“َإِنَّ أَوَّلَ فَضْلٍ لَهُم هوَ أَنَّهُم ائْتُمِنُوا عَلى كَلاَمِ الله”!
إذًا فَمَا فَضْلُ اليَهُودِيّ؟ أَو مَا نَفْعُ الـخِتَانَة؟ إِنَّهُ جَزِيلٌ، عَلى كُلِّ حَال! إِنَّ أَوَّلَ فَضْلٍ لَهُم هوَ أَنَّهُم ائْتُمِنُوا عَلى كَلاَمِ الله. فمَاذَا إِنْ كَانَ بَعْضُهُم لَمْ يُؤْمِنُوا؟ هَلْ يُبْطِلُ عَدَمُ إِيْمَانِهِم أَمَانَةَ الله؟ حَاشَا! بَلْ صَدَقَ اللهُ وَكَذِبَ كُلُّ إِنْسَان، كَمَا هوَ مَكْتُوب: “لِكَي تُبَرَّرَ في كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ في قَضَائِكَ”. وإِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُثْبِتُ بِرَّ الله، فَمَاذَا نَقُول؟ أَيَكونُ اللهُ ظَالِمًا حِينَ يُنْزِلُ غَضَبَهُ عَلَيْنَا؟ كَبَشَرٍ أَقُولُ هـذَا! حَاشَا! وإِلاَّ فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ العَالَم؟ فإِنْ كَانَ بِكَذِبي قَدِ ازْدَادَ صِدْقُ الله، لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَإِنْسَانٍ خَاطِئ؟ وَلِمَ لا نَفْعَلُ السَّيِّئَاتِ لِتَأْتيَ الصَّالِحَات، كَمَا يَفْتَري عَلَيْنَا قَوْمٌ وَيَزْعَمُونَ أَنَّنَا نَقُولُ ذلِكَ؟ هـؤُلاءِ دَيْنُونَتُهُم عَادِلَة. إِذًا مَاذَا؟ هَلْ نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْهُم؟ لا، أَبَدًا! فإِنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ أَنَّ الـجَمِيعَ، يَهُودًا وَيُونَانـِيِّين، هُم تَحْتَ الـخَطِيئَة، كَمَا هوَ مَكْتُوب: “لَيْسَ بَارٌّ ولا وَاحِد. لَيْسَ مَنْ يَفْهَم، ولاَ مَنْ يَطْلُبُ الله. كُلُّهُم زَاغُوا، وفَسُدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَفْعَلُ الصَّلاحَ وَلا وَاحِد”. قراءات النّهار: روما ٣: ١-١٢ / يوحنا ٨ : ٥١-٥٥
التأمّل:
تعلّمنا رسالة اليوم درساً كبيراً يمكن اختصاره بمقولةٍ لأحد الكتّاب الرّوحيّن وهي: “يمكن أن نجد خيراً في أسوأ النّاس وقد نجد سوءاً في أفضلهم!”.
لا يمكننا وضع النّاس في قوالب جاهزة أو الحكم عليهم وفقاً لانتمائهم أو لأصلهم أو لعرقهم… التعميم دوماً خطأ والحقّ يقتضي أن نبحث فيهم عن الحسنات دون أن نحصر توصيفهم بالسيّئات…
لقد اعتبر مار بولس بأنّ “أَوَّلَ فَضْلٍ” لليهود “هوَ أَنَّهُم ائْتُمِنُوا عَلى كَلاَمِ الله” ونحن، من بعدهم، مؤتمنون منذ موت وقيامة الربّ يسوع على كلمته وعلى نشر تعاليمه في العالم فهل نحن على قدر هذه الأمانة؟!