الخلفية التاريخية لميخا النبي
ملوك أشور المعاصرين لتلك الفترة هم تِغلث فلاسر Tighathpileser الثالث (745-727 ق.م.)، شلمناسر Shalmanezer (722-705)، وسنحاريب Sennocherib (705-608). قاد سنحاريب جيشه إلى الأجزاء الجنوبية والغربية ليهوذا، مخضعًا المدن والقرى حتى بلغ أورشليم التي خضعت لحصارٍ طويل، لكنه لم يستطع الاستيلاء عليها. أما النبوة عن الأسر وخراب أورشليم هنا فتُشير إلى عصر لاحق في أيام نبوخذنصر.
أخضعت أشور كل منطقة الشرق الأوسط عدا مصر وأورشليم. على أي الأحوال لم تشغل جيوشها كل هذه الأراضي، إنما أخضعت الأمم وطالبتهم بدفع جزية. فإذا ما اعتلى عرش أشور خلف للملك كانت الممالك الخاضعة للجزية تود الثورة على أشور. لذا كان الحاكم الجديد يلتزم أن يقود جيوشه ليدخل في معارك جديدة لإخضاع الأمم الثائرة عليه. وكانت أشد المعارك هي التي تقوم عند حدود مصر التي كانت تُشجع الدول للثورة على أشور لتحمي نفسها.
خلقت هذه الظروف جوًا من الاضطرابات الشديدة وعدم الاستقرار، خاصة في المدن الصغيرة والقرى، إذ كثيرًا ما تعرضت لعبور جيش أشور عليها واستعباد سكانها. أما الأغنياء والكهنة ورجال القصر الملكي فكانوا في آمان داخل أسوار العاصمة، هؤلاء أساءوا التصرف، إذ مارسوا الظلم والقسوة على سكان المدن والقرى، فكان هؤلاء يعانون تارة من الجيوش العابرة التي تنهب وتسلب وتستعبد، وتارة من الأغنياء والقادة.
بلغت يهوذا قمة قوتها في أثناء حكم عزيا (عزاريا) حوالي عام 783- 742 ق.م. وإذ أصيب بالبرص خلفه ابنه يوثام كوصي على العرش ثم كملكٍ. كان عصره يتسم بالازدهار من جهة التعمير والإنشاء والنصرات العسكرية. تولى ابنه آحاز العرش في وقت تلألأ فيه نجم أشور في أفق العالم. هزم تلغث فلاسر سوريا عام 732، وبعد عشر سنوات استولى على السامرة. هذا الأمر أفقد يهوذا شعورها بالأمان، خاصة وأن آحاز كان ضعيفًا وأجيرًا لأشور. جاء ابنه حزقيا مصلحًا، قطع علاقته بأشور، ووضع في قلبه أن يطهر يهوذا من العبادة الوثنية ورجاساتها، وأن يقوم بتطهير الهيكل وإصلاحه. جاء في إرميا (26: 18) إلخ. أن هذا الإصلاح كان من أثر كرازة ميخا.