قصة الطوفان ونوح
لكن لاحظ ما ينطوي عليه ذلك. الخطية مازالت مشكلة بعد الطوفان بقدر ما كانت قبل الطوفان. لم يقضي طوفان الدينونة على الخطية، وعهد النعمة لم يضمن البر. إذا كان قصد الله هو أن يملأ الأرض من مجد بره، إذن يجب أن نستنتج أحد أمرين: إما الله قد فشل، أو ان الله يُعد لشيء أكبر في المستقبل. الحقيقة ان الله لم يفشل! وبالتالي فإن كتّاب العهد الجديد رأوا في قصة الطوفان ظلاً لدينونة الله النهائيّة بالنار (٢ بطرس ٣: ٥-٧)، والفلك باعتباره ظلا للخلاص النهائيّ (١ بطرس ٣: ٢٠-٢١)، وأيام نوح كنموذج للأيام الأخيرة قبل مجيء ابن الإنسان (متى ٢٤: ٢٧ وما يليه). إن قصة نوح والطوفان غير مكتملة في حد ذاتها. فالله مازال يكره الخطية ولم يتم العثور على علاج. تصرخ القصة بحثا عن خاتمة.
وهناك فكرة نهائيّة في القصة عن الخاتمة القادمة يمكننا ملاحظتها في (تكوين ٨: ٢٠)، ففي نهاية الطوفان وقبل أن يصنع الله عهده “بَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ، فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ».” عهد الله الكريم مع نوح كان ردا على الذبيحة النقيّة. أليس ذلك ظلا ايضا بأن الله الذي يجب أن يجد علاجا للخطية، خطط له في ذبيحة آخرى أعظم، وهي ذبيحة إبنه؟
هناك خاتمة لهذه القصة، وهي تبدأ بموسم ميلاد المسيح. ففيه نجد العلاج النهائي للخطية. كما تقول (رسالة العبرانيين ٩: ٢٦) “وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ [المسيح] مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ.” لا يزال الله يكره الخطية. نحن ما زلنا خطاة. ولكن الله لن يتخلى عن قصده أبدا ليملأ الأرض من مجده. ان العلاج النهائي لخطية الانسان هو في يسوع المسيح. لذا لنأتي إليه في موسم الميلاد هذا واكتشف الغرض الذي لأجله خُلقنا.
ملاحظة إضافيّة: للحصول على مزيد من الدراسة لاحظ كيف يُستخدم العهد مع نوح لإعطاء الثقة في وعود الله الأخرى (إرميا ٣١: ٣٦؛ ٣٣: ١٧-٢٦؛ إشعياء ٥٤: ٩، ٢ بطرس ٢: ٥؛ ٣: ٥-٧).