|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقداسة البابا شنودة ..جاء زائر على عكس العادة كانت الدنيا تغرق فى ظلام دامس ، و أنا ارقد على سريرى ، عندما سمعت الباب يطرق .. حاولت أن أتجاهل الصوت ، و لكنه أستمر يطرق بإلحاح . فقمت متثاقلاً أتحسس طريقى إلى الباب . اصطدمت بعدة أشياء ، وقع بعض منها على الأرض مُحدثاً ضجة . وصلت إلى الباب أخيراً المقبض فأدرته و فتحته . أغمضت عينى للحظات من شدة الضوء خارج الحجرة . و بعد ثوانى ، نظرت إلى الشخص الواقف أمامى فبادرنى : "لقد جئت لأتعشى معك" لم أتذكر أننى دعوت أحداً ، و لكنى قلت : "تفضل" دخل و وضع المصباح الذى كان بيده على المنضدة ، كان نوره قوياً جداً ، فرأيت حجرتى بوضوح .. كانت أبشع و أقذر كثيراً مما تخيلت .. كنت أعلم أنها غير نظيفة ، و لكن ليس إلى هذا الحد المُزرى . نظرت إليه فى خجل .. لم أعرف ماذا أقول ، فبادرنى هو قائلاً : "يجب أن أنظف هذه الحجرة قبل العشاء ، فهل تسمح لى؟" أومأت برأسى بالإيجاب و أنا فى شدة الخجل ، و بدأ هو العمل فوراً . بدأ بالأرض ، رمى أشياء كثيرة كانت تبدو مهمة فيما مضى ، و لكنها صارت بلا أهمية منذ تلك اللحظة ألقى بنفايات وددت لو تخلصت منها منذ زمن طويل ، و لكنى لم أفعل . قام بتنظيف تراكمات سنين عديدة . بعد فترة قال لى : "ماذا عن الصندوق المُلقى فى ركن الحجرة؟ " "ماذا عنه؟" " ماذا تضع فيه؟" " هو صندوق زبالة ، و لكنى أحتفظ فى داخله بأشياء أحبها و اعتز بها كثيراً ، و أريد الإحتفاظ بها" " و لكن إن كنت تريد حجرة نظيفة فعلاً ، فلابد من رميه خارجاً ، إنه يشوه منظر الحجرة" "أرجوك لا ترميه ، أنا أريد الاحتفاظ به" نظر إلىّ متوسلاً ، يلتمس موافقتى ، فإستسلمت لنظرات عينيه و أجبت : "حسناً أفعل ما تريد" فابتسم و فى ثوانى أختفى الصندوق . أستمر يعمل حتى لمعت الحجرة من النظافة ، و عندما إنتهى قال : "هل تحب أن أفعل لك شيئاً آخر؟ فهناك أمور عديدة يجب أن تصلحها؟" "حسناً افعل ما تشاء ، و لكنى أرجو أن تنتهى من العمل بسرعة ، فأنا أحب أن أحافظ على خصوصياتى" أجاب : "و لكنى كنت أفكر بالمعيشة معك لأساعدك دائماً" قلت : "و لكن وجودك هنا سيُقيد من حريتى التى أستمتع بها جداً" "إن لم أمكث معك هنا ، فسوف تتسخ الحجرة مرة أخرى ، و إن أنا خرجت ، فسوف تعيش أنت فى ظلام لأن المصباح معى ، ثم إنى أريد أن أجمل هذه الحجرة و أُزينها لنسكن فيها سوياً ، عندئذ لن يعوزك شىء" نظرت إليه ، و قد استسلمت لنظرات عينيه ، و قلت : "أهلاً بك فى حجرتى" انتبهت من غفلتى و إذا بالإنجيل مفتوح أمامى و أنا أقرأ فى سفر الرؤيا الإصحاح الثالث الآية العشرون : "ها أنا واقف على الباب و أقرع ، إن فتح لى أحد ، أدخل و أتعشى معه و هو معى" + إنه على الباب يقرع ، فلنفتح له ، و نتمتع بوجوده ، يكشف لنا ذاته ، و يكشف لنا محبته ، و يفتح لنا قلبه ، و يشعرنا برعايته و أهتمامه .. عجيب هذا الإله المحب ، الذى يعطى أهمية لخليقته بهذا المقدار .. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|