٦م: [هذا هو هدفي أن أكتب تقريرًا عن خلافات الرسل القدّيسين... وأن أشير إلى أولئك الذين – في كل جيل – نادوا بالكلمة الإلهيّة سواء كان شفاهًا أو كتابةً[19].]
لقد خلق هذا الكتاب "المؤرّخين الكنسيّين" في الشرق والغرب، إذ حاول كثيرون تكملة هذا العمل. نذكر منهم سقراط Socrates وسوزومين Sozomen وثيؤدرت Theodert الذين جاءت أعمالهم متقاربة إلى حدٍ ما، لكنّهم تجاهلوا الكنيسة الغربيّة اللهم إلاَّ فيما يخص علاقتها بالكنيسة الشرقيّة. وفي الغرب قام روفينوس Rufinus بترجمة يوسابيوس إلى اللاتينيّة، وأضاف إليه بعض الأحداث حتى عصر ثيؤدوسيوس الكبير عام ٣٩٢.

٣. ظهور كتاب "مشاهير الرجال"

جمعه القدّيس چيروم في السنة الرابعة عشر من حكم ثيؤدوسيوس، أي عام ٢٩٣م، لطلب ّصدّيقه Dexter. حيث أراد بعمله هذا أن يرد على صيلسس Celsus وبروفري Prophyry ويوليان Juluan وغيرهم من الوثنيّين في اتّهاماتهم المستمرّة بأن المسيحيّين قليلو الذكاء، فسجّل چيروم الكتَّاب الذين يعتزّ بهم الأدب المسيحي (حتى عام ٣٧٩م) في ١٣٥ فصلاً، حيث بدأ بالعصر الرسولي وانتهى بنفسه في السنة التي وضع فها هذا العمل، مقدّمًا في كل فصل عرضًا لسيرة الكاتب وتقييمًا لأعماله.
ويلاحظ في هذا الكتاب De Viris Illustribus:
ا. اعتمد القديس چيروم في الثمانية وسبعين فصلاً الأولى على تاريخ يوسابيوس اعتمادًا كبيرًا. وقد ردّد نفس أخطائه، ومع هذا يعتبر عمله مصدرًا أساسيًا في المؤلفّات الكنسيّة الأولى، إذ هو المصدر الوحيد الذي بين أيدينا – إلى الآن – عن بعض الكتاب القدامى مثل مارقيوس فيلكس Marcuis Felix ونوفاتيان وترتليان وغيرهم.
ب. في مقدّمته حدّد چيروم مجال عمله وهو "أولئك الذين كتبوا عن الكتاب المقدّس"، لكنّه إذ بدأ عمله شمل الكتَّاب في الأمور اللاهوتيّة.
ج. ما أن نشره حتى عبر القدّيس أغسطينوس[20] عن أسفه أن چيروم لم يفصل بين الكتَّاب الأرثوذكس والهراطقة. فقد حمل بين المؤلفين أسماء هراطقة مثل تاتيان Tatian وبريسكيليان Priscilian وBasdesanes والأريوسي المتطرف أونوميوس وفلاسفة وثنيّين مثل سينيكا Seneca ويهودًا مثل فيلون الإسكندري ويوسيفوس.
د. لم يقم چيروم بهذا العمل لأغراض علميّة بل لتحقيق أغراض عمليّة، لهذا قدّم تعريفًا مختصرًا عن بعض الكتَّاب غير المعروفين، وفي نفس الوقت جاءت كتاباته مقتضبة جدًا وتافهة بالنسبة لبعض الكتَّاب المشهورين مثل القدّيسين أثناسيوس الرسولي وباسيليوس القيصري وكبريانوس وغريغوريوس أسقف نيصص وأبيفانيوس وأمبروسيوس.
هـ. تجاهل چيروم كتابات أغسطينوس التي ظهرت في ذلك الوقت، ولعلّ سرّ هذا اختلافهما في بعض وجهات النظر.
بقي كتاب چيروم خلال أكثر من ألف عام موضع اعتبار مؤرّخي المؤلفّات المسيحيّة الأولى في الغرب، ناظرين إليه كأساس لكل دراستهم، مشتاقين إلى تكميل هذا العمل، فقد قام Prosper Aquitanus ّصدّيق أغسطينوس بتكملة عمل چيروم حتى عام ٤٤٩م. إلاَّ أن عمل چيروم بقي مقترنًا بالتكملة التي قام بها جيناديوس Gennadius، وهو كاهن مرسيليا (تنيّح عام ٤٩٦م) الذي إتبع نفس الروح في كتابته، ويلاحظ عليه:
ا. عمل ضئيل وغير منظم، فعمله ككل يعتبر أقل أهميّة من عمل چيروم.
ب. شمل عمله ٩٩ فصلاً حيث استمرّ إلى عام ٤٩٥م، خاتمًا كتابه بفصل آخر عن كتاباته هو.
ج. كان جيناديوس نصف بيلاجي، وقد ظهر ذلك في انطباعاته على وصفه وتعليقاته بصورة أو أخرى، ومع ذلك فإنّه يُعتبر رجلاً واسع الإطلاع.
قام بعد جيناديوس كثيرون يقدّمون أعمالاً تحمل ذات المنهج، نذكر منهم ايسيذورس Isidore of Serville (تنيّح عام ٦٣٦) الذي أعطى اهتمامًا خاصًا بالكتَّاب الأسبان[21]، والأسقف Ildephonsus of Toledo (تنيّح عام ٦٦7م). وفي أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر قام مؤرّخ سيَر الآباء البندكي Sigebert of Gembloux ببلچيكا بمحاولة جديدة لتقديم المؤلفّات المسيحيّة بصورة معاصرة لزمانه. وفي عام ١١٢٢م قام هونوريوس Honorius Ausgusodunum بعمل مشابه تحت اسم "الكنيسة المنيرة De Luminaribus Ecclesaie". وحوالي عام ١٤٩٤م أمدنا الأب ترثيموس John Trithemius بسير ٩٦٣م من الآباء والكتاب مع تفصيل لكتاباته، منهم من هم غير لاهوتيّين. وقد تقبّل معلوماته عن الآباء الأولين من چيروم وجيناديوس.
كان ترثيموس أبًا لدير بندكتي في Sponheim، حصل على شهرة فائقة إذ جمع مكتبة من حوالي ٢٠٠٠ مجلّدا، وكان بعض النبلاء يزوّرونه لقراءة الآباء اليونان واللاتين[22]. وقد احتضن الشماس Myraus هذا العمل وهذّبه. ثم جاء بعد ذلك الكاردينال R. Bellarmine الذي أعطى اهتمامًا خاصًا للأدب الكنسي القديم بطريقة عمليّة.
هذا عن الغرب، أمّا بالنسبة للشرق فقد قام البطريرك فوتيوس Photius بطريرك القسطنطينيّة الذي تنيّح عام ٨٩١م بعمل مماثل تحت عنوان Photil Bibliotheca يمتاز بالدقّة كما يحوي أعمال بعض المؤلفين الوثنيّين.
أما في الكنيسة القبطيّة قام بعض المؤرّخين مثل يوحنا النقيوسي وغيره، كما اهتم الأقباط بنسخ كتابات الأولين...
وفي القرن الخامس عشر قام في القسطنطينيّة نسيفورس كالستي بن كالستوس يلخص الأعمال السابقة لأسلافه ويضع تاريخًا للكنيسة منذ نشأتها حتى عام ٩١١م. استخدم كتابات يوسابيوس وأضاف سير بعض الرهبان، وقد عبر عبورًا سريعًا في حديثه عن الكنيسة اللاتينيّة بعد القرن الخامس الميلادي.

٤. مرحلة علميّة جديدة

انطلقت مرحلة جديدة في علم الباترولوچي في القرنين السادس عشر والسابع عشر بظهور أول تجمّعات للمؤلفّات الكنسيّة القديمة ونشرّها في طبعات ممتازة.
وجاء القرن التاسع عشر بفيض من الاكتشافات الجديدة في نصوص الآباء الشرقيّين، وبدأ ظهور إحساس بضرورة وجود طبعات مدروسة ومضبوطة علميًا. وقد افتتحت أكاديميات فيينّا وبرلين هذا العمل بطبع مجموعات محكمة للآباء الشرقيّين والغربيّين. كما قام الدارسون الفرنسيّون بنشر طبعات لأعظم مجموعتين للمؤلفّات المسيحيّة الكنسيّة الشرقيّة، وأنشأت كثير من جامعات الغرب كراسي خاصة بعلم الباترولوچي. وكان من ثمر هذا كلّه أنّه بدأ يظهر في كنيسة الغرب في القرن العشرين اتجاهًا لدراسة فكر الآباء ومفاهيمهم واصطلاحاته وعقائدهم.

نصيبنا في علم الباترولوچي

يتطلّع الغربيّون إلى كنيسة مصر وكرسي الإسكندريّة كينبوع حيّ يفيض على العالم المسيحي بالكثير من التراث الآبائي، نصوصًا وروحًا.
ففي أواخر العصور الوسطى وبداية العصر الحديث حمل علماء الغرب كنوز أديرتنا إلى متاحفهم وجامعاته، وصارت مادة أساسيّة في قيام علم الباترولوچي. وإلى اليوم لا تزال مخطوطات مصر وأوراق البردي المصريّة تفتح آفاقًا جديدة في علم الباترولوچي، وكما قال Quasten الأستاذ بجامعة أمريكا الكاثوليكيّة بواشنطون إنّنا نشكر مصر التي قدّمت لنا الكثير من أوراق البردي تحمل إلينا مقالات كنّا مجرّد نسمع عنها في كتابات القدّيس إيريناؤس وغيره. وقد ختم حديثه عن تاريخ علم الباترولوچي بقوله: [علاوة على هذا فإن أوراق البردي المصريّة المكتشفة حديثًا قد أعادت للدارسين أعمال آبائيّة مفقودة[23].]
يتحث الأب Jungmann في كتابه The Early Liturgy عن بركات رمال مصر في الكشف عن الليتورچيات والكتابات الآبائيّة القديمة.
بقي لنا أن ندرك أن كنيسة الإسكندريّة – حسب شهادة الغرب ذاته – لا تزال تحيا بالروح الآبائيّة الأصيلة، تستطيع أن تنتفع بالأبحاث العلميّة التي قام بها الغرب في هذا المجال، بكونها دعوة لاسترجاع الكنيسة في المسكونة كلّها إلى فكرها الأول.
ظهور "علم الباترولوچي" وانتشار كتابات الآباء ما هو في الحقيقة إلاَّ نوعًا من "الحركة الأرثوذكسيّة" في بيئة غير أرثوذكسيّة، تحتاج منا إلى الاهتمام بها والانتفاع منها بطريقة روحيّة كرازيّة.



  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 01:50 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

لغة الآباء ونصوص كتاباتهم
عند انتشار المسيحيّة كانت اللغة اليونانيّة هي اللغة السائدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خلال القرون الأولى للإمبراطوريّة الرومانيّة. فقد غزت الثقافة الهيلينيّة العالم الروماني، حتى يصعب علينا أن نجد بلدًا في الغرب لم يستخدم اليونانيّة في التعامل اليومي. لهذا ننظر إلى اليونانيّة كلغة أساسيّة في كتابات الآباء.
لم يستخدم الآباء اليونانيّة الفصحى (Classical) التي كان الإغريق يستخدمونها في الكتابة والشعر وتدوين الحوادث التاريخيّة، وإنّما يستخدمون لغة دارجة (كويني Koine) والتي أصبحت من سنة ٣٠٠ ق.م. حتى سنة ٥٠٠م اللغة الرسميّة للإمبراطوريّة الرومانيّة، ولغة الكتاب المقدّس، ولغة آباء الكنيسة الأولى[24]. وهي خليط بين الأدب الأثيني الفصيح والعاميّة.
لكن اليونانيّة أبطلت في الشرق وحلّت القبطيّة والسريانيّة والأرمنيّة، كما أبطلت في الغرب وحلّ محلّها اللاتينيّة.
لغة آباء مصر

كان بعض المصريون يفضلون الكتابة باليونانيّة بجانب المصريّة (الديموطيقيّة) لأسباب كثيرة نذكر منها[25]:
1. سهولة اليونانيّة عن الديموطيقيّة.
2. كانت اليونانيّة لغة الدولة الرسميّة، هذا استلزم تدوين الوثائق بها، سواء كان كاتبها يعرف اليونانيّة، فيكتبها بنفسه، أو يجهلها فيستخدم كاتبًا لهذا الغرض.
3. من الطبيعي كان الأهالي يقتبسون الكثير من لغة الحكام، حتى في تعاملهم اليومي.
4. كانت اليونانيّة هي لغة المتعلّمين في البلاد الكبرى.
5. كانت اليونانيّة هي لغة الكنيسة والمجامع المسكونيّة.
نبتت فكرة تدوين اللغة المصريّة بحروف يونانيّة مع الاستعانة ببعض الحروف الديموطيقيّة، فخرجت اللغة القبطيّة كآخر تطورات اللغة المصريّة (الفرعونيّة)، وفي القرن الثاني قام العلاّمة بتنينوس بترجمة الكتاب المقدّس إلى القبطيّة بمساعدة تلاميذه وعلى رأسهم القدّيس إكليمنضس الإسكندري. وتُرجمت جميع المؤلفّات المصريّة إلى القبطيّة قبل القرن الخامس الميلادي.
ويلاحظ أن الأقباط لحرصهم على حفظ المعنى اللاهوتي لبعض المصطلحات استبقوها باليونانيّة حتى عند كتابتهم بالقبطيّة. ويقول Warrell أن القبطي يستنكف ترجمة المصطلحات اللاهوتيّة[26].
وإذ جاءت اللغة العربيّة بدأت تحل محل اللغة القبطيّة فقضت عليها، ثم عادت القبطيّة في الازدهار في القرن الثامن. وأخذت الكتابة القبطيّة منذ القرن الثاني عشر تظهر في نهرين بالقبطيّة والعربيّة[27]. وفي القرن السادس عشر انطفأ نور استعمالها كلغة للتكلم في الوجّه البحري، وبقيت حتى القرن السابع عشر لغة التكلم في الوجّه القبلي.
في القرن الثالث عشر صارت اللغة العربيّة هي اللغة السائدة في المؤلفّات اللاهوتيّة والكنسيّة للقبط.
يجدر بنا أن نذكر في هذا المجال أن الآباء الرهبان القبط عُرفوا بالتقوى وإنكار الذات، فمالوا إلى الحياة أكثر من تدوينها، وجاء الكثير من أقوالهم الرهبانيّة عن طريق الوافدين إليهم من الشرق والغرب بلغات متعدّدة كاليونانيّة واللاتينيّة والسريانيّة.
تصنيف كتابات الآباء
يمكن تصنيف كتابات، خاصة في القرون الخمسة الأولى، على أساس زمني، فيرى البعض أن أول مجمع مسكوني (٣٢٥م) مع تحوّل الإمبراطوريّة الرومانيّة إلى المسيحيّة يُعتبر خطًا فاصلاً بين نوعين من الآباء من جهة كتاباته وتراثهم:
1. آباء ما قبل نيقيّة، يتسم تراثهم بالبساطة الشديدة.
2. آباء ما بعد نيقيّة.
كما يمكن تقسيم كتابات الآباء على أساس اللغة التي كتبوا بها:
1. آباء يونان (شرقيّون) حيث كتب غالبيّة الآباء الشرقيّون باللغة اليونانيّة بجانب كتابات البعض بلغاتهم القوميّة كالقبطيّة والسريانيّة والأرمنيّة.
2. آباء لاتين (غربيّون).
ويقسم البعض الكتابات حسب المناطق:
1. كتابات آباء مصر، خاصة مدرسة الإسكندريّة وآباء البريّة.
2. الآباء الأنطاكيون (السريان).
3. الآباء الكبادوك.
4. الآباء اللاتين.
كل مجموعة تحمل فكرًا خاصًا واهتمامات خاصة تناسب الظروف المحيطة بها، لذا جاءت كتابات كل منها إلى حد ما لها طابعها الخاص.
أحيانًا يقوم التقسيم حسب مادة الكتابة:
1. كتابات دفاعيّة.
2. تفسير للكتاب المقدّس.
3. عظات ومقالات.
4. رسائل.
5. ليتورچيات كنسيّة.
6. كتابات شعريّة وتسابيح.
7. حوار أو ديالوج.
8. نسكيّات.
9. قوانين كنسيّة.
10. كتابات تاريخيّة.
يميل بعض الدارسين إلى وضع تقسيم يمثّل مزجًا بين التصنيفات السابقة.



  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 01:52 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

الخط العام للتراث الآبائي

يمكننا تقديم التراث الآبائي في مراحل خمس مسترشدين في ذلك بالتقسيم الذي اتبعه العالم كواستن QuastenJ. بشيء من التعديل:
١. بدء الأدب المسيحي الآبائي


يضم هذا القسم:
1. بدء القوانين الرسوليّة والشكل الليتورچي حيث كانت كنيسة العهد الجديد تحتاج إلى هذا النظام لتمارس حياتهما التعبّديّة ووجود دستور لسلوكها.
2. كتابات الآباء الرسوليّين في القرن الأول وبداية الثاني بكونها بدء انطلاق للتراث خلال من تتلمذوا على يديّ الرسل وسمعوهم.
3. فرزت الكنيسة الكتب الأبوكريفا عن الأناجيل وبقيّة أسفار العهد الجديد القانونيّة.
4. نظم المسيحيّون الأوائل شعرًا للتسبيح للتعبير عن مشاعر حبّهم للَّه مخلّصهم.
5. كتب بعض أبنائها سير الشهداء، فظهرت أول أعمال الشهداء.

6. ظهرت أعمال المدافعين Apologists، كما ظهرت كتابات للرد على الهرطقات.٢. كتابات ما بعد إيريناؤس إلى ما قبل مجمع نيقيّة (٣٢٥ م)

1. إذ كانت الإسكندريّة أكبر مركز هيليني فلسفي، مدرسة الإسكندريّة الفلسفيّة، التزمت الكنيسة منذ عهد القدّيس مرقس الرسول بإنشاء مدرسة مسيحيّة قادرة على مواجهة التيار الهيليني القوي، فظهرت مدرسة الإسكندريّة بآبائها الذين لمعت أسماؤهم في الشرق والغرب.
2. ظهر آباء آسيا الصغرى وسوريا وفلسطين، ونشأت مدرسة أنطاكية التي تبنت التفسير الحرفي للكتاب المقدّس كمقابل لمدرسة الإسكندريّة التي عُرفت بالتفسير الرمزي، كما ظهرت مدرسة قيصريّة.
3. بدأ الأدب اللاتيني المسيحي على يدي مينوسيوس فيلكس وهيبوليتس الروماني ونوفاتيان ولرسائل أساقفة روما.
4. من الشخصيّات الأفارقة المسيحيّة ترتليان والقدّيس كبريانوس وأرنوبيوس ولاكتانتيوس.
٣. العصر الذهبي والآباء الشرقيّون


تعتبر فترة ما بين مجمع نيقيّة سنة ٣٢٥م ومجمع خلقيدون سنة ٤٥١م العصر الذهبي للكتابات الآبائيّة الشرقيّة.
1. في مصر ظهرت كتابات القدّيسين البابا الكسندروس الذي واجه أريوس المبتدع، والبابا أثناسيوس الرسولي، وسيرابيون أسقف تيمي، وديديموس الضرير، والبابا ثاوفيلس، والبابا كيرلس الكبير الخ. كما ظهرت كتابات مؤسّسي الحركة الرهبانيّة في مصر (وكتابات الذين جاءوا إلى مصر ليمارسوا الحياة الرهبانيّة ويسجّلوا أقوال آباء البريّة في مصر) مثل القدّيسين ابنا أنطونيوس الكبير وأمونيوس وباخوميوس أب الشركة وهوريسيوس وثيؤدور (تادرس) ومقاريوس المصري وأغريس من بنطس وبالاديوس واسيذوروس بالبلسم وشنودة بأتريب.
2. في آسيا الصغرى نجد يوسابيوس النيقوميدي وثيؤجنيس من نيقيّة وأوستيروس السوفسطائي ومارسيلليوس بأنقرة وباسيليوس بأنقرة.
3. ظهر آباء الكبادوك العظام مثل القدّيسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزي وغريغوريوس أسقف نيصص وأمفيلوخيوس أسقف ايقونيم وأوستيروس من أماسيا.

4. في أنطاكية وسوريا أوستاثيوس الأنطاكي وأتيوس الأنطاكي وأونوميسوس من Cyzicus ويوسابيوس القيصري وجلاسيوس القيصري ويوسابيوس من أميسا.5. ظهر كيرلس الأورشليمي وأبوليناريوس من لادوكيا وأبيفانيوس أسقف سلاميس وديؤدور الطرسوسي وثيؤودور من المصيصة ويوحنا الذهبي الفم وأكاكيوس من Beroea وأنتيخوس من بتللاميس وسيفريان من جبالة ومقاريوس ماجنيس وهستخيوس الأورشليمي ونيلس من أنقرة ومرقس الناسك وبروكليس من القسطنطينيّة وباسيليوس من سيليكيا.

6. ظهر أيضًا المؤرّخون الكنسيّون مثل فيليب Philip Sidetes وسقراط وسوزومين وثيؤدورت أسقف قورش.٤. آباء الغرب في القرنين الرابع والخامس

أشهرهم القدّيسون هيلاري أسقف بواتييه وأمبروسيوس أسقف ميلان وأغسطينوس أسقف هيبو وچيروم ورفينوس ويوحنا كاسيان.
٥. كتابات ما بعد مجمع خلقيدونية


إذ عزل مجمع خلقيدون الشرق عن الغرب إلى حد ما اهتمت الكنائس اللاخلقيدونيّة بالكتابة عن طبيعة السيّد المسيح، وقد برز قادة عظماء في ذلك. يقول ميندورف: [خلال النصف الثاني من القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس، قد ساد عظماء اللاهوتيّين (المونوفزيت)[28] على المسرح وهم تيموثاوس أوليروس وفيلكسينوس أسقف منبج Mabbug، وعلى وجّه الخصوص ساويرس الأنطاكي، ولم يكن لدى الخلقيدونيّين لاهوتي واحد بارز يقف أمامهم.[29]]
بعد دخول العرب مصر وبقيّة منطقة الشرق الأوسط تحوّل اهتمام الكتاب الشرقيّين إلى الحوار مع المسلمين وجاءت القرون ١١–١٣ غنيّة بالتراث المسيحي المصري في ذلك المجال. أمّا الكنائس الخلقيدونيّة فواجهت مشاكل من نوع آخر مثل محاربة الأيقونات وانبثاق الروح القدس الخ.



  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 01:54 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

الكتاب الثاني
بدء الأدب المسيحي الآبائي

بدء القوانين الكنسية
والشكل الليتورچي
1
قانون الإيمان للرسل
Symbolum Apostolicum
The Apostles’ Creed
قانون الإيمان في الكنيسة الأولى
قانون الإيمان في العهد الجديد

الإيمان المسيحي هو حياة يمارسها العضو الحيّ خلال إتحاده مع الله في المسيح يسوع بالروح القدس داخل الكنيسة. هذه الحياة لا يحدها قانون ولا تسجلها لغة بشرية. لكن الضرورة ألزمت الكنيسة منذ انطلاقها أن تترجم إيمانها في قانون، لا لكي يحفظه الناس عن ظهر قلب أو يردده المؤمنون أثناء العبادة الليتورچية والخاصة، إنما لكي يعيشونه خبرة حيّة.
يقول القديس هيلاري[30]، نحن ملتزمون أن تنكلم بما لا يُنطق به. عوض هيام الإيمان المجرد نلتزم أن نعهد أمور الدين إلى مخاطر التعبير البشري.
لقد سأل السيد المسيح تلاميذه عن إيمانهم فيه، فاعترف بطرس أنه "هو المسيح ابن الله الحيّ" (مت ١٦ : ١٦). ولعل هذه الشهادة قدمت الفكرة الرئيسية لإيجاد قانون إيمان كنسي يعلن "حقيقة السيد المسيح المخلص". مرة أخرى جمع السيد تلاميذه وأعطاهم سلطانًا للكرازة والتعليم والعماد قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت ٢٨ : ١٩)، مقدمًا لهم صيغة قانون الإيمان الثالوثي الخاص بالعماد. هكذا سجل لنا العهد الجديد صيغة الإيمان بالمسيح وصيغة الإيمان الثالوثي، هاتان الصيغتان هما جوهر إيمان الكنيسة، وحجر الزاوية لكل قانون إيمان كنسي.
فكرة تاريخية[31]

‌أ. إذ انطلقت الكنيسة في عصر الرسل تكرز وتبشر العالم بالخلاص كان لزامًا أن يعترف كل موعوظ بأيمانه جهرًا في صيغة مختصرة قبلما يتقبل العضوية في جسد المسيح، أي قبيل عماده مباشرة. وذلك كما فعل الخصي الأثيوبي (أع ٨ : ٣٧) حين أعلن رغبته في العماد معترفًا "أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله".
ظهر "قانون الإيمان الكنسي" كصيغة خاصة بالمعمودية، يعترف بها طالب العماد معلنًا قبوله الحق ودخوله "الحياة في المسيح يسوع". في الدوائر اليهودية كان يكفي لطالب العماد أن يعلن هذا القانون الإيماني البسيط أن "يسوع هو المسيا"، أي هو المخلص الذي انتظره الآباء وشهد عنه الأنبياء، فيه كملت الشريعة وتحققت مواعيد الله للبشرية. أما بالنسبة للأمم، إذ لم تكن لهم الشريعة ولا عرفوا النبوات عن المسيا يعبدون آلهة كثيرة وأرباب كثيرة، كان لزامًا على طالب العماد أن يعلن حقيقة إيمانه بأكثر وضوح: إيمانه بالله الواحد المثلث الأقانيم، وعمل المسيح الخلاصي ...
‌ب. إذ ظهرت غنوصيات غير أرثوذكسية تنادي بالثنائية، تحقر من المادة وتشوه حقيقة التجسد الإلهي، لم يعد "قانون الإيمان" في صورته الأولى كافيًا، أي لا يكفي إعلان أن "المسيح ابن الله الحيّ" إنما يلزم الاعتراف بـ "الحبل به من الروح القدس، ولادته من العذراء مريم، تألمه في عهد بيلاطس بنطس وموته ودفنه (وليس كما علم الغنوصيين أنه اختطف إلى السماء من على الصليب أو قبيل صلبه)، وأن الروح القدس حال في الكنيسة ...
يظهر هذا الأثر بصورة واضحة في قانون الإيمان للقديس هيبوليتس المستعمل في العماد، فقد جاء في التقليد الرسولي للقديس هيبوليتس أن طالب العماد يُسأل ثلاثة أسئلة ويجيب عليها[32]:
ينزل (طالب العماد) في الماء، ويضع المعمد يده على رأسه قائلاً: أتؤمن بالله ضابط الكل؟
يقول الذي يُعتمد: أؤمن. عندئذ يعمده دفعة (يغطسه) واضعًا يده على رأسه.
بعد ذلك يقول له: أتؤمن بيسوع المسيح ابن الله، الذي وُلد بالروح القدس من العذراء مريم ، وصُلب في عهد بيلاطس البنطي ومات وقام من الأموات حيًا في اليوم الثالث وصعد إلى السموات وجلس عن يمين الآب، هذا الذي يأتي ليدين الأحياء والأموات؟
وعندما يقول: أؤمن، يعمده دفعة أخرى.
وأيضًا يقول له: أتؤمن بالروح القدس وبالكنيسة المقدسة وقيامة الجسد؟ فيقول الله يُعتمد: أؤمن، فيُعتمد الدفعة الثالثة.
‌ج. إذ بدأت الهرطقات والبدع تنتشر لم يعد "قانون الإيمان" خاصًا بطالبي العماد، إنما صارت الحاجة ملحة لاستعماله الكنسي في العبادة الليتورچية والعبادة الخاصة. بدأت المجامع المسكونية تضع قانون الإيمان، لأهداف دفاعية وتعليمية. ففي مجمع نيقية وُضع قانون الإيمان يحارب الأريوسية.
فإنه وإن اقترب من قانون الإيمان الأورشليمي العمادي القديم، لكنه أضاف إلى الفقرة الثانية الخاصة بالسيد المسيح هذه الصيغة: "نون من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، واحد مع الآب في الجوهر". هذه الصيغة لا يستطيع الأريوسيون أن ينطقوا بها، فتفرزهم عن المؤمنين. بهذا قدم مجمع نيقية للكنيسة صيغة لاهوتية مبسطة تعلن إيمان الكنيسة، يعترف بها المسيحيون ويترنمون بها ويصلونها، وليست اختبارًا لطالبي العماد.
وفي المجمع المسكوني الثاني بالقسطنطينية أُضيف إلى قانون الإيمان النيقوي صيغة خاصة بالروح القدس: "الرب المحيي، المنبثق من الآب، نسجد له ونمجده مع الآب والابن، الناطق في الأنبياء ...".
بهذا صار قانون الإيمان ملخصًا للإيمان الأرثوذكسي أكثر منه اعترافا يردده طالبوا العماد.
قانون الإيمان الرسولي
Apostolic Creed
قانون أم المنسوب إلى الرسل له أهمية خاصة في الكنيسة الغربية، إذ تعتبره أساس قوانينها، كما يقول Schaff[33] "هو قانون القوانين كما أن الصلاة الربانية هي صلاة الصلوات".
هذا القانون هو صيغة مختصرة جدًا، سُجلت بلغة العامة لا باصطلاحات لاهوتية، تناسب الموعوظين كما يمكن استخدامها في العبادة الليتورچية والخاصة.
يتكون هذا القانون من إثني عشر بندًا من وحي العهد الجديد، تلخص العقيدة المسيحية ولاهوتيات الكنيسة، وتجسم تعاليم الرسل. هو رسولي بحق في محتوياته كما في روحه، ليس من وضع الرسل. هو كنسي، ليس من عمل فرد من الأفراد، لكن لا يزال تاريخه غامضًا وحقيقة مصدره غير معروفة.
شمل هذا القانون ملخصًا للحقائق الإلهية منذ بدء الخليقة حتى قيامة الجسد ودخوله الأبدية، يقدم لنا الإيمان بالثالوث القدوس ويركز أنظارنا تجاه المسيح المخلص ...
مصدره

يقول Clarke[34] أن قانون الإيمان للرسل لم يكن يتلى في صلوات باكر وصلاة النوم قبل القرن الثامن...وانه ليس إلاَّ امتداد لقانون الإيمان العمادي الروماني.
ويرى Schaff[35] أنه لم يكن موجودًا بصورته الحالية إلاَّ في القرن الرابع، لكنه وجد في القرنين الثاني والثالث بصيغة أو أخرى ...
ويرى Quastan[36] أن القانون بصورته الحالية لا يمتد إلى قبل القرن السادس، استخدم في بلاد الغال (فرنسا) وأسبانيا وأيرلندة وألمانيا في الدراسات التمهيدية الخاصة بالموعوظين.
على أي الأحوال نستطيع أن نقول مع المؤرخ شافSchaff أن قانون الإيمان للرسل جاء بلا شك نتيجة نمو تدريجي، يحمل شكلين:
1. الشكل الحالي، أو النص المسلم إلينا حاليًا، لم يظهر قبل القرن السادس أو السابع.
2. الشكل البدائي كما ورد في بعض المخطوطات القديمة، يرجع إلى القرن الثاني أو الثالث. ولعل أقدم نص يوناني وصل إلينا ما ورد في رسالة مارسيليوس من أنقرة إلى أسقف روما يوليوس الأول حوالي عام ٣٤٠م يؤكد أرثوذكسيته. وقد ورد ضمن[37] "Psalterium Aethelstani". أما النص اللاتيني فقد ذكره روفينوس[38] المؤرخ الكنسي في نهاية القرن الرابع في تعليقه على قانون إيمان الرسل Commentary on the Symbol of the Apostles موضحًا أصله، إذ يقول أن هناك تقليد بأن الرسل بعد قبولهم الروح القدس وقبل خروجهم للكرازة اتفقوا معًا على ملخص مبسط للتعليم الرسولي كأساس لكرازتهم وقانون إيمان المؤمنين.
ويبدو أن القديس أمبروسيوس شاركه نفس الرأي عند شرحه للقانون، مشيرًا إلى أن الأثني عشر بندًا تطابق الإثني عشر رسولاً.
وفي القرن السادس للمرة الأولى نلتقي بتأكيدات أن كل رسول وضع بندًا من الإثني عشر، فجاءت العظة المنسوبة للقديس أغسطينوس[39] تعلن أصله: "قال بطرس أؤمن بالله الآب ضابط الكل خالق السماء والأرض ..." وقال اندراوس "وبالمسيح يسوع ابنه الوحيد ربنا ..." وبقي هذا التفسير سائدًا خلال العصور الوسطى.
دهشت الكنيسة الغربية عندما أعلن رئيس أساقفة أفسس لليونان مارقيوس افجينيكوس Marcus Evgenicus في مجمع Ferrara عام ١٤٣٨ أن الكنائس الشرقية لا تعرف شيئًا عن صيغة هذا القانون المستخدم في الكنيسة الغربية، ولا عن نسبته للرسل.
بعد سنوات قليلة أنكر الأيطالي Lorenzo Valla نسبته للرسل.
يقول F. L. Cross[40] أن هذا القانون يخص فترة ما بعد الرسل، لكنه سمي رسوليًا لأن عناصره جميعها تعبر عن الإيمان في عصر الرسل.
حول قوانين الإيمان الأولى

يقدم لنا علم الباترولوچي الكثير من صيغ قوانين الإيمان التي جاءت خلال كتابات الآباء الشرقيين والغربيين، نذكر منها ما ورد في كتابات:
1. أيريناؤس أسقف ليون سنة ١٨٠ م
2. العلامة ترتليان قرطاجنة سنة ٢٠٠ م
3. كيريانوس قرطاجنة سنة ٢٥٠ م
4. نوفتيان روما سنة ٢٥٠ م
5. أوريجين الاسكندرية سنة ٢٥٠ م
6. غريغوريوس قيصرية الجديدة سنة ٢٧٠ م
7. لوقيانوس انطاكية سنة ٣٠٠ م
8. يوسابيوس قيصرية سنة ٣٢٥ م
9. مارسيليوس أنقرا سنة ٣٤٠ م
10. كيرلس أورشليم سنة ٣٥٠ م
11. ابيفانيوس قبرص سنة ٣٧٤ م
12. روفينوس سنة ٣٩٠ م
13. القانون الوارد في القوانين الرسولية Apostolic Constituitions
وقد امتازت النصوص الشرقية عن الغربية أنها بصورة عامة أطول وأكثر تغييرًا، لها جانب ميتا فزيقي، وتشمل عددًا من التعبيرات التعليمية ردًا على الهرطقات المنتشرة في الشرق.
وقد تجمعت القوانين الغربية لتشكل ما يعرف بقانون إيمان الرسل.
يرى Quasten أن هذا القانون الروماني والصيغ الشرقية ظهرت مستقلة عن بعضها البعض، لكنها صدرت عن أصل عام مشترك له جذروه في الشرق.
محتوياته

كانت قوانين الإيمان الأولى تضم صيغتين رئيسيتين: صيغة الإيمان الثالوثي، وصيغة الإيمان المسياني. وإن كان قانون الإيمان للرسل في صورته الحالية تطور إلى ملخص مبسط جدًا يحمل التعاليم المسيحية الجوهرية.
1. صيغة الإيمان الثالوثي
رأينا السيد المسيح يعطي تلاميذه سلطان العماد باسم الثالوث القدوس، وكان ذلك بداية ظهور قانون الإيمان العمادي بصيغة الإيمان الثالوثي. وفي حوالي عام ١٥٠م أشار القديس يوستين إلى طالبي العماد أن يتقبلوا غسل الماء "باسم الله الآب ورب المسكونة، ومخلصنا يسوع المسيح، والروح القدس[41]".
وجاءت الوثيقة المدعوة "الرسالة الرسولية Epsitola apostolorum" التي جُمعت في نفس التاريخ تقريبًا تبسط الإيمان، وتضم قانون إيمان لا يحوي فقط الإيمان بالثالوث القدوس، الآب ضابط العالم كله، المسيح يسوع مخلصنا، والروح القدس الباراقليط، إنما يضم أيضًا الإيمان بالكنيسة المقدسة وغفران الخطايا[42].
2. صيغة الإيمان المسياني
طال انتظار البشرية تترقب مجيء المسيا مخلص العالم، فجاءت المسيحية جوهر رسالتها "الشركة مع الله في المسيا المخلص". وقد رأينا اعتراف الرسول بطرس أن يسوع "هو المسيح ابن الله الحيّ"، وأعلن الخصي الأثيوبي ذات الإيمان قبيل عماده.
كان الإيمان بالمسيح المخلص هو مركز البشارة، حتى صارت "السمكة" هي الرمز للإيمان المسيحي في العالم الهليني وذلك لأنها في اليونانية (إخئيس) تشمل الحروف الأولى من العبارة "يسوع المسيح، ابن الله المخلص". وقد شهد العلامة ترتليان بذلك كما شهدت نقوش َAbercuis. وردت هذه العبارة الرمزية في مؤلفات الكتاب المسيحيين في نطاق واسع كقانون إيمان يعبر عن المعتقد المسيحي.




  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 02:00 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

النص

قانون الإيمان للرسل[43]
1. أؤمن بالله الآب، ضابط الكل (خالق السماء والأرض)؛
2. وبيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا،
3. الذي (حُبل) به بواسطة الروح القدس، وُلد من العذراء؛
4. (تألم) في عهد بيلاطس بنطس، صلب (ومات) ودفن؛
5. (ونزل إلى الجحيم)، وفي اليوم الثالث قام من الأموات؛
6. صعد إلى السنوات، وجلس عن يمين (الله) الآب، (ضابط الكل)؛
7. ومن ثم يأتي ليدين الأحياء والأموات.
8. و(أؤمن) بالروح القدس؛
9. والكنيسة المقدسة (الجامعة) (وشركة القديسين)؛
10. وغفران الخطايا؛
11. وقيامة الجسد؛
12. (والحياة الأبدية).
قوانين الإيمان[44] ما قبل نيقية في علاقتها بقانون الإيمان للرسل وقانون الإيمان النيقي[45]


قانون الإيمان للرسل
القديس ايريناؤس
العلامة ترتليان
القديس كبريانوس
نوفيتان
العلامة أوريجين


(روما)
بلاد الغال – عام ١٧٠ م
شمال أفريقيا – ٢٠٠ م
قرطاجنة – ٢٥٠ م
روما – ٢٥٠ م
الاسكندرية – ٢٣٠ م


أؤمن
نؤمن
نؤمن
نؤمن
نؤمن
نؤمن

1
بالله ضابط الكل، (خالق السماء والأرض)؛
بإله واحد الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها
بإله واحد، خالق العالم، الذي أوجد الكل من عدم ...
بالله الآب،
بالله الآب والرب ضابط الكل
بإله واحد، الذي خلق وأوجد كل شيء. الذي في آخر الأيام أرسل
2
وبيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا؛
وبيسوع المسيح الواحد ابن الله (ربنا)؛
وبالكلمة، ابنه يسوع المسيح؛
بابنه المسيح،
بابن الله، يسوع المسيح، الله ربنا،
ربنا يسوع المسيح. مولودًا من الآب قبل كل الخليقة.
3
الذي (حبل) به بواسطة الروح القدس، ولد من العذراء مريم؛
الذي صار جسدًا (من العذراء) لأجل خلاصنا؛
الذي نزل إلى العذراء مريم خلال روح الله وقوته، وصار جسدًا في أحشائها وولد منها؛


مولودًا من العذراء والروح القدس. تجسد وهو لا يزال الله.
4
(تألم) في عهد بيلاطس البنطي، صلب (ومات) ودفن؛
وآلامه (في عهد بيلاطس البنطي)؛
ثبت على الصليب (في عهد بيلاطس البنطي)، مات ودفن،


تألم حقًا، ومات،
5
(ونزل إلى الجحيم)، وفي اليوم الثالث قام من الأموات؛
وقيامته من الأموات؛
قام في اليوم الثالث،


قام من الأموات
6
صعد إلى السموات، وجلس عن يمين (الله) الآب (ضابط الكل)،
وصعوده إلى السموات جسديًا.
رفع إلى السموات وجلس عن يمين الله الآب.


ورفع ...
7
ثم يأتي ليدين الأحياء والأموات،
ومجيئه من السموات في مجد الآب لكي يضم كل الأشياء في رأس واحد...ويجري حكمًا عادلاً على الجميع
سيأتي ليدين الأحياء والأموات،



8
و(أؤمن) بالروح القدس،
وبالروح القدس ...
وبالروح القدس، البارقليط، المقدس، مرسلاً من عند الآب بواسطة المسيح،
بالروح القدس
بالروح القدس (الموعود به منذ القديم للكنيسة، وأعطي في الوقت المناسب)
الروح القدس، متحدًا في كرامة وجلال مع الآب والابن.
9
وبالكنيسة المقدسة (الجامعة) (وشركة القديسين)،





10
وغفران الخطايا،


أؤمن بغفران الخطايا،


11
وقيامة الجسد،
وأن المسيح سيأتي من السموات ليقيم كل جسد .... وليدين الأشرار والظالمين في نار الأبدية،
وأن المسيح سيستقبل قديسيه بعد استعادة الجسد،



12
(والحياة الأبدية)،
ويعطي المستقيمين والقديسين خلودًا ومجدًا أبديًا.
في متعة الحياة الأبدية ومواعيد السماء، ويدين الأشرار بنار أبدية.
والحياة الأبدية خلال الكنيسة المقدسة.





غريغوريوس
لونيانوس
يوسابيوس
كيرلس الأورشليمي
قانون الإيمان النيقوي - القسطنتيني[46]

قيصرية الجديدة – ٢٧٠ م
انطاكية – ٣٠٠ م
قيصرية – ٣٢٥ م
أورشليم – ٣٥٠ م
٣٢٥ م، ٣٨١ م

نؤمن
نؤمن
نؤمن
نؤمن
نؤمن
1
بالله الآب،
بإله واحد الآب ضابط الكل، خالق كل شيء والمعتني بكل شيء،
بإله واحد، الآب ضابط الكل، خالق كل شيء، ما يرى وما لا يرى،
بإله واحد، الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يرى وما لا يرى.
بإله واحد، الآب، ضابط الكل، خالق (السماء والأرض)، ما يرى وما لا يرى،
2
برب واحد. إله من إله، صورة وشكل اللاهوت. الحكمة والقدرة التي أوجدت كل الخليقة، الابن الحقيقي للآب الحقيقي.
وبرب واحد يسوع المسيح ابنه، الملود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، الحكمة، الحياة، النور.
وبرب واحد يسوع المسيح، كلمة الله، إله من إله، نور من نور، حياة من حياة، الابن الوحيد، بكر كل الخليقة، مولود من الآب قبل كل الدهور، به كان كل شيء.
وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، مولود من الآب قبل كل الدهور، إله حق، به كان كل شيء.
نؤمن برب واحد يسوع المسيح، ابن الله (الوحيد)، المولود من الآب (قبل كل الدهور)، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، واحد في الجوهر مع الآب، به كان كل شيء،
3

الذي ولد من عذراء حسب الكتب، وتأنس،
الذي من أجل خلاصنا صار جسدًا بين البشر،
تجسد وتأنس،
هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل (من السماء) وتجسد (من الروح القدس ومن مريم العذراء) وتأنس،
4

الذي تألم من أجلنا،
وتألم،
صلب ودفن،
(صلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، وتألم (ودفن)،
5

وقام من أجلنا في اليوم الثالث.
وقام في اليوم الثالث،
قام في اليوم الثالث،
وفي اليوم الثالث قام من الأموات كما في الكتب،
6

وصعد إلى السماوات، وجلس عن يمين الله الآب،
وصعد إلى الآب،
وصعد إلى السماوات، وجلس عن يمين الآب.
وصعد إلى السماوات (وجلس عن يمين الآب)،
7

وسيأتي أيضًا بمجدٍ وقوة ليدين الأحياء والأموات
وسيأتي بمجدٍ ليدين الأحياء والأموات.
سيأتي في مجدٍ، ليدين الأحياء والأموات، ليس لملكه انقضاء.
هذا الذي يأتي (في المجد) يدين الأحياء والأموات، (الذي ليس لملكه انقضاء).
8
بروح قدس واحد، خادم التقديس، فيه يعلن الله الآب، الذي فوق كل الأشياء، ويعلن الله الابن الذي هو خلال كل الأشياء. ثالوث كامل، غير منقسم ولا مختلف في المجد، والأبدية، والسلطان.
وبالروح القدس المعطى للتعزية والتقديس والكمال للذين يؤمنون.
نؤمن أيضًا بالروح القدس.
وبروح قدس واحد، البارقليط الناطق في الأنبياء.
نؤمن بالروح القدس (الرب المحيي)، المنبثق من الآب، نسجد له ونمجده مع الآب والابن، الناطق في الأنبياء.
9



وبمعمودية واحدة للتوبة لمغفرة الخطايا.
وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية
10

وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة،
ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.
11

وبقيامة الجسد،
وننتظر قيامة الأموات
12

وبالحياة الأبدية.
وحياة الدهر الآتي.




  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 02:11 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

2

الديداكيّة أو الذيذاخي
أو
تعليم الرب للأمم بواسطة الاثني عشر رسولاً[47]

جاءت كلمة "ديداكيّة" أو "الذيذاخي" Didache عن الحروف اليونانيّة الأولى لعنوان عمل يسمى "تعليم الربللأمم بواسطة الاثنى عشر رسولاً". يُعتبر أهم وثيقة بعد كتابات الرسل، تكشف لنا عن الحياة الكنسيّة الأولى من كل الجوانب: السلوكي والليتورچي والتنظيمي. كما يقول Quasten: [بين أيدينا ملخّص لتوجيهات تعطينا صورة رائعة للحياة المسيحيّة في القرن الثاني. في الحقيقة نجد هنا أقدم نظام كنسي، نموذجًا قيِّمًا لكل التجمّعات القديمة الخاصة بالنظم والقوانين الرسوليّة؛ هذا النموذج هو بداية القانون الكنسي شرقًا وغربًا[48].]
ويرى[49]F. L. Cross أن هذا الدليل السلوكي التعليمي والنظام الكنسي هو أهم اكتشاف في حقل أدب الآباء في المائة سنة الأخيرة.
وقد خدمت الديداكيّة الكثير من الأعمال الليتورچيّة والكتابات الخاصة بالقوانين الرسوليّة الدسقوليّة السريانيّة Didascalia والتقليد الرسولي لهيبوليتس Apostolic Tradition والقوانين الرسوليّة Apostolic Constitutions.
كان لها أهميّة خاصة في العصور الأولى حتى حاول البعض ضمها إلى أسفار العهد الجديد، فانبرى الكتَّاب الأوّلون يوضحون عدم قانونيتها، مثل البابا أثناسيوس السكندري[50] والمؤرّخان يوسابيوس[51] وروفينوس[52].
وقد استخدم إكليمنضس السكندري[53]وإيريناؤس عبارتين يُشتم منهما معرفتهما بالديداكيّة، وأيضًا واضع كتاب[54]De Alatoribus المنسوب لكبريانوس.
على أي الأحوال لم يتعرّف الدارسون الغربيون على الديداكيّة حتى اكتشفها الميتروبوليت فيلوثيؤس برينيوس Philotheos Bryynnius مطران نيقوميديا[55]عام ١٨٧٥م ضمن المخطوط القسطنطيني لعام ١٠٥٦م (حاليًا في أورشليم)، وقام بنشرّها عام ١٨٨٣م، فأثار ذلك ضجة في الأوساط العلميّة، خاصة في ألمانيا وانجلترا وأمريكا[56]لم يحدث مثلها في أي اكتشاف أدبي سابق.

محتويانها


ليست الديداكيّة عملاً واحدًا قام أحد الكتاب بتأليفه، إنّما هو تجميع حاول جامعه أن يربط أجزاءه معًا فلم يستطع، فقدّم لنا ثلاثة أعمال مع خاتمة،
أو قل ثلاثة أقسام بخلاف الفصل الختامي:

القسم الأول: يمثّل الحياة العمليّة السلوكيّة فصل ١ – ٦.
القسم الثاني: الحياة الليتورچيّة والسرائريّة فصل ٧–١٠، ١٤.
القسم الثالث: الترتيبات الكنسيّة فصل ١١–١٥.
الخاتمة: عن بَرُّوسيّا الرب أو مجيئه الأخير فصل ١٦.

القسم الأول: الحياة العمليّة السلوكيّة


كنا نتوقّع من العنوان "تعليم الرب للأمم بواسطة الاثنى عشر رسولاً" أن تتحدّث الديداكيّة عن العقيدة المسيحيّة والمفاهيم اللاهوتيّة. لكن إذ يخبرنا القدّيس أثناسيوس الرسولي إنّها كانت تستخدم في تعليم الموعوظين قبل عمادهم، كان غايتها تذكير طالبي العماد – بعدما قبلوا الإيمان – أن يعلنوا إيمانهم بأعمالهم، كأنّها تضع لهم دستور الحياة الجديدة التي في المسيح يسوع: حقًا ان المسيحيّة ليست مجموعة أخلاقيات، لكنها إيمان عملي مُعاش، شهادة حيّة لعمل المسيح في حياة المؤمن عمليًا.
استخدمت الديداكيّة نظام "الطريقتين Two ways" يختار الإنسان طريق الحياة أو الموت. هذا الأسلوب استخدمه اليونان في المجامع الهيلينيّة، واستعارته الكنيسة ليتناسب مع طالبي الإيمان الذين من أصل هيليني، لكن بروح مسيحيّة، مستقاة من "الموعظة على الجبل"، وقد استخدمه اليهود أيضًا[57].

القسم الثاني: الحياة الليتورچيّة


كشفت لنا الديداكيّة عن بعض الطقوس والمفاهيم الكنسيّة للعبادة المسيحيّة:
المعموديّة: تتحدّث عن العماد بالتغطيس في ماءٍ جارِ، أي في الأنهار. كانت هذه العادة قائمة في عصر الرسل وما بعدهم مباشرة. وإذا لم يوجد ماء جارِ يتم العماد بالتغطيس في ماءٍ آخر، وعند الضرورة يمكن سكب الماء على المعمَّد ثلاث دفعات باسم الثالوث القدّوس.
ومن الاستعدادات اللازمة للسرّ أن يصوم طالب العماد وخادم السرّ ومن الغير ما استطاع – يومين أو يومًا قبل العماد. ولا تزال هذه العادة ساريّة في الكنيسة القبطيّة، إذ يصوم خادم السرّ والإشبين والمعمَّد اليوم الذي يتم فيه العماد.
الصوم والصلاة: لكي لا نشترك مع اليهود في أصوامهم – يومي الاثنين والخميس – نصوم يومي الأربعاء والجمعة، على أنّه يليق بنا ألاَّ نصوم أو نصلي برياء.

تأمر الديداكيّة المؤمنين أن يصلّوا الصلاة الربانيّة ثلاث مرّات يوميًا.

الإفخارستيا: سبق معالجة هذا الموضوع بشيء من التوسع في كتاب "المسيح في سرّ الإفخارستيا[58]". ووصلنا إلى أن الفصلين ٩-١٠ يصوّران ليتورچيّا الإفخارستيا للمعمَّدين حديثًا، والفصل ١٥ يتحدّث عن خدمة الإفخارستيا العاديّة التي تقام يوم الأحد[59].
الاعتراف: يمارس قبل الاجتماع في الكنيسة (الفصلان ٤،١٤)، كما يُلتزم به قبل التمتّع بشركة الأسرار المقدّسة (الإفخارستيا).
الكنسيّات: الكنيسة في مفهوم واضع الديداكيّة "جامعة"، تضم العالم كلّه، من كل شعب وجنس، ليس فقط الذين آمنوا بل والذين يؤمنون يومًا ما... وهو يطلب الصلاة لكي يجمعها الرب من الرياح الأربع. أما من جهة الرئاسة الكهنوتيّة فلا يشتم منها افتراض أسقفيّة واحدة رئاسيّة في العالم. كما ركّز على وحدة الكنيسة وقدسيّتها، رابطًا بين وحدتها ووحدة الخبز الإفخارستي.

القسم الثالث: الترتيبات والتنظيم الكنسي


تحدّث بشيء من الإطالة عن الإدارة الكنسيّة: الرسل والأنبياء والمعلّمون والأساقفة والشمامسة.
أثار هذا القسم مع القسم السابق الكثير من الجدل بين الدارسين:
يرى Connolly, Vokes أن ما ورد بالديداكيّة من ترتيبات كنسيّة هي من أصل ماني، إذ يعتمد على وجود أنبياء. غير أن هذا الرأي يصعب قبوله إذ لم يرد في الديداكيّة شيء عن ماني وأتباعه، ولا حملت العنف النُسكي الذي تميّزت به هذه البدعة، ولا عارضت الزواج الثاني والتوبة الثانية.
يرى Armitage Robinson أن الديداكيّة هي تجميع عن صورة الكنيسة الأولى مقتبس عن مصادر رسوليّة. وهذا الرأي أيضًا عليه اعتراضات منها أنّه لو كان هدف الجامع هكذا لما غفل الحديث عن الأسقفيّة والبتوليّة وظهور الاتجاه الغنوسي أو ما يضاده.
الرأي الراجح نادى به Streeter, Creed, Klauser, Kleist أن الكاتب مجرّد جامع، عكس الترتيبات الكنسيّة والتعاليم الليتورچيّة في الفترة التالية لعصر الرسل. ربّما قام بهذا العمل كاتب بالإسكندريّة حيث جمع بين مخطوطين قديمين وصلا بين يديه، أحدهما عن "الطريقين" مصري الفكر والآخر مجموعة من أحكام الحياة الكنسيّة في نهاية القرن الأول، وقد غيَّر فيهما، ثم وضع الخاتمة (فصل ١٦) من عنده، وهي لا تمت بصلة مع بقيّة الديداكيّة.

الخاتمة: بَرُّوسيّا الرب


حملت الديداكيّة ككل الاتجاه الإسخاتولوچي (الأخروي) بصورة واضحة، كغيرها من الكتابات التالية لعصر الرسل. إذ كان الكل يتوقّع سرعة مجيء الرب الأخير.
تظهر هذه السمة في الصلّوات الإفخارستيّة الواردة بالديداكيّة، كما خصص الفصل الأخير الختامي بأكمله عن بَرُّوسيّا الرب مع إشارة إلى علامات المنتهى، والتزامنا قبالته.

كاتب الرسالة وتاريخ كتابتها


رفض الدارسون ما افترضه Deuchesne أن العنوان يوحي بأن كاتبها أحد الرسل. فإن العنوان في جوهره لا يشير إلى ذلك، إنّما يقصد واضع الديداكيّة أن يقدّم بصورة واضحة مختصرًا لتعليم السيّد المسيح للأمم كما علمها الرسل.
وإلى اليوم لم يستطع الدارسون التعرّف على كاتبها، بل اختلفوا في تاريخ كتابتها. فمال الدارسون الإنجليز والأمريكان إلى تحديد كتابتها ما بين عامي ٨٠، ١٢٠م، وظن Hilgenfeld أنّها كتبت ما بين عامي ١٦٠، ١٩٠م، بينما حدّد Brynnius, Harnack تاريخها ما بين عامي ١٢٠، ١٦٠م.
على أي الأحوال رفض الدارسون ما مال إليه القدامى من نسبتها ما بين عامي ٧٠، ٩٠م، ومال الأغلبيّة إلى نسبتها بالشكل الحالي إلى المنتصف الأول من القرن الثاني أو بعد ذلك بقليل[60]دون أن ينكروا وجود بعض فقرات ترجع إلى سنة ٥٠– ٧٠م.

لا يمكن أن ترجع إلى عصر الرسل للأسباب التالية:

1. لا تحمل أي تلميح عن اليهوديّة – المشكلة الرئيسيّة في عصر الرسل. وإن كانت الفصول الستّة الأولى يهوديّة في طبيعتها، لكنها تحمل فكرًا إنجيليًا تقوم على تعليم السيّد المسيح[61].
2. تجميع مثل هذه القوانين الرسوليّة تعني شيئًا من الاستقرار الكنسي، أي بعد كرازة الرسل.
3. خلال التفاصيل الواردة بالديداكيّة يظهر أن عصر الرسل انتهى.
4. اعتمد كثيرًا على إنجيل متى فلا يكون قد جمعها قبل عام ٩٠م.
غير أن الديداكيّة تحمل شهادة داخليّة أنّها جمعت في عصر مقارب جدًا للرسل، نذكر منها:
أ. التعميد في ماءٍ جارِ، وذلك في عهد الرسل والقرن الثاني، كما أن الليتورچيّا الواردة في الفصول ٧–١٠ تشير إلى بساطة العبادة التي كانت في القرن الثاني.
ب. بساطة اللغة الزائدة، التي اتّسمت بها كتابات ما بعد الرسل مباشرة. كما أن لغتها تكشف عن التحوّل ما بين كتابات العهد الجديد والكتابات الكنسيّة.
ج. لا نجد بها آثارًا لنص قانون إيمان أو تقنين للعهد الجديد، ولا يزال الأنبياء يقدّسون الإفخارستيا، الأمور التي تكشف أنّها قبل نهاية القرن الثاني.
د. جاء وضعها في المخطوط ما بين الرسائل الإكلمنضيّة ورسائل أغناطيوس، ربّما أراد الناسخ أن يشير إلى تاريخها ما بين إكليمنضس الروماني وقبل أغناطيوس، خاصة وأن النظام الكنسي الوارد بها يكشف أنّه سابق لما ورد في رسائل أغناطيوس.
يرى البعض أن الكاتب يهودي متنصر، إذ يتحدّث عن بكور المحصولات وعن الأصوام اليهوديّة في يومي الاثنين والخميس، كما يحض على تلاوة الصلاة ثلاث مرّات يوميًا، وأنّه يعرف العهد القديم.

مكان الكتابة


رأى البعض أنّها سوريّة الأصل، وذلك بسبب علاقتها بالقوانين الرسوليّة Apostolic Constitutions السريانيّة الأصل. ونسبها البعض لفلسطين بسبب غياب تعاليم الرسول بولس. ونسبها آخرون إلى بلاد اليونان وآسيا الصغرى. إلاَّ أن كثيرين[62]رأوا أنّها مصريّة وذلك للأسباب:
1. تشابهها مع رسالة برناباس (١٠٠–١٣٠)، التي استخدمت أسلوب "الطريقين" في الرسالة (فصول ١٨–٣٠).
2. وورد أسلوب "الطريقين" في كتابات مصريّة أخرى مثل "النظام الكنسي الرسولي Apostolic Church Order" الذي عرف بالنظام الكنسي المصري[63]كما وردت في سيرة الأنبا شنودة (القرن الخامس).
3. من المحتمل، وليس من المؤكد، أن إكليمنضس الإسكندري عرف الديداكيّة[64].
4. أخذ الأسقف المصري سيرابيون (القرن الرابع) مقتطفات منها في صلواته الإفخارستيّة.
5. كلمات التمجيد الواردة في الصلاة الربانيّة وفي صلاة الإفخارستيا تقتصر على الكلمتين "القوّة" و"المجد" دون كلمة "الملك". وهذا التمجيد كان شائعًا في مصر أكثر من سواها.

الديداكيّة والكتابات الآبائيّة الأولى


رأينا ارتباط الديداكيّة برسالة برناباس في تعليم "الطريقين"، وقد جاءت الآراء المتضاربة: هل أخذت الديداكيّة عن برنابا أم العكس؟ غير أن الرأي السائد أن الاثنين أخذا هذا التعليم من مصدر مستقل شكَّله المسيحيّون بما يليق بالفكر المسيحي، كل واحد حسبما يرى[65].
حاول البعض ربط الديداكيّة بكتاب "الراعي" لهرماس، دون أن يصلّوا إلى نتيجة محدّدة، غير أن بعض العبارات جاءت متشابهة في النصّين، لكن لا يوجد إلاَّ عبارتين جاءتا حرفيّتين.
حملت القوانين الرسوليّةApostolic Constitutions (٧: ١–٣٢) أكثر من نصف ما ورد في الديداكيّة. غالبًا بذات الترتيب مع تشابه قوي في العبارات. أمّا العبارات التي لم ترد فعلى أغلب الأحوال كانت قد فقدت ارتباطها بالقرن الرابع[66].

النصوص التقليديّة[67]


1. جاء النص باليونانيّة كاملاً في المخطوط الذي اكتشفه Brynnuis كما وردت أجزاء منه باليونانيّة في:
أ. حُفظ شيء من الفصلين الأول والثاني على جزء من برديّة وُجدت في البهنسا Oxyrhynehos بمصر، وهي تعود إلى القرن الرابع[68].
ب. جاءت الفصول الستة الأولى ضمن رسالة برناباس.
ج. شمل الكتاب الثامن من القوانين الرسوليّة Apos. Cons. السوري في القرن الرابع أغلب النص اليوناني للديداكيّة.
2. النصّان اللاتينيان، أحدهما في مخطوط Melk من القرن التاسع/العاشر، يحوي أجزاء منها، ومخطوط ميونخ (Cod. Monac. Lat. 6264) من القرن الحادي عشر.
3. وُجد نص قبطي لبعض أجزاء منها. ترجمة القرن الخامس، على بردي بالمتحف البريطاني (٩٢٧)، ورد بالمخطوط صلوات على زيت المسحة، غالبًا ما كان يستخدم في سرّي العماد والمسحة (الميرون).
4. توجد مخطوطات بها متقطفات لترجمات سريانيّة وعربيّة وأثيوبيّة وچورچية[69].


  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 02:12 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

نص الديداكية

١ – الطريقان "الدستور الأخلاقي[70]


تعليم الرب للأمم بواسطة الإثني عشر رسولاً[71].
(1)
1. يوجد طريقان: أحدهما للحياة والآخر للموت[72]، لكن الفرق بين الطريقين عظيم.
2. طريق الحياة هو هكذا: أولاً، أحبب الله الذي خلقك (تث ٦: ٥). ثانياً، حب قريبك كنفسك (لا ١٩: ١٨؛ مت ٢٢: ٣٧، ٣٩). ما لا تريد أن يفعله الناس بك لا تفعله أنت بالآخرين (طو ٤: ١٥؛ مت ٧: ١٢؛ لو ٦: ٣١).
3. إليك ما تحمله هذه الأقوال من تعليم: باركوا لاعنيكم، صلوا من أجل أعدائكم، وصوموا من أجل مضطهديكم[73]. لأنه أي فضل لكم إن أحببتم الذين يحبونكم؟ أليس الوثنيون يفعلون ذلك؟! أما أنتم فأحبوا مبغضيكم، فلا يكون لكم عدو (مت ٥: ٤٥ – ٤٧؛ لو ٦: ٢٧–٣١).
4. ابتعدوا عن الشهوات الجسدية (١ بط ٢: ١١) الزمنية (عالمية).
"من لطمك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضًا" (مت ٥: ٣٩؛ لو ٦: ٢٩)، وكن كاملاً (مت ٥: ٤٨). من سخرك ميلاً فامش معه اثنين (مت ٥: ٤١). من أخذ ثوبك فأعطه رداءك أيضًا (مت ٥: ٤٠؛ لو ٦: ٢٩). من أخذ مالك فلا تطالبه به، لأنك لا تستطيع[74].
5. كل من سألك فأعطه بغير مقابل (لو ٦: ٣٠). فإن الآب يريد أن يشترك الكل في نعمنا. طوبى للذي يعطي حسب الوصية، إذ هو بلا لوم. ويل لمن يأخذ بغير احتياج. إن أخذ أحد عن عوز يُحسب بلا لوم. أما إن أخذ عن غير عوزٍ فسيعطي حسابًا عن السبب والهدف اللذين من أجلهما أخذ. إنه يُلقى في السجن، ويُسأل عن مسلكه، ولا يخرج من هناك حتى يوفي الفلس الأخير (مت ٥: ٢٦).
6. لكن قيل أيضًا في هذا الصدد: ليبتل إحسانك بعرق يديك[75]، حتى تعرف لمن تعطي.
(٢)

1. الوصية الثانية للتعليم:
2. لا تقتل، لا تزن، لا تفسد صبيان، لا تبغِ، لا تسرق (خر ٣٠: ١٣–١٥؛ تث ٥: ١٧–١٩؛ مت ١٩: ٨)، لا تمارس السحر ولا تذهب لعرافة، لا تقتل طفلاً بالإجهاض، ولا تقتل طفلاً حديث الميلاد. لا تشته مال قريبك (خر ٢٠: ١٧).
3. لا تحلف (مت ٥: ٣٤)، ولا تشهد بالزور (مت ١٩: ١٨؛ خر ٢٠: ١٦). لا تنطق بكلمة افتراء، ولا تحمل حقدًا.
4. لا تكن متقلب الرأي ولا منافقًا، فإن النفاق شراك الموت[76].
5. لا يكن كلامك كاذبًا، ولا تنطقه باطلاً، بل دعمه بالعمل.
6. لا تكن جشعًا ولا طماعًا ولا مرائيًا. لا تكن شريرًا ولا متكبرًا. لا تفكر سوءًا بقريبك.
7. لا تبغض أحدًا، لكن انذر البعض وصلِ لأجل البعض، أحبب الآخرين أكثر من نفسك.
(٣)
1. يا بني، اهرب من كل شر، ومن كل ما على شاكلته.
2. لا تمل إلى الغضب، فإن الغضب يقود إلى القتل. ولا تكن حسودًا ولا مخاصمًا ولا حاد الطبع. فإن هذه كلها تلد الجرائم.
3. يا بني لا تكن شهوانيًا، فإن الاشتهاء يقود إلى الزنا. ولا تكن ناطقًا بكلامٍ بذيء، ولا عيناك شريرة، فإن هذا كله يلد زنا.
4. يا بني لا تتفاءل، فإن هذا يقود إلى عبادة الأصنام. احترس من الرقي، ومن حسابات المنجمين، ومن المشعوذات التطهيرية. ارفض حتى رؤية هذه الممارسات، فإن هذه كلها تلد عبادة أصنام.
5. يا بني لا تكن كاذبًا، فالكذب يقود إلى السرقة. لا تكن محبًا للمال أو المجد الباطل، فإن هذا كله يلد السرقات. يا بني لا تتذمر، فإن هذا يقود إلى التجديف. لا تكن وقحًا ولا سيء النية، فإن هذه تلد التجديف.
6. لكن كن وديعًا، فإن الودعاء يرثون الأرض (مز ٣٧: ١١؛ مت ٥: ٥).
7. كن طويل الأناة، رحيمًا، بلا مكر، هادئًا، صالحًا، ترهب التعليم الذي تتلقاه (إش ٦٦: ٢، ٥).
8. لا تتفاخر (لو ١٨: ١٤)، ولا تستلم للزهو، لا تلتصق نفسك بالمتكبرين بل عاشر الصديقين والمتواضعين.
9. تقبل الأحداث التي تحل بك كأنها خير، عالمًا أنه ليس شيء يحدث بدون إذن الله (مت ١: ٣٩).
(٤)
1. يا ابني تذكر ليلاً ونهارًا ذاك الذي يحدثك بكلام الله (عب ١٣: ٧). أكرمه كما تكرم الرب (مت ١٠: ٤٠)، لأنه حيث يكرز بالتعليم الرباني يكون الرب موجودًا.

2. اسعَ يومًا فيومًا نحو القديسين لتجد في كلامهم تعزية.
3. لا تثر انقسامات، بل وطد السلام بين المتخاصمين. احكم بالعدل، لا تنظر الوجوه في انتهارك المعاصي (تث ١: ١٦، ١٧؛ أم ٣١: ٩).
4. لا تتردد في قرارك بين هذا وذاك.
5. لا تبسط يديك للأخذ وتطبقهما عند العطاء (سيراخ ٤: ٣١).
6. إن كنت تملك شيئًا من تعب يديك، فقدم عتقًا عن خطاياك (بالعطاء).
7. لا تتردد في العطاء، وإذا أعطيت فلا تتذمر، فستعرف من هو المجازي خيرًا.
8. لا تصرف محتاجًا. اقتسم كل شيء مع أخيك (أع ٤: ٣٨). ولا تقل أن لك مالاً خاصًا بك. فإن كنتم تقتسمون الخيرات الخالدة كم بالحري الفانيات؟ (رو ١٥: ٢٧)
9. لا ترفع يدك عن ابنك أو ابنتك، بل علمهما مخافة الرب منذ نعومة أظافرهما.
10. لا تنتهر (بمرارة) عبدك أو أمتك اللذين يترجان الله إلهك. لئلا يفقدا مخافة الرب، الذي هو فوق الكل (أف ٦: ٩)، وليس عنده محاباة الوجوه، بل يدعو من هيأهم الروح.
11. وأنتم أيها العبيد أطيعوا سادتكم في تواضع ومخافة كما للرب (أف ٦: ٥؛ كو ٣: ٢٢)
12. ابغضوا كل رياء وكل ما لا يرضي الرب.
13. لا تترك وصايا الرب، بل احفظها كما تسلمتها بغير زيادة أو نقص (تث ١٣: ٣١).
14. اعترف بمعاصيك في الجماعة، ولا تقترب الصلاة بضمير شرير. هذا هو طريق الحياة.
(٥)
1. أما طريق الموت فهكذا: أولاً، إنه شرير، مملوء لعنة: قتل، زنا، شهوات، فجور، سرقة، عبادة أصنام، أعمال سحر، عرافة، اغتصاب، شهادة زور، رياء، نفاق، خداع، كبرياء، إساءة، قحة، طمع، كلام باطل، حسد، عجرفة، ترف، افتخار.
2. مضطهدو الخير، مبغضو الحق، محبو الكذب، لا يعرفون مكافأة البرّ، غير ملتصقين بالصلاح (رو ١٢: ٩) ولا بالحكم العادل، يسهرون لا على صنع الخير بل فعل الشر، بعيدون عن الوداعة والصبر، محبون للأباطيل، مطاردون المكافأة، لا يرحمون الفقير، ولا يعملون من أجل الحزين، لا يعرفون خالقهم، قاتلو أطفال، ومفسدو خليقة الله، يتحولون عن المحتاج، ويظلمون الحزانى، يدافعون عن الغني ويحكمون بالظلم على الفقير، إنهم خطاة تمامًا. أيها الأبناء، تحرروا من هذه كلها.
(6)
1. احذر أن يضلك أحد عن هذا الطريق للتعليم، إنه يعلمك خارجًا عن الله.
2. إذا استطعت أن تحمل كل نير الرب تصبح كاملاً (مت ١١: 29-٣٠؛ ١٩: ٢١). أما إذا لم تستطع فافعل قدر طاقتك.
3. أما عن الطعام، فاحتمل قدر استطاعتك، وامتنع عما قدم للأوثان تمامًا، فإنها عبادة لآلهة ميتة (١ كو ١٠: ٢٥-٢٨)

٢ – الحياة الليتورچية والسرائرية


(٧)
العماد
1. أما عن العماد، فعمدوا هكذا: بعدما تعلمون كل ما تقدم، عمدوا باسم الآب والابن والروح القدس (مت 2٨: ١٩) بماء جار (حيّ).
2. فإذا لم يكن هناك ماء جار فعمد بماء آخر. إذا لم تستطع أن تعمد بماء بارد فعمد بماء دافيء.
3. إذا كنت لا تملك كليهما فاسكب الماء[77] فوق الرأس ثلاثًا، باسم الآب والابن والروح القدس.
4. قبل العماد، فليصم المعمد والمعمد ومن من الغير يستطيع. أوصي من يريد أن يعتمد أن يصوم يومًا يو يومين قبل العماد.
(٨)
الصوم والصلاة
1. لا تصوموا مع المرائين (مت ٦: ١٦)، فإنهم يصومون اليوم الثاني واليوم الخامس من الأسبوع،أما أنتم فصوموا الرابع (الأربعاء) والاستعداد (الجمعة)[78].
2. لا تصلوا كالمرائين (مت ٦: ٥)، بل كما أمر الرب في إنجيله، صلوا هكذا: "أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض، خبزنا الضروري أعطنا اليوم، واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليهم، ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير.لأن لك القوة والمجد إلى الأبد" (مت ٦: ٥، ٩–١٣).
3. صلوا هكذا ثلاث مرات في اليوم (دا ٦: ١٠).
(٩)
الإفخارستيا
1. بخصوص الإفخارستيا، يقدم الشكر هكذا:
2. أولاً: بخصوص الكأس: نشكرك (يوخاريستيت)، يا أبانا. من أجل الكرمة المقدسة التي لداود خادمك، لقد أعلنتها لنا بيسوع ابنك (خادمك)[79]. المجد لك أبد الدهور.
3. ثم بخصوص الخبز (كلازما)[80] المكسور.نشكرك يا أبانا، من أجل الحياة والمعرفة، اللتين أعلنتهما لنا بيسوع ابنك، المجد لك أبد الدهور.
4. كما أن هذا الخبز المكسور، كان مرة مبعثرًا على التلال، وقد جُمع ليصير (خبزًا) واحدًا، كذلك اجمع كنيستك، من أقاصي الأرض، في ملكوتك! لك المجد والسلطان بيسوع المسيح أبد الدهور.
5. لا يأكل أحد أو يشرب من إفخارستيك (ذبيحة شكرك)، إلاَّ الذين عُمدوا باسم الرب. ففي هذا يقول الرب: "لا تعطوا القدس للكلاب" (مت ٧: ٦).
(١٠)
1. بعدما تشبعون[81]، اشكروا هكذا: نشكرك أيها الآب القدوس، من أجل اسمك القدوس، الذي أسكنته في قلوبنا، ومن أجل ما أعلنته لنا، من معرفة وإيمان وخلود. بيسوع ابنك، المجد لك أبد الدهور.
2. أنت، أيها السيد القدير، خلقت الكون للإشادة بذكر اسمك، وأعطيت البشر الغذاء والشراب والتلذذ حتى يشكروه. ولكنك كافأتنا نحن بغذاء وشراب روحيين، وبالحياة الأبدية، بيسوع ابنك.
3. نشكرك فوق كل شيء، لأنك قدير،المجد لك أبد الدهور. آمين.
4. أذكر يا رب كنيستك، خلصها من كل شر واجعلها كاملة في حبك، اجمعها من الرياح الأربع، هذه الكنيسة التي تقدسها في ملكوتك الذي أعددته لها. لك السلطان والمجد أبد الدهور. آمين.
5. تعال أيها الرب[82]. وليعبر هذا العالم. آمين. أوصنا لإله داود! من كان مقدسًا فليقترب، ومن لم يكن هكذا فليتب! ماران آثا[83]. آمين.
6. اتركوا الأنبياء يشكرون كما يريدون[84].
7. (بخصوص العطور، أشكروا هكذا: أيها الآب، نشكرك على العطر الذي عرفناه به بواسطة يسوع ابنك، لك المجد إلى الأبد. آمين[85]).

٣ – الترتيبات والتنظيمات الكنسية


(١١)
المعلمون والرسل والأنبياء[86]
1. من جاء وعلمكم بكل ما سبق اقبلوه.
2. أما إذا عاد المعلم يعلمكم تعليمًا مغايرًا بقصد الهدم فلا تسمعوا له (٢ يو ١٠)، أما إذا (علم) هكذا: أن يزيد البرّ وتزيد معرفة الرب، فاقبلوه كما للرب.
3. أما عن الرسل والأنبياء، فتصرفوا بحسب تعليم الإنجيل، هكذا:
4. اقبلوا كل رسول يأتيكم كالرب (مت ١٠: ٤٠).
5. غير أنه يجب إلاَّ يمكث أكثر من يوم، وعند الضرورة يبقى يومًا آخر، إذا بقي ثلاثة أيام فهو نبي كاذب.
6. عند انصرافه لا يقبل إلاَّ ما يكفيه من خبز إلى أن يجد له مأوى، أما إن طلب مالا فهو نبي كاذب.
7. لا تجربوا ولا تنتقدوا نبيًا يتكلم بالروح، لأن كل خطية تغفر إلاَّ هذه الخطية[87].
8. لكن ليس كل من يتكلم بالروح نبيًا، بل الذي يسلك طرق الرب. من سلوكهم يُعرف النبي الكاذب من النبي الحقيقي.
9. كل نبي يأمر بإقامة مائدة في الروح[88]، إن لم يأكل منها فهو نبي كاذب.
10. كل نبي يتكلم بالحق، فإن لم يمارس ما يعلم به فهو نبي كاذب.
11. كل نبي مجرب بحق، يعمل سرّ الكنيسة في العالم. ومع ذلك لا يعلم الآخرين أن يفعلوا ما يصنعه هو. لا يًدان منكم بل دينونته من الله. فإنه هكذا تصرف الأنبياء القدماء.
12. لكن من يقول بالروح: اعطني مالاً أو شيئًا آخر، فلا تسمعوا له. أما إذا طلب من أجل الآخرين المحتاجين فلا تدينوه.
(١2)
1. كل من يأتيكم باسم الرب اقبلوه (مت ٢١: ٩؛ مز ١١٧: ٢٦)، بعد ذلك اختبروه واعرفوه، لتميزوا اليمين من اليسار.
2. فإن مرّ بكم عابر سبيل أعينوه قدر استطاعتكم، ولا يبقى عندكم أكثر من يومين أو ثلاثة عند الضرورة.
3. إذا أراد أن يمكث عندكم كصاحب مهنة فليعمل ليأكل (٢ تس ٣: ١٠).
4. أما إذا لم يكن صاحب حرفة، فوجهوه أنتم لكيلا يعيش بينكم عاطلاً.
5. إذا رفض أن يعمل فهو يتاجر بالمسيح (١ تي ٦: ٥)، احترزوا من أمثاله.
(١٣)
1. كل نبي حقيقي يريد البقاء معكم "يستحق طعامه" (مت ١٠: ١٠؛ ١ كو ٩: ٧ – ١٤؛ ١ تي ٥: ١٨).
2. كذلك المعلم الحقيقي يستحق كالعامل طعامه.
3. خذ باكورة نتاج معصرتك وبيدرك ومواليد أبقارك وأغنامك وقدمها للأنبياء، لأنهم رؤساء كهنتك.
4. إن لم يكن لكم نبيًا، فأعطه للفقراء.
5. إن خبزت، فقدم باكورته حسب الوصية.
6. إذا فتحت وعاء خمرك أو زيتك، أعطِ باكورته للأنبياء.
7. كذلك مالك (فضتك) وثيابك وكل ممتلكاتك، خذ الباكورة – كما تحسن في عينيك – وقدمها حسب الوصية.
(١٤)
1. في يوم الرب اجتمعوا معًا لتكسروا الخبز وتشكروا، لكن أولاً اعترفوا بخطاياكم لكي تكون ذبيحتكم طاهرة.
2. على أي الأحوال، من كان على خلاف مع أخيه فلا يشترك في اجتماعكم قبل أن يتصالح، فلا تكون ذبيحتكم مدنسة.
3. لأن هذا ما قاله الرب: "في كل مكان وزمان، تقرب لأسمى تقدمة طاهرة، لأني ملك عظيم، يقول الرب، واسمي مهوب بين الأمم" (مل ١: ١١، ١٤).
(١٥)
1. أقيموا لكم أساقفة وشمامسة جديرين بالرب، رجالاً ودعاء، غير محبين للمال، مستقيمين ومجربين، فإنهم يقومون عندكم بخدمة الأنبياء والمعلمين.
2. لا تحتقروهم لأنهم الرجال المكرمون بينكم مع الأنبياء والمعلمين.
3. وبخوا بعضكم بعضًا، لا بحدة، بل بسلام كقول الإنجيل (مت ٥: ٣٢ – ٣٦؛ ١٨: ١٥)، إذا أهان أحد قريبه فلا يكلمه أحد ولا يسمع منكم كلمة حتى يتوب.
4. أقيموا صلواتكم وقدموا صدقاتكم وافعلوا كل شيء حسب إنجيل ربنا.

٤ – بروسيا الرب


(١٦)
1. اسهروا على حياتكم، ولا تدعوا مصابيحكم تنطفيء، ولا أحقاءكم تنحل، بل كونوا مستعدين دائمًا لأنكم لا تعرفون الساعة التي يأتي فيها ربنا (لو ١٢: ٣٥؛ مت ٢٤: ٤٢).
2. يليق بكم أن تجتمعوا دائمًا وتطلبوا ما يخص نفوسكم، لأنه لا ينفعكم طيلة زمان إيمانكم إن لم تكونوا كاملين في اللحظة الأخيرة.
3. ففي الأيام الأخيرة يكثر الأنبياء الكذبة والمفسدين، وتتحول النعاج إلى ذئاب (مت ٧: ١٥)، والمحبة إلى كراهية (مت ٢٤: ١٢).
4. إذ يزداد الإثم يكره الناس بعضهم بعضًا، ويضطهدون بعضهم بعضًا، ويطردون بعضهم بعضًا (مت ٢٤: ٨–٩)، عندئذ يظهر مضلل العالم (رؤ ١٢: ٩) كابن الله (٢ تس ٢: ٤). ويصنع آيات وعجائب (مت 2٤: ٢٤)، وتصبح الأرض في قبضة يديه، ويرتكب آثامًا لم يحدث مثلها منذ البدء.
5. عندئذ تدخل الخليقة نار الاختبار، ويتعثر كثيرون ويهلكون. أما الذين يثبتون في إيمانهم فيخلصون (مت 2٤: ٨، ٩) من اللعنة.
6. عندئذ تظهر علامات الحق: أولاً علامة السماوات مفتوحة. ثم علامة صوت البوق (مت ٣٤: ٣١). ثالثًا قيامة الموتى، ليس جميعهم.
7. لكن كما قيل: سيأتي الرب ومعه جميع قديسيه (زك ١٤: ٥)، وسينظر العالم الرب آتيًا على سحب السماء (مت 2٤: ٣٠).



  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 02:19 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

الكتاب الثالث

كتابات الآباء الرسوليّين




الآباء الرسوليّون
1. القدّيس إكليمنضس الروماني.
2. القدّيس أغناطيوس الروماني.
3. القدّيس بوليكاربوس.
4. رسالة برناباس.
5. الراعي لهرماس.
6. الرسالة إلى ديوجنيتوس.
7. بابياس.
8. دفاع كوادراتس.
9. الديداكيّة.

الآباء الرسوليّون
The Apostolic Fathers

مضى الجيل الأول المعاصر للسيّد المسيح، الشهود العيان له، وتتلمذ كثيرون على أيدي رسله وتلاميذه، ولم تعد الكنيسة محصورة في بقعة ما، بل انطلقت في العالم تخمره بخميرة الحق وتلهبه بنيران الحب الإلهي، ووُجدت كنائس محليّة كثيرة في الشرق والغرب، لها إيمان واحد، ورجاء واحد، وحب واحد، صلّوات واحدة ومفاهيم واحدة ليتورچيّات وطقوس ذات هيكل واحد. حتى يحق لنا أن نقول إنّها ليست كنائس كثيرة بل كنيسة المسيح الواحدة الرسوليّة.
إن كانت هذه الكتابات الآباء الرسوليّين ليست إلاَّ براعم الربيع الصغيرة، لكنها حيّة تحمل روح الكنيسة الواحدة، تكشف لنا ما تحمله من أوراق وزهور وثمار حملتها شجرة الكنيسة عبر الأجيال[89]. لقد حملت إلينا صدى أصيلاً لكرازة الرسل، وإعلانًا حقًا لبساطة إنجيل الخلاص، وصورة صادقّة للتقليد الكنسي في تلك الفترة الفريدة[90]. قدّمت لنا الإيمان الذي تقبّله هؤلاء الآباء الرسوليّون خلال اتصالهم المباشر للرسل أو تسلّموه عن طريق تلاميذهم[91].
أما تسميّتهم بالآباء الرسوليّين فترجع إلى الدارس الفرنسي Jean B. Coterlier من رجال القرن السابع عشر، الذي قام بنشر مجلّديه تحت اسم Patres aevi apostolici عام ١٦٧٢، واللذين شملا مجموعة الكتابات التالية:
1. الرسالة المنسوبة لبرناباس.
2. كتاب "الراعي" لهرماس.
3. رسالتان: إحداهما لإكليمنضس الروماني والأخرى منسوبة له.
4. رسائل أغناطيوس السبع.
5. رسالة لبوليكاربوس، ومقال عن استشهاده.
في عام ١٧٦٥ أضاف إليها Andres Gallandi في مجموعتهVeterum Patrum Bibliotheca الأعمال التالية:

6. رسالة إلى ديوجنيتس Diognetius لا يُعرف كاتبها.7. مقتطفات لبابياس وQuadratus.

8. وفي عام ١٨٧٣ اكتشفت "الديداكيّة Didache" أو "تعليم الرب للأمم كما نقله الإثنا عشر رسولاً" أضيفت إلى الكتابات الرسوليّة.وأخيرًا فإن بعض الدارسين رأوا إضافة ما يسمى بـ "قانون الإيمان للرسل The Apostolic Creed" إلى الكتابات الرسوليّة، لكن الغالبيّة لم يقبلوا ذلك.

سمات كتابات الآباء الرسوليّين

جاءت أغلب هذه الكتابات أشبه برسائل، لكنها في الحقيقة لا تمثّل "وحدة في الطبع". لا نقدر أن نربط بين هذه الكتابات وبعضها البعض من جهة الطابع أو الموضوع، لكننا بشيء من التجاوز يمكننا القول أن هذه الكتابات في مجملها تعالج موضوعين:
ا. وحدة الكنيسة الداخليّة وسلام بنيانها الداخلي.
ب. الحفاظ على الإيمان الخالص حتى لا تشوبه وثنيات.
اتسمت هذه الكتابات بالبساطة مع الغيرة الملتهبة، دون الاعتماد على الفسلفة اليونانيّة أو البلاغة الهيلينيّة. فباستثناء الرسالة إلى ديوجنيتس لا تحمل هذه الكتابات عملاً أدبيًا.
جاءت هذه الكتابات وليدة احتياجات عمليّة رعويّة، وليس لغرض علمي دراسي؛ فلم تقدّم لنا دراسات لاهوتيّة روحيّة. "الاهتمام الرعوي الأصيل" عامل مشترك في هذه الكتابات، فالآباء الرسوليّون يقدّمون قلوبًا ملتهبة حبًا نحو خلاص البشريّة. لم يكن هؤلاء الكتَّاب جبابرة عقليّين بل قدّيسين بسطاء، يحبّون التقوى، ويكرّسون حياتهم وقلوبهم لمخلّص حيّ يحيا فيهم وهم يحيوا به وفيه ومن أجله.

اتسمت كتاباته بالصبغة الاسخاتولوجيّة (الانقضائيّة) eschatological character. كان المجيء الثاني للسيّد المسيح هو غاية "الحياة المسيحيّة"، خلال علاقتهم المباشرة مع الرسل، إذ كانوا يذكرون شخص المسيح بحماس. فقد كشفت كتاباتهم عن شوق عميق نحو السيّد المسيح المخلّص الصاعد، وهو لا يزال حيًّا وقائمًا في وسطهم. ينتظرون مجيئه ليروه وجها لوجّه. هذا الشوق حمل شكلاً قدسيًا في حياتهم وكتاباته وعبادتهم.اتسمت هذه الكتابات بالطابع الكنسي كما حملت روح الشركة، شركة الكنيسة في العالم كلّه في الإيمان والتقليد والعبادة. رغم بُعد المسافات بين الكنائس وبعضها البعض مع اختلاف الثقافات وتفاصيل التقاليد.


  رد مع اقتباس
قديم 26 - 08 - 2012, 02:23 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة

القدّيس إكليمنضس الروماني
ٍ
St. Clement of Rome

تعتبر الرسالة إكليمنضس الروماني أول الكتابات الآبائيّة التي احتلت مركزًا خاصًا في كتابات الكنيسة الأولى وحياتها وعبادتها، كتب عنها القدّيس إيريناؤس في القرن الثاني الميلادي إنّها رسالة لها وزنها[92]. وأشار إليها ديونسيوس الكورنثي[93] عام ١٧٠م بأنّه قد صارت هناك عادة قائمة منذ عدة سنوات أن تُقرأ رسالة إكليمنضس في الكنيسة في يوم الرب. كما كتب المؤرّخ الكنسي يوسابيوس[94] أن قراءة رسالة إكليمنضس في كثير من الكنائس صار أمرًا عامًا.
صمت التاريخ الكنسي عن تعريفنا بحياة القدّيس إكليمنضس، وتضاربت الأقوال عنه. يرى البعض أنّه أحد معاوني القدّيس بولس في الخدمة، وهو نفسه الذي ذكره الرسالة في رسالته إلى أهل فيلبّي (في ٤: ٣). نادى بهذا العلاّمة أوريجينوس ونقله يوسابيوس[95] فچيروم[96] ثم تناقله كثيرون من بعدهم. ويحتمل أن يكون روماني الأصل أو يوناني، عمل بعض الوقت في فيلبّي، ثم بعد ذلك في روما.
يرى Lightfoot أنّه إنسان شريف ليس قرابة مع القنصل قليمنس، من أصل يهودي. قيل أيضًا أنّه كان عبدًا يهوديًا أو ابن عبد يهودي للقنصل المذكور، اعتقه فحمل اسم سيّده[97]. هذا وقد ذكر عنه القدّيس إيريناؤس: [رأى الرسل الطوباويّين وتحدّث معهم، كانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه، وتقليدهم ماثلاً قدام عينيه.]
تحدّث عنه يوسابيوس أنّه الأسقف الثالث على روميّة[98]، بعد لينوس وأناكليتوس، سيم أسقفًا في السنة الثانية عشرة لحكم دومتيانس، وتنيّح في السنة الثالثة من حكم تراجان، أي من سنة ٩٣م حتى سنة ١٠١م.
وقد جاء عنه في أحد الكتب الأبوكريفا من القرن الرابع أنّه حوّل ثيؤدورا إحدى شريفات روما وزوجها Sisinnius و٤٢٣ آخرين إلى المسيحيّة، الأمر الذي أثار غضب الشعب وأدى إلى نفيه في شبه جزيرة القرم[99].
وروى البعض عنه[100] أن مجلس اشيوخ بروما لم يحتمل أن يرى من بينهم شريفًا صار أسقفًا مسيحيًا، يجذب الأشراف إلى المسيحيّة، فاجتمع ودعوه ونصحوه بالعدول عن مسيحيّته، وإذ لم يقبل عرضوا تقريرًا لتراجان الذي أمر بنفيه وتكليفه بقطع الأحجار. هناك في النفي التقى بحوالي إلفين من المسيحيّين، وإذ كانت المياه بعيدة عنهم، صلى إلى الله الذي أرشده إلى صخرة بها نبع ماء يستقون منه. وقد آمن على يديه الكثير من الوثنيّين، وتحوّل المنفى إلى مركز للعبادة والكرازة، الأمر الذي ملأ الولاة غضبًا، فوضعوا في عنقه مرساه وطرحوه في البحر ومات غرقًا حوالي عام ١٠١م. وقد قيل أن الجسد بقي عامًا بأكمله في المياه دون أن يفسد حتى أظهره الرب.

رسالة إكليمنضس الأولى

حدث في القرن الأول حركة تمرّد في الكنيسة بكورنثوس. قام جماعة من الشبان المتعجرفين ظنّوا في أنفسهم أنّه أكثر حكمة من الإكليروس وأقدر على التعليم، وبدأوا يشنّون بين الشعب حملة تمرّد وعصيان، فطردوا كثيرين من عملهم[101]. أسرع القدّيس إكليمنضس أسقف روما وكتب رسالة مملوءة حكمة، تمتاز بروح الانسحاق مع الحب، اعتمد فيها على الكثير من النصوص الكتابيّة مع أمثلة كثيرة من العهدين.
1. رسالة كتابيّة: اقتبست الكثير من العهدين، إمّا بعبارات منقولة عن الكتاب المقدّس مباشرة أو مشابهة لها. ويُلاحظ أنّه استخدم الترجمة السبعينيّة التي عرفها غالبًا عن طريق الرسول بولس والإنجيلي لوقا.
2. تكشف الرسالة عن أن ذكريات إكليمنضس بتعاليم السيّد المسيح ورسله كانت خصبة للغاية.
3. قدّمت لنا معلومات في تاريخ الكنيسة عن اضطهاد نيرون، كما تحدّثت عن جموع الشهداء، وأشارت إلى كثرة النساء الشهيدات[102].
4. تحمل مفاهيم قيّمة وشهادة واضحة عن "العقيدة المسيحيّة" كما فهمها المسيحيّون الأوّلون:
ا. ذكر الثالوث القدّوس: الآب والرب يسوع المسيح والروح القدس.
ب. لاهوت السيّد وربوبيّته وخلاصه.
ج. ضرورة الإيمان، بدونه لا خلاص بالأعمال الذاتيّة، إذ يقول: [ونحن أيضًا الذين دعينا بإرادته في المسيح يسوع لن نتبرّر بذواتنا ولا بحكمتنا ولا بفطنتنا ولا بتقوانا، ولا بالأعمال التي نضعها في قداسة القلب، بل بالإيمان الذي من البدء برّر به الرب ضابط الكل كل الناس[103].]
د. ضرورة الأعمال المرتبطة بالإيمان، وهي تفرح الله. يقول: [لماذا بُورك أبونا إبراهيم؟ أليس بسبب اقتنائه البرّ والحق خلال الإيمان[104]]، [إذن، ماذا ينبغي علينا أن نفعل يا إخوة؟ هل نهمل عمل الخير، ونكف عن الحب؟! الله لن يقبل هذا، بل بالحري نسرع في عمل الخير باجتهاد وفي غيرة. إن خالق الكل وربّهم هو نفسه يفرح بأعماله[105]]، [العامل الصالح يتقبّل خبز عمله بجرأة، أمّا الكسول والمتهاون، فلا يجسر أن ينظر بعينيه إلى رب عمله[106].]
هـ. التبرير بالنعمة المجّانيّة مع الجهاد المستمر حتى الموت [نساء كثيرات صرن قويّات بالنعمة الإلهيّة وقمن بأعمال خارقة[107].]
و. التقدّيس بالروح القدس.
ز. الفضائل المسيحيّة من تواضع واحتمال وطول أناة مع تركيز على المحبّة. من كلماته: [المسيح هو مسيح المتواضعين لا المتعجرفين على قطيعه[108]]، [الحب يقود إلى أعالٍ لا يُخبر بها!... بالحب يأخذنا الرب إليه. بالحب يحملنا يسوع المسيح الذي أراق دمه عنّا بإرادة الله، وأعطانا جسده عن جسدنا، ونفسه ونفوسنا[109].]
س. الوحدة الكنسيّة القائمة على التقدير المتبادل بين الأعضاء. [لا وجود للكبار بدون الصغار، ولا للصغار بدون الكبار، وإنّما في كل مكان يُدمج (الكل) لنفع الجميع. أعظم مثل لهذا هو جسمنا، فالرأس بدون الأقدام ليس بشيء ولا الأقدام بدون الرأس. نعم، فإن أقل الأعضاء في جسمنا ضروري ومفيد للجسم كلّه، أو بالحري كل الأعضاء تعمل معًا في خضوع لأجل حفظ الجسم[110]]، [لماذا نمزّق أعضاء المسيح ونقطّعها، نثور ضدّ جسمنا، ويستولي علينا جنون مطبق كهذا، ننسى إنّنا أعضاء بعضنا البعض؟ اذكروا كلام ربّنا يسوع المسيح[111].]
ح. لأول مرّة نجد إعلانًا واضحًا وصريحًا عن تعليم "التتابع الرسولي" فرجال الإكليروس لا يُسامون بواسطة أعضاء الجماعة، لأن السلطة الروحيّة لا تُمنح منهم، وإن كان من حق الشعب أن يختار راعيه، لكن سلطانهم مُستمد من الرسل، الذين يمارسون سلطاته في طاعة المسيح[112].
ط. يعالج الفصلان ٢٤ و٢٥ موضوع القيامة من الأموات، ولأول مرّة تُستخدم الأسطورة الرمزيّة القديمة الخاصة بالطائر "فونيكس" أو "العنقاء" في كتابات مسيحيّة لتأكيد القيامة. وهو طائر خرافي زعم قدّماء المصريّين أنّه يعمّر خمسة قرون، بعدها يموت ويدفن نفسه في تابوت من المرّ واللبان والعطور ليقوم وهو أتم ما يكون شبابًا وجمالاً.
ي. أوضحت نظرة الكنيسة للدولة: فبينما كان إكليمنضس وشعبه يذوقون المر من الإمبراطور دومتيان إلاَّ أنّه في رسالته إلى أهل كورنثوس تجده يطلب الخضوع للولاة والرؤساء كما يقدّم عنهم صلاة من كل قلبه.
ك. كشفت لنا عن الليتورچيّا في الكنيسة الأولى، ففي هذه الرسالة نستشف الآتي:
1. يعتبر إكليمنضس الروماني أول كاتب مسيحي يصف التجمع الليتورچي للكنيسة المسيحيّة لتقديم "قرابينها" بتنظيم كنسي كعملٍ إلهيٍ[113]، إذ يقول: [أمرنا (الرب) أن نقدّم التقدمات حسب أوقات وساعات معيّنة. لقد حدّد بنفسه، بأمره العلوي، أين نتمّمها ومن الذي يقدّمها، حتى إذ يتم كل شيء بورعٍ حسب مسرّته الصالحة تكون مقبولة لديه.[114]]
2. كشف عن شركة كل المؤمنين في الليتورچيّا، سواء الكهنة أو الشعب، ولكن كل واحد حسب عمله. إذ يقول: [أعطيت لرئيس الكهنة (الأسقف) ليتورچيّات خاصة، وحدّدت للكهنة أماكن معيّنة، وللاويّين (الشمامسة) خدمات خاصة بهم، وللشعب القوانين الخاصة بهم. ليصنع (يشترك) كل واحد منكم يا إخوة في إفخارستيّا euscharisteito لله حسب ترتيبه (وضعه)[115].]
3. ذكر بعض الرتب الكنسيّة مثل الأبوذياقونيّين (مساعدي الشمامسة)، والذياقون (الشماس)، الأبرسفيتيروس (القس)، والأسقف وأوضح أن عمله الرئيسي هو خدمة الليتورچيّات وتقديم القرابين[116].
4. كشف عن السيّد المسيح أنّه "كاهن تقدماتنا العلي"[117]. فالعمل الكهنوتي هو عمل المسيح شخصيّا الذي يعمل سرّيًا في كهنته. أنّها ذبيحة سماويّة تُقام على الأرض، كاهنها المسيح نفسه، يقدّمها على المذبح السماوي كفّارة عن البشريّة.
5. قدّم لنا أقدم وأروع شكل لصلاة ليتورچيّة (جماعيّة) في الكنيسة[118]، انتهت بمجدلة "ذكصولوجيّة" doxology كعادة الكنيسة في نهاية كل صلاة ليتورچيّة[119].

تاريخ كتابتها

يحدّد أغلب الدارسين للرسالة تاريخ كتابتها بعام ٩٦م.
أقسامها

* افتتاحيّة من كنيسة روما إلى كنيسة كورنثوس، فيها يعلن الأب الأسقف حقيقة الكنيسة إنّها متغرّبة على الأرض. هذه الحقيقة تتطلب أن تعيش الكنيسة وسط العالم بفكرٍ سماويٍ، فلا تسلك بروح الغيرة والانقسامات، ولا تزحف على الأرض تطلب الفانيات، بل تهتم بخلاص كل أحد.
أولاً: جمال ملامح الكنيسة قبل الانقسام فصل ١-٢.
ثانيًا: ملامح الكنيسة بعد الانقسام فصل ٣.
ثالثًا: سرّ الانقسام: الغيرة والحسد فصل ٤-٦.
رابعًا: علاج الحسد والغيرة فصل ٧-٥٨.
بالتوبة والإيمان العملي فصل ٧-٨.
بالطاعة فصل ٩–١2.
بالتواضع فصل ١٣-٢١.
تذكّر الدينونة وقيامة الأموات فصل ٢٢-٢٩.
بالجهاد كأبناء الله فصل ٣٠-٣٦.
بالخضوع للنظام والترتيب فصل ٣٧-٤٧.
بالحب الذي هو باب البرّ فصل ٤٨-٥٨.
خامسًا: ابتهال لله فصل ٥٩-٦١.
سادسًا: ختام فصل ٦٢-٦٥.
[تُرجمت نصوص الرسالة إلى العربيّة، ونُشرت عام ١٩٧٤م.]
الأعمال المنسوبة للقدّيس إكليمنضس الروماني

لعلّ ما حظي به القدّيس إكليمنضس من تقدير عام هو المسئول الأول عما نُسب إليه من كتابات أرثوذكسيّة وهرطوقيّة، لكي تجد لها رواجًا.
1. رسالة إكليمنضس المسماة بالثانية The so-called Second Epistle of Clement
في حقيقتها عظة لا رسالة، لها أهميّتها بكونها أول عظة مسيحيّة وصلت إلينا حتى اليوم. أما أهم ملامحها ومحتوياتها فهي:
ا. التركيز المستمر على التوبة كطريق للملكوت، وكوسيلة لعمل لله فينا: [لنتب مادمنا على الأرض، فإننا طين في يد فنان[120].]
ب. الإيمان العملي خلال الطاعة للوصيّة واحتقار الشهوات الزمنيّة من أجل الأبديّة.
ج. الكنيسة سابقة للوجود[121]، روحيّة غير منظورة، صارت جسد المسيح[122] وأمًا للمؤمنين.
د. دعى العماد ختمًا Sphragis يلزم حفظه[123].
2. رسالتان عن البتوليّة
دافع كثير من الدارسين الكاثوليك عن نسبتهما لإكليمنضس غير أن غالبيّة الدارسين البروتستانت يرفضون ذلك، للأسباب التالية[124]:
ا. صمت يوسابيوس عن ذكرهما.
ب. نغمتهما النسكيّة تناسب النصف الأول من القرن الثالث[125].
ج. تختلف الرسالتان هنا عن الرسالة الأصليّة لإكليمنضس في طريقة الاقتباس من العهد الجديد، كما أن الاقتباس هنا من العهد القديم أقل.
ملامحهما ومحتوياتها:
ا. يبدو أن الرسالتين في الأصل عمل واحد، مع الزمن قُسَّم إلى جزئين.
ب. البتوليّة حياة يعيشها الإنسان بروحه في الداخل كما بجسده، وليست لقب شرف أو مجرّد اسم يحمله البتول:
[كل البتوليّين من الجنسين... يلتزمون كل واحدّ فواحد منهم أن يكون متأهّلاً لملكوت السماوات في كل شيء... الاسم وحده بغير الأعمال لا يُدخل ملكوت السماوات، لكن إن كان الإنسان بحق مؤمنًا، مثل هذا يخلّص... لا يقدر الإنسان أن يخلّص لمجرّد تلقيبه بتولاً وهو خالٍ من الأعمال الممتازة الكاملة التي تليق بالبتوليّة... فقد دعى ربّنا مثل هذه البتوليّة جهلاً كما جاء في الإنجيل (مت٢٥: ٢). وإذ لم تحمل زيتًا ولا نورًا تُركت خارج ملكوت السماوات، وطُردت من فرح العريس، وحُسبت ضمن أعدائه، مثل هؤلاء الأشخاص لهم فقط مظهر مخافة الرب ولكنّهم منكرون قوّتها (٢تي٢: ٥).]
ج. الحياة البتوليّة هي عمل إلهي فائق للطبيعة، تدخل بنا إلى الحياة الملائكيّة، ويختبر أصحابها الحياة السماويّة، وذلك بتقدّيس روح الله[126].
د. الحياة البتوليّة ليست هروبًا من العالم لأجل الراحة الزمنيّة، إنّما هي دخول في معركة الصليب حيث يجاهد البتول بروح الرب ضدّ الأنا وضدّ الشيطان ومحبّة العالم وشهوات الجسد.
[إن كنت تتوق إلى هذا كلّه اغلب الجسد، اهزم شهوات الجسد، اغلب العالم في روح الله، انتصر على الزمنيّات الباطلة التي تعبر وتشيخ وتفسد وتنتهي... اِغلب الشيطان، بيسوع الذي يقوّيك، بسماعك كلماته وتمتّعك بالإفخارستيّا في الله. احمل صليبه واتبعه، ذاك الذي يطهّرك[127].]
هـ. يقدّم الكاتب نصائح وإرشادات عمليّة تخص النسّاك، منها:
عدم الخلطة بين النساك والبتوليّين من الجنسين معًا[128]، خاصة عدم المزاح والأحاديث التافهة، والهروب من أماكن الشرّ[129].
الالتزام بالعمل، إذ لا يسمح للكسالى حتى أن يأكلوا خبزًا[130].
يخدمون لكن دون حب التعليم[131]، ويهتمّون بالفقراء والمرضى مع عدم تجاهل العبادة والحياة الروحيّة الداخليّة[132].
و. تظهر أهميّة الرسالتين إذ تقدّمان لنا أقدّم وثيقتين كمصدر للتاريخ النسكي المسيحي الأول وقوانين الحياة النسكيّة وعاداتها.
3. القوانين الرسوليّة The Apostolic Institutions
قدّمت لنا في الكتاب الثامن ما يُسمى بالليتورچيّا الإكليمنديّة The Clementine Liturgy. كان الدارسون حتى القرن السادس عشر يعتقدون إنّها عمل أصيل من وضع القدّيس إكليمنضس، وقد أدركوا بعد ذلك إنّها ليتورچيّا شرقيّة من القرن الرابع.
4. الإكليمنضيّات المزوّرة، وتسمى "كلمنتينا" أو سيّدو-كلمنتيناPseudo-Clementina
وهي مجموعة كتابات مزوّرة متشابهة إلى حد ما، لكنها غير متجانسة معًا، منسوبة خطأ للقدّيس إكليمنضس. كتبها جماعة من الأبيونيّين[133] الهراطقة، وهم شيعة متطرفة من بعض اليهود المتنصرين، يحملون عداءً للرسول بولس بكونه رسول الأمم، أو على الأقل يتجاهلون خدمته وكرازته. لذلك جاءت هذه الكتابات مليئة بعبارات التمجيد للرسولين بطرس ويعقوب أخي الرب، بكونهما رسولي الختان. كما ربطوا بين الرسول بطرس وسيمون الساحر عقب اللقاء الذي تم بينهما في السامرّة حوالي عام ٣٧م ويصوّرون الرسول أنّه أخذ يتعقبه من سوريا حتى وصل إلى روما عاصمة الإمبراطوريّة وهناك أماته بصلاته[134].
أما عن أفكار هذه الجماعة، فهما فريقان بين متزمت ومعتدل، الأول يحفظ ناموس موسى حفظًا حرفيًا ويقدّسون السبت ويعتبرون الختان لازمًا للخلاص. أمّا الفريق الآخر، فيحفظون ناموس العهد القديم، لكنّهم لا يلزمون الجميع ولا يتعصّبون ضدّ من يرفضون حفظه. كانوا يحتفلون بيوم الأحد ولا يعترضون على آلام السيّد المسيح، لكنّهم يشتركون مع الفريق الأول في إنكار لاهوته وأزليّته[135].

أما أهم كتابات الاكليمنضيّات المزوّرة فهي:
ا. العظات Homilies: عبارة عن عشرين عظة أبيونيّة؛ تتحدّث عن السيّد المسيح كنبي ومعلّم وليس مخلّصا، وتنكر لاهوته.
ب. المدركات Recognitions: في عشرة كتب.
ج. الخلاصة Epitome: وهي مقتطفات باليونانيّة بغير دقّة أو اكتراث منقولة عن العظات Homilies مضاف إليها مقتطفات عن رسالة إكليمنضس ليعقوب عن "استشهاد إكليمنضسMartyrium Clementis، بواسطة Simon ****phrastes... الخ.
د. كتابات أخرى لها ذات الصبغة، منها مقتطفان عن المدركات Regonitions والعظات Homilies، وُجدت باللغة العربيّة.
كما نسبت له خمسة رسائل منها رسالتان موجّهتان إلى يعقوب أخ الرب، يضمّهما البعض إلى الإكليمنضيّات المزوّرة. في الرسالة الأولى يظهر الكاتب رسالة إكليمنضس بيد بطرس الرسول كخلف له على كرسي روما مع توجيهات خاصة بالتنظيمات الكنسيّة. والثانية تشير إلى خدمة الإفخارستيا وأثاث الكنيسة وبعض الأمور الطقسيّة[136].
ملامحها ومحتوياتها
1. احتلت قصّة عائلة إكليمنضس مركزا هامًا في العظات كما في المدركات، وهي تتلخص في أن سيّدة تدعى ماتلدا زوجة فوستوس ووالدة ثلاثة أشخاص: فوستينوس وفوستنيانوس وإكليمنضس تركت روما متجهة إلى أثينا وفي صحبتها الابنان الكبيران، وقد اختفى الثلاثة. قام فوستوس بالبحث عنهم فاختفى هو بدوره. بقى إكليمنضس بمفرده، فجال في العالم يبحث عن الحق فوجد القدّيس بطرس. التصق به ودخل معه في مناظرات حيث كان يسأله عن الحق... وقد اكتشف بعدئذ بالتتابع والدته فأخويه ثم والده. وربما لهذا السبب دُعيت أحد هذه الأعمال بالمدركات.
2. بينما نُسبت الرسالتان عن البتوليّة للقدّيس إكليمنضس، حيث يشبه البتوليّين بالملائكة السمائيّين، وتعتبر البتوليّة هبة إلهيّة تمس الحياة الداخليّة كما الجسد، إذ بالعظات المنسوبة لذات القدّيس تحمل اتجاهًا أبيونيًا، إذ تهاجم الأبيونيّة الحياة البتوليّة.
3. جاء في الإكليمنضيّات المزوّرة بعض طقوس التطهير منسوبة للقدّيس بطرس مثل الامتناع عن العلاقات الجسديّة بين الزوجين في فترة الطمث[137]، والاستحمام بعد العلاقات الجسديّة.
4. تقدّم لنا هذه الإكليمنضيّات القدّيس بطرس كإنسان نباتي، إذ يقول: [أعيش ع الخبز والزيتون فقط، ونادرًا ما آكل خضروات... فإن نفسي تسبح في الأعالي في الأبديّات ولا تتطلّع إلى السفليّات[138].]
ينظر الكاتب إلى أكل لحوم الحيوانات أنّه ضدّ الطبيعة، أدخله إلى البشريّة العمالقة الذين وُلدوا من الملائكة الساقطين[139].
5. حملت العظات مفاهيم غير مسيحيّة خاطئة منها:
v أن الناموس سُلِّم شفاهًا من موسى إلى السبعين كليمًا، وبعد موته كُتب، لكنّه ضاع فأعيد كتابته لذا يحتاج إلى تنقية من بعض الأخطاء[140].
v لم يهتم الكاتب بدور السيّد المسيح الخلاصي، ورفض فكرة سقوط آدم، إذ حسب الأخير نبيًا حقيقيًا يعرف كل شيء، قدّم هذه المعرفة لأولاده وعلمهم أن يخدموا الله في كل شيء، وبهذا أسس للبشريّة كلّها قانونًا أبديًا[141]. وإذ تجاهلت البشريّة ذلك احتاجت إلى موسى ويسوع ليحقّقا ما سبق أن قام به آدم. لهذا يمكن للإنسان أن يتتلمذ على الواحد دون حاجة إلى الآخر، ما دام يمارس عمليًا ما يعلّمه ولا يحمل كراهيّة ضدّه؛ وكأنّه وضع موسى ويسوع على قدّم المساواة... لأن همه الأول هو "النشاط العملي للإرادة" لا الإيمان بالخلاص. تجاهل بنوّة السيّد المسيح الإلهيّة، وتطلّع إلى كلمات يسوع على الصليب للغفران للمسيئين إليه مجرّد مثال نتمثّل به وليس عملاً خلاصيًا[142].
هذا الفكر يحمل اتجاهًا يهوديًا، لذا يرى كثير من الدارسين أن الكاتب يهودي قبل المسيحيّة، فقد هاجم تعدد الآلهة وعبادة الأوثان والتنجيم، لكنّه لم يحمل فكرًا مسيحيًا حقيقيًا.
مفاهيم روحيّة عن رسالة إكليمنضس الأولى

v التأمل في الصليب: [لنركّز أنظارنا على دم المسيح؛ متحقّقين كم هو ثمين لدى أبيه! إذ أراقه قدّم نعمة التوبة للعالم كلّه!] (٧: ٤).
v الحاجة إلى التوبة: [اته يود أن يقدّم فرصة للتوبة لكل محبوبيه، ويثبّتها بإرادته القادرة] (٨: ٥). [احترزوا أيها الأحبّاء لئلا يصير كثرة لطفه دينونة لجميعنا، ذلك إن لم نسلك كما يليق به، ونتمّم بفكرٍ واحد الأمور الصالحة المرضيّة في عينيه] (٢١: ١).
v الثقة في المواعيد الإلهيّة: [ليتنا لا نتردّد، ولا نتشكك من جهة عطاياه الثمينة المجيدة] (٢٣: ٢). [مباركة ومدهشة هي عطايا الله أيها الأحبّاء] (٣٥: ١).
v ترقب وعده بالقيامة: [على هذا الرجاء تلتصق نفوسنا بالأمين في مواعيده، العادل في أحكامه] (٢٧: ١).
v شهادتنا لله بسلوكنا: [فليشهد الآخرون عن أعمالنا الصالحة، كما شهدوا لآبائنا الصدّيقين] (٣٠: ٧).
v نشكر الله على عمله معنا وفينا: [يليق بنا أن نشكره ما دام كل ما فينا هو منه] (٣٨: ٤).
v الاهتمام بدراسة الكتاب المقدّس: [انكبوا على دراسة الكتب المقدّسة التي هي بحق منطوقات الروح القدس] (٤٥: ٢).
v الاهتمام بالحب الأخوي اللائق والمقدّس والعملي.
[لننطرح قدّام الرب ونسأله بدموعٍ أن يجعلنا رحومين، ويصالحنا معه، ويعيدنا إلى ممارسة الحب الأخوي الذي كان لنا، اللائق والمقدّس.
إنه باب البرّ الذي يفتح الطريق للحياة، كما هو مكتوب: "افتحوا لي أبواب البرّ، أدخل فيها وأحمد الرب. هذا هو باب الرب والصدّيقون يدخلون فيه" (مز١١٨: ١٩، ٢٠).
الحب يقود إلى أعالي لا يُخبر بها!
الحب يوحِّدنا مع الله، إذ "المحبّة تستر كثرة من الخطايا" (١بط٤: ٨؛ أم١٠: ٢)...
بالحب يصير مختارو الله كاملين، وبدونه ليس شيء يرضي الله.
بالحب يأخذنا الرب إليه.
بالحب يحملنا يسوع المسيح الذي أراق دمه عنّا بإرادة الله، وأعطانا جسده عن جسدنا، ونفسه عن نفوسنا.
انظروا أيها الأحبّاء، يا لعظم الحب. إنه مدهش! كماله لا يمكن وصفه!...
يجلس الكاملون في الحب بالنعمة الإلهيّة في مجالس القدّيسين، ويظهرون عند إعلان ملكوت المسيح] (٤٨-٥٠)
v اهتمامنا بالخطاة: [لنصل نحن أيضًا من أجل الذين ارتكبوا أية خطيّة، حتى إذ نعاملهم بالوداعة والتواضع يمتثلون لا لنا بل لإرادة الله. بهذه الكيفيّة يكون ذِكرنا لهم مثمرًا وكاملاً وبلطف في صلّواتنا لله وقدام القدّيسين] (٥٦: ١).
v الهروب من الكبرياء: [من الأفضل أن تكونوا صغارًا ومكرّمين في قطيع المسيح، عن أن تكونوا مشهورين وخارج رجائه] (٥٧: ٢).



  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آباء الكنيسة نظروا إلى التقليد على أنه الدليل الأمين إلى تفسير الكتاب المقدس
من هم آباء الكنيسة الأوائل؟
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
من هم أباء الكنيسة ؟
آباء الكنيسة


الساعة الآن 03:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024