العثرات
العثرة هي كل ما يسقطك من الخارج، أو كل ما يجلب لك فكرًا خاطئًا، أو شعورًا خاطئًا، أو شهوة خاطئة. وقد تأتي العثرات من السمع أو النظر أو القراءة أو من باقي الحواس. فعليك أن تبتعد بقدر إمكانك عن العثرات، كما يجب أنك أنت لا تكون عثرة لغيرك.
والعثرات ربما تفرض نفسها علينا وربما نسعي نحن برغبتنا إلهيا.
فالتي تفرض نفسها تكون حربًا خارجية، والتي نسعى إليها تكون حربًا داخلية تطلب إشبعًا لها من الخارج. وفيها تجتمع الحربان الداخلية , وهذه دينونتها أشد، والنجاة منها أصعب...
والسيد الرب كان حازمًا جدًا في أمره الإلهي بالبعد عن العثرات..
وذلك بقوله: "إن كنت عينك اليمني تعثرك، فاقلعها والقها عنك وإن كانت يدك اليمني تعثرك، فأقطعها وإلقها عنك" (مت5: 29، 30).
وكثير من الآباء يفسرون عثرة العين اليمني، بالعثرة التي تأتيك من أعز إنسان إليك. أما اليد اليمني فتشير إلى أكثر الناس مساعدة لك.
وبهذا على الإنسان أن يقطع نفسه عن هؤلاء الأحباء والأعزاء.. إن كانت صلته بهم ستفقده أبديته... وتجلب له حروبًا خارجية لا يضمن هل يصمد أمامها أم لا...
المهم أن تبعد عن الحرب الخارجية مهما كان الثمن، ولا تقع فيها بإرادتك لأنك تصلي كل يوم قائلًا: " لا تدخلنا في التجارب، لكن نجنا من الشرير" (مت5: 13).
إن هناك عثرات تستهوى الإنسان فيحوم حولها مثلما تحوم الفراشة حول النار، وتظل تحوم حولها حتى تحترق.. ومع أنها تري فراشات كثيرات قبلها قد احترقت بالنار، إلا أنها لا تهدأ حتى تحترق مثلها..!
وقد يوجد من يعثرك ويسقطك. ثم يفلت هو، وتضيع أنت: وقد يمكنه هو أن يتوب، وتجد أنت صعوبة في التوبة! لذلك احرص بكل قوتك وبكل عمل النعمة فيك، أن تبعد عن العثرة، وتهرب بذلك من كل حرب خارجية على قدر طاقتك...
ومن مصادر العثرة والحروب الخارجية، ألوان معينة من القراءات.
القراءات تؤثر في أفكار الإنسان، وتؤثر في مشاعره. وربما تشكل مبادئه، وتقود مساره في الحياة...
وهناك قراءات أخري واضحة الخطأ، يجب عليك الابتعاد عنها تمامًا، ولا تحتاج هذه إلى مشهورة أو سؤال.
وهناك قراءات تجلب شكوكًا أو بلبلة، وأخري تثير مشاعر وشهوات.
ولا يكفي للإنسان الروحي أن يبعد عن القراءات الضارة، إنما ينبغي من الناحية الإيجابية أن يقرأ ما يعمق محبته لله، وهذا يكون كعلاج وقائي له في الحروب الخارجية.
وإن كان الإنسان محاربًا بحب المعرفة، وهو يعلم تمامًا أنه ليست كل معرفة نافعة، بل قد توجد معارف نفقده بساطته، أو تفقده نقاوته، وتجعل نظرته إلى الأمور تتغير إلى أسوأ!.. لذلك يجب على كل شخص روحي أن يدقق كثيرًا في نوعية قراءاته، حتى لا يجلب على نفسه حروبًا...
لأنه من مشاكل القراءة أيضًا أنها تلصق بالعقل أفكارًا ليس من السهل عليه أن يمحوها وينساها.. وقد تحتاج إلى وقت طويل جدًا حتى تفارق ذاكرته!...