|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عطايا القيامة
إن هذه القيامة القوية، سكبت فى البشرية قوة القيامة، ومنحتها عطايا عجيبة، ما كان ممكناً أن نحصل عليها لولا أنه مات وقام، وأقامنا معه. ومن عطايا القيامة أنها: 1- سحقت الموت: فمع أن الخطية نتج عنها حكم الموت، وهكذا "وضع للناس أن يموتوا مرة، وبعد ذلك الدينونة" (عب 27:9)، والموت هنا هو الموت الجسدى، وهو غير الموت الروحى أى الإنفصال عن الله، والموت الأدبى، إذ تهين الخطية الإنسان، فيسقط فريسة للشيطان، وحتى جسده يموت بالأمراض والكوارث والشيخوخة، كما يختلف أيضاً عن الموت الأبدى، العقاب النهائى للخطية، "تأتى ساعة حين يسمع جميع من فى القبور صوته، فيمضى الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 29:3). هنا الموت الرباعى انهزم، وسحق تماماً بقيامة المسيح إذ "أقامنا معه وأجلسنا معه فى السمويات" (أف 6:2).. فهو الذى قال: "من آمن بى، ولو مات فسيحيا" (يو 25:11).. "إنى أنا حىَ، فأنتم ستحيون" (يو 19:14). وهكذا انتهى الموت إلى الأبد، وصار هتاف المؤمنين: "أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك ياهاوية" (هو 14:13). 2- هزمت الشيطان إذ قال الرب قبل صلبه: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو18:10)، كما قال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى، وليس له فىَ شئ" (يو30:14). "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يو31:12). وهكذا لم يعد للشيطان الساقط سلطاناً على البشر، ما لم يعطوه هم هذه الفرصة. بل أن الرب طلب منا أن نقاوم إبليس... "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع 7:4)، ووعدنا قائلاً: "إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو 20:16). لهذا فما أعجب الذين يسلمون أنفسهم بإرادتهم للشيطان، وهم يعرفون أنه "الحية القديمة"، "إبليس"، "المقاوم"، "عدو الخير"، "الكذاب وأبو الكذاب"!!! وما أعجب الذين يخافون منه، فيظنون أنه قادر أن يؤذيهم بسحره وأعماله الشيطانية، وينسون قدرة الرب الساحقة وسلطانه المطلق على الكون، بكل ما فيه، وبكل من فيه!! بل ما أعجب الذين يلجأون إليه لحل مشكلاتهم فى الزواج، وفى العلاقات، والمعاملات اليومية، لأنهم بهذا يعلنون عدم إيمانهم بالله، ويعطون الشيطان مكان المعبود والملجأ، وهو الذى يهلك تابعيه، ثم يقف ويقهقه فرحاناً بهلاكهم!! ناهيك عن أولئك المساكين الذين يعبدون الشيطان، فى ضلالة جديدة، زحفت على العالم، حتى وصلت إلى مصر!! 3-أبطلت الخطيئة فالقيامة المجيدة كانت وسيلة خلاص الإنسان، لأن الرب يسوع "مات لأجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا" (رو 25:4). لأنه بفدائه العجيب: أ- مات عوضاً عنا، فرفع العقوبة عن كاهلنا... ب- وجدَّد طبيعتنا بروحه القدوس، فصرنا أبناء الله... "أما شوكة الموت فهى الخطية، وقوة الخطية هى الناموس" (1كو 56:15)... بمعنى أننا حينما نسقط فى الخطية، نصير تحت حكم الناموس الذى يقول: "أن أجرة الخطية هى موت" (رو 23:6). ولكن "شكراً لله الذى يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1كو 57:15)، الذى جعل الرسول بولس يهتف قائلاً: "أن الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس، بل تحت النعمة" (رو 14:6)، وهكذا أبطلت قيامة المسيح، سلطان الخطيئة علينا. 4- أثبتت ألوهية المسيح: لأنه حينما قام الرب: . بقوته الذاتية... . وقام بجسد نورانى... . وقام ولم يمت ولن يموت إلى الأبد... أثبتت هذه الأمور جميعاً أنه الإله الذى "ظهر فى الجسد" (1تى 16:3). كما أثبت الرب قوة لاهوته فى مواضع أخرى كثيرة، حينما أرانا: أ- سلطانه المطلق: . على الموت... حينما أقام الموتى حتى وهو ميت على الصليب (مت 52:27). . على المرض... حينما شفى أعتى الأمراض المستعصية (مت 18:9-26). . على الخلق... حينما خلق عيناً من الطين وحوَل الماء إلى خمر (يو 1:9-34 ، يو 1:2-11). . على الأفكار... حينما عرف أفكار اليهود والتلاميذ دون أن يخطروه (لو 24:22). . على المستقبل... حينما أنبأ بخراب أورشليم وصلب بطرس (مت 37:23-39). . على الغفران... حينما غفر للمفلوج والزانية (لو 36:7، يو 2:8-11). . على الشيطان... حينما أخرجه بكلمة وحتى بدون كلمة!! (لو 18:17 - مر 29:7). . على الطبيعة.. حينما انتهر الرياح والموج ومشى على الماء وجعل بطرس يمشى عليه أيضاً (مت 26:8 - مت 28:14-32). . على النبات... حينما لعن التينة فيبست من الأصول (مت 9:21 - مر 20:11). . على الحيوان... حينما سمح للشياطين بدخول الخنازير (لو 18:17). . على الجماد... حينما بارك الخبزات وأشبع الألوف (مت 19:14). 2- قداسته المطلقة : فهو الذى "لم يعرف خطية" (2كو 21:5، 1بط 22:2)، وقد تحدى اليهود قائلاً: "من منكم يبكتنى على خطية؟!" (يو 46:8)، فانسدت الأفواه، وانعقدت الألسنة. ومعروف أنه ليس هناك إنسان واحد بلا خطيئة... وقديماً قال باسكال: "إن وجدنا إنساناً بلا خطية، فهذا هو الله آخذاً شكل إنسان"... وبالفعل كان الرب يسوع بلا خطية، مما يؤكد ألوهيته المجيدة. 3- حياته الخالدة : فالرب يسوع مولود منذ الأزل، "مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق" (قانون الإيمان). وبعد أن تجسد لخلاصنا، ومات وقام، ها هو حى إلى الأبد ولم يحدث فى التاريخ أن عاش إنسان بعد موته، حتى إذا ما أقيم من الأموات، فذلك لفترة بسيطة لمجد الله، ثم يموت ثانية. أما السيد المسيح فهو "الحياة"... أصل الوجود، وواجب الوجود، إذ "فيه كانت الحياة" (يو 4:1)، وهو الذى قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14)... "أنا هو القيامة والحياة" (يو 25:11). 5- فتحت لنا الفردوس: لأن السيد المسيح حينما مات على الصليب، نزلت نفسه الإنسانية المتحدة بلاهوته إلى الجحيم، ليطلق أسر المسبيين هناك، الذين كانوا فى انتظار فدائه المجيد. لهذا يقول الرسول بولس: أن المسيح له المجد "نزل أولاً إلى أقسام الأرض السفلى، ثم صعد إلى العلاء، وسبى سبياً، وأعطى الناس عطايا" (أف 8:4،9. كما يقول معلمنا بطرس: "ذهب فكرز للأرواح التى فى السجن" (1بط 9:3). لهذا ترنم الكنيسة يوم القيامة قائلة: "يأكل الصفوف السمائيين، رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح، وابتهجوا معنا اليوم فرحين، بقيامة السيد المسيح، قد قام الرب مثل النائم، وكالثمل من الخمرة، ووهبنا النعيم الدائم، وعتقنا من العبودية المرة، وسبى الجحيم سبياً، وحطم أبوابه النحاس...". ولهذا أيضاً قال الرب للص اليمين: "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو 42:23)... وتقضى الكنيسة ليلة سبت الفرح، بعد أن انفتح الفردوس، وهى تسبح للمخلص، وتفرح بالخلاص، وتتلو أناشيد الخلاص فى العهدين: القديم والجديد، ثم تقرأ سفر الرؤيا لترى شيئاً مما رآه الحبيب .!! 6- أعطتنا الجسد النورانى: لأن الرب "سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (فى 20:3). فهذا الجسد الكثيف الذى نلبسه الآن، هو من التراب، ولكنه سيلبس صورة سمائية حينما يتغير، ويتمجد، ويصير روحانياً، نورانياً. وها أمامنا اللوحة المجيدة التى رسمها لنا معلمنا بولس الرسول حينما قال: "لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون أولاً، ثم نحن الأحياء الباقين، سنخطف جميعاً معهم فى السحب، لملاقاة الرب فى الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس 16:3،17). وهو نفس السر الذى كشفه لنا الرسول بولس حينما قال أيضاً: "هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكن كلنا نتغير. فى لحظة، فى طرفة عين، عند البوق الأخير، فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمى فساد، ونحن نتغير. لأن هذا (الجسد) الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت، فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة: ابتلع الموت إلى غلبة" (1كو51:15-54). وهكذا "نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" (1يو 2:3). "ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2كو 18:3). وواضح أن التشابه هنا هو فى جسد القيامة، وما سيعطيه الرب إياه من قداسة وخلود، وليس فى شئ آخر، فسوف يظل الله هو الله، والبشر هم البشر، ولكن مجددين ومقدسين بالروح القدس لنيافة الحبر الجليل الأنبا موسي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|